المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ذكر سيرته رحمه الله] - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ٤

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌«الْجُزْء الرَّابِع»

- ‌مقدمة [للدكتور سعيد عباس الفاتح عاشور]

- ‌تنويه

- ‌[

- ‌ذكر وصول الملك المعظم إلى العسكر الكاملىّوتقرير قواعد أخيه الملك الكامل

- ‌ذكر حوادث في هذه السنة في الشرق

- ‌ذكر اعتضاد بدر الدين لؤلؤ بالملك الأشرف ودخوله في طاعته

- ‌ودخلت سنة ست عشرة وستمائة

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين بدر الدين لؤلؤ وعماد الدين زنكى بن أرسلانشاه وانهزام عماد الدين

- ‌ذكر وفاة نور الدين بن الملك القاهر وإقامةبدر الدين لؤلؤ أخاه ناصر الدين مقامه

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين بدر الدين لؤلؤ ومظفر الدين صاحب إربل وانهزام بدر الدين

- ‌ذكر ما تجدد لعماد الدين بن المشطوببعد إخراجه من مصر

- ‌ذكر تخريب البيت المقدس

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على ثغر دمياط

- ‌ذكر بناء المنصورة ونزول الملك الكامل بها

- ‌ذكر ظهور التتر واستيلائهم على معظمبلاد المسلمين

- ‌ذكر ما جرى بين جلال الدين خوارزم شاه وبينالتتر من الحروب ثم توجهه إلى بلاد الهند

- ‌ذكر بقية حوادث سنة ست عشرة وستمائة

- ‌ودخلت سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌ذكر خروج ابن المشطوب على الملك الأشرفثم انتصار الملك الأشرف عليه واعتقاله

- ‌ذكر إستيلاء الملك الأشرف على سنجار

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى الموصل واستقرارالصلح مع مظفر الدين [صاحب إربل

- ‌ذكر ما آلت إليه حال عماد الدين بن المشطوب

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماة رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر إستيلاء الملك الناصر بن الملكالمنصور على حماة

- ‌ ذكر إستيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازى ابن الملك العادل على خلاط وبلادها مع ميافارقين

- ‌ذكر مسير الملوك والعساكر الأسلامية إلى مصر نجدة للسلطانالملك الكامل رحمه الله

- ‌ذكر نزول الفرنج في مقابلة السلطان الملكالكامل

- ‌ذكر قدوم الملوك والعساكر الإسلامية إلى مصر

- ‌ذكر فتح دمياط والنصرة على الفرنج

- ‌ودخلت سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌ذكر الحرب بين الترك القفجاق وبين الكرج

- ‌ذكر نهب الكرج مدينة بيلقان

- ‌ذكر المتجددات بالموصل في هذه السنة

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الأشرف إلى الديارالمصريه ومقامه بها عند أخيه السلطان الملك الكاملرحمهما الله

- ‌ذكر قصد الملك المعظم شرف الدين عيسىصاحب دمشق حماة وبلادها

- ‌ذكر استيلاء الملك المسعود بن الملك الكاملصاحب اليمن على مكة حرسها الله تعالى

- ‌ودخلت سنة عشرين وستمائة

- ‌ذكر رحيل الملك المعظم عن سلمية ورجوعه إلىدمشق وابتداء الوحشة بينه وبين أخويه باطنا

- ‌ذكر انتزاع سلمية من الملك الناصر صاحب حماهوتسليمها إلى أخيه الملك المظفر تقى الدين محمود

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى حلب بالخلع السلطانيةوالتقليد للسلطان الملك العزيز بن الملك الظاهر رحمه الله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر خلاط والكرج

- ‌ودخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌ذكر عود التتر إلى الرى وهمذان

- ‌ذكر استيلاء غياث الدين بن خوارزم شاه علىبلاد فارس

- ‌ذكر عصيان الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملكالعادل على أخيه الملك الأشرف بخلاط

- ‌ودخلت سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌ ذكر وصول السلطان جلال الدين منكبرتى بن خوارزمشاه من الهند إلى البلاد وقوة أمره

- ‌ذكر الحرب في هذه السنة بين المسلمين والكرج

- ‌ذكر استيلاء جلال الدين خوارزم شاهعلى بلاد أذربيجان

- ‌ذكر وفاة الملك الأفضل نور الدين أبى الحسن على بن الملكالناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمهما الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر وفاة الإمام الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضيئ بنور الله رحمه الله

