الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر قصد الملك المعظم شرف الدين عيسى
صاحب دمشق حماة وبلادها
وفى شهر ذى الحجة من هذه السنة قصد السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل صاحب دمشق حماة بعساكره. وكنا قد ذكرنا (1) أن الملك المنصور صاحب حماة رحمه الله لما توفى، كتب [وزيره (2)] زين الدين بن فريج وأرباب الدولة بحماة إلى ولده الملك الناصر قلج أرسلان، وكان في خدمة خاله الملك المعظم في الساحل نجدة له على الفرنج، يستدعونه ليملكوه [حماة (3)]، إذ كان أخوه الملك المظفر تقى الدين محمود [بن الملك المنصور (4)] في خدمة [خاله (5)] الملك الكامل نجدة له على الفرنج المتغلبين على دمياط.
وأن الملك المعظم أذن للملك الناصر [بن الملك المنصور (6)] في التوجه إلى حماة، بشرط أن يحمل إليه مالا، وأنه توجّه إليها وملكها. ولما لم يف الملك الناصر للملك المعظم بما اتفق معه عليه، غاظ ذلك الملك المعظم، وعزم على قصده وأخذ بلاده.
واتفق في هذه السنة أن أميرا من أمراء الملك الكامل يقال له مجاهد الدين (7) إقبال [108 ب] هرب من مصر، فكتب الملك الكامل إلى أخيه الملك المعظم [صاحب دمشق (8)] يأمره بطلبه، والقبض عليه، وحمله إليه، فاتخذ ذلك الملك
(1) انظر ما سبق ص 86 - 87.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(7)
في نسخة م «المجاهد» والصيغة المثبتة من نسخة س وكذلك فيما يلى ص 120.
(8)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
المعظم حجة وذريعة إلى قصد حماة، [فتوجه إليها بعساكره مظهرا أن مقصوده طلب الأمير مجاهد الدين إقبال. فكان الملك الناصر صاحب حماة قد اتفق أنه خرج إلى الصيد، فجد الملك المعظم في السير رجاء أن يسبق الملك الناصر إليها، ويحول بينه وبين حماة (1)]. وانتهى الخبر بذلك إلى الملك الناصر، فسارع إلى الدخول إليها قبل أن يصل الملك المعظم. ووصل الملك المعظم إلى حماة فوجد الملك الناصر قد وصلها وتحصن بقلعتها، فنزل [بقرية يقال لها نقيرين (2)]، وأمر الملك الناصر بغلق أبواب البلد، والاستعداد للحصار. فأرسل الملك المعظم يقول له:«أننى لم أقصد قتالا وإنما أتيت لطلب [مجاهد (3) الدين] إقبال، فحيث سلكت طريق المحاربة والقتال، فنحن نسلكه أيضا معك» . ثم أمر جماعة من العسكر فتقدموا إلى الأسوار وباشروا القتال قليلا، [ففعلوا ذلك (4)]. ثم رحل من ظاهر حماة بعساكره متوجها إلى سلمية، فنزل بها، واحتاط على ما فيها من الحواصل، وولى فيها واليا من قبله. ثم رحل [بالعساكر (5)] إلى معرة النعمان، وكان الوالى بها من قبل الملك الناصر شهاب الدين بن القطب كما تقدم ذكره (6).
وكان والدى رحمه الله يتقلد القضاء بها، وكان قبل ذلك قلده الملك المنصور القضاء بحماة، وعزل القاضى حجة الدين بن مراحل السلمانى (7) عنه.
ثم استعفى والدى من القضاء بحماة مراعاة للقاضى حجة الدين لما كان بينهما من قديم المودة فأعفى.
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س، وقد ورد مختصرا في نسخة م.
(2)
في نسخة م «فنزل صقرين» بدون تنقيط والصيغة المثبتة من نسخة س بينما ورد في أبى الفدا (المختصر، ج 3، ص 131)«ونزل بقيرين» ، ونقيرين اسم قرية تقع الآن في ضواحى مدينة حماة.
(3)
في نسخة م «المجاهد» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(6)
انظر ما سبق، ص 88.
(7)
في نسخة م «حجة الدين السلمانى بن مراحل» والصيغة المثبتة من س.
