الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقتصد في الكفر، منزجر بعض الانزجار، متجه إلى توحيد الله، ومنهم غدّار ناقض للعهد، كافر بأنعم الله، وما يكفر بآياتنا الكونية والقرآنية إلا كل كثير الغدر، كفور بما أنعم الله عليه.
ونظير الآية: {وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ، ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاّ إِيّاهُ} [الإسراء 67/ 17].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يلي:
1 -
لا يجد المشركون بدا عند سؤالهم عن خالق السموات والأرض من الإجابة بأنه هو الله تعالى، فهم يعترفون بأن الله خالقهن، فلم يعبدون غيره؟! فالحمد لله على ما هدانا له من دينه، وليس الحمد لغيره، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا ينظرون ولا يتدبرون. هذا ما دلت عليه الآية الأولى، ودلت الآية الثانية التي تلتها على أن جميع ما في السموات، والأرض لله ملكا وخلقا، وأن الله هو الغني عن خلقه وعن عبادتهم، وإنما أمرهم بالعبادة لينفعهم، والله هو المحمود في صنعه.
2 -
دلت الآية الأخيرة: {وَإِذا غَشِيَهُمْ} على اعتراف آخر من المشركين بوجود الله ووحدانيته، فإنهم إذا تعرضوا لمخاطر الغرق بسبب اضطراب البحر، وارتفاع الأمواج، لم يجدوا بديلا غير الله للجوء إليه، فيدعونه موحدين له، لا يدعون لخلاصهم سواه، فإذا ما نجوا من البحر، ووصلوا إلى البر والأمان، فمنهم مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة، موفّ بما عاهد عليه الله في البحر، ومنهم كافر، وقد دل على المحذوف قوله تعالى:{وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاّ كُلُّ خَتّارٍ كَفُورٍ} أي لا ينكر دلائل الآيات على توحيد الله إلا كل غدّار مغرق في الكفر، جحود للنعم، لا يشكرها، بل يتناساها ولا يذكرها.
3 -
إن معاني كلام الله سبحانه لا تنفد، وإنها لا نهاية لها، ولا يمكن حصرها ولا عدها، وقد دلنا على ذلك هذا البيان القرآني: وهو لو كانت الأشجار أقلاما، والبحار مدادا، فكتب بها عجائب صنع الله الدالة على قدرته ووحدانيته لم تنفد تلك العجائب، لأنه تعالى القديم الذي لا نهاية له ابتداء وانتهاء، أما المخلوق فلا بد له من بداية ومن نهاية، والمقصود من الكلمات:
الكلام القديم، والمراد بالآية الاعلام بكثرة معاني كلمات الله، هي غير متناهية في نفسها، وإنما قرّب الأمر بهذا المثال لأفهام البشر بما يتناهى، لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة، لا أنها تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور.
وإذا كانت معاني كلام الله لا نهاية لها، فعلم الله بحقائق الأشياء لا يمكن حصره، وإنما هو واسع شامل.
والخلاصة: أن كلمات الله هي مقدوراته وعجائبه، أو معلوماته.
4 -
ما ابتداء خلق جميع البشر إلا كخلق نفس واحدة، وما بعثهم يوم القيامة إلا كبعث نفس واحدة، لأن الله تعالى لا يصعب عليه ما يصعب على العباد، وخلقه للعالم كخلقه لنفس واحدة، وإن الله سميع لما يقولون، بصير بما يفعلون.
5 -
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} آية سماوية دالة على قدرة الله تعالى، وقوله:
{وَسَخَّرَ.} . أي ذلّلهما بالطلوع والأفول تقديرا للآجال، وإتماما للمنافع، وجعل الطلوع والغروب في وقت محدد لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، وينتهي وجودهما بانتهاء السموات والأرض يوم القيامة.
ومن قدر على هذه الأشياء، فلا بدّ من أن يكون عالما بها، والعالم بها عالم بأعمالكم. وقد فعل الله تعالى ذلك (الزيادة والنقص في الليل والنهار وتسخير