- ‌ذكر سيرة الأمام الناصر لدين الله رحمه الله

- ‌ودخلت سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌ذكر منازلة الملك المعظم مدينة حمص [125 ا]

- ‌ذكر رحيل الملك المعظم عن حمص وقدوم الملكالأشرف عليه ومقامه عنده بدمشق

- ‌ذكر إستيلاء جلال الدين بن خوارزم شاه على تفليس

- ‌ذكر مسير جلال الدين بن خوارزم شاهإلى كرمان لعصيان أهلها عليه

- ‌ ذكر الحرب بين عسكر الملك الأشرف وجلال الدين بن خوارزم شاه

- ‌ذكر منازلة مظفر الدين بن زين الدين صاحبإربل الموصل

- ‌ذكر حصر جلال الدين بن خوارزم شاه خلاط وهو الحصر الأول

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌خلافة الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين بن الظاهر

- ‌ذكر إيقاع جلال الدين بن خوارزم شاه بالأيوانية

- ‌ ذكر الحرب في هذه السنة بين صاحب آمد وسلطان الروم

- ‌ودخلت سنة أربع وعشرين وستمائه

- ‌ذكر رجوع الملك الأشرف إلا بلاده وتخلصه من أخيهالملك المعظم

- ‌ذكر إستيلاء عساكر الملك الأشرف على بعض بلادجلال الدين ثم خروجها عنهم

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك المعظم رحمه الله

- ‌[ذكر سيرته رحمه الله]

- ‌[ذكر أولاده رحمه الله]

- ‌ذكر استيلاء الملك الناصر داود بن الملك المعظم على مملكة والده

- ‌ودخلت سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌ ذكر مفارقة الملك العزيز بن الملك العادل ابن أخيه الملك الناصر ومضيه إلى أخيه الملك الكامل

- ‌ذكر قدوم الملك الأشرف إلى دمشق نجدة لابن أخيهالملك الناصر [داود بن الملك المعظم

- ‌ذكر مسير الملك الأشرف إلى نابلس وصحبته الملك الناصروصاحب حمص

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى معسكر أخيه الملك الكاملوما جرى بينهما من الاتفاق

- ‌ذكر ما تجدد في هذه السنة من الحرب بين التتروجلال الدين بن خوارزم شاه

- ‌ذكر قدوم الأنبرطور فردريك ملك الفرنج إلى عكا وعمارة صيدا

- ‌ذكر نهب السلطان جلال الدين خوارزم شاه أعمال خلاط

- ‌ودخلت سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌ذكر منازلة السلطان الملك الكامل دمشق وحصاره لها

- ‌ذكر الوصلة بين الملك العزيز بن الملك الظاهرصاحب حلب وخاله السلطان اللملك الكاملبظاهر دمشق

- ‌ذكر استيلاء الملك الكامل على مدينة دمشق وتعويضالملك الناصر بن الملك المعظم عنها الكرك وما معها من البلاد

- ‌ذكر إستيلاء الملك الأشرف على دمشق بتسليم السلطانالملك الكامل إياها إليه

- ‌ذكر وفاة الملك المسعود صلاح الدين يوسفابن السلطان الملك الكامل صاحب اليمن رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر القبض على حسام الدين الحاجب عليّنائب الملك الأشرف بخلاط وقتله

- ‌ذكر رحيل السلطان الملك الكامل إلى الشرق والوصلةبين الملك المظفر وبينه

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر محاصرة عسكر السلطان الملك الأشرف بعلبك

- ‌ذكر محاصرة السلطان جلال الدين بن [155 ا] خوارزم شاه خلاطومنازلته لها وهى المنازلة الثانية

- ‌ودخلت سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌ذكر استيلاء الملك الأشرف على بعلبك

- ‌ذكر مقتل الملك الأمجد صاحب بعلبك

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر انتصار الملك المظفر صاحب حماة على الفرنج بظاهر حماة

- ‌ذكر حادثة غريبة

- ‌ودخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌[ذكر استقلال السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهرصاحب حلب بالسلطنة وقيامه بأعبائها

- ‌ذكر خروج التتر في هذه السنة إلى البلاد وما فعلوهمن سفك الدماء والإفساد

- ‌ذكر استيلاء التتر على مراغة

- ‌ذكر طاعة أهل أذربيجان للتتر

- ‌المصادر والمراجع

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المراجع العربية

- ‌ثالثا: المراجع الأوربية

الفصل: ‌[ذكر سيرته رحمه الله]

[ذكر سيرته رحمه الله]

(1)

كان رحمه الله ملكا جليلا شجاعا مقداما، شديد البأس مهيبا، وكانت مملكته ما بين حمص وعريش مصر، وكان عسكره قريب ثلاثة آلاف (2) فارس، ولم يكن عند أحد من إخوته جند مثلهم، في فرط تجملهم وحسن زيهم.

