الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ} الآية ونحوها من الآيات الدالة على مغايرة الشمس للنجوم لأن العطف يقتضي المغايرة.
والوجه الثالث: قوله والنجوم متناثرة في فضاء الكون، خلاف ما أخبر الله به من أنه جعلها زينة السماء وأنه جعل في السماء بروجًا ولم يذكر أنه جعل النجوم متناثرة في فضاء الكون والله أعلم.
وقال في ص 253 وما بعدها:
سورة تبارك الموضع الخامس والخمسون بعد المائة:
قال في الجزء 6/ 3637 على قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} .
فالأرض هذه التي نراها ثابتة مستقرة ساكنة هي دابة متحركة بل رامحة راكضة مهطعة وهي في الوقت ذاته ذلول لا تلقي براكبها عن ظهرها ولا تتعثر خطاها ولا تخضه وتهزه وترهقه كالدابة غير الذلول ثم هي دابة حلوب مثلما هي ذلول.
إن هذه الدابة التي نركبها تدور حول نفسها بسرعة ألف ميل في الساعة ثم تدور مع هذا حول الشمس بسرعة حوالي خمسة وستين ألف ميل في الساعة ثم تركض هي والشمس والمجموعة الشمسية كلها بمعدل عشرين ألف ميل في الساعة مبتعدة نحو برج الجبار في السماء، ومع هذا الركض كله يبقى الإنسان على ظهرها آمنا مستريحا مطمئنا معافى لا تتمزق أوصاله ولا تتناثر أشلاؤه، بل لا يرتج مخه ولا يدوخ، ولا يقع مرة عن ظهر هذه الدابة الذلول، وهذه الحركات الثلاث لها حكمة، وقد عرفنا أثر اثنتين منها في حياة هذا الإنسان، بل في الحياة كلها على ظهر هذه الأرض، فدورة الأرض حول نفسها هي التي ينشأ عنها الليل والنهار، ولو كان الليل سرمدًا لجمدت الحياة كلها من البرد ولو كان النهار سرمدا لاحترقت الحياة كلها من الحر ودورتها
حول الشمس هي التي تنشأ عنها الفصول إلخ كلامه.
قال الدويش: الكلام على هذا من وجوه:
الوجه الأول: قوله فالأرض التي نراها ثابتة هي دابة متحركة أقول هذا القول باطل، قال في الصواعق الشديدة على أتباع الهيئة الجديدة إن أصله مأخوذ عن فيثاغورس اليونان وهو قول باطل معلوم البطلان عند من نور الله قلبه بنور العلم والإيمان والأدلة على بطلانه كثيرة جدًّا، ثم ساق الأدلة على جريان الشمس ثم قال: فصل في ذكر الأدلة على ثبات الأرض واستقرارها، فأما الأدلة من القرآن ففي عدة آيات:
الآية الأولى قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} .
وهذه الآية من أوضح الأدلة على ثبات الأرض واستقرارها، ولو كانت تجري وتدور على الشمس كما زعم أهل الهيئة لكانت تزول من مكان إلى مكان وهذا خلاف نص الآية الكريمة.
الآية الثانية قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} قال البغوي قال ابن مسعود رضي الله عنه قامتا على غير عمد بأمره، وقال ابن كثير على قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} كقوله تعالى {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} وقوله:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اجتهد في اليمين قال: والذي تقوم السماء والأرض بأمره أي هي قائمة بأمره لها وتسخيره إياها.
وقال ابن منظور في لسان العرب ويجئ القيام بمعنى الوقوف والثبات يقال للماضي قف لي، أي تحبس في مكانك حتى آتيك، وكذلك قم لي بمعني قف لي، وعليه فسروا قوله سبحانه وإذا أظلم عليهم قاموا، قال أهل اللغة
والتفسير قاموا هنا بمعنى وقفوا وثبتوا في مكانهم غير متقدمين ولا متأخرين.
إلى أن قال ومنه قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} ، فمعناه الوقوف والثبات وعدم الحركة والدوران والله أعلم.
