الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورمى بنفسه من قاعتها فمات لوقته (1). وعاش الملك الأمجد رحمه الله إلى الليل ثم توفى ودفن في مدرسة والده التي على الشرق بظاهر دمشق. فكانت مدة ملكه لبعلبك نحو تسع وأربعين سنة لأنه ملّكه إياها (2) عم أبيه السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب لما مات أبوه عز الدين فرخشاه [بن شاهنشاه بن أيوب (3)] سنة ثمان وسبعين وخمس مائة. واستمر مالكا لها إلى أن انتزعت منه هذه السنة - أعنى سنة سبع وعشرين وستمائة، فذلك خمسون سنة إلا سنة. [وكان بين أخذ بعلبك منه وبين مقتله مدة يسيرة مقدارها خمسة أشهر (4)].
ذكر سيرته رحمه الله
كان [الملك الأمجد (5)] ملكا جليلا، فاضلا متأدبا، يحب العلماء والفضلاء والشعراء وأهل الأدب، ويجيزهم بالجوائز الكثيرة. وكان يقول الشعر الجيد البديع الذى يضاهى به شعر شعراء عصره المجيدين. [وله ديوان شعر مشهور، ويعنى بشىء من شعره](6). ولم يكن في بنى أيوب أشعر منه (7)، وبعده الملك الناصر
(1) ذكر سبط ابن الجوزى (مرآة الجنان، ج 8 ص 441 - 442) معلومات هامة عن حادث مقتل الأمجد واستهل ذلك بقوله: «ذكر لى جماعة أنه سرقت له حياصة لها قيمة. .» .
(2)
في نسخة س «أيام» .
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س.
(7)
ذكر ابن شاكر الكتبى في ترجمته للملك الأمجد أنه «كان أديبا فاضلا شاعرا، له ديوان شعر موجود بأيدى الناس» انظر فوات الوفيات (تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد)، ج 1 ص 150. وللملك الأمجد ديوان في النسيب والتغزل والحماسة في المكتبة الأهلية بباريس (رقم 3142) وفى ما نشستر (رقم 457) انظر:
Brockelmann، Geschichte der Arabischen Litteratur، I، P. 298، Supp. I، P. 456.
[داود (1)] بن الملك المعظم. [وكان فيهم من يقول الشعردون ذلك؛ منهم الملك المظفر تقى الدين عمر، وتاج الملوك بورى بن أيوب وله ديوان مشهور، والملك المنصور بن الملك المظفر صاحب حماة وله أيضا ديوان، وقد ذكرنا شيئا من شعرهم (2)].
ومن المختار (3) من شعر الملك الأمجد رحمه الله قوله:
حىّ عنى الحمى، وحى المصلى
…
وزمانا بالرقمتين تولى
كان أغلى الأوقات في النفس قدرا
…
فتلاشى زمانه واضمحلا
ثم لما نوى الفريق فراقا
…
نهل الحى من دموعى وعلاّ
مربع الوجد فيه أرسلت دمعى
…
بعد بعد الأحباب وبلا وكلاّ
منزل (4) لم تبق فيه العوادى
…
ودموعى والدهر إلا الأقلا
لست أسلو ما كان فيه من العي
…
ـش وحاشى المحبّ أن يتسلى
ما استحق الفراق نجد فتسلو
…
ـه ولا استأهل الحمى أن يملا
أيها الظاعنون هذى دموعى
…
بعدكم في الرسوم تسقى المحلا
قد وقفنا بها (5) فكل خليل
…
بعزالى دمعه (6) ما أحلاّ
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
ما بين الحاصرتين ورد في قليل من التغيير في غير مكانه في نسخة س، إذ ورد في آخر الحديث عن سيرة الملك الأمجد.
(3)
في نسخة س «مختار» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(4)
في نسخة س «منزلا» ، والصيغة المثبتة من م.
(5)
في نسخة س «فيها» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(6)
في نسخة س «بغزالى» وهو تصحيف، والصيغة المثبته من نسخة م؛ والعزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الأسفل، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج 13، ص 470.