وكان بهذا العسكر القليل يقاوم أخويه الملك الكامل والملك الأشرف ويباريهما.

وكان الملك الكامل يخافه لما يتوهمه من ميل عسكر مصر إليه ومحبتهم له، ولما يعلمونه من قيامه بأمر الجند وعنايته بهم. وكان الملك الكامل - مع أن عسكره كان يناهز إثنى عشر ألفا (3) وسعة ملكه - لا يجسر على الخروج إلى الشام، ويظن أنه إن خرج [إلى الشام (4)] إنحاز أكثر عسكره (5) إلى الملك المعظم، وحيل بينه وبين الديار المصرية، [وكان والله الأمر كذلك](6)؛ فكان لذلك يداريه ويهادنه في الظاهر، وكان الملك المعظم مع ذلك يدارى أخاه الملك الكامل ويخطب له على منابر بلاده، ولا يذكر إسمه معه [في غالب أوقاته](7)، ويضرب السكة باسمه، وكذلك يدارى أخاه الملك الأشرف.

(1) ما بين الحاصرتين غير مذكور في نسخة س، وعن ترجمة الملك المعظم عيسى انظر: ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 471 - 472؛ ابن خلكان، وفيات، ج 1 ص 396 - 397؛ سبط ابن الجوزى، مرآة الزمان، ج 8، ص 424 - 431.

(2)

في نسخة س «من أربعة آلاف» .

(3)

في نسخة س «مع أن عسكره ما يزيد على اثنى عشر ألف فارس» .

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(5)

في نسخة س «انحاز عسكره أو معظمه» .

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(7)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 209

وكان مع شهامته وعظم هيبته قليل التكلف جدا، لا يركب في السناجق السلطانية في غالب أوقاته، بل يركب في جمع قليل، وعلى رأسه كلوته صفراء بلا شاش علم، ويتخرق الأسراق والطرق، ولا يطرّق بين يديه [134 ب] كما جرت عادة الملوك (1). ولقد رأيته بالبيت المقدس في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، والرجال والنساء والصبيان بالجامع الأقصى يزاحمونه ولا يردهم أحد عنه، وهذا المسلك لم يسلكه أحد من أهل بيته ولا غيرهم. ولما كثر هذا منه ضرب به المثل، فكان الانسان إذا فعل فعلا لا تكلف فيه قيل قد «فعل بالمعظمى» .

وكان عالما فاضلا متفننا في الفقه والنحو وغيرهما، وشيخه في النحو وعلم الأدب الشيخ تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندى رحمه الله وقد قدمنا ذكره في أخبار عز الدين فرخشاه بن شاهان شاه بن أيوب، وذكرنا فضله وشيئا من شعره (2). وكان شيخه في الفقه الأمام جمال الدين الحصيرى (3) رحمه الله. وكان يتردد [إلى الشيخين](4) في معظم الأوقات، وربما أتى إليهما ماشيا.

وقرأ على الشيخ تاج الدين كتاب سيبويه. ولقد وقفت على نسخة من كتاب سيبويه وعليها خط الملك المعظم في عدة مواضع أظنها ستة، يقول في بعضها:

(1) ذكر القلقشندى (صبح، ج 4 ص 5) أن الأيوبيين ساروا على نهج ما كانت عليه الدولة الأتابكية من لبس الكلوتات الصفر بغير عمائم وذوائب الشعر مرخاة تحتها.

(2)

انظر ما سبق ابن واصل، ج 2، ص 125 - 126 وكذلك انظر ابن خلكان، ج 1 ص 196.

(3)

في نسخة س «الحصرى» وهو تصحيف والصيغة الصحيحة هى المثبتة من نسخة م، انظر: السبكى، طبقات الشافعية (ط. القاهرة 1965)، ج 3، ص 365 وهامش 4، 372 - 373.

(4)

في نسخة م «اليهما» والصيغة المثبتة للتوضيح من نسخة م.

ص: 210

«أتممت هذا الكتاب مطالعة ومراجعة وأنا منازل مدينة (1) أرسوف» ، وفى بعضها يقول:«أتممته مطالعة ومراجعة وأنا بنابلس» .

