المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خروج التتر في هذه السنة إلى البلاد وما فعلوهمن سفك الدماء والإفساد - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ٤

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌«الْجُزْء الرَّابِع»

- ‌مقدمة [للدكتور سعيد عباس الفاتح عاشور]

- ‌تنويه

- ‌[

- ‌ذكر وصول الملك المعظم إلى العسكر الكاملىّوتقرير قواعد أخيه الملك الكامل

- ‌ذكر حوادث في هذه السنة في الشرق

- ‌ذكر اعتضاد بدر الدين لؤلؤ بالملك الأشرف ودخوله في طاعته

- ‌ودخلت سنة ست عشرة وستمائة

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين بدر الدين لؤلؤ وعماد الدين زنكى بن أرسلانشاه وانهزام عماد الدين

- ‌ذكر وفاة نور الدين بن الملك القاهر وإقامةبدر الدين لؤلؤ أخاه ناصر الدين مقامه

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين بدر الدين لؤلؤ ومظفر الدين صاحب إربل وانهزام بدر الدين

- ‌ذكر ما تجدد لعماد الدين بن المشطوببعد إخراجه من مصر

- ‌ذكر تخريب البيت المقدس

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على ثغر دمياط

- ‌ذكر بناء المنصورة ونزول الملك الكامل بها

- ‌ذكر ظهور التتر واستيلائهم على معظمبلاد المسلمين

- ‌ذكر ما جرى بين جلال الدين خوارزم شاه وبينالتتر من الحروب ثم توجهه إلى بلاد الهند

- ‌ذكر بقية حوادث سنة ست عشرة وستمائة

- ‌ودخلت سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌ذكر خروج ابن المشطوب على الملك الأشرفثم انتصار الملك الأشرف عليه واعتقاله

- ‌ذكر إستيلاء الملك الأشرف على سنجار

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى الموصل واستقرارالصلح مع مظفر الدين [صاحب إربل

- ‌ذكر ما آلت إليه حال عماد الدين بن المشطوب

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماة رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر إستيلاء الملك الناصر بن الملكالمنصور على حماة

- ‌ ذكر إستيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازى ابن الملك العادل على خلاط وبلادها مع ميافارقين

- ‌ذكر مسير الملوك والعساكر الأسلامية إلى مصر نجدة للسلطانالملك الكامل رحمه الله

- ‌ذكر نزول الفرنج في مقابلة السلطان الملكالكامل

- ‌ذكر قدوم الملوك والعساكر الإسلامية إلى مصر

- ‌ذكر فتح دمياط والنصرة على الفرنج

- ‌ودخلت سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌ذكر الحرب بين الترك القفجاق وبين الكرج

- ‌ذكر نهب الكرج مدينة بيلقان

- ‌ذكر المتجددات بالموصل في هذه السنة

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الأشرف إلى الديارالمصريه ومقامه بها عند أخيه السلطان الملك الكاملرحمهما الله

- ‌ذكر قصد الملك المعظم شرف الدين عيسىصاحب دمشق حماة وبلادها

- ‌ذكر استيلاء الملك المسعود بن الملك الكاملصاحب اليمن على مكة حرسها الله تعالى

- ‌ودخلت سنة عشرين وستمائة

- ‌ذكر رحيل الملك المعظم عن سلمية ورجوعه إلىدمشق وابتداء الوحشة بينه وبين أخويه باطنا

- ‌ذكر انتزاع سلمية من الملك الناصر صاحب حماهوتسليمها إلى أخيه الملك المظفر تقى الدين محمود

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى حلب بالخلع السلطانيةوالتقليد للسلطان الملك العزيز بن الملك الظاهر رحمه الله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر خلاط والكرج

- ‌ودخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌ذكر عود التتر إلى الرى وهمذان

- ‌ذكر استيلاء غياث الدين بن خوارزم شاه علىبلاد فارس

- ‌ذكر عصيان الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملكالعادل على أخيه الملك الأشرف بخلاط

- ‌ودخلت سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌ ذكر وصول السلطان جلال الدين منكبرتى بن خوارزمشاه من الهند إلى البلاد وقوة أمره

- ‌ذكر الحرب في هذه السنة بين المسلمين والكرج

- ‌ذكر استيلاء جلال الدين خوارزم شاهعلى بلاد أذربيجان

- ‌ذكر وفاة الملك الأفضل نور الدين أبى الحسن على بن الملكالناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمهما الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر وفاة الإمام الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضيئ بنور الله رحمه الله