وتذكرت من سنا الوصل نورا
…
زال عنى في الحال حين تجلى
فهو مثل الشباب ما زار إلا (1)
…
قيل سارت أظعانه واستقلاّ
أيها الهاجرون قد كان صبرى
…
صارما (2) قبل هجركم لم (3) يفلاّ
أتراكم ترضون بالهجر حقا
…
للمحبّ (4) المشوق، حاشى وكلا؟
أم تقيلونه العثار امتنانا
…
منكم في الغرام إن كان زلا
إن تراخى عن الغرام أناس
…
وتخلوا عنه فما نتخلا
كيف أنسى أيام وصل تقضّت
…
بكم والزمان منها محلا
هل إلى ذلك الزمان سبيل
…
وضلال أن يقتضى الشوق «هلاّ»
إن تقينى فإن حزنى مقيم
…
صار إلبا علي مذ صار كلا (5)
أين طي الأراك طابا جميعا
…
بين روض العقيق طيبا وظلا
لى إليه تطلع وحنين (6)
…
حيثما سار في البلاد وحلا
بان عنى وكنت وهو قريب
…
ذا سرور به وقدحى المعلا
فاسألاه عن هجر مثلى اعتداء
…
بعد ذاك (7) الوصال كيف استحلا
يا فؤادى، وكيف أدعو فؤادا
…
يوم بين الخليط هام وضلا
لست أرضى له الدناءة خدنا
…
فعلام ارتضى لى الوجد (8) خلا
(1) في نسخة س «مازال حتى» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(2)
في نسخة س «صارم» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(3)
في نسخة م «لن» ، والصيغة المثبتة من نسخة س.
(4)
في نسخة س «لمجب» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(5)
هذا البيت من نسخة س وساقط في م.
(6)
في نسخة س «وحنينا» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(7)
في نسخة س «ذلك» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(8)
في نسخة س «للوجد» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م.
وبريق قد بات يلمع وهنا
…
كالحسام الصقيل - في الروع - سلاّ
بت والبرق لا أمل دموعى
…
عند إيماضه، ولا البرق ملا
مستهاما (1) ألقى الغرام بجسم
…
منذ أبلاه هجركم ما أبلا
ذا غليل من حرقة البين والهج
…
ـر بغير اقترابكم لن (2) يبلا
أيها الناظمون هذا قريضى
…
دق في صنعة القريض وجلا
يتمشى على السماك افتخارا
…
ثم يضحى منه عليكم مطلا
وبغيض إلى من ليس يدرى
…
صنعة الشعر أن يكون مذلا
بقريض إذا كسى الشعر عزّا
…
قائليه (3)، كساه هونا وذلك
ما يسمى في حلبة الشعر يوما
…
سابقا لا، ولا استخف (4) فضلا (5)
ومن شعره المختار قوله:
حالى غدا عاطلا من وصلك الحالى
…
فكم أغالط عن ذا الهجر آمالى
كتمته فوشت بى وهى جاهلة
…
مدامع أرخصت من سرّى الغالى
يا جيرة الحىّ اشمتم بهجركم
…
قبل التفرق لوامى وعذالى
أبكى على مربع من بعد بينكم
…
عاف، وجسم على أطلالكم بال
بأدمع لم يزل في الوجد صيّبها
…
وقفا على جيرة تنأى وأطلال
وزّعته بين هجر أو أليم نوى
…
ما بين ساكب تهماع وتهمال
في أربع حكمت أيدى النوى عبثا
…
فيها، بما لا جرى منى على بال
(1) في نسخة س «مستهام» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(2)
في نسخة س «لم» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(3)
في نسخة س «قابلته» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(4)
في نسخة م «ولا استحث» ، والصيغة المثبتة من نسخة س.
(5)
هنا ينقطع النص في نسخة س، وسوف يشار إلى نهاية الجزء الساقط.
