الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
77 أ] ذكر (1) اضطراب العسكر على الملك الكامل وتأخره عن منزلته ونهب الافرنج أثقال المسلمين (2)
ولما بلغ الملك الكامل موت والده، وهو بمنزلته المعروفة بالعادلية في بردمياط (3)، مرابط للفرنج، جلس في العزاء، وعظم عليه موت والده جدا لا سيما في مثل ذلك الوقت الصعب. وخاف أن يتخلى عنه إخوته ولا يطيق دفع الفرنج عن الديار المصرية؛ وفى ملكهم لها بوار الاسلام بالكلية.
ولم يزل الفرنج ملازمين حصار برج السلسلة (4) الذى تقدم ذكره حتى استولوا عليه وملكوه، وقطعوا السلاسل المتصلة لتجوز مراكبهم في بحر النيل ويتمكنوا من البلاد. فنصب الملك الكامل عوض السلاسل جسرا عظيما ليمنع العدو به من سلوك النيل، فقاتلت الفرنج عليه قتالا عظيما حتى قطعوه، فأمر
(1) بقية حوادث سنة خمس عشرة وستمائه.
(2)
اعتمدنا في تحقيق الصفحات التالية على نسخة (م) وحدها لضياع هذه الصفحات من نسخة (س). وقد قورنت هذه الصفحات بما ورد في المراجع التاريخية المعاصرة المعروفة.
(3)
عن قرية العادلية التي أسسها السلطان الملك العادل سنة 614 هـ - 1217 م، انظر ابن واصل، ج 3، ص 260 حاشيه 2؛ حسنين ربيع، النظم المالية في مصر زمن الأيوبيين، ص 69.
(4)
يذكر ابن أيبك الدوادارى (الدر المطلوب، ورقة 142) أن برج السلسلة «كان برجا عاليا بنى في وسط النيل وفى ناحيتيه سلسلة وسلسلة تمتد احداهما على النيل إلى دمياط، وتمتد الأخرى على النيل إلى الجزيرة يمنعا من عبور المراكب إلى بحر النيل من المالح» .
السلطان عند ذلك بتغريق عدة من المراكب في النيل، فمنعت مراكب الفرنج من سلوك النيل.
فلما رأى الفرنج ذلك قصدوا خليجا هنالك يعرف بالأزرق (1) كان النيل يجرى فيه قديما، فحفروه وعمقوه فوق المراكب التي جعلت في النيل، فأجروا الماء فيه إلى البحر المالح وأصعدوا مراكبهم فيه إلى موضع يسمى بوره (2) على أرض [جيزة دمياط (3)] مقابل المنزلة التي بها السلطان ليقاتلوه من هنالك. فلما صاروا في بوره حاربوه وقاتلوه في الماء وزحفوا إليه غير مرة، فلم يظفروا بطائل.
ولم يتغير على أهل دمياط شىء لأن الميرة والامداد متصلة إليهم، والنيل يحجز بينهم وبين الفرنج [77 ب] وأبواب المدينة مفتحة وليس عليها من الحصر ضيق ولا ضرر.
ولما علم العسكر بموت السلطان الملك العادل بالشام حصل عند بعضهم الطمع. وكان في العسكر عماد الدين أحمد بن سيف الدين على بن المشطوب، وكان معظما عظيما في الأكراد الهكارية (4). فاتفق مع جماعة من الجند والأكراد
(1) كان الخليج الأزرق يجرى من بورة إلى شمالى المنزلة العادلية، انظر، المقريزى، السلوك، ج 1 ص 195 حاشية 2.
(2)
كانت بوره حصنا على ساحل البحر من عمل دمياط وهى الآن تعرف باسم كفر البطيخ مركز شربين بمحافظة الغربية، انظر ياقوت (معجم البلدان)؛ رمزى (القاموس الجغرافى، ج 2 قسم 2، ص 78 - 79.)
(3)
في الأصل «الجيزة» وما هنا من المقريزى (الخطط، ج 1، ص 216)، وكانت جيزة دمياط تقع على الشاطىء الغربى للنيل تجاه مدينة دمياط وعرفت بعد ذلك باسم منية سنان الدولة، وتعرف الآن بالسنانية، انظر، ابن الجيعان، التحفة، ص 63؛ رمزى، القاموس، ج 2، قسم 2، ص 77.
(4)
الهكارية، إحدى قبائل الأكراد، عاشوا في أعالى الجزيرة حياة مستقلة في تحصيناتهم الجبلية وسط غيرهم من قبائل الكرد. وحاول أتابك زنكى إخضاعهم واستولى على كثير من تحصيناتهم، انظر ياقوت، معجم البلدان (Macdonald : article «Hakkari،» in E .I، Ist، ed) .