الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن الرشيد يغتنم الفرص كلما سنحت له ليوسع أملاكه فساعده الحظ والجد على أن تعنو له نجد كلها، وذلك بين سنة 1297 وسنة 1308 هـ، (بين سنة 1879 وسنة 1890 م) وكان قبل هذا العهد قد وقع بين سعود الفيصل وأخيه عبد الله وقائع جمة توفي في أثنائها سعود فقام أحفاده محمد وعبد العزيز وسعد وخرجوا على عمّهم عبد الله الفيصل وأذاقوه الأمرين فاستنجد بالأمير محمد بن الرشيد فسار بجيش لهام وزحف به عليهم وأخرجهم من الرياض، وبعد أن مات البعض ألقي القبض على الباقين وعلى أولادهم وسجنهم في (حائل) مقر إمارته إلى أن توفي سنة 1315 هـ فخلفه الأمير ابن أخيه وهو عبد العزيز بن متعب الرشيد، وفي أيامه وقعت تلك الفتن فأطلق سراح الباقين مع أولادهم، ومن ذلك العهد لقبوا بالعرائف.
ولما أطلق سراحهم استقبلهم عبد العزيز باشا السعود بالسرور والإكرام ورحب بهم كل الترحيب (1).
سليمان الدخيل
صاحب الرياض ومجلة الحياة
وقال سليمان الدخيل:
خاتمة البحث في إمارة السعود:
أجمعنا القول عن إمارة السعود فأتينا في مقالتنا بما يتعلق عن أصل هذه الإمارة ومنشأها وحياتها والأحداث التي عرضت لها في سبيل رقيها، ثم تكلمنا عن نشأتها الجديدة إلى يومنا هذا، ثم أردفنا هذا بشيء عن حالة البلاد وأخلاق أهاليها وعاداتهم وقوانينهم، وأشرنا بعض الإشارة إلى تاريخها وصناعتها إلى غير هذه من الفوائد التي تخفي على كثيرين - وهنا نحن نختم
(1) نشر هذا البحث في مجلة لغة العرب، م 2، ج 12 حزيران 1913 م، ص 567 - 572 (م).
هذا الفصل بذكر معاملات أهالي تلك الديار ونقودهم التي يتعاملون بها وأوزانهم وما ضاهي هذا المعنى.
وأول كل شيء نقدمه للقارئ هو أن يعلم أن المعاملات في تلك الأرجاء تجري في البيع والشراء على أحسن وجه، وكلها لا تتعدى أحكام الشريعة المنيفة.
ولهذا لا يعرف الربا ولا بيع العين بالعين مثلًا، وإنما يجري عندهم نوع من البيع إلى مدة أو إلى آجال معينة بزيادة في القيمة عن حالتها الأولى في حين بيعها مثلًا: إذا اشترى رجل بضاعة، وليس له ما يدفع قيمتها يقول للبائع: انتظر عليّ مدة كذا وكذا وأنا أدفع لك ثمنها مع زيادة كذا تعويضًا للضرر الحاصل من تأخير الدفع.
وأما النقود التي يتعاملون بها فغريبة السعر لأنه يتغير من حالة إلي حالة، والنقود هي وبعبارة أخرى: إن أسعار الدراهم تختلف باختلاف الوقت، فإن زادت مقاديرهم انحطت أسعارها، وإن قلت: ارتفعت فهي كالسلعة أو الطعام، مثلًا لو فرضنا أن الليرة تساوي اليوم 9 ريالات فيأتي يوم وإذا قيمتها أصبحت 10 ريالات أو بالعكس 8 ريالات ونصف، مع أن الليرة باقية على حالها، وهذا السعر يختلف أيضًا إذا زادت الرغبة في النقود الفلانية دون الفلانية وكذلك الحاجة إليها.
وأروج النقود اليوم في ديارهم وأكثرها تداولًا عندهم هو الريال الفرنسوي وقيمته عندهم في هذا العهد اثنا عشر قرشًا صحيحًا ونصف على حساب نقود بغداد و 50 متليكًا أو فرنكان و 83 سنتيمًا، وهو أساس جميع معاملاتهم، وقيمة هذا الريال فقط ثابتة لا تتغير، والنقود الذهبية تباع وتشتري به، ومن دراهمهم النافقة عندهم الليرة العثمانية وقيمتها تختلف بين عشرة أريل، وأحد عشر ريالًا، وبدل الليرة الإنكليزية ليرة عثمانية وريالان
فرنسويان، أما المجيدي فتارة يكون بريالين إلا ربعًا وحينًا بريالين ونصف، وقد يكون سعرهما بين هذين السعرين أيضًا بزيادة أو نقصان.
وفي هذه الأيام الأخيرة انتقلت إلى ديارهم الربية الهندية وكثر التعامل بها، وقد أوشكت أن تكون أساس النقود والمعاملة لكثرتها.
وقد كان آل سعود الأولون حاولوا في غضاضة سطوتهم وقوتهم وامتداد شوكتهم وملكهم أن يضربوا نقودًا عربية خاصة بهم وببلادهم فأفلحوا في بادئ الأمر ثم نكصوا، أما إنهم أفلحوا فلكونهم سكوا نقدًا سموه (الطويلة) لصورته وهي قطعة نحاس مربعة في طول هكذا، وأنشئوها بدلًا من النحاسات أو البارات والمتليكات ووسموها سمة بحيث يصعب تقليدها، ووضعوا على أحد وجهيها اسم الحاكم، وأما أنهم نكصوا فلكونهم لم يستطيعوا أن يحققوا كل ما كان في نيتهم إذ تقلب بهم الزمان ظهرًا لبطن فلم يضربوا القضية ولا الذهبية.
ويوجد اليوم من (الطويلة) في الأحساء والمعاملة تجري بها: 35 طويلة أو 40 طويلة تساوي ريالًا فرنسويًا - وقد حاول الأمير ابن رشيد أن يضرب سكة جديدة وجلب لها من الهند مقدارًا وافرًا من النحاس والفضة ثم أحجم لخوفه من أرباب الدولة العثمانية ومن سوء العقبي، ولعله كان يعود إلى تحقيق فكره في فرصة مناسبة لولا أن الموت عاجله قبل أن يتم ما نواه.
أما الوزن عندهم فينقسم إلى عدة أقسام ترجع كلها إلى أم واحدة هي (الوزنة) والوزنة عندهم عبارة عن ثقل 64 ريالًا فرنسويًا موزونًا معًا، و (المن) عندهم يساوي 33 وزنة وتقسم الوزنة إلى (نصف وزنة) وهي عبارة عن تقل 32 ريالًا فرنسويًا (وثمن وزنة) و (نصف ثمن الوزنة) وهذه الأوزان تتخذ لبيع التمر والسمن [الدهن] وما شاكلهما - أما المثقال وما يتفرع منه مما يتخذ لبيع الذهب وسائر الأشياء الثمينة فهو بالوزن كان معروفًا في أيام الدولة