وكان ملوك هذا البيت كلهم شافعية، وانفرد هو رحمه الله بالانتماء إلى مذهب أبى حنيفة رحمه الله. وبلغنى أن أباه السلطان الملك العادل لامه [في ذلك] (2) وقال له:«كيف اخترت مذهب أبى حنيفه، وأهلك كلهم شافعية؟» .

فقال لأبيه على سبيل المداعبة: «ياخوند أما ترضون أن يكون فيكم رجل واحد مسلم» . وكان شديد التعصب لمذهب أبى حنيفه رحمه الله عزل خطيب الأقصى وكان شافعيا، وولى خطابة الأقصى رجلا حنفيا بغداديا يقال له شهاب الدين، كان متميزا في الفقه، ومدرسا بالمدرسة الحنفية (3) التي على باب الحرم الشريف المعروفة بالأمجدية؛ وهى منسوبه إلى الملك الأمجد حسن شقيق الملك المعظم، وكان مدفونا بها، ثم نقل [بعد ذلك](4) إلى مشهد جعفر بن أبى طالب - رضى الله عنه - بمؤته من أعمال الكرك. [135 ا] وأبقى الملك المعظم بالصخرة الإمامة للشافعية، وأمر المؤذنين أن لا يبلغوا (5) في تكبير الصلوات بالحرم الشريف إلا خلف الأمام الحنفى إمام الأقصى لا غير. وبلغه مرة أن المؤذنين بلّغوا بالحرم خلف إمام الصخرة الشافعى، فأنكر ذلك غاية الانكار.

ثم بنى بالحرم الشريف قبة ووقف عليها وقفا جليلا على أن يشتغل في تلك القبة بالقرآت السبع، وشرط أن لا يصرف من وقفها شئ إلا للحنفيه فقط،

(1) في نسخة س «لمدينة» .

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(3)

في نسخة س «الحنيفية» .

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(5)

في نسخة س «يؤذنوا» .

ص: 211

وولى تدريسها للشيخ شمس الدين بن رزين (1) البعلبكى تلميذ الشيخ تاج الدين [الكندى](2)، وقرأت عليه في تلك القبة الإيضاح لأبى على الفارسى (3)، وجودت عليه القرآن العظيم، وكان حسن القرآءة جيد الأداء، حافظا للقراءات العشر وطرقها.

ولما وقف الملك المعظم على تاريخ بغداد الذى صنفه الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن ثابت (4)، وفيه مطاعن على أبى حنيفه رحمه الله، رواها الخطيب عن جماعة من المحدثين، رد عليه الملك المعظم في ذلك، وصنف كتابا سماه «السهم المصيب في الرد على الخطيب» . وأجاب الملك المعظم في هذا الكتاب عن كل مطعن ذكره بأحسن جواب، وذكر فيه مباحث جليله دقيقه في الفقه والنحو، ووقفت على هذا الكتاب بالقدس الشريف، وطالعته جميعه ووجدته في غاية الحسن. ثم ذكر في آخره مطاعن على الخطيب [صاحب تاريخ بغداد](5)، وروى له أشعارا غزليه طعن بسببها في عدالته، وقرربها جرحه وصنف غير ذلك من الكتب.

(1) في الأصل «رزمين» والصيغة المثبتة من نسخة س، ولم تمدنا المصادر المتداولة بأى ترجمة لهذا الفقيه.

(2)

أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(3)

يقصد كتاب الإيضاح في النحو لأبى على حسن بن أحمد الفارسى النحوى المتوفى سنة 377 هـ.

(4)

في نسخة س «أحمد بن نايب» ، وهو تحريف والصيغة الصحيحه المثبتة من نسخة م؛ وهو الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن على بن ثابت البغدادى المعروف بالخطيب المتوفى سنة 463 هـ - 1072 م صاحب كتاب تاريخ بغداد، انظر: حاجى خليفة (كشف الظنون، ج 1، ص 288)؛ سركيس، (معجم المطبوعات العربية، ج 1، ص 827)؛ الزركلى (الأعلام، ج 1 ص 166).

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 212

ولما قدم الملك المعظم رحمه الله القدس الشريف سنة ثلاث وعشرين وستمائة، جلس خارج الصخرة الشريفة، واستدعى جماعة الفقهاء، واستدعى والدى رحمه الله وباحثهم في مسائل لغويه وفقهيه (1). [ومما سأل عنه يومئذ أنه كيف ورد في القراءات الست، أعنى ما عدا قراءه أبى عمرو بن العلاء {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} (2)» وهذه القراءة هى المطابقة لخط المصحف الإمام، ومن شأن إن أن ينتصب ما بعدها، فقال بعضهم: إن ها هنا بمعنى نعم [135 ب] كما في قول الشاعر (3):

ويقلن شيب قد علا

ك وقد كبرت فقلت إنّه

أي: نعم.

