المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢١

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌طريقة إرشاد أهل الكتاب

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أسلوب الجدال:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض مطالب المشركين التعجيزيةالإتيان بمعجزات حسية واستعجال بالعذاب

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بالهجرة عند تعذر إقامة الشعائر الدينية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (60):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الصبر والتوكل:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اعتراف المشركين بالإله الخالق الرازق المحيي

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بيان حال الدنيا واضطراب أوضاع الكفار فيها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الروم

- ‌تسميتها:

- ‌موضوعها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملات السورة:

- ‌الإخبار بالغيب في المستقبل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحث على التفكر في المخلوقات الدالةعلى وجود الله ووحدانيته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات الإعادة والحشر وبيان ما يكون وقت الرجوع إلى الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تنزيه الله تعالى وحمده في جميع الأحوال

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض أدلة الوحدانية والقدرة والحشر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌دعاء الأرق:

- ‌إثبات الوحدانية من واقع البشر

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر باتباع الإسلام دين الفطرة والتوحيد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سوء حال بعض الناس بالرجوع إلى الله أحياناثم الشرك والنكول

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب بالنفقة وأنواع العطاء وضمان الرزقوإثبات الحشر والتوحيد

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المفسدين والكافرين وجزاء المؤمنين

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستدلال بالرياح والأمطار على قدرة الله وتوحيده

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من الإعراض عن دعوته

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أطوار حياة الإنسان

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال البعث ومقارنتها بأحوال الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مهمة القرآن في بيان أدلة العقيدةوأمر النبي بالصبر على الأذى والدعوة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة لقمان

- ‌تسميتها:

- ‌موضوعها:

- ‌صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملات السورة:

- ‌خصائص القرآن وأوصاف المؤمنين به

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إعراض الكافرين عن القرآن وإقبال المؤمنين عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم الغناء عند الفقهاء:

- ‌الاستدلال بخلق السموات والأرض على وحدانية الله وإبطال الشرك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة لقمان الحكيم ووصيته لابنه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ المشركين على الشرك مع مشاهدة دلائل التوحيد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سلامة منهج المؤمن وسوء طريقة الكافر

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات وجود الله وسعة علمهوشمول قدرته على البعث وكل شيء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (28):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بتقوى الله وبيان مفاتح الغيب

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة السجدة

- ‌تسميتها وفضلها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌موضوعها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌إثبات النبوة (الرسالة)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌دلائل التوحيد والقدرة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات البعث وحال الكفار يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفة المؤمنين في الدنيا وجزاؤهم عند ربهم في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المؤمنين وجزاء الفاسقين

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقد الصلة بين الرسالتينإنزال التوراة على موسى عليه السلام وموقف اليهود منها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تأكيد ثبوت التوحيد والقدرة والحشر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الأحزاب

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌موضوعها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌الأمر بتقوى الله واتباع الوحي والتوكل على الله

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعدد القلب والظهار والتبني

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌قصة زيد بن حارثة في السيرة والسنة النبوية:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومهمته وتشريع الميراث بقرابة الرحم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌غزوة الأحزاب أو الخندق وبني قريظة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (12):

- ‌نزول الآية (23):

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من السيرة على غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أولا-وصف الغزوة:

- ‌ثانيا-موقف اليهود والمنافقين من المسلمين:

- ‌ثالثا-موقف المؤمنين:

- ‌رابعا-نهاية المعركة أو الإجلاء:

- ‌خامسا-حصار بني قريظة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تخيير زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرةومقدار ثوابهن وعقابهن

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

للمتكلم، وأقرب لاستيعاب الكلام ووعيه وفهمه، وقد علل النهى عن رفع الصوت بأنه يشبه صوت الحمير في علوه ورفعه، وإن أقبح الأصوات لصوت الحمير، وهو بغيض إلى الله تعالى، والسبب أن أوله زفير وآخره شهيق.

وفيه دلالة على ذمّ رفع الصوت من غير حاجة، لأن التشبيه بصوت الحمار يقتضي غاية الذمّ، وقد ورد في السّنة أيضا ما يدل على التنفير منه،

روى الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير، فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانا» .