باهل يردّ زمانا بان مذهبه
…
بكاى في رسم دار غير مخلال
وقفت فيها فلم ألمح وقد درست
…
سوى رسوم كبرد الصبر أسمال
يا منحنى الجزع لى قلب يطالبنى
…
بما تقضّى لنا في عصرك الخال
من حسن ألفة أحباب ومجتمع
…
وطيب أوقات أعصار وآصال
تلك المنازل أبكتنا حمائمها
…
وقد تغنين فوق الطلح والضال
أجرين بالنوح دمعى في ملاعبها
…
فنحن ما بين تغريد وإعوال
منازل درستها الريح سافية
…
والقطر ما بين منهلّ ومنهال
يا ريم رامة قد أمسيت تسلمنى
…
إلى الممضّين: نسيانى وإغفالى
قلبى وجسمى هماما قد عرفتهما
…
في النائبات لأوجاع وأوجال
لا تبعدّن بكم في الحب من نغص
…
ومن ملام، ومن قيل، ومن قال
ومنها
يا طالب الشعر تعييه مذاهبه
…
فتنثنى منه في ضيق وإشكال
خذها، فكم من فنون في طرائفها
…
فيها ومن حكم تسرى وأمثال
ومن شعره:
هل بعد ذا كلف بكم وغرام
…
جسد يذوب وعبرة وسقام
وحمامة تدعو الهديل وطالما
…
جلب الحنين حمامة وحمام
هتفت، وكم شاقتك فوق غصونها
…
ورق تجاوب والعيون نيام
فسهرت من دون الرفاق لنوحها
…
ولبارق بالرقمتين يشام
أمسى يلوح ولى فؤاد خافق
…
بوميضه، دون القلوب يضام
رحل الأحبة عن زرود (1) وخلفوا
…
مضنى تكنفه أسى وهيام
ومتى خلا ربع الهوى من أهله
…
فكرى الجفون على الجفون حرام
من مبلغ خبرا بنا بطويلع (2)
…
أنّى سهرت من الغرم وناموا
قوم إذا ذكروا طربت صبابة
…
فكّأنما دارت علىّ مدام
بانوا، وقد كانوا علىّ أعزة
…
وهم وإن بانوا علىّ كرام
أهوى رجوع الراحلين وطالما
…
كذبت أمانىّ، وعزّ مرام
ومن شعره في الخال:
يا أيها البدر الذى ريقه
…
خمر له فيه جريال
خدك أضحى كالشقيق الذى
…
له على وجنته خال
ومن شعره فيه أيضا:
وبدر تمّ يحاكى ريق مبسمه
…
[خمرا (3)] سقيت بها من فيه جريالا
لو لم يكن خدّه مثل الشقيق لما
…
كان السواد الذى تحتلّه خالا
ومن شعره:
قد أورثت خاطر المشتاق نوم نأت
…
سعاد عن أثلات المنحنى ولها
لا تحسب الصب مذ زمّت أيانقها
…
إلى العقيق تناسى عهدها ولها
قلبى وإن كنت لا أفك أعتبه
…
قد صار طوعا وكرها ملكها ولها
(1) زرود رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة، وذكر ياقوت (معجم البلدان) أنه يجوز أن هذا الاسم مأخوذ من قولهم «جمل زرود» أي بلوع، ولعلها سميت بذلك لابتلاعها المياه التي تمطرها السحائب.
(2)
طويلع اسم لأماكن كثيرة منها هضبه بمكة عليها بيوت ومساكن لأهلها، انظر ياقوت، معجم البلدان.
(3)
ما بين الحاصرتين مذكور في الهامش.
لو شاء قصّر من أيام كاظمة (1)
…
بالوصل من كان بالهجران طولها
فليت آخر أيام الحمى بهم
…
كانت على غرّة الواشين أولها
ومن شعره:
ومصفر أوراق الغصون وخضرها
…
لعينيك في فصل الخريف تروق
فذا ذهب فيها وذاك زبرجد
…
جلته لكاسات المدام بروق
بروق رحيق في الزجاجات لمع
…
لدى الشرب لا يخشى لهن حريق
معتقة من بات يعمل كاسها
…
فذاك من الهمّ الطويل عتيق
ومن شعره جوابا لكتاب ورد إليه:
كتابك كالروض الذى فاح نشره
…
وفاضت به الغدران وابتسم الزّهر
ففى كل سمع منه شنف مرصعّ
…
وفى كل قطر من تأرّجه عطر
فلله ما تحوى السطور التي به
…
كأن رياض الحزن ما قد حوى السطر (2)
ومدح الملك الأمجد جماعة من الشعراء ممن وفد إليه وقصده، ومنهم من لازمه وأقام عنده، وممن مدحه من الوافدين (3) شرف الدين بن عنين، ومدح شعره [وأثنى عليه] (4) بقصيدة مطلعها:
عجبت للطيف يالمياء حين سرى (5)
…
نحوى وما جال في عينى لذيذ كرى
(1) مكان إلى جانب البحر في طريق البحرين، بينها وبين البصره مرحلتان، انظر ياقوت معجم البلدان.
(2)
نهاية الجزء الساقط من نسخة س، انظر ما سبق ص 288 حاشية 5.
(3)
في نسخة س «الواردين» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(4)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س.
(5)
في نسخة م «كيف» وفى نسخة س «حين كيف» والصيغة المثبتة من ديوان ابن عنين ص 55.