الآية الثالثة قوله تعالى في سورة المؤمن: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} الآية قال ابن كثير رحمه الله تعالى أي جعلها لكم مستقرًا بساطًا مهادًا تعيشون عليها وتتصرفون فيها وتمشون في مناكبها وأرساها بالجبال لئلا تميد بكم والسماء بناء أي سقفًا للعالم محفوظًا.
الآية الرابعة قوله تعالى في سورة النمل {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} الآية قال ابن كثير رحمه الله تعالى يقول أم من جعل الأرض قرارا أي قارة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتحرك بأهلها وترجف بهم فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة، بل جعلها من فضله ورحمته مهادًا بساطًا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك كما قال تعالى في الآية الأخرى {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} وقال البغوي قرارًا لا تميد بأهلها قلت والقرار معناه في لغة العرب الثبات والسكون قال في القاموس وشرحه قر بالكسر والفتح قرارًا وقرًا وتقره ثبت وسكن فهو قار كاستقر وتقار هو مستقر انتهى، ثم قال ابن كثير على قوله تعالى وجعل لها رواسي أي جبالًا شامخة ترسي الأرض وتثبتها لئلا تميد بكم.
وقال القرطبي على قوله تعالى {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} يعني جبالًا ثوابت تمسكها وتمنعها من الحركة.
الآية الخامسة قوله تعالى في سورة النحل {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .
الآية السادسة قوله تعالى في سورة الأنبياء {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} الآية.
الآية السابعة قوله تعالى في سورة لقمان {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} الآية وفي كل من هذه الآيات دليل على استقرار الأرض وسكونها.
قال الراغب الأصفهاني الميد اضطراب الشيء العظيم كاضطراب الأرض قال أن تميد بكم.
وقال ابن الجوزي في تفسير سورة النحل قوله تعالى {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} أي نصب فيها جبالًا ثوابت أن تميد لئلا تميد وقال الزجاج كراهة أن تميد يقال ماد الرجل يميد ميدًا إذا أدير به وقال ابن قتيبة الميد الحركة والميل يقال فلان يميد في مشيته أي يتكفأ، وقال البغوي قوله تعالى:{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي لئلا تميد بكم أي تتحرك وتميل والميد هو الاضطراب والتكفؤ ومنه قيل للدوار الذي يعتري راكب البحر ميد، قال وهب: لما خلق الله الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة أن هذه غير مقرة أحدًا على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال.
قلت وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن نحوه، وروي سعيد عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد نحو ذلك أيضًا، وروى ابن جرير عن علي رضي الله عنه قال لما خلق الله الأرض قمصت وقالت تخلق عليّ آدم وذريته يلقون علي نتنهم ويعملون علي بالخطايا فأرساها الله بالجبال فمنها ما ترون ومنها ما لا ترون وكان أول قرار الأرض كلحم الجزور إذا نحر يختلج لحمه، ويشهد لهذه الآثار ما رواه الإمام أحمد والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت الحديث.
وقال ابن كثير في تفسيره سورة النحل ذكر تعالى الأرض وما ألقي فيها من الرواسي الشامخات والجبال الراسيات لتقر الأرض ولا تميد أي تضطرب
بما عليها من الحيوانات فلا يهنأ لهم عيش لسبب ذلك.
وقال أيضًا في تفسير سورة الأنبياء قوله: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} أي جبالًا، أرسى الأرض بها، وقررها وثقلها لئلا تميد بالناس أي تضطرب وتتحرك فلا يحصل لهم قرار عليها.
وقال أيضًا في تفسير سورة لقمان على قوله تعالى {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} يعني الجبال أرست الأرض وتقلتها لئلا تضطرب بأهلها على وجه الماء ولهذا قال أن تميد بكم أي لئلا تميد بكم، وقال القرطبي في تفسير سورة الأنبياء وقوله تعالى وجعلنا في الأرض رواسي أي جبالًا ثوابت أن تميد بهم أي لئلا تميد بهم ولا تتحرك ليتم القرار عليها قاله الكوفيون وقال البصريون المعنى كراهية أن تميد والميد التحرك والدوران يقال ماد رأسه أي دار.