فأجاب هذا القائل بعضهم: أن هذا القول يعكر عليه ورود اللام في الخبر، فإنه لا يقال «نعم زيد لقائم» . فقال السلطان رحمه الله «لا يعكر عليه، بل جاز أن تأتى هذه اللام رعاية للفظ إن فإنه يقتضى جواز وقوع اللام في الخبر، ورعاية اللفظ واعتباره قد جاء كثيرا، يقولون يا زيد الظريف، فيراعون اللفظ، ويحملون عليه، وإن كان زيد منصوبا في التقدير» . فاستحسن الجماعة هذا الجواب من السلطان وأطنبوا في الثناء عليه] (4).

وقال لوالدى يومئذ: «أكان لمدينة المعرّه سور؟» . فقال له والدى: «نعم وإنما الفرنج لما ملكو المعرّه ثم استنقذها منهم أتابك زنكى الشهيد بن آق سنقر هدم سورها» . ثم ذكر له والدى واقعة جميله فعلها أتابك رحمه الله

(1) في نسخة س «فقهية ونحوية» .

(2)

القرآن الكريم، سورة طه آية 63.

(3)

هو عبيد الله بن قيس الرقيات.

(4)

ما بين الحاصرتين غير مذكور في نسخة س.

ص: 213

مع المعريين، وهى أنهم طلبوا أن يرد عليهم أملاكهم التي كانت بأيديهم قبل أن يملكها الفرنج، فرسم بردها إليهم، فقال له بعض الفقهاء إن من مذهب أبى حنيفة رحمه الله أن الكفار إذا أخذوا من المسلمين بلدة وفيها أملاك للمسلمين ملكوها، فإذا فتح المسلمون تلك البلدة كانت تلك الأملاك لبيت المال، وحسنوا لأتابك الإستيلاء على تلك الأملاك ولا يردها إلى ملاكها لأنه حنفى المذهب. فقال أتابك:«لا والله بل نردها عليهم، إذا كنا نحن نأخذ أملاكهم، والفرنج يأخذون أملاكهم، فأى فرق بيننا وبين الفرنج» . قال والدى رحمه الله لى بعد ذلك: «[لقد (1)] غلطت في إيراد هذه الحكاية لأن السلطان حنفى، وفى هذا القول تشنيع على أبى حنيفة» .

قال [والدى](2): «لكن السلطان تغاضى عن ذلك وأظهر استحسانه» .

وكان عند الملك المعظم رحمه الله جماعة من الفضلاء لا يفارقونه في سفر ولا حضر؛ منهم فخر القضاة نصر الله بن براقه المصرى رحمه الله، وكان فاضلا في فنون الأدب والنظم والرسائل [136 ا]، ومنهم شرف الدين أبو المحاسن بن عنين [الدمشقى كاتب الأنشاء وغيره (3)]، وأصله من حوران، وله

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(2)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 214

النظم البديع الذى لا يجاريه فيه أحد. وولاه الملك المعظم مرة نظر الدواوين (1) بدمشق، وعلت مرتبته جدا عنده. ولما علت سنه كتب إلى الملك المعظم يستعفيه من النظر:

أقلنى عثارى واحتسبها (2) صنيعة

يكون برحماها لك الله جازيا

كفى حزنا أن لست ترضى ولا أرى

فتى راضيا عنّى ولا الله راضيا

ولست أرجى بعد سبعين حجّة

حياة وقد لاقيت منها (3) الدواهيا

ولا بدّ أن ألقى الردى من مصمّم

وكم (4) يتوقّى من تخطّى الأفاعيا

ومنهم (5) جمال الدين بن شيث كاتب الإنشاء (6)، وكان جيد الترسل فاضلا متأدبا، وكان مع ذلك مغرى بصناعة الكيمياء. وكان شرف الدين بن عنين كثير الهجو، وكان الملك المعظم يعجبه هجوه ويضحكه. فقال شرف الدين يوما أبياتا وهو في المعسكر المعظمى (7) يعرّض بجمال الدين كاتب الإنشاء وجماعة من أصحاب الملك المعظم]، ويذكر غرام جمال الدين بعلم الكيمياء وهجا مع ذلك نفسه فقال:

(1) كان لمتولى وظيفة نظر الدواوين - ويلقب بناظر الدواوين - حق الأشراف الكامل على أعمال الدواوين المختلفة مثل ديوان الجوالى وديوان المواريث وديوان الأحباس وغيرها، لتفصيل ذلك انظر:

Hassanein Rabie، The financial system of Egypt، pp. 149 - 150.