- ‌ذكر سيرة الأمام الناصر لدين الله رحمه الله

- ‌ودخلت سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌ذكر منازلة الملك المعظم مدينة حمص [125 ا]

- ‌ذكر رحيل الملك المعظم عن حمص وقدوم الملكالأشرف عليه ومقامه عنده بدمشق

- ‌ذكر إستيلاء جلال الدين بن خوارزم شاه على تفليس

- ‌ذكر مسير جلال الدين بن خوارزم شاهإلى كرمان لعصيان أهلها عليه

- ‌ ذكر الحرب بين عسكر الملك الأشرف وجلال الدين بن خوارزم شاه

- ‌ذكر منازلة مظفر الدين بن زين الدين صاحبإربل الموصل

- ‌ذكر حصر جلال الدين بن خوارزم شاه خلاط وهو الحصر الأول

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌خلافة الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين بن الظاهر

- ‌ذكر إيقاع جلال الدين بن خوارزم شاه بالأيوانية

- ‌ ذكر الحرب في هذه السنة بين صاحب آمد وسلطان الروم

- ‌ودخلت سنة أربع وعشرين وستمائه

- ‌ذكر رجوع الملك الأشرف إلا بلاده وتخلصه من أخيهالملك المعظم

- ‌ذكر إستيلاء عساكر الملك الأشرف على بعض بلادجلال الدين ثم خروجها عنهم

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك المعظم رحمه الله

- ‌[ذكر سيرته رحمه الله]

- ‌[ذكر أولاده رحمه الله]

- ‌ذكر استيلاء الملك الناصر داود بن الملك المعظم على مملكة والده

- ‌ودخلت سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌ ذكر مفارقة الملك العزيز بن الملك العادل ابن أخيه الملك الناصر ومضيه إلى أخيه الملك الكامل

- ‌ذكر قدوم الملك الأشرف إلى دمشق نجدة لابن أخيهالملك الناصر [داود بن الملك المعظم

- ‌ذكر مسير الملك الأشرف إلى نابلس وصحبته الملك الناصروصاحب حمص

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى معسكر أخيه الملك الكاملوما جرى بينهما من الاتفاق

- ‌ذكر ما تجدد في هذه السنة من الحرب بين التتروجلال الدين بن خوارزم شاه

- ‌ذكر قدوم الأنبرطور فردريك ملك الفرنج إلى عكا وعمارة صيدا

- ‌ذكر نهب السلطان جلال الدين خوارزم شاه أعمال خلاط

- ‌ودخلت سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌ذكر منازلة السلطان الملك الكامل دمشق وحصاره لها

- ‌ذكر الوصلة بين الملك العزيز بن الملك الظاهرصاحب حلب وخاله السلطان اللملك الكاملبظاهر دمشق

- ‌ذكر استيلاء الملك الكامل على مدينة دمشق وتعويضالملك الناصر بن الملك المعظم عنها الكرك وما معها من البلاد

- ‌ذكر إستيلاء الملك الأشرف على دمشق بتسليم السلطانالملك الكامل إياها إليه

- ‌ذكر وفاة الملك المسعود صلاح الدين يوسفابن السلطان الملك الكامل صاحب اليمن رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر القبض على حسام الدين الحاجب عليّنائب الملك الأشرف بخلاط وقتله

- ‌ذكر رحيل السلطان الملك الكامل إلى الشرق والوصلةبين الملك المظفر وبينه

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر محاصرة عسكر السلطان الملك الأشرف بعلبك

- ‌ذكر محاصرة السلطان جلال الدين بن [155 ا] خوارزم شاه خلاطومنازلته لها وهى المنازلة الثانية

- ‌ودخلت سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌ذكر استيلاء الملك الأشرف على بعلبك

- ‌ذكر مقتل الملك الأمجد صاحب بعلبك

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر انتصار الملك المظفر صاحب حماة على الفرنج بظاهر حماة

- ‌ذكر حادثة غريبة

- ‌ودخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌[ذكر استقلال السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهرصاحب حلب بالسلطنة وقيامه بأعبائها

- ‌ذكر خروج التتر في هذه السنة إلى البلاد وما فعلوهمن سفك الدماء والإفساد

- ‌ذكر استيلاء التتر على مراغة

- ‌ذكر طاعة أهل أذربيجان للتتر

- ‌المصادر والمراجع

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المراجع العربية

- ‌ثالثا: المراجع الأوربية

الفصل: ‌ذكر خروج التتر في هذه السنة إلى البلاد وما فعلوهمن سفك الدماء والإفساد

ثم توجه في سنة ست وعشرين وستمائة إلى دمشق لإبرام العقد فأبرمه ظاهر دمشق كما ذكرنا (1). ثم في هذه السنة سيره الملك العزيز إلى الديار المصرية لإحضارها فتوجه إلى مصر في محفة وعمره تسع وثمانون سنة، وقد صار من الكبر (2) منطويا (3). وتوجه في خدمته جماعة من الفضلاء والأعيان من جملتهم الشيخ نجم الدين بن الخباز رحمه الله. فأقام القاضى بهاء الدين ابن شداد بالديار المصرية إلى أن خرجت هذه السنة.

