المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الدِّخِيل: على لفظ سوابقه أيضًا أي بكسر الدال والخاء، من أهل - معجم أسر بريدة - جـ ٦

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الدال

- ‌الدَّاوود:

- ‌الدَّايل:

- ‌الدَّايل:

- ‌الدباسي:

- ‌منصور الشريدة وشعيل الدباسي والحنشولي:

- ‌الدبكل:

- ‌الدّبَيَّان:

- ‌ الدبيان

- ‌كتاب الطهارة:

- ‌كلمة عن المؤلف:

- ‌صاحب كتاب (موسوعة أحكام الطهارة) في سطور:

- ‌الباحث في الفقه الإسلامي دبيان الدبيان بالقصيم:

- ‌التشدد في انحسار، والمستقبل للخطاب الإسلامي المتسامح:

- ‌الدبيان:

- ‌الدبَيْب:

- ‌الدبيبي:

- ‌الأمير سلمان يعزي ويرعى أسرة المرحوم فوزان الدبيبي:

- ‌الوسط الاجتماعي والصحفي يعزي تحرير الرياض وأسرة الفقيد:

- ‌التعازي لرئيس التحرير:

- ‌الطعيمي مواسيًا:

- ‌تعزية الثقافة والفنون:

- ‌الدْبيخي:

- ‌رحم الله الشيخ عثمان بن عبد الله الدبيخي:

- ‌وثائق الدبيخي:

- ‌الدَّحَّام:

- ‌الدِّحْري:

- ‌الدِّحْمان:

- ‌الدِّحَيِّم:

- ‌الدِّخيل:

- ‌الدِّخيل:

- ‌سليمان بن صالح الدخيل:

- ‌سليمان الدخيل المؤرخ الأديب:

- ‌ سليمان الدخيل الصحفي والمؤرخ النجدي

- ‌نماذج من كتابات سليمان الدخيل:

- ‌القصيم:

- ‌أخلاق أهل نجد:

- ‌تعريفات الدخيل:

- ‌العرائف:

- ‌العرائف بمعنى جماعة من أمراء نجد:

- ‌خاتمة البحث في إمارة السعود:

- ‌آخر ما طبع للأستاذ الدخيل:

- ‌الدِّخِيل:

- ‌الدِّخِيل:

- ‌الدِّخِيل:

- ‌الدخيل الله:

- ‌وثائق تتعلق بالدخيل الله:

- ‌عائلة السلامة (سلامة بن راشد):

- ‌ الدخيل

- ‌وثائق فيها ذكر الدخَيِّل:

- ‌(الدخَيِّل)

- ‌الدْخَيِّل:

- ‌الدِّرسْوني:

- ‌الدِّرْع:

- ‌الدرويش:

- ‌الدرويش:

- ‌الدريبي:

- ‌ الدريبي

- ‌الدْرَيْعي:

- ‌الدعيجاني:

- ‌الدّعمي:

- ‌الدَّغَش:

- ‌الدّغَفَق:

- ‌الدغيثر:

- ‌الدغيري:

- ‌الدْغَيْشم:

- ‌الدغَيِّم:

- ‌الدلال:

- ‌الدليقان:

- ‌الدْلَيْلان:

- ‌الدليلي:

- ‌الدْلَيْم:

- ‌الدِّمْنان:

- ‌الدَّنْدَن:

- ‌الدَّوَّاس:

- ‌ الدواس

- ‌الدَوَّاس:

- ‌الدُّوخي:

- ‌وصية موضي بنت دوخي:

- ‌الدّوْدَل:

- ‌الدَّوْس:

- ‌الدَّوْسري:

- ‌الدوسري وعرائس الشعر:

- ‌الدَّوْسري:

- ‌العالم الاجتماعي:

- ‌مؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري:

- ‌الدْوَيْحس:

- ‌عائلة الشماس:

- ‌الدُّويش:

- ‌سورة فاطر، الموضع الخامس بعد المائة:

- ‌سورة تبارك الموضع الخامس والخمسون بعد المائة:

- ‌فصل: في ذكر الإجماع على وقوف الأرض وسكونها:

- ‌فصل: في ذكر أدلة عقلية على ثبات الأرض واستقرارها:

- ‌الدَّهَش:

- ‌الدَّهَش:

- ‌الدَّهش:

- ‌الدِّهمان:

- ‌الدهيِّش:

- ‌الدَّهَيْش:

- ‌الدَّهَيِّم:

- ‌الدَّيْثان:

- ‌الدِّيك:

- ‌باب الذال

- ‌الذَّايدي:

- ‌الهلال الفقهي

- ‌تحريف شنيع:

- ‌الذَّرْبان:

- ‌الذّعَيْت:

- ‌الذهيبي:

- ‌الذّياب:

- ‌الذّياب:

- ‌‌‌الذّياب:

- ‌الذّياب:

- ‌الذياب:

- ‌الذِّيب:

- ‌رثاء في الذيب:

الفصل: ‌ ‌الدِّخِيل: على لفظ سوابقه أيضًا أي بكسر الدال والخاء، من أهل

‌الدِّخِيل:

على لفظ سوابقه أيضًا أي بكسر الدال والخاء، من أهل العكيرشة، هم من عتيبة.