وكيف ترقد عين طول ليلتها
…
تدافع المقلتين (1) الدمع والسهرا
[ومنها في المخلص إلى المدح (2)]:
وليلة مثل موج البحر بتّ بها (3)
…
أكابد المزعجين: الخوف والخطرا
حتى وقفت (4) بآمالى على (5) ملك
…
لو رام ماضى أمس كان قد قدرا (6)
فأصبح الدهر مما كان أسلفه
…
إلىّ في سالف الأيام معتذرا
يذود (7) عنى الرزايا حين أبصرنى
…
بعزة الأمجد السلطان منتصرا
أعز ما نزعت عنه تمائمه
…
حتى تردّى رداء الملك واتّزرا (8)
من آل أيوب أغنتنا عوارفه
…
في كالح الجدب أن نستنزل المطرا
ثبت الجنان له حلم يوقره
…
إن خامر الطيش ركنى يذبل وحرا (9)
ومنها في وصف شعر الملك الأمجد رحمه الله:
لما تخيرنى أروى قصائده
…
مضيت قدما وخلّفت الرواة ورا
فاعجب لبحر غدا في رأس شاهقة
…
من العواصم طام يقذف الدررا
(1) كذا في نسختى المخطوطة بينما في ديوان ابن عنين، ص 55 وردت كلمة «المقلقين» .
(2)
ورد بدلها في نسخة س «ومنها يقول» .
(3)
كذا في نسخة م وكذلك في الديوان، وفى نسخة س «لها» .
(4)
كذا في نسختى المخطوطة، وفى الديوان، ص 56 «وردت» .
(5)
كذا في نسختى المخطوطة، وفى الديوان «إلى» .
(6)
كذا في نسختى المخطوطة وورد الشطر الثانى في الديوان كما يلى: «لو رام ردا لماضى أمسه قدرا» .
(7)
كذا في نسختى المخطوطة وفى الديوان «وذاد» .
(8)
ورد هذا البيت بعد البيت التالى في نسخة م، بينما ورد الترتيب المثبت في نسخة س وكذلك في الديوان.
(9)
يذبل جبل في نجد، وحراء جبل في مكة، انظر ياقوت (معجم البلدان).
شعر سمت باسمه (1) الشعرى لشركتها
…
فيه فباتت تباهى (2) الشمس والقمرا
سحر ولكنّ هاروتا وصاحبه
…
ماروت ما نهيا فيه ولا أمرا
كم قمت في مجلس السادات أنشده
…
فلم يكن لحسود في علاه مرا
عجبت من معشر كيف ادّعو اسفها
…
من بعد ما سمعوه أنهم شعرا
أنا الذى سار في الدنيا له مثل
…
أهديت من سفه (3) تمرا إلى هجرا (4)
والشعر صيد فهذا جل طاقته
…
حرش الضباب وهذا يقتل البقرا (5)
وليس مستنزل الأوعال من يفع
…
كمن أتى نفق اليربوع فاحتفرا
وإن من شارف التسعين (6) في شغل
…
عن القوافى جدير أن يقول هرا
وممن لازم خدمة الملك الأمجد من الفضلاء وأقام عنده زمانا الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن، وله فيه قصائد حسان مذكورة في ديوانه، وهى مشهورة. ووفد إليه [أيضا (7)] ولازمه مدة الشيخ مهذب الدين أبو سعد النحوى الضرير، وكان فاضلا في العربية وله فيها تصانيف مشهورة.
(1) في نسختى المخطوطة «ثمت به» والصيغة المثبتة من ديوان ابن عنين، ص 57.
(2)
كذا في نسختى المخطوطة، وفى الديوان ورد الفعل «فقامت» .
(3)
في نسخة س «سعه» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م ومن الديوان، ص 58.
(4)
هجر: المقصود بها بلاد البحرين وهى كثيرة التمور؛ انظر أبو الفدا، تقويم البلدان ص 99؛ ياقوت، معجم البلدان؛ ابن عبد الحق، مراصد الاطلاع، ج 3، ص 145.
(5)
كذا في نسختى المخطوطة، وفى الديوان ورد آخر البيت «وهذا صائد بقرا» .
(6)
في نسخة م «السبعين» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ديوان ابن عنين، ص 58.
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
ذكر إستيلاء جلال الدين [بن علاء الدين](1)
خوارزم شاه على خلاط (2)
قد ذكرنا منازلة جلال الدين خلاط في السنة الماضية (3). ولم يزل مجدا في حصارها وقاتله أهل البلد قتالا كثيرا [لما يعلمون من سوء سيرته (4)].