وفى هذه السنة سافر السلطان الملك الأشرف إلى الديار المصرية (4) فأقام عند أخيه السلطان الملك الكامل متنزها في الديار المصرية إلى أن خرجت السنة.

‌ذكر خروج التتر في هذه السنة إلى البلاد وما فعلوه

من سفك الدماء والإفساد

لما كسر السلطان جلال الدين بن [علاء الدين (5)] خوارزم شاه، وهلك بعض عسكره، وضعف الباقون منهم طمعت التتر في البلاد، فخرجوا

(1) انظر ما سبق ص 254 - 255.

(2)

في نسخة م «وقد صار للكبر» والصيغة المثبتة من نسخة س.

(3)

في نسخة س «منطوى» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة م. وذكر ابن خلكان (وفيات الأعيان، ج 2 ص 357) عند ترجمته لابن شداد أن «الهرم كان قد أثر فيه حتى صار كفرخ الطائر من الضعف لا يقدر على الحركة للصلوات وغيرها إلا بمشقة عظيمة» .

(4)

وردت هذه الجملة في نسخة س «وسافر في هذه السنة الملك الأشرف إلى خدمة أخيه السلطان الملك الكامل» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 314

في هذه السنة من بلاد ماوراء النهر وقصدوا بلاد أذربيجان. وكانت بلاد ماوراء النهر - بعد تخريبهم إياها [163 ب] كسمرقند وبخارا وغيرهما - قد عمرت وصلحت أحوالها. وأما مدينة خوارزم فإنه عمرت مدينة تقاربها عظيمة. وأما مدائن خراسان فبقيت خرابا يبابا لا يجسر أحد من المسلمين أن يسكنها. وكانت التتر تدخل كل حين طائفة منهم إليها وينهبون ما يجدونه فيها، والبلاد خاوية على عروشها، ولم يزل الأمر كذلك إلى أن ظهر (1) منهم في سنة خمس وعشرين وستمائة [طائفة، وجرى بينهم وبين جلال الدين ما قدمنا ذكره].

فلما كانت هذه السنة - أعنى سنة ثمان وعشرين وستمائة - (2)] وجرى على جلال الدين من الهزيمة ما ذكرناه، أرسل إمام (3) الإسماعيلية - وهو صاحب الألموت (4)،

(1) في نسخة س (ظهرت) والصيغة المثبتة من نسخة م وكذلك من ابن الاثير، الكامل، ج 12 ص 495 (حوادث سنة 628).

(2)

ما بين الحاصرتين مذكور في الهامش في نسخة س ومثبت في م.

(3)

كذا في نسختى المخطوطة وفى ابن الاثير (الكامل، ج 12 ص 495)«مقدم الإسماعيليه» .

(4)

عن أصل قلعة ألموت - من نواحى قزوين - ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 494 هـ «أن ملكا من ملوك الديلم كان كثير التصيد فأرسل يوما عقابا وتبعه فرآه قد سقط على موضع هذه القلعة. فوجده موضعا حصينا فأمر ببناء قلعة عالية فسماها آله موت، ومعناه بلسان الديلم تعليم العقاب» . وعند ما أخذ حسن الصباح يبحث أثناء رحلاته عن قاعدة نائية حصينة صعبة المنال يستطيع منها أن يوجه هجماته ضد الدولة السلجوقية، وقع اختياره على قلعة ألموت إذ وجدها مشيدة على شعب ضيق على قمة صخرة عالية في قلب جبال البرز، وتتحكم في واد مزروع مغلق طوله نحو ثلاثين ميلا وعرضه نحو ثلاثة أميال. ووجد الصباح أيضا أن هذه القلعة على ارتفاع أكثر من 6000 قدم فوق سطح البحر، وأنها شيدت فوق قاعدة الصخرة ولا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة ممر ضيق منحدر حلزونى. وكان الوصول إلى الصخرة يتم خلال الممر الضيق لنهر ألموت بين منحدرات شديدة وشعاب معلقة أيضا. وكانت قلعة ألموت عند ما استولى عليها حسن الصباح سنة 1090 م بيد رجل علوى اسمه مهدى كان قد أخذها من السلاجقة. واتخذ الصباح ودعاة الإسماعيلية من بعده هذه القلعة مقرا وقاعدة للدعوة الإسماعيلية للاستيلاء على قلاع جديدة ولكى يخرج الدعاة منها لنشر الدعوة في كل مكان، انظر ابن الأثير، الكامل، ج 10، ص 316 - 317 انظر أيضا:

Bernard Lewis، The Assassins pp. 42 - 44.