ويقال لهم (الدِّخيل القبلان) إذا احتاج الأمر إلى تمييزهم عن الآخرين.

منهم صالح

الدخيل المسمى (أبو ركب) جمع ركبة.

ومنهم محمد

الدِّخِيل المشهور بابوسِنّ لأنه من أوائل من اتخذوا سنًّا من الذهب وكان أكثر الناس في عهده يتركون مكان السِّنِّ الساقط فارغًا.

ومنهم دخيل الدخيل القبلان إخباري مجيد روى عنه الشاعر عبد الله بن علي الجديعي قصة أعطاني إياها مكتوبة وهذا نصها:

قال الشاعر عبد الله بن علي الجديعي:

قصة صالح من أهل نجد سمعتها من دخيل الدخيل القبلان.

فيه رجل اسمه صالح من قرى نجد كان شجاع ويذهب مع العقيلات إلى البلدان المجاورة مثل الشام والعراق وفلسطين وكان محبوبًا من عقيل، وكانت أمه تقول: لا تطول أنا ما أصبر عنك أزود من شهر، ولكن الظروف ما تجي على المطلوب.

سافر صالح وأطال الغياب على والدته وهي تتوجد عليه وعلى شوفه لعله يجي تبرد عليها حرارة قلبها، وكل يوم تنشد عن عقيل: هل جاء منهم أحد؟ وهل الذي جاء شاف ابنها، وكذلك طالت المدة على أم صالح فقالت هذه الأبيات:

تشوفي يالعين ما جوا عقيلات

ودي أشوف أخبار هالمقبلين

يا طارش من فوق حيل معفاة

اوقف ابوصيك للطارشين

لي شفت صالح بالديار البعيدات

سلم عليه وقولٍ له يجيني

قل له ترى أمك ما تهنت بلذات

ولا تنام الليل وقلبه حزين

هذي ثلاث أعوام ما ذقت راحات

دائم هواجيسي بشوفة جنيني

ص: 178

قل له: يجي ماريد زود الجنيهات

ودي بشوفه قبل يومي يجيني

هذا وكان صالح قد بلغ في الغربة أربع سنوات، فلما أراد أن يرجع إلى أهله اشترى له ناقة وجمع ما أراد أن يحضره معه إلى أهله مما غلا ثمنه وخف حمله، واتفق مع جماعته بالرجوع إلى نجد وكانوا خمسة عشر رجلًا، وكل واحد على ناقته ومعلوم أنهم يختارون من الإبل الطيبات لأن المسافة بعيدة، والسفر شاق.

ومشوا من الشام متجهين إلى نجد وفي أثناء الطريق لقيهم قطاع الطرق وأنزلوهم عن الإبل بالقوة، وما كان من صالح إلا أنه أخذ يطاردهم ليتحصل على ناقته، فقام أحد الحرامية وضرب صالح مع ساق الرجل فكسره فسقط صالح على الأرض لم يقدر يتحرك وذهب الأعداء بجميع إبل العقيلات وبقي صالح مكسورًا واتفقوا جماعته أنهم يذهبون ويتركونه للسباع لأنه ما في أيديهم حيلة على حمله، وليس قربهم بلد، ومشوا وتركوه يبكي ويتلوى من شدة الوجع.

ولما صار بعد غروب الشَّمس أيقن أنه هالك لا محالة حيث إن السباع كثيرة في هذه الأرض، وبعد قليل من غروب الشَّمس إذا هو يسمع صوت المشي قريب منه ومتجه إليه فقال: في نفسه لعله سبع يأكلني أستريح وإذا الذي يسمع رجل معه حمار، والرجل شائب فقال بالحال: وش أنت يا هالسمار، وكان صالح خايف وعطشان وفيه كسر شديد، فقال أنا مكسور الساق، فقال الشايب يا الله الخيره من الذي كسرك؟ قال: الحرامية.

وكان الشايب قوي فشال صالح بين يديه وأركبه على الحمار وذهب به إلى بيته الذي بين الجبال، وهذا الشايب من الغنمي الذين يصيدون الظباء ويسمى لحمها الجلاء في ذلك الزمان (1) فلما وصل إلى بيته أنزله برفق وقال لزوجته

(1) الغنمي من صلبة الشمال المشهورين بالنظافة والقنص.

ص: 179

وعياله، هذا الرجل عتيق إن شاء الله، وقام وجبر ساقه وكان ماهرًا بهذا العمل.