وأسرفوا في شتمه على الأسوار وسبه والوقيعة فيه. وأخذه اللجاج في قتالهم، ودخل الشتاء ووقع الثلج فلم يرحل عنهم. وأقام جميع الشتاء محاصرا لهم ومضايقا. وفرق كثيرا من عساكره في البلاد والقرى القريبة من شدة البرد وكثرة الثلج، فإن خلاط من أشد البلاد بردا، وأكثرها ثلجا.
وأبان جلال الدين عن عزم قوى، وصبر شديد تتحير العقول فيه (5)، ونصب عليها عدة مجانيق، وواتر رمى الحجارة عليها (6) حتى خرب بعض أسوارها. وكان أهل البلد كلما خرب شيئا من السور أعادوه. ولم يزل مصابرهم ومضايقهم إلى أواخر جمادى الأولى من هذه السنة - أعنى سنة
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
انظر لتفصيل ذلك، النسوى، سيرة السلطان جلال الدين منكبرتى، ص 320 - 327؛ ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 487 - 488؛ سبط ابن الجوزى، مرآة الزمان، ج 8، ص 436؛ ابن ايبك، الدر المطلوب ورقة 242 - 243؛ ابن العديم، زبدة الحلب، ج 3 ص ص 208.
(3)
انظر ما سبق ص 280 - 281.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(5)
في نسخة س «تحير العقول فيه» وفى ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 487 حوادث 626)«تحار العقول منه» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(6)
في نسخة م «وأثر رمى الحجارة اليها» ، وفى ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 488)«ولم يزل يرميها بالحجارة» والصيغة المثبتة من نسخة س.
سبع وعشرين وستمائة (1) -[159 ا] فزحف يوم الأحد الثامن والعشرين من جمادى الأولى، ففتح له باب المدينة أمير من الأمراء كان موكلا به. فدخل جلال الدين البلد بعسكره، ووضع السيف في أهله، وفعل في ذلك فعل التتر؛ فقتل كل من وجد في البلد، وكانوا قد قلوا، فبعضهم كان فارق خوفا بعد الحصار الأول، وبعضهم مات في البلد جوعا (2)، وبعضهم صعد إلى القلعة مع من صعد إليها من الأمراء والأجناد. وكانت الأقوات قد قلت بل عدمت بخلاط، حتى أكل أهلها البغال والحمير والكلاب والسنانير (3). وكانوا يصطادون الفار ويأكلونه، وصبروا صبرا لم يصبرها محاصر (4) خوفا من جلال الدين وما يعرفونه [منه من إقدامه على (5)] سفك الدماء.
ولما فتحت سبى عسكره بها الحريم، وباعوا الأولاد كما يفعل بالكفرة، ونهبت الأموال، وجرى منه نظير ما جرى من التتر. فلا جرم أن الله سبحانه (6) عاقبه ببغيه ولم يمهله، وقلع شأفته [بكسر السلطان الملك الأشرف له أولا،
(1) كذا في نسختى المخطوطة وكذلك في ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 488) وابن العديم (زبدة الحلب، ج 3 ص 208) بينما ذكر النسوى (سيرة السلطان جلال الدين منكبرتى، ص 320) أن استيلاء جلال الدين على مدينة خلاط كان «في أواخر سنة ست وعشرين وستمائة» .
(2)
في نسخة س «خوفا» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(3)
ذكر النسوى (سيرة السلطان جلال الدين، ص 320) عند ذكر ملك السلطان خلاط «وتلفت الأنفس بالغلاء، واقتسمت بأيدى البوار، وأكلت بها الكلاب والسنانير، وذلت الدراهم والدنانير، فصارت خلاط كلا لمن يأخذها، ووبالا على من يملكها» .
(4)
في نسخة س «وأضروا ضرارا لم يضره محاصر» وفى ابن الأثير (نفس المرجع والجزء والصفحة)«وصبروا صبرا لم يلحقهم فيه أحد» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وورد مكانها في نسخة م «من» .
(6)
في نسخة س «تعالى» والصيغة المثبة من نسخة م.
وكبس التتر لعسكره ثانيا، وهلاكه ودماره ببلد ميافارقين ثالثا، على ما سنذكره ذلك كله في موضعه إن شاء الله تعالى (1)]. ومع هذا فكان في هلاكه وتدميره بوار الإسلام (2) بيد التتر؛ فإنه كان - بعد موت والده [علاء الدين خوارزم شاه (3)] وما جرى من التتر في إخراب (4) البلاد وقتل أهلها، وهرب جلال الدين إلى الهند - قد عاد كما ذكرنا وقوى أمره واستفحل، وملك كرمان وعراق العجم وأذربيجان وأران. وصارت معه عساكر عظيمة.
