الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه، لما علم من حلف أهلها له وأكابر الدولة، فأذن له في ذلك فسار مسرعا.
فلما وصل إلى الغور، وجد به خاله الملك المعظم، فسأله [خاله (1)] عن سبب مقدمه. فذكر له أن مقصوده التوجه إلى حماه، ليملك بلاد والده. فقال له الملك المعظم «إن أخاك الملك الناصر قد ملكها، وأطاعه أهلها، والملك عقيم (2)، وأخاف عليك منه إن وصلت إلى حماة أن يعتقلك أخوك، والمصلحة أن تتوجه إلى دمشق ولا تتجاوزها، وتكتب إلى أرباب الدولة، وتذكرهم ما حلفوا به لك، فان اتفقوا على مساعدتك وإزالة أخيك من الملك، توجهت حينئذ إلى بلدك» .
فقدم إلى دمشق، ونزل بدار والده المعروفة بابن الزنجيلى (3). وقتل بها رجلا من أصحابه يعرف بابن الفصافصه، ذكر أنه كان يكتم عنه خبر مرض والده حتى مات، وجرى من ملك الملك الناصر ما جرى. وأقام الملك المظفر بدمشق مدة، ولم يتأت له أمر. ثم رجع إلى مصر فأقطعه السلطان الملك الكامل بها إقطاعا. وأقام في خدمته إلى أن جرى من الأمر ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
[100 ا]
ذكر إستيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازى ابن الملك العادل على خلاط وبلادها مع ميافارقين
كان بيد الملك المظفر شهاب الدين غازى من أيام والده السلطان الملك العادل، الرها وسروج. فلما كانت هذه السنة أخذهما منه أخوه الملك
(1) اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
الملك عقيم أي لا ينفع فيه نسب لأنه يقتل في طلبه الأب والولد والأخ والعم، انظر (القاموس المحيط).
(3)
الصيغة المثبتة من نسخة م وكذلك أبو الفدا، ج 3، ص 126؛ وفى نسخة س «بن الزنجارى» .
الأشرف، وأعطاه ميافارقين وحانى، وسلم إليه بلاد خلاط جميعها؛ وهى مملكة عظيمة تضاهى ملك مصر، وجعله ولى عهده في الملك؛ فان الملك الأشرف لم يكن له ولد ذكر. فقدم الملك المظفر شهاب الدين (1) بلاد خلاط في أوائل سنة ثمان عشرة وستمائة.
وكان السبب في تسليم الملك الأشرف هذه البلاد إليه أن التتر لما قصدوا بلاد الكرج، وهزموهم ونهبوا بلادهم، وقتلوا كثيرا من أهلها، أرسل الكرج إلى أزبك بن البهلوان، صاحب بلاد أذربيجان وأرّان، يطلبون منه المهادنة ودفع التتر عن البلاد. وأرسلوا إلى الملك الأشرف في هذا المعنى، وقالوا للجميع «إن لم توافقونا على قتال التتر ودفعهم عن البلاد، وتحضروا بنفوسكم وعساكركم لهذا المهم، وإلا صالحناهم عليكم» . فوصلت رسلهم إلى الملك الأشرف وهو يتجهز للمسير إلى نجدة أخيه السلطان الملك الكامل، ليدفع الفرنج عن الديار المصرية. وكان ذلك عنده أهم الوجوه، لأمور:
أحدها أن الفرنج ملكوا ثغر دمياط، وقد أشرفت الديار المصرية على أن تملك، ولو ملكت لم يبق بالشام ولا غيره معهم ملك لأحد.
وثانيها: أن الفرنج أشد شكيمة من التتر، وطالبوا ملك وإقامة ملة، وإذا ملكوا قرية لا يفارقونها إلا بعد العجز عن حفظها يوما واحدا.
وثالثها: أن الفرنج قد طمعوا في كرسى مملكة البيت الأيوبى؛ وهو مصر. والتتر لم يجاوزوا بلاد العجم، وليس غرضهم إلا النهب والقتل وتخريب البلاد، والإنتقال من بلد إلى آخر.
(1) في نسخة م «الملك الأشرف» والصيغة المثبتة من س، انظر أيضا ابن الأثير (ج 12، ص 398).
فلما وصل إلى الملك الأشرف رسل الكرج بما ذكرنا، اعتذر اليهم بالمسير إلى مصر لدفع الفرنج. وقال لهم:«إننى قد أقطعت مملكة خلاط لأخى، وسيرته إليها ليكون بالقرب منكم، وتركت عنده العساكر، فمتى احتجتم إلى نصرته لدفع التتر حضر معكم، ودفع التتر (1) عنكم» .
[100 ب] وفى هذه السنة توفى نصير الدين ناصر بن مهدى الشريف العلوى، الذى كان وزير الخليفة الناصر لدين الله. وقد ذكرنا أخباره (2).
وفيها توفى الشيخ صدر الدين أبو الحسن محمد بن عمر بن حمويه شيخ الشيوخ بمصر والشام. وكانت وفاته بالموصل، وكان فقيها فاضلا، وصوفيا صالحا من بيت كبير بخراسان. وخلف بنين أربعة تقدموا عند السلطان الملك الكامل، وسنذكر إن شاء الله تعالى بعض أخبارهم، وكان قدم الموصل رسولا من الملك الكامل إلى بدر الدين لؤلؤ صاحبها (3).
(1) استعان ابن واصل كثيرا بما ذكره ابن الأثير عند «ذكر تسليم الأشرف خلاط إلى أخيه شهاب الدين غازى» انظر، كتاب الكامل، ج 12، ص 398 - 399 (حوادث سنة 617).
(2)
انظر ايضا، ابن الأثير، نفس المرجع والجزء، ص 400.
(3)
ينتمى أولاد الشيخ (بنو حمويه) إلى أسرة فارسية متصوفة، وكانوا فقهاء شافعية، هاجر فرع من هذه الأسرة إلى الشام وتمتعوا بنفوذ كبير زمن بنى أيوب الأواخر خاصة السلطان الكامل وأولاده، عن أسرة أولاد الشيخ انظر: Gottschalk، article «Awld al - Shaykh» in EI.