الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة
والسلطان الملك الكامل مقيم بالديار المصرية، وأخوه الملك الأشرف مقيم بدمشق، والممالك الباقية على ما كانت عليه في السنة الماضية.
[ذكر استقلال السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهر
صاحب حلب بالسلطنة وقيامه بأعبائها
(1)]
وفى هذه السنة انفرد الملك العزيز رحمه الله بأمر الملك وقام به أحسن قيام، وكان قد بلغ من العمر ثمان عشرة (2) سنة، وسلم إليه أتابكه شهاب الدين طغريل - أحسن الله جزاءه - الخزائن. ورتب الملك العزيز الولاة من قبله، واستحلف الأمراء والأجناد لنفسه، ثم خرج بنفسه وزار القلاع والحصون. وركب الأتابك شهاب الدين ونزل من القلعة، وركب الناس في خدمته، وذلك في منتصف شهر رمضان [المعظم (3)] من هذه السنة.
ولم يخرج الأتابك منذ توفى الملك الظاهر [أبو الفتح غازى (4)] من القلعة إلى هذا
(1) ما بين الحاصرتين مثبت في نسخة م وورد بدله في نسخة س «قال القاضى جمال الدين ابن واصل قاضى قضاة حماة المحروسة» .
(2)
في نسخة س «ثمانية عشر» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح، انظر زامباور، معجم الأنساب، ج 1 ص 152.
التاريخ، فكانت مدة ملازمته [للقلعة نحو (1)] خمس عشرة (2) سنة، فجزاه الله خيرا، فما سمعنا في شىء من التواريخ أن أحدا نصح [نصحه (3)] في خدمة بيت أستاذه وقام قيامه. ولقد فعل بدر الدين لؤلؤ في البيت الأتابكى ضد فعله، فالله تعالى يجازى يوم القيامة كلا بفعله.
ثم عاد الأتابك - يوم ركوبه - إلى القلعة، وكان [162 ب] يركب منها في الأحايين (4) ويعود إليها إلى أن دخل [السلطان (5)] الملك العزيز بابنة خاله السلطان الملك الكامل. وبقى الأتابك [شهاب الدين (6)] بعد ذلك مدة، ثم نزل [من القلعة (7)] وسكن بداره المعروفة بصاحب عين تاب تجاه باب القلعة، [إلى أن توفى رحمه الله تعالى (8)].
وفى هذه السنة كانت للفرنج حركة فخرج عسكر حلب مع الأمير بدر الدين الوالى وأغاروا على ناحية المرقب ونهبوا حصن بلنياس (9) وخربوه، وخلصوا من وجدوه من أسرى المسلمين وسيروه إلى حلب. [وهذا بدر الدين
(1) أضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س وفى نسخة م «لها» .
(2)
في نسخة س «خمسة عشر» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من م.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
في نسخة م «وصار يركب منها في الأحايين» والصيغة المثبتة من نسخة س وكذلك من ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 211.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وكذلك من ابن العديم، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في م.
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وفى نسخة م «منها» .
(8)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في م.
(9)
في نسخة م بليناس وهو تصحيف وبلنياس كانت كورة ومدينة صغيرة وحصن بساحل حمص على البحر، انظر ياقوت (معجم البلدان)؛ أبو الفدا، تقويم البلدان، ص 255.
الوالى كان أميرا جليلا، وكان متولى قلعة جعبر في أيام الملك الظاهر إلى أن أخذها الملك العادل فولاه الملك الظاهر بعد ذلك قلعة حلب إلى حين وفاته، أنزله من قلعة حلب وولاها للأتابك شهاب الدين رحمه الله.
وفى هذه السنة (1)] وقعت (2) وقعة أخرى بين المسلمين والفرنج [قتل من الفريقين جماعة، واستظهر فيها الفرنج على المسلمين (3)]، فجهزت العساكر من حلب في منتصف شهر ربيع الآخر، ثم استقرت الهدنة بين عسكر حلب والداوية والاسبتارية في العشرين من شعبان.
وكنت بحلب في هذه السنة توجهت إليها للاشتغال فيها بالعلم على الشيخ نجم الدين بن الخباز (4) في المذهب والأصول (5)، وعلى الشيخ موفق الدين بن يعيش (6) في علم النحو [واللغة (7)]، ولتحصل لى البركة بالقاضى بهاء الدين بن شداد، رحمه الله. وكان سفرى إلى حلب في أواخر سنة سبع وعشرين وستمائة [أنا والشيخ الإمام تاج الدين أحمد بن الشيخ زين الدين أحمد - رحمها الله (8)].
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في نسخة م.
(2)
في نسخة م «ثم وقعت» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في نسخة م.