ومن الصدف أن الذي كسر رجل صالح ابن هذا الشايب كان مع الحرامية وبعد ما خلص من تجبير صالح وإذا الحرامي يصل إلى بيت أبيه، وكان الحرامى له بيت خاص لىيس تبع والده، ولكن أراد أن يعطي والده من الكسب، وكانت الناقة التي مع الحرامي هي ناقة صالح، فلما سلم على أبيه وهو لم ير (صالح) من أجل أنه لايذٍ (1) عن دربه وصالح شاف ناقته وجلس الحرامي عند والدته يسلم عليها وذهب الشايب إلى صالح عساه ارتاح فلما سأله عساك ارتحت إذا هو يبكي فقال الشايب: ما هذا البكاء؟ زاد عليك الوجع يا ولدي؟ فقال: لا والله سكن الوجع الله يبرد قلبك بالجنة، ولكن الناقة الذي أناخت هي ناقتي فقال: الشايب اقصر صوتك وابشر بها إن الذي جابها هو ولدي فسكن صالح وفرح بقول الشايب.

رجع الشايب إلى ابنه وقال الحذية يا ولدي من ها المكسب الذي معك فقال أبشر يا والدي بالذي تبي فقال: أبي الناقة والذي عليها، وإن كان أخذت منها شيء فرده عليها، فقال ابنه: تهون علي يا والدي، والله ما أخذت من عليها شيء إلا هذا العصا وهاك إياه.

وقام الحرامي وقبل رأس أبيه، وذهب إلى بيته على رجليه والناقة لم ينزل الذي عليها ومعقولة عند البيت، وكان عليها من الفلوس ثمان مئة نيرة وعليها أصناف غيرها، فقام الشايب إلى الناقة وقربها إلى صالح وعقلها بجانبه، وقال هذه ناقتك، وأنزل جميع الذي على الناقة وجعله عند رأس صالح وقال أبشر يا ولدي إنك بعد الشفاء سوف تذهب إلى أهلك حيث إننا على طريق عقيلات كل أسبوع يمر منهم جماعة، اطمئن.

(1) لايذ: أي مختف قليلًا.

ص: 180

وأما جماعة صالح الرخوم فإنهم مشوا على رجليهم يتخطرون من بلد إلى بلد حتى وصلوا إلى أهلهم، وحال ما وصلوا ذهبت أم صالح تسألهم عن ابنها فقال أحدهم: إنه مكسور، وأخذ الذي معه وطايح في أرض كلها سباع، والله ما تشوفينه غير ما شفتيه، فأغمي عليها وجزعت على موته وكل من سألها عنه قالت: ذبحوه الحرامية.

أما صالح فإنه جلس عند الشايب تسعين يوم وهو لا يأكل إلا لحم ظباء وجبرت رجله تمام.

وكان الشايب يدعي أبو ما جد، وفي أثناء مرضه قال صالح هذه الأبيات:

قال الذي دمعه على الخد سكاب

من رجله الذي ساقها كسرتين

لومي على ربع وأنا أحسبهم أصحاب

خلون في دوّ من البر ويني

لي صارت الرفقة هيوس بلا أذناب

ما واحد منهم قعد يحتريني

خمسة عشر رجال ما فيهم أجناب

ما منهم الوافي بدنيا ودين

لو دبروا في خيلة حطوا أسباب

الشاهد الله كلهم بايرين

ما منهم واحد تعذر ولا جاب

لو كلمة تجبر اقليب الحزين

احذرك ياللي بعدنا تخاوي أزلاب

لا تخاوي إلا كل شهم فطين

شين الرخامة لي تعلت على الشاب

بعض النساء تفوق عن الخايبين

سباع تحوفني وهي ترعب ارعاب

أيقنت بالموت الحمر يقتفيني

الله رحمني يوم قلوا الأصحاب

لا حولي ديار ولا أحد يعتنيني

سخر لي الشغموم قرب لي اركاب

شالن وحطن فوق حمار متين

ساعة وصلنا البيت قرب لي أسباب

باب الجباير واحكمه باليمين

لعل يمني حافت الكسر برتاب

ما تحرم الجنة مع المسلمين

تسعين ليلة داخل البيت برحاب

ما كولي من الغزلان عفرا سمين

واللي ابيته ما تضايق ولا عاب

ولا بهم من كدرن أو يهين

في كل صبح يكلمونَنْ بترحاب

وش لون رجلك يالحبيب الثمين

ص: 181

كني وليد عندهم توي أنجاب

من بينهم ماكني الأجنين

أثر المروة بالبدو قبل الأقراب

يا الله دخل وجهك عن الظالمين

ما أقدر أكافي هالنشامى والأحباب

الذي فعايلهم تزايد بحين

ما عمرهم ضاقوا ولا جاني أعتاب

كني من إعيالٍ لهم مرضعيني

* * *

وخلاف ذا يا راكب فوق نجاب

حر على المطلوب طلق اليمين

اليا مشي يصير بالدرب نهاب

يطوي بعيد الخد في ليلتين

حمله سلام من ضميري وترحاب

للوالدة الذي قليبها له حنيني

سلم عليها وقولة ابنك إنصاب

عند أبو ماجد بكلِّ عز وزين

سوى فعالٍ ما تسويه الأقراب

فعاله معي ما هقوة له وزين

قال له صويلح بشية الله إلى طاب

إنَّه يجي لمك على ما تبين

هذا المقدر يا أم صالح والأسباب

تجيك الدنيا ولازم تهين

صلاة ربي عد ما جا وما غاب

على نبي فاز بالقبلتين

وبعد ما تم عند أبو ماجد ثلاثة أشهر مشى على رجله، فقال لبوماجد: ودي ترخص لي أروح للوالدة لعلي أجدها على قيد الحياة، فقال أبو ماجد: أبشر يا صالح بس انتظر الذي يأتون من عقيل حتى تخاويهم، التدريب شين ولا كل جماعة يصلحون للخوة.