‌فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

1 -

إن الشرك بالله أو اتخاذ عبد من عباده أو صنم من الأصنام شريكا في العبادة مع الله ظلم عظيم، بل هو أعظم الظلم، لما فيه من الافتئات على الخالق الرازق، وسخف هذا الاعتقاد، وخلوة من أي فائدة للمشرك. وقد حققت وصية لقمان لابنه هدفها، فقد ورد في التفسير أن ابنه كان مشركا، فوعظه وكرر الوعظ عليه حتى أسلم.

2 -

برّ الوالدين وطاعتهما في معروف غير معصية فرض واجب على الإنسان، مقابلة للمعروف بمثله، ووفاء للإحسان، وتقدير الفضل، واحترام نظام الأسرة. وأمر الله بالإحسان إلى الوالدين عام في الوالدين المسلمين والكافرين، وأن طاعة الوالدين على أي دين كانا واجبة.

غير أن طاعة الأبوين غير مطلوبة، بل هي حرام في ارتكاب معصية كبيرة كالإشراك بالله، وترك فريضة عينية؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وتلزم طاعتهما في المباحات، وتندب الطاعة في ترك المندوبات ومنها الجهاد

ص: 152

الكفائي، وإجابة الأم في الصلاة النافلة إذا شقّ عليها الانتظار أو خيف هلاكها.

وتختصّ الأم بزيادة البرّ والطاعة لمعاناتها في سبيل تربية أولادها، وبما أنها كما ذكرت الآية تعرضت لمراتب ثلاث من المشاق: الحمل، والرضاع، والوضع، جعل لها ثلاثة أرباع المبرّة، وللأب الربع،

قال صلى الله عليه وسلم لرجل سأله فيما رواه البخاري وغيره: «من أبرّ؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: أبوك» .

3 -

أقصى مدة الرضاع في أحكام النفقات والتحريم بالرضاع عامان، وقصر مدة الرضاع الذي يتعلق به التحريم على عامين هو رأي العلماء غير أبي حنيفة.

ورأى أبو حنيفة أن مدة الرضاع المحرم ثلاثون شهرا لقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} .

واستنبط العلماء أيضا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر من مجموع آيتين، قال تعالى في آية:{وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ} [البقرة 233/ 2]، وقال في آية أخرى:{وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [الأحقاف 15/ 46].

4 -

الشكر لله على نعمة الإيمان وغيرها من النعم الكثيرة التي لا تعدّ ولا تحصى، وللوالدين على نعمة التربية، قال سفيان بن عيينة: من صلّى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما.

5 -

آية {وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً} دليل على جواز صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، وإلانة القول والدعوة إلى الإسلام برفق. ويؤيده

أن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت للنبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري

ص: 153

ومسلم-وقد قدمت عليها أمها من الرضاعة، أو خالتها-:«يا رسول الله، إن أمي قدمت علي، وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: نعم» قال ابن عطية: والظاهر عندي أنها راغبة في الصلة، وما كانت لتقدم على أسماء لولا حاجتها.

ووالدة أسماء: هي قتيلة بنت عبد العزّى بن عبد أسد. وأم عائشة وعبد الرحمن هي أم رومان قديمة الإسلام.

ودلّ قوله تعالى: {وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً} على أن الولد لا يستحق القصاص على أحد والديه، وأنه لا يحدّ له إذا قذفه، ولا يحبس له بدين عليه، وأن على الولد نفقة والديه عند الحاجة.

6 -

قوله تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ} المراد به العموم، كما هو ظاهر اسم الموصول، فهو وصية لجميع العالم، والمأمور الإنسان، وهي سبيل الأنبياء والمؤمنين الصالحين. وأناب معناه: مال ورجع إلى الشيء، والمراد هنا:

تاب من الشرك، ورجع إلى الإسلام، واتبع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى الله بالتوحيد والإخلاص بالطاعة، لا سبيل الوالدين اللذين يأمران بالشرك. وهذا الأمر باتباع السبيل دليل على صحة إجماع المسلمين، وأنه حجة لأمر الله تعالى إيانا باتباعهم، وهو مثل قوله تعالى:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء 115/ 4].