ولما اعتقل الملك المنصور القاضى شهاب الدين بن سليمان المعرى أحمد بن مدرك بن سليمان قاضى المعرة، استدعى الملك المنصور والدى وألزمه قبول قضاء المعرة، فامتثل مرسومه وتوجه إليها. وعاد القاضى حجة الدين إلى قضاء حماة. ثم توفى حجة الدين في شعبان سنة سبع عشرة وستمائة (1)، فولى الملك المنصور قضاء حماة عماد الدين بن القطب، أخا شهاب الدين المقدم ذكره.
ولما توفى الملك المنصور [سنة سبع عشرة وستمائة (2)]، وولى الملك الناصر ولده، تقدم عنده - كما ذكرنا - شهاب الدين [بن قطب، وكان معمما فقيها فألبسه الملك الناصر (3)] الشربوش (4) ونادمه وولاه المعرة، وقد ذكرنا ذلك كله (5)، وأقر أخاه على قضاء حماة.
ولما وصل الخبر إلى المعرة بدنو الملك المعظم منها [109 ا] هرب شهاب الدين بن القطب إلى حماة. وخرج والدى وأعيان أهل المعرة إلى لقاء الملك المعظم. فأقبل على والدى والجماعة إقبالا عظيما، ونزل بدار الملك الناصر صاحب حماة، وهى دار ابتناها له شهاب الدين بن القطب غربى المعرة.
[وشاهدته رحمه الله حين دخوله إليها، وعمرى خمس عشرة سنة يومئذ.
وحين استقر في الدار المذكورة، سير إليه والدى هدية وكتبا من العلم نفيسة، فقبلها وأخذ يسيرا منها، وأمر بحمل الباقى إلى ولده الملك الناصر صلاح الدين
(1) في نسخة س «في شعبان في آخر سنة ستة عشر وستمائه» والصيغة المثبتة من نسخة م ولم ترد له ترجمة في كتب التراجم المعروفة.
(2)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س، وفى نسخة م «وألبسه» .
(4)
عن الشربوش، انظر ما سبق، ص 88 حاشية 3.
(5)
انظر ما سبق، ص 87 - 88.
داود رحمه الله، وكان نازلا معه في تلك الدار. وعمر الملك الناصر يومئذ ست عشرة سنة، لأن مولده سنة ثلاث وستمائة (1)].
واستولى الملك المعظم على المعرة وما فيها من الحواصل. وولى فيها واليا من قبله. ووصل إلى خدمته وهو بالمعرة الأمير شهاب الدين يوسف بن عز الدين مسعود بن سابق الدين عثمان بن الداية، صاحب شيزر (2). ثم ورد إليه شهاب الدين بن القطب رسولا من الملك الناصر يستعطفه ويستميله، فلم يلتفت إليه ورجع إلى حماة خائبا.
ووصل أيضا إليه وهو بالمعرة الأمير مظفر الدين بن جرديك رسولا من الأتابك شهاب الدين طغريل، وعلى يده تقدمة فقبلها، واعتذر بأنه إنما جاء بكتاب وصله من أخيه السلطان الملك الكامل يأمره أن يقبض على خادمه المعروف بمجاهد الدين إقبال، وأنه خرج خلفه ليدركه، فلما قرب من حماة بدا من صاحبها من الإمتهان وعدم النزل (3) والإقامة ما لا يليق. [وتجنى الملك المعظم على الناصر صاحب حماة ذنوبا لا أصل (4) لها]. وكان الحلبيون إذ ذاك والملك الناصر صاحب حماة تجمعهم رابطة الإنتماء إلى الملك الأشرف والانحياز إليه.
ثم رحل الملك المعظم إلى سلمية، وأقام بها إلى أن خرجت هذه السنة، وهو على قصد منازلة حماة وانتزاعها من الملك الناصر صاحبها.
(1) ورد ما بين الحاصرتين في نسخة س مع بعض التقديم والتأخير.
(2)
ورث شهاب الدين يوسف حكم شيزر عن أبيه وجده، انظر المقريزى، السلوك، ج 1، ص 125.
(3)
في نسخة س «النزول» والصيغة المثبتة من م وكذلك من ابن العديم، بغية الطلب، ج 3، ص 192.
(4)
في نسخة م «وتجنى عليه الملك المعظم ذنوبا غير ذلك» والصيغة المثبتة من نسخة س.