وبعد يومين قال أبو ماجد: هاذولا ركب من أهل نجد ويصلحون، كان ودك تخاويهم، فقال صالح: ودي وفك الذهب الذي معه وأخذ مئة نيرة وكبها في حجر أبو ماجد، وقال: ما هذا جزاك يا أبو ماجد جزاك تلقاه عند الله.

فقال أبو ماجد: أفا يا صالح أفا، يا الله الخيرة تبيني آخذ عليك إيجار، والله إنه ما يطب يدي منك ولا مليّ، أنا أبيه من الله وسلم على أمك وقل لها تدعي لي أنا بحاجة للدعاء.

ص: 182

وسلم عليه وودعه ولحق الركب وسلم عليهم، فقال أحد الركب: يا صالح إنك خرجت من مدة كم شهر، فقال: إني رجعت إلى فلسطين ولبثت هناك هذه المدة، وخرجت ولكن خفت وجلست عند صاحب البيت لعلي أجد أخويا، ولما شفتكم فرحت ولحقتكم، أنت تعرف الدرب، والواحد بالبر ذليل.

فقال: صدقت الله يحييك، وكانت ناقته في هذه المدة مرتاحة وسمينة وتصير في أول الركب، ولم يعلم أحد من هذا الركب أنه مكسور ومأخوذ ولا يدري وش سووا أخوياه، هل وصلوا أو ماتوا.

وأما والدته لما جاءها الخبر أنه منكسر والسباع تأكله قبل أن يصبح قامت تبكي وتسترجع، وإذا سئلت عن صالح قالت أنه ميت يرحمه الله، وقالت هذه الأبيات:

يا ذيب يا اللي بالخلا لا تبلَّاه

يا ذيب لا تفجان وتأكل جنيني

ما لك فخر يوم انكسر تي تغداه

جنب عن اوليدي وخله يجيني

مازل يوم ما قعدت اتحراه

كل ما ذكرته زاد قليبي حنين

يا حر كبدي يا ملا الجود حراه

على اوليدي ما يجي له وزين

كل ما ذكرته فز قلبي لطرياه

لما يصب الدمع من موق عيني

وين العنود اللي لصالح خطبناه

وهي تحرى له بخمس السنين

مع السلامة يا عنود مرَبَّاه

تنجعي البارق وربي يعين

قولوا لها ذيب الخلا كد تعشاه

وخلان بالدنيا قليبي حزين

الله حسيب اللي معه كيف خلاه

خلاه مكسور يجر الونين

خلا ثمر قلبي لذياب تولاه

في وسط رهراه ولا له عوين

ما واحد رحمه ولا قال: ابتناه

ما واحد منهم لصالح يلين

أرجو من اللي ما تحسَّب عطاياه

إنه شهيد ما يعذب جنيني

وأنه يوفقني إلى مت ألقاه

في جنة الفردوس نسكن اثنين

يا جود صبري يا ملا الجود جوداه

على الذي بالبر ماله وزين

ص: 183

ولم يكن عند والديه شك إلا أنه مع الموتى، ولو كان حي لجاء مع أخوياه الذين جابوا الخبر.

ولما وصل صالح إلى بلده، وذلك وقت صلاة الظهر وقف عند باب أهله، قاضب رسن الناقة في يده عند الباب إذا والده يخرج للصلاة فاعتنق والده يقبله (تقبيلٍ) حار ودموعه تنهال على خده فابتهر الوالد من الذي اعتنقه وزاد بالتقبيل على رأسه وخشمه وأخيرًا ضمه إلى صدره، وبعد هذا سقط على الأرض فتعجب الوالد وارتعش من هذا السلام الذي لم يعهده، فجلس عند رأسه وهو يبكي ووالده يسترجع يقول بصوت عالي لا حول ولا قوة إلا بالله.

فسمعته أم صالح وهو يسترجع وطلعت عليه وقالت وراك اسم الله عليك، من هذا الذي يبكي عندك فقال لا أدري إنه يقبلني ويلمني على صدره وآخر شي سقط يبكي، وكان صالح متغيرًا كثيرًا عنهم ولم يعرفه والده.

ولما سمع صالح صوت أمه خاف عليها أن تنخلع وأطال الإنكباب على الأرض هذا ولم يعلم صالح أن الرفقة قد أخبروا عنه والدته.

وبعد مدة قليلة جلس وهو يبكي ومن شدة البكاء لا يعرب الكلام.