فلو أحسن السيرة وعدل، ولم يسفك الدماء، [وصالح سلطان الروم علاء الدين والملك الأشرف وغيرهما من المجاورين والخليفة، واعتضد بالجميع، لكان مع تقدير الله تعالى (5)]، قاوم (6) التتر، وكان هو وعساكره سدا بيننا وبينهم لكنه أساء (7) السيرة، وظلم وعادى (8) مجاوريه من الملوك، وعاملهم بالغدر والبغى (9)، [وشره إلى ما في أيديهم (10)] فأدى ذلك إلى هلاكه وهلاك عساكره (11) واستيلاء التتر على البلاد (12). وإذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه. ولما ملك
(1) ما بين الحاصرتين ساقط في نسخة س ومثبت في نسخة م.
(2)
في نسخة س «المسلمين» .
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
في نسخة س «خراب» .
(5)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في نسخة م.
(6)
في نسخة س «لصادم» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(7)
في نسخة س «ولكنه» .
(8)
في نسخة س «وعادا» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م.
(9)
في نسخة س «والسعى» .
(10)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في نسخة م.
(11)
في نسخة س «عسكره» والصيغة المثبتة من م.
(12)
في نسخة س «فأعقب ذلك خروج التتر واستيلاؤهم على البلاد» والصيغة المثبته من نسخة م.
جلال الدين مدينة خلاط نازل قلعة خلاط ثم طلبوا منه الأمان فأمنهم وتسلم القلعة (1). وقبض على الملك المعز مجير الدين يعقوب بن [السلطان (2)] الملك العادل [159 ب] ثم أطلقه بعد ذلك ومضى إلى أخيه الملك الأشرف.
وقبض أيضا على [الأمير (3)] عز الدين أيبك [نائب الملك الأشرف ثم (4)] قتله (5).
[وكانت زوجته بخلاط - كما تقدم ذكرها - فماتت في الحصار فطلبها فقيل له إنها قد توفيت، وكان ذلك سعادة لها لأنها عملت في حقه ما قد تقدم ذكره (6)].
[ذكر كسرة السلطان جلال الدين منكبرتى ابن علاء الدين (7)] بن خوارزم شاه (8)
كنا قد ذكرنا أن مظفر الدين بن زين الدين كان موافقا في الباطن لجلال الدين مع الملك المعظم صاحب دمشق. ولما مات الملك المعظم استمر مظفر الدين على موافقة جلال الدين وكذلك أيضا كان الملك المسعود
(1) ورد بدل هذه الجملة في نسخة س «ثم أخذ القلعة التي لأخلاط بالأمان واستحضر من فيها لما تسلمها» .
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س ومثبت في نسخة م.
(5)
في نسخة س «فقتله» .
(6)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة م ومثبت في نسخة س.
(7)
ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة م ومثبت في نسخة س.
(8)
عبارات هذا الخبر مضطربة في نسخة س (ورقة 266 ا - ب) وبها كثير من التقديم والتأخير والحذف والإضافة مما أدى إلى اضطراب المعنى. وسوف يشير المحقق إلى الإضافات المأخوذة من نسخة س والتي تزيد المعنى وضوحا بعد الرجوع إلى المؤلفات التاريخية الأخرى. عن هزيمة جلال الدين على يد كيقباذ والأشرف، انظر النسوى، سيرة السلطان جلال الدين، ص 329 - 332؛ ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 489 - 490؛ ابن العديم، زبدة العديم، زبدة الحلب، ج 3 ص 209.
