الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونزل الملك الأشرف بخيمة قبلى المقام وشرقيه بالقرب من قرنبيا (1). وجمع الملك العزيز أهل البلد من الأكابر والأمراء والمعممين ودخلوا الخيمة في خدمة الملك العزيز، ومد السماط للناس فأكلوا. فلما رفع السماط وخرج الناس أحضرت الخلع الكاملية وأفيضت على الملك العزيز، ووقف الملك الأشرف في خدمته، ثم أحضر له المركوب فركبه، وحمل الملك الأشرف الغاشية بين يديه حتى خرج من الخيمة وركب إلى القلعة. وأقام الملك الأشرف بحلب عشرة أيام، واتفق رأيه مع الأمراء على إخراب قلعة اللاذقية، فسار العسكر إليها فخربوها، ثم توجه الملك الأشرف إلى حران.
ذكر الحرب بين عسكر خلاط والكرج
[كان (2) صاحب سرمارى (3) في طاعة الملك المظفر شهاب الدين صاحب خلاط. وكنا ذكرنا تمليك الأشرف [موسى بن العادل (4)] أخاه الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملك العادل [112 ب] خلاط وبلادها وميافارقين (5)، وكان قد جعله ولى عهده. فقدم في هذه السنة صاحب سرمارى على الملك المظفر شهاب الدين. وكان صاحب سرمارى لما توجه إلى خدمة الملك
(1) في الأصل «فرنبيا» وبدون تنقيط في س والصيغة المثبتة من ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3، ص 194. وعرف سامى الدهان هذه القرية بقوله أنها «مشهد تره بين قرية النيرب وحلب قيل انه محرف عن مقر الأنبياء».
(2)
ورد ما بين الحاصرتين مختصرا قليلا في نسخة س مع بعض التقديم والتأخير، انظر أيضا، ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 414 حوادث سنة 620.
(3)
ذكر ياقوت (معجم البلدان) أن سرمارى قلعة عظيمة وولاية واسعة بين تفليس وخلاط وأن بينها وبين بخارا قرية تسمى سرمارى أيضا.
(4)
اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(5)
انظر ما سبق ص 89 وما بعدها.
المظفر استخلف] بها أميرا من أمرائه، فجمع ذلك الأمير جمعا [كثيرا (1)] وسار إلى [بلاد (2)] الكرج، ونهب عدة قرى وعاد. فجمع صاحب دوين (3)، وهو من أكبر أمراء الكرج، عسكرا، وسار إلى سرمارى، فحصرها أياما ونهب بلادها [وسوادها (4)] ورجع.
ولما بلغ ذلك صاحب سرمارى عاد إليها، فوصل إليها في اليوم الذى رجع فيه الكرج عنها، فأخذ عسكرا وتبع الكرج، فأوقع بساقتهم فقتل منهم وغنم، واستنقذ منهم بعض ما أخذوه من الغنائم [ورجع (5)]. ثم جمع صاحب دوين جمعا كثيرا من الكرج وسار إلى سرمارى ليحصرها، فوصل الخبر بذلك إلى صاحبها فحصّنها وجمع ما يحتاج إليه من الذخائر. وأتاه من أخبره أن الكرج بواد ضيق، فسار بجميع عسكره وفرقه فرقتين: فرقة في أعلى الوادى وفرقة في أسفله، ثم حملوا على الكرج وهم غافلون، ووضعوا السيف فيهم، فقتلوا وأسروا خلقا [كثيرا (6)]. وكان في جملة الأسرى صاحب دوين نفسه في جماعة من مقدمى جنده. وسلم من هرب منهم في أسوأ حال.
ولما بلغ ذلك ملك الكرج أرسل إلى الملك الأشرف [موسى بن العادل، صاحب ديار الجزيرة، وهو الذى أعطى خلاط وأعمالها الأمير شهاب الدين (7)]
(1) اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
دوين بلدة من نواحى أران في آخر حدود أذربيجان بقرب تفليس. (انظر ياقوت، معجم البلدان)، وذكر ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 414) أن صاحب دوين في هذه السنة اسمه شلوة.