وكانت أمه متحجبة فقال صالح بصوت خفي أنا صح لم يقل صالح، فقالت والدته: وش تبي يا ابن الحلال قطعت الرجل عن الصلاة مع الجماعة.

وقالت لأبو صالح: رح صل واتركه حتى يصحي يمكن فيه صرعة، هذا مسكين، فقال صالح أنا صالح ما بي صرعة ما بي إلا العافية، وقام واقف فدخلت أمه داخل البيت وأغلقت الباب دونه فقام واقف ومحش الدموع عن عينيه وقال يا والدي أنا ابنك ووالدته تسمع قوله أنا ابنك صالح فعرفه أبوه، ونادي: يا أم صالح، هذا صالح، هذا صالح، ويرفع صوته وبكى وسمع الجيران أبو صالح وهو يصيح وحضروا وعرفوا صالح، فقال أحد الجيران:

ص: 184

الكايد أمه هي المشكل وأمه تسمع داخل الباب، ولكن لم تصدق أن ابنها على قيد الحياة، بل جازمة أنه أكله الذئب.

وفتحت الباب وهي لم تتحجب، وقالت: وش تقولون؟ فقام أحد الجيران وأضاف عليها خمارها، وقال يقول: إني جاي من عند صالح فقالت وش صالح، هماه أكلته السباع؟ فأخذ يسمي عليها فقال أحد الجيران ادخلوا عن السوق فدخلوا وأدخل صالح الناقة، وأغلق الباب وجلس هو وأبوه، فقال والده يا أم صالح: وراك رحتي هذا صالح والحمد لله على العقلان بعد اليأس منه.

وكان لصالح أخوات أصغر منه بكثير وولد أقل منهن فلما سمع خوات صالح الأصوات داخل الحوش وامهن واقفة تريد أن تصلي الظهر، وهي مقابلة إلى الشرق فقالت أحد البنات: يمه الذي عند أبوي والله أخوي صالح.

وقالت الثانية: أي والله إنه أخوي صالح، فقالت: وش صالح وخرن أصلي، ووجهها إلى الشرق.

وجاء إخوان صالح وسلموا عليه عرفت أنه ابنها وقالت في تكبيرها والله إنه صالح واعتنقته تبكي وهو يبكي ويسمي عليها، وقال لها القبلة كذا يا أم صالح.

فقالت لا أقدر أصلي وأنا واقفه بل أصلي وأنا جالسة وأنت صر أمامي حتى أتم صلاتي، لا تفارق عيني حتى أشبع منك، فقال: أبشري، وقال لإخوانه: نزلوا عن الناقة وأحضروا الذي عليها عندنا.

وبعد الصلاة اجتمع صالح مع والديه وإخوانه وصار يقص عليهم ما جرى له من أوله إلى آخره، ولكن والدته تقبله مع عينيه وتبكي وكانوا في حالة من الفقر فرد الله عليهم ابنهم ورزقهم بلحظة وهذا من الله.

انتهت القصة على خير.

ص: 185

أقول: ظني أن الأبيات الواردة فيها هي من نظم عبد الله الجديعي.

وروى الجديعي أيضًا قصة ثانية عن دخيل الدخيل، قال:

قصة شيمة سمعتها من دخيل الدخيل:

فيه رجل من سكان البر وله زوجة وله حلال كثير، وكانت زوجته حاملا وهو أول حملها، وكان مع الرعاة.

وفي يوم من الأيام غضب على زوجته عند شيء تافه وقام عليها وضربها وهي حامل، وذلك وصط الليل وفي ليلة باردة وفيها عج عظيم ومطر فما كان منها إلا أنها هربت وزوجها نائم وليس قربها جيران، وأخفى المطر والعج أثرها.

فلما كان الصباح لم يطلبها زوجها ظن أنها في أحد هذه الشجر وترجع إلى بيتها، ولكن لم ترجع.

وبعد ما صار اليوم الثاني ركب الناقة يطلبها ولم يجدها.

ذهب إلى أهلها ولم يجدها عند أهلها.

أخذت تمشي حتى منتصف الليلة الثانية، وبعدما انتصف الليل جاءتها الولادة وكانت في رأس نفود عالي جدًّا وأنجبت بنتًا ولكن صار عندها نزيف وأرضعت البنت.

وفي آخر النهار أحست بالموت وإذا راعي ناقة يصل إليها، فقالت جزاك الله خير أنا لا شك أني ميتة، ومعي هذه الطفيلة شلها معك وتراها أمانة عندك إن سلَمتْ ترى اسمها شيمة وإن ماتت الله كله خلف، والبنت تراها بنت ملفي منير الشلاقي الشمري.

وبعد هذا الكلام ماتت الحرمة ودفنها في رأس النفود وذهب وحمل البنت

ص: 186

معه وهو دوار يدوِّر على إبل له ضائعة.