ابن الملك الصالح الأرتقى صاحب آمد موافقا له. وكان صاحب أرزن الروم - وهو ابن عم السلطان علاء الدين كيقباذ [بن كيخسرو بن قلج أرسلان السلجوقى (1)] صاحب [بلاد](2) الروم - معاديا لابن عمه علاء الدين، فانتمى إلى جلال الدين ودخل في طاعته، وحضر معه حصار خلاط وفتحها. فخاف علاء الدين من جلال الدين أن يقصد بلاد الروم ويأخذها منه، ويملك بعضها لابن عمه، فاستنجد علاء الدين بالسلطان الملك الكامل والملك الأشرف على جلال الدين. فجمع الملك الأشرف عساكر الشام والجزيرة وسار بنفسه إلى سيواس، واجتمع بالسلطان علاء الدين كيقباذ وسارا معا إلى خلاط، ولم يكن جلال الدين استولى على شىء من معاقلها. وكان مع الملك الأشرف خمسة آلاف فارس (3) بعضهم عسكر دمشق وعسكر الجزيرة، وبعضهم عسكر حمص ومقدمهم الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه نجدة للملك الأشرف وبعضهم من عسكر الملك المظفر صاحب حماة، وبعضهم من عسكر حلب ومقدمهم الأمير عز الدين بن مجلى. وكان مع السلطان علاء الدين سلطان الروم نحو عشرين ألفا إلا أنهم لم يكونوا في قوة العسكر الذين مع الملك الأشرف؛ فإنهم كانوا في غاية التجمل بالسلاح الكثير والدواب الفارهة والأبهة العظيمة، وكانوا نقاوة العسكر الشامى والجزرى وجياده.
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
في نسخة س «وكان مبلغ عسكر السلطان الملك الأشرف ثمان آلاف فارس من العساكر الجيدة الشجعان» والصيغة المثبتة من نسخة م وكذلك من ابن الأثير (الكامل ج 12 ص 490).
ولما سمع السلطان جلال الدين باجتماع العساكر مع الملك الأشرف وعلاء الدين، وتصميم العزم على لقائه، وضرب المصاف معه سار مجدا ليلقاهم فوصل إليهم ولقيهم بناحية أرزنكان (1). واصطفت العساكر للقتال.
فلما رأى جلال الدين [160 ا] قوة العسكر الذين مع الملك الأشرف وتجملهم وفراهة دوابهم وحسن سلاحهم وقوتهم بهت وملىء منهم رعبا. ثم وقع القتال بينهم، فلم يلبث (2) جلال الدين أن ولى منهزما لا يلوى على شىء، وتفرقت عساكره وتمزقت، وهلك منهم خلق كثير قتلا وترديا من رءوس الجبال التي كانت في طريقهم. وصادفوا شقيقا (3) فوقع فيه أكثر الخوارزمية فهلكوا.
واسترجع الملك الأشرف خلاط وقد صارت خرابا يبابا (4). ودخل جلال الدين بلاد أذربيجان وقد قل جمعه وضعف ركنه، وبلغ التتر ذلك فقصدوه. وكان من بواره وهلاكه بوار الإسلام بتلك البلاد وغيرها، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. وكانت هذه الكسرة في اليوم التاسع
(1) أرزنكان أو أرزنجان من بلاد أرمينيا، ذكر ياقوت (معجم البلدان) أنها كانت بين بلاد الروم وخلاط، قريبة من أرزن الروم، وغالب أهلها أرمن وفيها مسلمون.
(2)
في نسخة س «فلم يثبت جلال الدين بل ولى منهزما لا يلوى على شئ» ، والصيغة المثبتة من نسخة م.
(3)
كذا في المخطوطة بينما ورد في النسوى (سيرة السلطان جلال الدين، ص 331)«ووقع خلق منهم في شقيف متهافتين من حر الطلب وركض الأتراك والعرب» وفى ابن العديم (زبدة الحلب، ج 3، ص 209)«وانهزموا، وصادفوا شقيفا في طريقهم فوقع فيه أكثر الخوارزمية فهلكوا» . والشقيقة في اللغة «الأرض بين الجبلين، صلبة يستنقع الماء فيها» انظر أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (معجم مقاييس اللغة، ج 3 ص 172) وفى لسان العرب، ج 12 ص 52 «الشقيقه الفرجة بين الجبلين» .
(4)
يبابا أي خرابا انظر: القاموس المحيط.
والعشرين من شهر رمضان من هذه السنة أعنى سنة سبع وعشرين وستمائة.
وكان مما ساعد على وقوع هذه الكسرة هبوب رياح عاصفة في وجوه عساكره.
ذكر إستيلاء علاء الدين [كيقباذ بن كيخسرو السلجوقى (1)] سلطان الروم على أرزن الروم
ولما جرى ما ذكرنا (2) من هزيمة جلال الدين بن [علاء الدين (3)] خوارزم شاه، وكان معه صاحب أرزن الروم في المصاف، فأخذ أسيرا وأتى به [إلى (4)] ابن عمه علاء الدين [كيقباذ (5)] فقبض عليه وأتى به (6) إلى أرزن الروم فتسلمها [منه (7)] وجميع (8) معاقلها وبلادها، [واعتقل ابن عمه إلى أن مات في اعتقاله (9)].
