الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اهزم الأحزاب؛ اللهم اهزمهم وزلزلهم».
وقال محمد بن إسحاق: لما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم» فلم تغز قريش بعد ذلك، بل غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، حتى فتح الله تعالى مكة.
وكان الله قويا عزيزا، أي غير محتاج إلى قتالهم، قادرا على استئصال الكفار وإذلالهم، ردهم بحوله وقوته خائبين، لم ينالوا خيرا، وأعز الله الإسلام وأهله.
خامسا-حصار بني قريظة:
{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ} أي وأنزل الله يهود بني قريظة الذين هم من أهل الكتاب والذين عاونوا الأحزاب من حصونهم وقلاعهم.
وذلك لأنهم بمسعى حيي بن أخطب النضيري نقضوا عهدهم الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يزل بسيدهم كعب بن أسد حتى نقض العهد، وقال له فيما قال: ويحك قد جئتك بعزّ الدهر، أتيتك بقريش وأحابيشها، وغطفان وأتباعها، ولا يزالون هاهنا حتى يستأصلوا محمدا وأصحابه، فقال له كعب: بل والله أتيتني بذل الدهر، ويحك يا حيي، إنك مشؤوم، فدعنا منك، فلم يزل يفتل له في الذروة والغارب (أي يخادعه) حتى أجابه، واشترط له حيي إن ذهب الأحزاب، ولم يكن من أمرهم شيء أن يدخل معهم في الحصن، فيكون أسوتهم.
فلما أيد الله تعالى رسوله والمسلمين، وكبت أعداءهم، وردهم خائبين بأخسر صفقة، ورجعوا إلى المدينة،
أرسل الله جبريل عليه السلام، فأوحى إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: «إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تنهض إلى بني قريظة» فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم من فوره، وأمر الناس بالمسير إلى بني قريظة، وكانت على أميال من المدينة، وذلك بعد صلاة الظهر، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان:«لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة» فسار الناس، فأدركتهم الصلاة في الطريق، فصلى بعضهم في الطريق، وقالوا: لم يرد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تعجيل المسير، وقال آخرون: لا نصليها إلا في بني قريظة، فلم يعنّف واحدا من الفريقين.
وتبعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استخلف على المدينة ابن أمّ مكتوم رضي الله عنه، وأعطى الراية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم نازلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما طال عليهم الحال، نزلوا على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه؛ لأنهم كانوا حلفاءهم في الجاهلية.
فلما جاء سعد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم» فقام إليه المسلمون إعظاما وإكراما واحتراما له في محل ولايته، ليكون أنفذ لحكمه فيهم، فلما جلس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن هؤلاء-وأشار إليهم-قد نزلوا على حكمك، فاحكم فيهم بما شئت» .
فقال رضي الله عنه: وحكمي نافذ عليهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: «نعم» قال: وعلى من في هذه الخيمة؟ قال: «نعم» قال: وعلى من هاهنا؟ وأشار إلى الجانب الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معرض بوجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا وإكراما وإعظاما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم» .
فقال رضي الله عنه: إني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم وأموالهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد حكمت بحكم الله تعالى من فوق سبعة