ولما صار آخر النهار إذا هو يصل إلى بيت من العرب، وإذا فيه حرمة، أناخ الناقة وقال للحرمة دوك هذه الطفلة تراها جائعة، وتراها أمانة عندك وترى اسمها شيمة وأعطاها عشرة ريالات فرنسي وأخذت الطفلة والرجل ركب الناقة مشى، والحرمة جازمة أنه الرجل والد البنت وقالت يرجع ولم تسأله عن وضعها على أنه سوف يعود.

ذهب الرجل إلى أهله وقال إني وجدت حرمة ومعها بنت فقالت لي تراها أمانة عندك، وشلت البنت واعطيتها عرب يرضعونها وأعطيتهم عشرة ريالات، وأمها قالت تراها بنت ملفي منير الشلاقي الشمري، وبعد كم يوم ودي أذهب إلى الذي هي عندهم أجيبها، لأنها أمانة عندي وأنا مونس وجع إذا خف عني الوجع أبي أروح لمهم أجيبها.

ولكن توفي بهذا المرض ولم يخبرهم عن العرب الذي شيمة عندهم منين هم ولا في المكان الفلاني.

وكان هذا الرجل ليس له من الذرية سوى ولد اسمه فواز.

كبرت شيمة ولم يأت إليها أحد ولم يسأل عنها أحد، وتم لها اثنين وعشرين سنة، وهي في غاية الجمال والعقل والذي هي تربت عندهم لهم ولد أكبر من شيمة بسنة واحدة صارت أخته من الرضاعة، وبعدما صارت هذه البنت عندهم صارت الدنيا تنهال عليهم وصاروا أكبر الأغنياء في زمانهم وأينما نزلوا فهم في غاية الخير، ولم يحسبوا لهذه الأرزاق أي حساب ولم يدروا أن البركة من الله ثم من هذه البنت اليتيمة.

وفي يوم قالت أمها من الرضاع ليتي يا شيمة ما أرضعتك حتى تزوجين ولدي ماجد.

ص: 187

قالت يا أمي من أهلي أجل قالت أمها من الرضاع جابك أبوك وأنت لك يوم مولودة وقال هذه أمانة عندك وترى اسمها شيمة وأعطاني عشرة من الريال الفرنسي وركب ناقته ولم أره حتى الآن.

دخلت شيمة في جو آخر وصارت تضرب أخماسًا في أسداس وليس لها حيلة من الحيل، ولعب الشيطان على أخيها من الرضاع وصار يمازحها بكلام ليس يصلح لمثلها حيث أنها فيها عفة وعقل وفيها دين.

وفي يوم قالت لوالدها من الرضاع يا أبوي ماجد يمزح بشي ما يليق معي، فقال إنه مزح وأنت فيك جور.

فقالت لأمها يا أمي ماجد يكثر المزاح الذي ليس له محل، فقالت أمها أنت كبرتي وصار كل شيء على بالك.

سكتت على مضض وكانت شيمة هي الذي تجيب لهم الماء على الجمل من الدحل الذي يبعد عنهم مسافة يوم تروح الصباح ولا تحضر إلا بالمساء.

ركبت الجمل على العادة وهم يحسبونها تجيب لهم الماء ولكن لم تجي.

وفي الصباح ركب أبو ماجد الذلول وراح ولم يجد لها خبر وبعد كم يوم وإذا الجمل عندهم عرفوا أنها هربت ومثل ما جاءت راحت.

أما شيمة فهي أخذت ثلاثة أيام وهي ذاهبة إلى الشمال وفي اليوم الرابع عند الغروب تصل إلى أهل بيت ولم تجد عند البيت إلا عجوز سلمت على هذه العجوز وقالت أنا ضائعة، فقالت العجوز: الله مير يحييك يا ابنيتي تفضلي.

قامت العجوز وأحضرت لها طعام ولم يكون عندهم سوى قليل من الغنم، ولما كان المساء حضر ولد العجوز وقال ويش هذه الحرمة قالت إنها تقول أنا ضائعة، فقال اسئليها عن أهلها منهم حتى نتسبب لها بترجيعها إليهم، فقالت العجوز من هم عربك يا الحبيبة حتى أن فواز يساعدك على إرجاعك لأهلك؟

ص: 188

قالت الضيافة ثلاثة أيام وبعدهن أخبركم عن أهلي.

سكتوا وفي اليوم الثالث قصة القصة على العجوز أم فواز وقالت: إني هربت عن الذي أنا تربيت عندهم من سبب ليس طيب قلت الهرب ولا العار، والجمل الذي أنا جيت عليه يعرف بسبب الوسم الذي عليه وهو يعرف أهله.

فقالت العجوز وشي قصتك قالت أن الذي أرضعتني تقول أن الذي جابك رجل وقال خوذي هذه الطفلة تراها أمانة عندك واسمها شيمة وراح ولم يرجع ولم تخبرني عن هذه الأخبار إلا من قبل سنة أو أقل وأنا في غاية من الكد والتعب عندهم ولما علمت أني ليست بنت إلا من قبل الرضاعة صار عندي انفعال حيث انهم لم يرحموني وابنهم صار مدلل عندهم وخفت على نفسي وقلت ما يحمونني من الأمور الأخرى.

