الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كثر الفرنج بدمياط أخذوا في التجهز للوغول في ديار مصر، ودفع العساكر الإسلامية عنها، فساروا من دمياط في حدهم وحديدهم.
ذكر نزول الفرنج في مقابلة السلطان الملك
الكامل
ووصل الفرنج، فنزلوا في قبالة المسلمين في طرف جزيرة دمياط، وبينهم وبين المسلمين بحر أشمون، والمنزلة - كما قدمنا ذكرها - للمسلمين هى المنصورة؛ وهى على بحر النيل عند ملتقى البحرين اللذين أحدهما يذهب إلى أشمون (1) والآخر يذهب إلى دمياط. وغربى المنصورة سور ماد عليها، عليه الستاير وآلات الحرب، وهو متصل بجوسق (2) إبتناه السلطان [الملك الكامل (3)] ونزله، وغربى السور البحر الذى يفترق منه البحران المذكوران. وللمسلمين أيضا عسكر نازلون من غريبه في مقابلة الفرنج، والفرنج في طرف الجزيرة التي يحيط بها البحران المذكوران، وشوانى المسلمين في البحر تقاتل شوانى الفرنج، وشرع الفريقان في القتال برا وبحرا.
ذكر قدوم الملوك والعساكر الإسلامية إلى مصر
ولما بلغ السلطان الملك الكامل قرب أخيه الملك الأشرف منه، توجه إليه [101 ب] ملتقيا له، وفرح به وسر سرورا شديدا، وأيقن بحصول النصر والظفر بالعدو. ووصل الملك المعظم، والملك الناصر صاحب حماة،
(1) انظر ما سبق ص 17 حاشية ا.
(2)
الجوسق لفظ فارسى معناه القصر، ويجمع على جواسق، انظر محيط المحيط؛ Steingass، Persian - English Dict .
(3)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
وكان خائفا من الملك الكامل أن يأخذ حماة منه لأخيه الملك المظفر، فطيب قلبه الملك الأشرف، وأصلح له قلب السلطان الملك الكامل. ووصل الملك المجاهد صاحب حمص، والملك الأمجد صاحب بعلبك، وعسكر حلب. وأتت العساكر تتبع بعضها بعضا، ونزلوا كلهم بالمنصورة في خدمة السلطان الملك الكامل.
ورأى الفرنج من العساكر الإسلامية ما هالهم وفتّ في أعضادهم، واشتد القتال بين الفريقين برا وبحرا، واجتمع من رجالة المسلمين بالمنصورة ما لا يقع عليه الإحصاء، فكانوا ينكون في العدو أكثر من نكاية الجند. ثم تقدم جماعة من العسكر إلى خليج من النيل في البر الغربى، يعرف ببحر المحلة، وقاتلوا الفرنج منه. وتقدمت شوانى المسلمين في بحر النيل، وقاتلت (1) شوانى الفرنج، وأخذوا منها ثلاث قطع بمن فيها من الرجال، وما فيها من الأموال والسلاح.
ففرح المسلمون بذلك واستبشروا به، وقويت نفوسهم واستطالوا على عدوهم.
وهذا كله يجرى ورسل الفرنج مترددة بينهم في تقرير قواعد الصلح، وبذل المسلمون لهم البيت المقدس، وعسقلان، وطبرية واللاذقية وجبله، وجميع ما فتحه السلطان الملك الناصر صلاح الدين من الساحل ما عدا الكرك والشوبك ليسلموا دمياط ويرحلوا عن الديار المصرية. فلم يرضوا بذلك وطلبوا ثلثمائة ألف دينار عوضا عن الأسوار التي خربت بالقدس ليعمروه بها. وقالوا لابد من تسليم الكرك والشوبك إليهم، فلم يتم بينهم أمر، واضطر المسلمون إلى قتالهم ومصابرتهم لما يريده الله تعالى من النصرة عليهم، وسلامة القدس والبلاد الساحلية منهم (2).
(1) في نسخة م «وقاتلوا» والصيغة المثبتة من س.
(2)
انظر أيضا عن قواعد الصلح الذى لم يتم، ابن ايبك الدوادارى، (الدر المطلوب، ورقة 153 - 154)؛ ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 329، حوادث 614)؛ أبو الفدا (المختصر، ج 3، ص 129)؛ المقريزى (السلوك، ج 1، ص 206 - 207).