والترجمة العربية للدكتور سهيل زكار (بيروت 1971)، ص 57 - 58.

ص: 315

[وما معها من الحصون ببلاد العجم مثل كردكوه (1) وغيرها، وله بالشام الحصون المعروفة وله النواب بها - فعرّف التتر ضعف جلال الدين بالهزيمة الكائنة عليه من الملك الأشرف وسلطان الروم (2)]، وحثهم على قصده عقيب هذا الضعف، وضمن لهم الظفر به للوهن الذى صار إليه.

وكان جلال الدين - كما قدمنا ذكره - قبيح السيرة، سيء التدبير جدا.

وهو الذى أفسد حاله وحال المسلمين التابعين (3) لفساد حاله؛ [فأول أفعاله الردية التي صدرت منه ونفرت الناس وخوفتهم منه (4)] أنه أول ما ظهر أمره عقيب خروجه من [بلاد (5)] الهند وحلوله في أصفهان أنه قصد خوزستان وقصد مدينة ششتر (6) وهى للخليفة (7)، وسار إلى دقوقا وهى أيضا للخليفة فنهبها، وقتل كل من وجد فيها من المسلمين، وفعل من الإفساد [وسفك الدماء أعظم من (8)] فعل التتر الكفار.

(1) كردكوه من قلاع الإسماعيلية المشهورة ذكرها أبو الفدا (تقويم البلدان، ص 466) عند وصفه لزابلستان وقال أن معنى هذا الاسم «جبل مدور لأن معنى لفظة كرد المدور ومعنى كوة الجبل» . انظر أيضا لسترنج، بلدان الخلافة الشرقية، ص 405 (الترجمة العربية).

(2)

ورد ما بين الحاصرتين في نسخة س في بعض الأختصار والصيغة المثبتة من نسخة م.

(3)

في نسخة م «التابع» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من س.

(4)

ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س وورد بدلها «فلا جزاه الله عن الإسلام خيرا» .

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في نسخة م.

(6)

ششتر هى مدينة تستر أعظم مدن خوزستان، انظر ياقوت، معجم البلدان؛ أبو الفدا، تقويم البلدان، ص 314 - 315.

(7)

ورد بعدها في نسخة س «فنهبها» واللفظ غير وارد في م وكذلك غير مذكور في ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 495.

(8)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وورد بدلها في نسخة م «والسفك» .

ص: 316

ثم ملك أذربيجان [وهرب صاحبها أزبك مظفر الدين بن البهلوان إلى حصن من حصونه فمات به، وكان طول عمره مشتغلا باللهو والطرب (1)].

ثم عادى (2) السلطان علاء الدين - سلطان الروم - والملك الأشرف والملك الكامل، وعادى أيضا الكرج، ولم يبق له صديقا من ملوك الأطراف غير الملك المعظم صاحب دمشق ومظفر الدين صاحب إربل. واتفق موت الملك المعظم، ولم يكن لمظفر الدين تلك القوة فصارت كلمة الجميع متفقة عليه وأيديهم سواء في حربه ومجاهدته. وانضاف إلى ذلك سوء السيرة في الرعية والإقدام على سفك الدماء. ولما [164 ا] ملك (3) خلاط بذل سيفه فيها، وفعل أكثر مما تفعله الكفرة، وأساء إلى صاحب الألموت، وأطرح جانبه، وقصد بلاده في سنة أربع وعشرين وستمائة، فقتل (4) الإسماعيلية أميرا من أمرائه كان مقطعا من قبله كنجة (5)، فغضب لذلك جلال الدين ونهب بلاد الإسماعيلية نهبا شنيعا، وخرب ضياعهم، وقتل أهلها، وسبى الحريم، واسترق الأولاد، وعمل فيهم الأعمال الفظيعة.

ولما وصلت رسل الإسماعيلية في هذه السنة - أعنى سنة ثمان وعشرين وستمائة - إلى التتر يحرضونهم على قصد جلال الدين (6)، قصدت طائفة منهم

(1) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة م ومثبت في س.

(2)

في نسخة م «فعادى» والصيغة المثبتة من س.