(4)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س ومن ابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(5)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(6)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(7)
اضيف ما بين الحاصرتين من ابن الأثير، نفس المرجع والجزء، ص 415 وهو مصدر ابن واصل.
يقول له: «كنا نظن أننا صلح، والآن فقد عمل صاحب سرمارى هذا العمل، فان كنا على الصلح فنريد إطلاق أصحابنا من الأسر، وإن كان الصلح قد انفسخ [بيننا (1)] فتعرفونا (2) ذلك حتى ندبر أمرنا» . فأرسل الملك الأشرف إلى صاحب سرمارى يأمره (3) بإطلاق الأسرى، وتجديد الصلح مع الكرج. ففعل ذلك، وأطلق الأسرى واستقرت قاعدة الصلح.
ذكر ما تجدد ببلاد العجم (4) في هذه السنة
كنا قد ذكرنا (5) ملك التتر لبلاد العجم وما فعلوه فيها من السفك والنهب، وما جرى بينهم وبين السلطان جلال الدين منكبرتى بن السلطان علاء الدين محمد ابن تكش وتوجهه إلى بلاد الهند هربا منهم لما اختلف عليه عسكره [113 ا].
وكان قد ملّك أخاه غياث الدين بن علاء الدين كرمان، فلما توجه جلال الدين إلى الهند تغلب غياث الدين على الرى واصفهان وهمذان وغير ذلك من عراق العجم وهى البلاد المعروفة ببلاد الجبل.
وكان مع غياث الدين في خدمته خاله إيغان طايسى (6)، وهو أكبر أمير معه، لا يصدر [غياث الدين (7)] إلا عن رأيه والحكم إليه في جميع المملكة. فلما
(1) اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح من ابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(2)
في نسخة م «فتعرفوننا» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(3)
في نسخة م «فأمره» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير، ج 12 ص 415.
(4)
في نسخة م «بالعجم» والصيغة المثبتة من س.
(5)
انظر ما سبق، ص 61 وما بعدها.
(6)
في نسخة م «الغان طايشى» ، وفى نسخة س «ايغان طاسى» وفى ابى الفدا (المختصر، ج 3، ص 133)«يعيان طابسى» ، وفى ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 415)«إيغان طائيسى» وقد ورد الاسم «يغان طايسى» في كتاب النسوى، سيرة السلطان جلال الدين منكبرتى، ص 144 - 149، 190، 193 - 194، 198، 237.
(7)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
عظم شأنه حدثته نفسه بالإستيلاء على الملك، وحسن له ذلك غيره وأطمعه فيه. وقد ذكر أن الخليفة الناصر لدين الله أقطعه البلاد سرا، وأمره بذلك، فقويت نفسه على الخلاف واستفسد جماعة من العسكر واستمالهم إليه. فلما تم أمره أظهر الخلاف على غياث الدين بن خوارزم شاه، وخرج عن طاعته، وقصد بلاد أذربيجان وبها مملوك من مماليك مظفر الدين أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وأران، يقال له بغدى، قد عصى على أستاذه أزبك وصار يفسد في البلاد، ويقطع الطريق، وينهب القرى. وانضاف إليه جمع كثير من المفسدين ومعه مملوك آخر يقال له أيبك الساقى (1) قد وافقه على الفساد والعصيان، فاجتمع إيغان طايسى خال غياث الدين بهما، [واتفقوا (2)] وساروا جميعا إلى غياث الدين بن خوارزم شاه ليقاتلوه، ويملكوا البلاد ويخرجوه منها. فجمع غياث الدين عسكره والتقوا [واقتتلوا قتالا شديدا (3)]، فانهزم ايغان طايسى ومن معه وقتل من عسكره وأسر خلق كثير. وعاد المنهزمون إلى أذربيجان على أقبح حال، وأقام غياث الدين في بلاده التي بيده.
وعم الجراد في هذه السنة أكثر البلاد فأهلك كثيرا من الغلات والخضروات بالعراق والجزيرة وديار بكر والشام.
(1) كذا في نسختى المخطوطة وورد الاسم في ابن الاثير، الكامل، ج 12، ص 416 «أيبك الشامى» .
(2)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.