الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} ينشئ خلق الناس {ثُمَّ يُعِيدُهُ} يبعث الناس ويخلقهم مرة أخرى بعد موتهم {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} للجزاء {يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} يسكت المشركون متحيرين آيسين لانقطاع حجتهم، يقال: أبلس الرجل: إذا سكت وانقطعت حجته، والمبلس: الساكت المنقطع الحجة، اليائس من الاهتداء إليها {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ} أي لا يكون ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام شفعاء يجيرونهم من عذاب الله. وجاء التعبير بمعنى الماضي لتحققه {وَكانُوا} أي يكونون {بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ} أي متبرئين منهم، يكفرون بآلهتهم حين يئسوا منهم.
{يَوْمَئِذٍ} تأكيد لقوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ} . {يَتَفَرَّقُونَ} أي يتفرق المؤمنون والكافرون. {فِي رَوْضَةٍ} بستان أو أرض ذات أزهار وأنهار {يُحْبَرُونَ} يسرّون سرورا تهللت له وجوههم {بِآياتِنا} القرآن {وَلِقاءِ الْآخِرَةِ} البعث وغيره {مُحْضَرُونَ} مدخلون فيه لا يغيبون عنه.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى أن عاقبة المجرمين إلى الجحيم، وذلك إشارة إلى الإعادة والحشر، أقام الأدلة عليه بأن من بدأ خلق الناس بالقدرة والإرادة لا يعجز عن الرجعة والإعادة. ثم بيّن ما يكون وقت الرجوع إليه، وأخبر أن الناس حينئذ فريقان: فريق في الجنة وفريق في السعير.
التفسير والبيان:
{اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي أن الله كما هو قادر على بداءته وإنشائه، فهو قادر على إعادته، فالله هو الذي بدأ إنشاء الخلق بقدرته وإرادته، فلا يعجز عن رجعته، ثم إليه يعودون يوم القيامة ويحشرون للقضاء بينهم، فيجازي كل عامل بعلمه، ثم وصف حال الأشقياء بقوله:{وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} أي ويوم تقوم القيامة للفصل بين الناس والحساب، يسكت المجرمون الذين أشركوا بالله وتنقطع عنهم الحجة من شدة الأهوال، وييأسون ولا يجدون طريقا للخلاص، ولا أملا في النجاة من طريق غيرهم، كما قال:
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ، وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ} أي ولن يجدوا لهم شفعاء من الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله، ينقذونهم من عذاب الله، وكانوا بشركائهم وآلهتهم المزعومة جاحدين، متبرئين منهم، إذ خانوهم في أحوج ما كانوا إليهم، كما قال تعالى:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا، وَرَأَوُا الْعَذابَ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ، وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً، فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنّا} [البقرة 166/ 2 - 167].
وهذا دليل على تبين إفلاسهم وإعلان خسرانهم.
ثم يتميز أهل المحشر إلى فريقين، فقال تعالى:
{وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} أي ويوم تقوم القيامة يتفرق الناس فرقة لا اجتماع بعدها، كما قال تعالى:{وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس 59/ 36] فيؤخذ أهل الإيمان والسعادة إلى الجنان، ويؤخذ أهل الكفر والشقاوة إلى النيران. قال قتادة: هي والله الفرقة التي لا اجتماع بعدها، لهذا قال تعالى:
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ، فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} أي فأما المؤمنون المصدّقون بالله ورسوله واليوم الآخر، والعاملون بما أمر الله به، والمنتهون عما نهى الله عنه، فهم يتنعمون ويسرّون سرورا يملأ القلب والنفس ويظهر البشاشة بما لاحظوا به من روضات الجنان ذات البهجة والخضرة والأنهار الجارية، أي فهم في جنة يسرون بكل مسرة، كما قال:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة 17/ 32]، و
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» .
{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ، فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ} أي وأما الكافرون الجاحدون بوجود الله ووحدانيته، المكذبون رسله