(3)

في نسخة س «فتح» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(4)

في نسخة م «لقتل» وهو تصحيف والصيغة المثبتة من نسخة س.

(5)

كان اسم هذا الأمير أورخان وقد اغتاله الإسماعيلية لإغارته على بعض معاقلهم انظر:

Lewis، The Assassins. P. 84 .

(6)

عن العلاقات الودية بين الإسماعيلية والمغول أعداء الخوارزمية، انظر:

Lewis، op. cit، P. 86.

ص: 317

بلاده، واستولوا على الرى وهمذان وما بينهما من البلاد، ولم يتمكنوا من أصفهان وإنما ملكوها بعد هلاك جلال الدين، لوقوع الاختلاف بين أهلها.

ثم قصدوا في هذه السنة بلاد أذربيجان فجاسوا خلالها ينهبون ويقتلون من ظفروا به، وجلال الدين لا يقدم على لقائهم، ولا يقدر على منعهم من البلاد، وقد ملىء منهم رعبا وخوفا، وانضاف إلى ذلك أن عسكره اختلفوا عليه وتفرقت كلمتهم.

[ذكر واقعة غريبة وقعت لجلال (1) الدين]

قد وقعت لجلال الدين واقعة غريبة تؤذن بفساد عقله واختلال مزاجه؛ وهو أنه كان له مملوك يحبه محبة شديدة مفرطة يقال له قلج، وكان خصيا، فاتفق موته بعد الكسرة، فحزن عليه جلال الدين حزنا شديدا وأظهر من الجزع والهلع ما لا مزيد عليه، ولم يسمع من أحد بمثله، ولا لمجنون ليلى.

وكان موته بمكان بينه وبين توريز عدة فراسخ، فمشى الناس في جنازته هذه المسافة كلها، ومشى هو بعض الطريق راجلا، حتى ألزمه أمراؤه ووزيره بالركوب فركب. ولما قرب من توريز أرسل إلى أهل البلد يأمرهم بالخروج من البلد لتلقى التابوت، ففعلوا. وأنكر عليهم كونهم لم يبعدوا، ولم يظهر عليهم من الحزن والبكاء أكثر مما فعلوا. وأراد أن يعاقبهم على ذلك فشفع فيهم أمراؤه فتركهم.

ثم إنه لم يدفن ذلك المملوك وإنما كان يستصحبه معه [164 ب] حيث سار وهو يلطم ويبكى، وامتنع من الأكل والشرب. وكان إذا قدم إليه

(1) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

ص: 318

الطعام يقول: «احملوا من هذا إلى قلج (1)» . ولم يتجاسر أحد أن يتفوه عنده أنه مات. وأنه قيل له يوما أنه مات فقتل الذى قال ذلك. وكانوا يحملون إلى قلج (2) الطعام، ثم يعودون إليه ويقولون إنه:«يقبل الأرض ويقول (3) إننى الآن أصلح مما كنت» . فلحق أمراءه من الغيظ والأنفة لهذا الأمر السيىء ما شوش قلوبهم عليه. فذكر عز الدين بن الأثير [في تاريخه (4)] أنهم فارقوه وانحازوا عنه مع وزيره، وأنه بقى حيران لا يدرى ما يصنع لا سيما لما خرج التتر عليه، فحينئذ دفن الغلام، وراسل الوزير، واستماله وخدعه إلى أن حضر عنده.

فلما وصل إليه بقى عنده أياما، ثم قتله جلال الدين (5).

هذا ما حكاه ابن الأثير، وحكى لى الأمير حسام الدين بن أبى على عن بعض من أخبره أن الغلام (6) كان يحمل مع جلال الدين من منزلة إلى منزلة، وإذا نزل أحضر التابوت وجعل قريبا منه بحيث يراه، وإذا أكل وشرب بعث له شيئا من المأكول أو المشروب، وبقى كذلك مدة. وفى بعض الأيام تقدم وزير السلطان (7) إلى التابوت - وهم سائرون - فأمر بإنزاله فأنزل، ثم أمر من حفر له حفيرة فحفرت، ثم أمر بدفنه فيها. ولما نزل جلال الدين في خيمته

(1) في نسخة س «قليج يعنى ذلك المملوك الميت» والصيغة المثبتة من نسخة م.

(2)

في نسخة س «المملوك الميت» والصيغة المثبتة من م.

(3)

في نسخة س «ويقول لك» والصيغة المثبتة من م وكذلك من ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 497).

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط من م.

(5)

انظر ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 497.

(6)

في نسخة س «المملوك الميت» والصيغة المثبتة من م.

(7)

في نسخة س «وزير جلال الدين» والصيغة المثبتة من م.

ص: 319