فقالت العجوز: أنت بنت منير ملفي الشلاقي الشمري.

فاندهشت شيمة من هذا الخبر فقالت ويش يدريك عن والدي؟ فقالت العجوز الذي شالك هو زوجي وهو الذي يقول إني وجدت حرمة عندها بنية صغيرة وأني شلتها وأعطيتها عربًا حيث أني دوار وبعيد عن أهلي، ويقول إني حطيتها عند هذولا العرب وقلت للحرمة تراها أمانة وأعطيتها عشر ريالات من الفرنسي وأنه لما حضر عندي قال أنا فيَّ وجع وإذا تعافيت أبرجع اجيبها، لأنها أمانة عندي وتوفي في مرضه ولا أراد الله الني أسأله عن هذولا العرب من أين.

وكان ولدي فواز صغير في هاذاك الوقت فلما سمعت هذا الخبر فرحت وكان ولد العجوز عنده خبر من كثر ما تقول له والدته ليت من يدري عن هذه البنت من هي عنده نجيبها وأنت بنت امنير ملفي الشلاقي الشمري، قاله الذي شالك هذا الاسم أكثر من عشرين مرة، ولكن الموت لم يمهله حتى يمكن من أنه يرجع إليك.

ص: 189

وبعدما حضر فواز أعلمته والدته بالخبر السار فرح وقال أمانة والدي أنا أتحملها وكان عاقل وفيه دين، ولكن الفقر مخيم عليهم ما يملكون غير خمسة عشر شاة وجمل.

قالت العجوز يا فواز ودنا نرحل لعلنا نحصل الربيع أرضنا عطشانة، فقالت شيمة أنا تعبانة أصبروا يبي يجيب الله السيل ولا ترحلون.

ولما جاء العصر وإذا السيل يغمرهم وبعد عشرة أيام شبعت الغنم وصار

فيها بركة لم تمر عليهم من قبل وصارت شيمة تحلب الغنم وتعمل أشياء لم تعرفها العجوز، وبعد ستة أشهر إذا عندهم بقل وسمن قالت شيمة: يا أم فواز خلي فواز يبيع السمن والبقل ويشتري لنا بعض الحوائج.

فرحت أم فواز وقالت بع السمن والبقل وجب لنا كذا وكذا من اللوازم للبيت، وفعلًا باع السمن والبقل واشترى معاميل وقهوة وهيل وجاب عيش وتمر وصاروا في غاية الغناة.

وفي يوم قالت العجوز يا فواز أغديك تزوج على شيمة هذي الذي شف البركة نزلت يوم صارت عندنا قال أخاف يصير ما عندها رغبة وأنا ما ودي أكدرها وهي أمانة والدي.

فقالت العجوز أنا أجيب لك الخبر بدون أنها تكدر قالت يا شيمة لو يجي أحد يريد الزواج منك هل نخبرك؟ والا ما تبين أحد ينكد عليك حياتك؟

فقال إذا كان فواز ماله فيَّ رغبة ولا يبين فأنا ودي لعل الله يرزقني أولاد لكن فواز هو البادي.

أخبرت العجوز فواز وفرح وشالها هي ووالدته إلى أقرب بلدة فيها قاضي وعقد الملاك ولما رجعوا كانت شيمة عقب ما هي يمنون عليها كأنها ضيف هي راعية البيت وصارت الدنيا عليهم كثيرة وبعد ما تمت عشرين عام مع فواز وإذا

ص: 190

لها أولاد وصار فواز عنده من الحلال ما لا يحصى، ومن جاء لم فواز يبي رفدة قال رح لم شيمة أنا مالي حلال وتخابروا فيه الناس إنه لا يرد المرتفد.

وفي يوم خطرهم رجل عمره يقارب الخمس والأربعين وفي الصباح قال هذا الخاطر أنا ودي يا المعازيب، إن كان عندكم رعية أنا وراي عجوز وشايب في شدة من الفقر.

فقال رح لم الحرمة واسئلها أنا مالي سنع فقال فواز هذا الرجل يقول: دوروا لي رعية أنا عندي عجوز وشايب في شدة من الفقر.

ولما رأته قالت أنت ماجد بن فرحان الرحيمي، فقال نعم: هه هه هه أنت أختي شيمة وبكي من شدة الفرحة التي غمرته حيث أن الفقر داهمهم ما شافوا السعادة من يوم تروح عنهم وفي غاية من الشدة العظيمة.

فقالت قم وش لون أم مزنة وأبي فرحان؟ فقال لا تسألين: في غاية من الجوع الشديد، أتلى علامنا بالخير يوم إنك مشيتي عنا.

قالت شيمة: أترك الكلام وخذ معك زهاب وجملين وعطنه أمي وأبوي بأسرع وقت.

