الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو البيان بأنهما لا يستويان، ذكر الله تعالى تفاوتهما في المنزلة والحكم يوم القيامة، عملا بمقتضى عدله وكرمه.
التفسير والبيان:
{أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً؟ لا يَسْتَوُونَ} أي هل يستوي المؤمن بالله ورسوله، المطيع لأمر ونهيه، والكافر الخارج عن طاعة ربه، المكذب رسل الله إليه؟ والجواب: لا يستوي المؤمنون والفاسقون عند الله يوم القيامة.
ونظير الآية قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ، سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ، ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [الجاثية 21/ 45] وقوله سبحانه: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ} [ص 28/ 38] وقوله عز وجل: {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ} [الحشر 20/ 59].
ثم ذكر الله تعالى جزاء الفريقين في الآخرة فقال:
1 -
{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ، فَلَهُمْ جَنّاتُ الْمَأْوى، نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي إن الذين صدقت قلوبهم بآيات الله ورسله، وعملوا صالح الأعمال، فلهم جنات المأوى التي فيها المساكن والدور والغرف العالية، ثوابا وجزاء وتكريما لهم على أعمالهم الحسنة وأفعالهم الطيبة التي فعلوها في الدنيا.
وقوله في حق المؤمنين {فَلَهُمْ} بلام التمليك زيادة إكرام.
2 -
{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النّارُ} أي وأما الذين فسقوا أي كفروا بالله، وخرجوا عن الطاعة، وعملوا السيئات، فمأواهم النار التي يأوون إليها ويستقرون فيها، ثم ذكر تعالى سوء حالهم فيها، فقال:
{كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها} أي كلما عزموا على الخروج منها من شدة العذاب والأهوال، أعيدوا فيها، ودحروا إليها، أي أنهم مخلّدون فيها، كما قال تعالى:{كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ، أُعِيدُوا فِيها} [الحج 22/ 22].
قال الفضيل بن عياض: والله إن الأيدي لموثقة، وإن الأرجل لمقيدة، وإن اللهب ليرفعهم، والملائكة تقمعهم.
ويقال لهم تقريعا وتوبيخا وتهديدا:
{وَقِيلَ لَهُمْ: ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} أي تذوقوا وتحملوا عذاب النار الذي كذبتم به في الدنيا فإن الله أعدّه للمشركين به.
وهناك عذاب آخر سابق له:
{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي ولنذيقن الكفار والعصاة شيئا من العذاب الأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا من المصائب والآفات كالجوع والقتل والسبي، قبل مجيء وحدوث العذاب الأشد الأعظم وهو عذاب القيامة، ليرجعوا عن ضلالهم إلى الهدى والرشد، ويثوبوا عن الكفر، ويؤمنوا بربهم، ويصدقوا برسولهم.
والترجي في قوله {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} محال على الله تعالى، فيراد به تعليل ذلك الفعل بأمر الرجوع، كما يقال: فلان اتجر ليربح، أو يكون معناه:
لنذيقنهم إذاقة الراجين، أو إذاقة يقول القائل: لعلهم يرجعون بسببه.
ثم ذكر الله تعالى سببا عاما للعقاب وهو ظلم الناس، فقال:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها، إِنّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} أي لا أحد أظلم ممن ذكّره الله بآياته القرآنية ومعجزات رسله، وبيّنها