ذكر وقوع الصلح بين الملك الأشرف وعلاء الدين [كيقباذ (10)]
وبين جلال الدين [بن علاء الدين خوارزم شاه (11)]
ولما رجع جلال الدين إلى بلاد أذربيجان نزل مدينة خوى، وترددت الرسل بينه وبين الملك الأشرف وعلاء الدين سلطان الروم في معنى الصلح.
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
في نسخة س «ما ذكرناه» والصيغة المثبتة من م.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين مثبت في س ومذكور في الهامش في نسخة م.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(6)
في نسخة س «ومضى به» والصيغة المثبتة من م.
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(8)
في نسخة س «وجمع» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(9)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في م. وعلق ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 491) على هذا الحادث بقوله «وهكذا هذا المسكين جاء إلى جلال الدين يطلب الزيادة، فوعده بشىء من بلاد علاء الدين، فأخذ ما له وما بيديه من البلاد وبقى أسيرا، فسبحان من لا يزول ملكه» .
(10)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(11)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
وآخر الأمر أنه وقع الاتفاق بينهم على أن يقتصر كل واحد منهم على ما بيده من البلاد، واستقرت القواعد (1) على ذلك وجرت الأيمان المؤكدة بينهم.
ولما تم ذلك سار الملك الأشرف إلى سنجار فنظر في مصالحها ثم توجه إلى دمشق فأقام بها.
ذكر إستيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازى [بن الملك العادل (2)]
على [مدينة (3)] أرزن من ديار بكر [160 ب]
كان حسام الدين صاحب أرزن من ديار بكر من بيت قديم [عريق في الملك (4)] يقال لهم بيت طغان أرسلان، كان لهم مع أرزن بدليس (5) وغيرها، ويقال لهم بيت الأحدب. [وأرزن (6)] لم تزل بأيديهم من أيام السلطان ملكشاه ابن ألب أرسلان السلجوقى. وكان بكتمر صاحب خلاط قد أخذ بدليس من عم حسام الدين هذا، لموافقته للسلطان (7) الملك الناصر صلاح الدين يوسف
(1) في نسخة م «القاعدة» ، والصيغة المثبتة من نسخة س وكذلك من ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 491).
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س والسطور التالية وردت في غير مكانها في نسخة س مع بعض التغيير.
(5)
بدليس بلدة من نواحى أرمينيه قرب خلاط، ذكر ياقوت (معجم البلدان) أنها كانت «ذات بساتين كثيرة وتفاحها يضرب به المثل في الجودة والكثرة والرخص، ويحمل إلى بلدان كثيرة» .
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(7)
في نسخة م «لموافقته كانت للسلطان» وهو تصحيف وفى نسخة س «لموافقته للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب» وفى ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 492) وردت هذه الجملة «لأنه كان موافقا لصلاح الدين يوسف بن أيوب» .
ابن أيوب. ولم يزل حسام الدين مصاحبا للملك الأشرف ومساعدا (1) له في جميع حروبه، ينفق أمواله في طاعته، ويبذل عساكره وأمواله في مساعدته. ومن جملة موافقته له أنه كان في خلاط - لما حاصرها جلال الدين - ولقى من الشدة والخوف ما لقيه من كان بها. ولما فتحت خلاط أسره جلال الدين فيمن أسر، وأراد أخذ مدينته أرزن منه. فقيل [لجلال الدين (2)] إنه من بيت قديم عريق في الملك، وأن أرزن وصلت إليه من أسلافه مع غيرها من البلاد، فخرج الجميع من أيديهم، فتعطف عليه [جلال الدين (3)] ورق له وأبقى عليه مدينته، وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يقاتله، فعاد إلى بلده وأقام به.
فلما جاء الملك الأشرف وعلاء الدين [صاحب الروم (4)] لمحاربة جلال الدين لم يحضر معهم الحرب وفاء لجلال الدين. ولما انهزم جلال الدين سار إليه (5) الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملك العادل صاحب ميافارقين، فحصره بأرزن وملكها [صلحا (6)]، وعوضه عنها بمدينة حانى من ديار بكر.
وكان هذا حسام الدين حسن السيرة، كريما جوادا، لا يخلو بابه من جماعة يردون إليه، ولكل أمر آخر، فسبحان من لا يزول ملكه.
(1) في نسخة س «ومناصحا» .
(2)
في نسخة م «له» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(5)
أي سار إلى حسام الدين صاحب أرزن.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة س وكذلك من ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 492.