فرح وأخذ الجملين وشال والده ووالدته وحضر عند شيمة وبعدما شافوا ها الحلال والأرزاق عندها عرفوا أن الحظ معها وتعجبوا من صيرتها تامر وتنهي وهي قبل يمن عليها بما تأكل وحطت لهم بيت كبير غير بيتهم وملأت هذا البيت من الأرزاق وقالت خلوكم في غاية الراحة عقب الفقر الذي مسكم وصار والد ماجد يعتذر منها كل يوم وأردف العذر بهذه الأبيات:

يا عيني يا اللي بالبكا لك زمانين

هاتي دموعًا بالحشا باقيات

يا عيني خوذي ما اقوله وشوفين

اعلمك باللي بقى خافياتِ

غشي على قلبي من الهم طوفين

واحسرتي من فعلتي بالفتاةِ

ص: 191

حب الولد خلان افرط بنوعين

ضاع الجميل وضاع عنّ السماتِ

شكت عليَّ الحال وقلنا تعقبين

ماجد وزين الروح بهذي الحياةِ

أثريه يالاجواد هيس الرديين

اللي كسر وجهي بهذي السواتي

نشمية ما لها جنيس بالأدنين

وحيدة زمانها من جميع الصفاتِ

يوم انها عندي ورزقي مغطين

متبجحة في لذتي والغناةِ

يوم انها راحت اهمومي تصالين

وجميع ما عندي سحب للهفاتي

يا شيمة يا ام الزين وانتي بك الزين

ابي السموحة ما بدر من فواتي

همن على قلبي واشوفه مردين

أعفي عن اللي فات قبل المماتِ

لي جينا عند الله وجن الموازين

أبي الكفاف اللي معي راجحاتِ

مالي عذر والله دينٍ ورا دين

العفو يا شيمة عن الفايتاتِ

قصرت بالواجب ولا عاد يمدين

والعذر ما يقبل من أهل الغناةِ

زودتي المعروف وقمتي على الزين

ونسيتي افعول اللي فعل بايخاتِ

ما هو كفو كسر وجيهن الأبوين

أسبابه اللي ضيعت لي حياتي

وصار والد ماجد ما يرفع طرفه إلى شيمة من الغبن الذي ركبه لما سمعت شيمة الأبيات ردت عليه بهذه الأبيات:

يا بوي لا يكربك شي مضى وين

لك الجميل اللي مضى وفاتِ

ما انسى جميل فات وابي اوفي الدين

والحق يبقى يا أبو ماجد ويأتي

ما انسى جميل اللي أرضعتني بديدين

اللي تولتني اعداد اسنواتِ

وش لون ابنساها وهي اللي تعاجين

وايضًا تعلمني شروط الصلاةِ

وانا هربت وخفت من ما قع الشين

سن السفاه يضيع الواجباتِ

وافعالي اللي مستجدات ها الحين

ما هي جزا لفعالك السابقاتِ

الشكر لله ثم شكرًا لأبوين

ولاني من اللي ينكر الطيباتِ

لا شك انا حرمة ولا لي جناحين

وقلبي عليكم يصتفق يا شفاتي

ولا شكيت الحال للي منحين

والله فلا عمره لفظ مع لهاتي

ص: 192

وهو كلام راح مثل السباحين

والا حلوم مالها مجدياتِ

واللي عطيتك من طويل الذراعين

فواز وامرني بزود الهباةِ

فواز هو اللي حط بيدي ويعطين

انا وعيالي والحلال ارهناتِ

وبعد كم يوم نزل عندهم شايب لما سمع أنهم يعطون المسترفد معه ولدين وبنت وأمهم فقال هذا أنا تراي فقير لا تلومونني معى أولاد ولي حلال حلالي اذبحه الجرب والدهر ولا بقى معي شيء.

فقال له فواز إذا صار بعد الغروب ايت تعش معي ويبي يسهل الله أمرك.

فلما صار بعد الغروب حضر هذا الشايب قال فواز من أي قبيلة أنت، قال أنا من شمر وكانت شيمة تسمع كلامه وهي وراء رفة البيت أومت لزوجها فواز فقال له: قل لهذا الشايب يقص عليك أول حياته.

ولما تعشى قال فواز يا عمي قص علي أول حياتك فقال أنا أول يحياتي غني وعندي حلال وعندي زوجة، ولما قال عندي زوجة بكى وقال فواز: وراك بكيت؟ قال الشايب: أبكاني السفاه أنا لما تزوجت أول زواجي على حرمة طيبة وجميلة وصاحبة دين وكانت حامل وفي آخر حملها. ولعب علي الشيطان وضربتها على غير خطية.

وفي وسط الليل وفي ليلة باردة وعلينا مطر وريح باردة وثريها طنيت وأنا أحسبها في شنق البيت حيث ما عندنا جيران ولا حولنا عرب.

ولما صار الصبح قلت في نفسي مالها مراويح في أحد هذه الشجر وترجع لبيتها وأنا سرحت مع الرعاة على أنها ترجع لكن لم ترجع ودورت عليها خمسة أيام ولم أجد لها خبر.

وبعد خمسة أشهر وأنا سارح مع الإبل وإذا أنا أرى جثتها في نفود عالي

ص: 193