وقال الشوكاني في تفسير قوله تعالى {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} الميد التحرك والدوران أي لئلا تتحرك وتدور بهم.
الآية الثامنة قوله تعالى في سورة الرعد {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا} الآية قال ابن كثير أي جعلها متسعة ممتدة في الطول والعرض وأرساها بجبال راسيات شامخات.
وقال البغوي عند قوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ} جبالًا ثابتة واحدتها راسية.
وقال القرطبي عند قوله تعالى وجعل فيها رواسي أي جبالًا ثوابت واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها أي تثبت والإرساء الثبوت.
الآية التاسعة قوله تعالى في سورة الحجر {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} الآية قال البغوي على قوله تعالى {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} بسطناها على وجه الماء وألقينا فيها رواسي جبالًا ثوابت وقد كانت الأرض تميد إلى أن أرساها الله بالجبال.
الآية العاشرة قوله تعالى في سورة فصلت {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا} الآية قال البغوي وجعل فيها أي في الأرض رواسي جبالًا ثوابت قال القرطبي واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها أي تثبت والإرساء الثبوت.
الآية الحادية عشرة قوله تعالى في سورة ق، {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} الآية قال البغوي على قوله {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} بسطناها على وجه الماء {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} جبالًا شوامخ.
وقال ابن كثير على قوله {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي وسعناها وفرشناها وألقينا فيها رواسي وهي الجبال لئلا تميد بأهلها وتضطرب فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها.
والآية الثانية عشرة قوله تعالى في سورة المرسلات: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} قال ابن كثير على قوله تعالى وجعلنا فيها رواسي شامخات يعني الجبال أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب.
الآية الثالثة عشرة قوله تعالى في سورة النازعات: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} أي دحا الأرض فانبع عيونها وأظهر مكنونها وأجرى أنهارها وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها كل ذلك متاعا لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذه الدار إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل.
الآية الرابعة عشرة قوله تعالى في سورة النبأ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي جعلها أوتادًا أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.
قال القرطبي على قوله {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها، وقال ابن منظور في لسان العرب أوتاد الأرض الجبال لأنها تثبتها.
الآية الخامسة عشر قوله تعالى في سورة الزخرف {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} قال ابن كثير على قوله الذي جعل لكم الأرض مهدا أي فراشًا قرارًا ثابتة تسيرون عليها وتقومون وتنامون وتتصرفون مع أنها مخلوقة على تيار الماء لكنه أرساها بالجبال لئلا تميد هكذا ولا هكذا.
الآية السادسة عشر قوله تعالى في سورة الذاريات {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} قال ابن كثير أي جعلناها فراشًا للمخلوقات فنعم الماهدون أي وجعلناها مهدًا لأهلها وقال في البداية والنهاية وقوله الأرض فرشناها أي بسطناها وجعلناها مهدا أي قارة ساكنة غير مضطربة ولا مائدة بكم، وقال البغوي على قوله والأرض فرشناها بسطناها ومهدناها لكم فنعم الماهدون الباسطون، وقال ابن عباس رضي الله عنهما نعم ما وطأت لعبادي.
ثم قال الشيخ الدويش:
قلت قد زعم أهل الهيئة الجديدة ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من المسلمين أن الأرض تسير في الثانية أكثر من ثلاثين كيلومتر وأنها تقطع في اليوم الواحد أكثر من خمسمائة ألف فرسخ ولو كان الأمر على ما زعموه من سير الأرض بهذه السرعة الهائلة لما كانت ذلولًا للخلائق ولا فراشًا ولا مهدًا، ولما استقر على ظهرها شيء من البناء والشجر فضلًا عن الحيوانات وذلك لشدة مخرها للهواء ويشدة صدم الهواء لوجهها واعتبر ذلك بالطائرة النفاثة التي لا تبلغ في سرعة سيرها عشر عشر العشر مما زعموه في سرعة سير الأرض هل يقول عاقل أنه يمكن أن يستقر حيوان على ظهر الطائرة النفاثة، وهي سائرة كلا لا يقول ذلك عاقل أبدًا وإذا كان استقرار الحيوانات على ظهر