7 -

قوله سبحانه: {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ.} . توعد من الله عز وجل ببعث من في القبور، والرجوع إليه للجزاء والاعلام بصغير الأعمال وكبيرها.

8 -

قوله تعالى: {يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ.} . قصد به إعلام قدرة الله تعالى، وتخويف منه ورجاء، فمهما تكن الحسنة أو الخطيئة أو الطاعات والمعاصي مثقال حبة خردل يأت بها الله، لأن الحسّ لا يدرك ثقلا للخردلة، إذ لا ترجّح ميزانا.

ص: 154

وفسّر القرطبي الآية بأنه لو كان للإنسان رزق مثقال حبة خردل في أي مكان في العالم العلوي (السموات) والسفلي (الأرض) جاء الله بها، حتى يسوقها إلى من هي رزقه؛ أي لا تهتم للرزق حتى تشتغل به عن أداء الفرائض، وعن اتّباع سبيل من أناب إلي. ومن هذا المعنى

قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود فيما رواه البيهقي في القدر، وهو ضعيف:«لا تكثر همّك، ما قدّر يكن، وما ترزق يأتك» . وقد نطقت هذه الآية بأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا؛ سبحانه لا شريك له.

9 -

في الآية تعظيم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يشمل جميع الطاعات والفضائل، والحضّ على تغيير المنكر والصبر، وإن نال الإنسان ضرر، وفيه إشعار بأن المغيّر يؤذى أحيانا.

كما أن الصبر مندوب إليه عند التعرض لشدائد الدنيا كالأمراض وغيرها، وعلى الإنسان ألا يخرج من الجزع إلى معصية الله عز وجل، فإن من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره.

وإن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور، أي مما عزمه الله وأمر به، وجعله من الأمور الواجبة.

10 -

دلّ قوله تعالى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ} على تحريم التكبر، ومعنى الآية: ولا تمل خدك للناس تكبرا عليهم، وإعجابا بالنفس، واحتقارا لهم، وأقبل عليهم متواضعا مؤنسا مستأنسا، وإذا حدّثك أصغر الناس، فاصغ إليه حتى يكمل حديثه، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

والخلاصة: لا تدبر عن المتكلم، كما

روى مالك عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» فالتدابر والإعراض وترك

ص: 155

الكلام والسلام من المحظورات.

11 -

يحرم على الإنسان أن يمشي في الأرض متبخترا متكبرا، بل يحرم التكبر في كل الحالات.

12 -

يندب للإنسان القصد أي التوسط في المشي، وهو ما بين الإسراع والبط ء، فلا تدبّ دبيب المتماوتين، ولا تثب وثب الشيطان.

13 -

كما يندب إليه عدم التكلف في رفع الصوت، والتكلم حسب الحاجة والمعتاد، فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلّف يؤذي، والمراد بذلك كله التواضع.

وقد شبّه رفع الصوت الزائد عن الحاجة بصوت الحمير، والحمار ونهاقه مثل في الذمّ البليغ والشتيمة.

وفي الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة بقبح أصوات الحمير، لأنها عالية.

والآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم، أو بترك الصياح جملة، وقد نهى الله عنه، لأنه من أخلاق الجاهلية وعاداتها، فقد كانت العرب تفخر بجهارة الصوت الجهير وغير ذلك.

وتلك إشارة إلى التوسط في جميع الأفعال والأقوال.

والخلاصة: جمعت وصية لقمان بين فضائل الدين والآخرة ومكارم الأخلاق في الدنيا، واشتملت تسعة أوامر، وثلاثة نواه، وسبع علل أو أسباب:

أما الأوامر: فهي الأمر ببرّ الوالدين، والشكر لله وللوالدين، ومصاحبة الوالدين في الدنيا بالمعروف، واتباع سبيل الأنبياء والصالحين، وإقامة الصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والاعتدال في المشي، وإخفاض الصوت.

ص: 156