(4)
ورد اسمه كاملا في السبكى (طبقات الشافعية، ج 5 ص 46) دون ذكر أي شىء من ترجمته وهو محمد بن أبى بكر بن على الشيخ نجم الدين بن الخباز الموصلى.
(5)
في نسخة س «وكان إماما في المذهب والأصولين» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(6)
في نسخة س «نفيس» والصيغة الصحيحة المثبتة من م انظر ابن خلكان (وفيات، ج 2 ص 356).
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(8)
ما بين الحاصرتين ساقط في نسخة س ومثبت في م.
وأقمنا (1) بها إلى شعبان من سنة ثمان وعشرين وستمائة، وترددنا (2) في هذه المدة إلى خدمة القاضى بهاء الدين بن شداد، وكان نزولنا (3) بالمدرسة التي أنشأها بالقرب من داره.
واحتبس الغيث في حلب في هذه السنة احتباسا كثيرا وارتفعت الأسعار فخرج الناس إلى جبل بانقوسا، واستسقوا. وحضر الإستسقاء القاضى بهاء الدين ابن شداد رحمه الله فجاء مطر يسير بعد ذلك، وانحطت الأسعار قليلا (4).
وكان الوزير بحلب [في ذلك الوقت (5)] القاضى الأكرم جمال الدين بن القفطى (6).
[وكان حسن السيرة وعنده فضيلة وغرام عظيم بالكتب، وحصل منها جملة كثيرة (7)] فعزله - في هذه السنة - الملك العزيز عن الوزارة، وفوض الوزارة إلى خطيب قلعة حلب زين الدين عبد المحسن بن محمد بن حرب، وكان يألفه
(1) في نسخة س «وأقمت» .
(2)
في نسخة س «وترددت» .
(3)
في نسخة س «نزولى» .
(4)
انظر عن احتباس الغيث في حلب، ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3 ص 210.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في م.
(6)
هو الوزير جمال الدين أبو الحسن على بن يوسف القفطى أحد الكتاب المشهورين، ولد بقفط من الصعيد الأعلى بالديار المصرية وأقام بحلب واشتغل بعلوم اللغة والنحو والفقه والحديث وعلوم القرآن والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل، وله كتب كثيرة أشهرها «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» ، وتوفى بحلب سنة 646 هـ؛ انظر الأدفوى، الطالع السعيد، ص 436 - 438؛ الكتبى، فوات الوفيات، ج 2 ص 191 - 193؛ سركيس، معجم المطبوعات، ج 6 ص 1518 - 1519.
(7)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في نسخة م.
ويجتمع به كثيرا قبل أن يستقل بأمر السلطنة، فلما استقل الملك العزيز فوض إليه الأمور كلها (1). [وعدق به الأمور جميعها، ومال إليه ميلا كليا [163 ا]، وأذن له في قبول كل ما يهدى من الأموال وغيرها من الأمراء والأكابر، فأهدى إليه شىء كثير فأخذه وصار له في مدة يسيرة جملة عظيمة من المال بعد أن كان فقيرا مقتنعا بجامكية الخطابة (2)].
ذكر مسير القاضى بهاء الدين بن شداد إلى الديار المصرية
بسبب نقل (3) الجهة الكاملية - رحمها الله (4) - إلى حلب
كان القاضى بهاء الدين بن شداد هو الذى كان توجه لإحضار الصاحبة ضيفة (5) خاتون [بنت السلطان الملك العادل (6)] والدة الملك العزيز إلى حلب وقد تقدم ذكر ذلك (7). ثم هو الذى توجه ليخطب للملك العزيز فاطمة خاتون بنت السلطان الملك الكامل، وعمر الملك العزيز إذ ذاك سنتان وكسرا كما ذكرنا (8).
(1) وردت هذه الجملة في نسخة م مختصرة كمايلى «وكان قبل استقلاله يألفه كثيرا ويجتمع به ففوض إليه الأمور كلها» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(2)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في نسخة م.
(3)
في نسخة س «لنقله» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(4)
في نسخة س «قدس الله روحها» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(5)
في نسخة س «صفية» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م وأصل تسميتها أنه كان عند أبيها الملك العادل يوم مولدها ضيف فسماها ضيفه، انظر ما سبق ابن واصل، ج 3، ص 212 حاشيه 1 وكذلك المقريزى، السلوك، ج 1 ص 271 حاشيه 2.
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.
(7)
انظر ما سبق ابن واصل، ج 3، ص 213 - 214.
(8)
وردت هذه الجملة في نسخة س كمايلى: «ثم توجه إلى مصر ليخطب للملك العزيز ابنة خاله الملك الكامل، وعمره سنتان وكسر» والصيغة المثبتة من نسخة م، انظر ما سبق، ابن واصل، ج 3 ص 236 - 237.