الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له ووضحها، ثم تركها بعد ذلك وجحدها، وأعرض عنها وتناساها كأنه لا يعرفها، فإننا سننتقم أشد الانتقام من الكفار الذي كفروا بالله واقترفوا المعاصي والمنكرات.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير حق، أو عقّ والديه، أو مشى مع ظالم ينصره، فقد أجرم، يقول الله تعالى: {إِنّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}»
(1)
.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
1 -
ليس في حكم الله وعدله ولا في ميزان العقل السليم أن يسوّى بين المؤمن والفاسق في الثواب والجزاء في يوم القيامة.
2 -
يترتب على نفي المساواة بين المؤمن والكافر منع القصاص-في رأي الجمهور غير الحنفية-بينهما؛ إذ من شرط وجوب القصاص المساواة بين القاتل والمقتول. ورأى أبو حنيفة قتل المسلم بالذمي، وقال: أراد نفي المساواة هاهنا في الآخرة في الثواب، وفي الدنيا في العدالة.
وحمله الجمهور على عمومه، إذ لا دليل يخصه.
3 -
مقر المؤمنين في الآخرة ثوابا وجزاء: جنات المأوى، أي يأوون إلى الجنات؛ فأضاف الجنات إلى المأوى؛ لأن ذلك الموضع يتضمن جنات.
ومقام الفاسقين الخارجين عن الإيمان إلى الكفر النار، وهم فيها خالدون،
(1)
قال ابن كثير عن هذا الحديث: وهذا حديث غريب جدا.
فكلما دفعهم لهب النار إلى أعلاها، ردّوا إلى موضعهم فيها؛ لأنهم يطمعون في الخروج منها.
وتقول خزنة جهنم لهم، أو يقول الله لهم: ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون، ذوقا حسيا ومعنويا.
ويلاحظ من قوله تعالى: {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} أن العمل الصالح له مع الإيمان أثر، أما الكفر إذا جاء فلا التفات بعده إلى الأعمال، لذا قال تعالى:
{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا} ولم يقل: وعملوا السيئات؛ لأن المراد من {فَسَقُوا} كفروا.
4 -
للكافرين أيضا عذاب آخر في الدنيا وهو مصائب الدنيا وأسقامها، مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا. وينتظرهم العذاب الأكبر وهو عذاب يوم القيامة.
وذلك العذاب إنذار، لعله يرجع من بقي منهم إلى الرشاد والهداية؛ فإن عذاب الدنيا لا يقارن بعذاب الآخرة؛ لأن عذاب الدنيا لا يكون شديدا ولا مديدا؛ لأنه يعقبه الموت، أما عذاب الآخرة فهو شديد ومديد.
5 -
لا أحد أظلم لنفسه ممن ذكرت له آيات ربه أي حججه وعلاماته، ثم أعرض عنها، وترك قبولها، فإن الله منتقم أشد الانتقام من المشركين؛ لتكذيبهم وإعراضهم.