(2)

في نسخة م «واتخذها» والصيغة المثبتة من نسخة س وكذلك من ديوان ابن عنين، ص 93.

(3)

كذا في نسختى المخطوطة وفى ديوان ابن عنين، ص 93 «فيها» .

(4)

كذا في نسختى المخطوطة وفى ديوان ابن عنين، ص 93 «فكم» .

(5)

في س «وكان أيضا من مجالسين الملك المعظم جمال الدين بن شيث» .

(6)

هو عبد الرحيم بن على بن شيث القرشى صاحب كتاب معالم الكتابة المتوفى سنة 625 هـ - 1228 م، وقد نشر الخورى قسطنطين الباشا المخلصى هذا الكتاب في بيروت سنة 1913.

(7)

في نسخة س «يهجو العسكر المعظمى ويذكر غرام جمال الدين بعلم الكيمياء» وهو تصحيف والصيغة الصحيحة هى المثبتة من نسخة م.

ص: 215

أنا وابن شيث في الخيام زيادة

وابن النفيس وذا الملقّ الصوفى

لا نيلنا يرجى ولا أضيا فنا

تقرى ولا نرجى (1) لدفع مخوف

أما الملقّ كما علمت فنسكه (2)

وقف (3) على زبدية ورغيف

وفتى بجيله إن قراما خطّه

عاينت (4) منه غرائب التصحيف

ومهوس بالكيمياء يقطع الأ

وقات بالآمال والتسويف

يبغى من الأبوال تبرا خالصا

عقل لعمر أبيك جدّ سخيف

وأنا وشعرى كم يعنّفنى الورى

فيه (5) ولا أصغى إلى التعنيف

ولما بلغ ذلك جمال الدين بن شيث غضب وشكا شرف الدين بن عنين إلى الملك المعظم فأحضر الملك المعظم ابن عنين، وأمره أن لا يعود يتعرض لجمال الدين بن شيث، فقال:«السمع والطاعة» ، وقال [بديها (6)]:[136 ب]

كذب كلّ ما ادّعيت وزور

أنا وحدى زيادة في الخيام

ولزوم السّماط أكبر همى

ويداى الطوال عند الطعام

وضيوفى هم يبيتون غرثى

وعلاج الأبوال أقصى مرامى (7)

(1) في ديوان ابن عنين، ص 147 «ولا ندعى» .

(2)

في نسخة س «وشكه» وهو تصحيف والصيغة الصحيحة هى المثبتة من نسخة م ومن ديوان ابن عنين، ص 147.

(3)

كذا في نسختى المخطوطة وفى ديوان ابن عنين، ص 147 «نصب» بمعنى الاحتيال كما يستعمله أهل دمشق.

(4)

كذا في نسختى المخطوطة وفى ديوان ابن عنين، ص 148 «أبصرت» .

(5)

كذا في نسختى المخطوطة وفى ديوان ابن عنين، ص 148 «فلا» .

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(7)

ورد البيتان الأخيران في ديوان ابن عنين ص 148 كما يلى: ولزوم السماط أكبر همى وعلاج الأبوال أقصى مرامى وضيوفى الأولى يبيتون غرثى ويداى الطوال عند الطعام

ص: 216

فأتى هذا الأعتذار بما هو أعظم من الأول، وأضحك الملك المعظم وأعجبه.

وذكر أن المعظم كان نازلا مرة بنابلس وفى معسكره بهاء الدين نصر بن محمد بن القيسرانى، وبعث الملك المعظم جماعة من عسكره وأغاروا على [مدينة](1) قيسارية من الساحل، وكانت يومئذ بيد الفرنج، فأسروا وقتلوا وعادوا مظفرين منصورين، ومعهم من ثمار قيسارية أترج كثير وليمون. وكان الملك المعظم عند قد ومهم في دعوة الأمير ظهير الدين بن سنقر الحلبى، وهو من أكبر أمراء الملك المعظم، وأبوه سنقر كان مملوكا لبيت القيسرانى. فقال الملك المعظم لظهير الدين:«يا ظهير هذه الهدية من بلد أستاذك» ؛ يعنى ابن القيسرانى لأن جده من أهل قيساريه. وأمر الملك المعظم بتعبئة طبق كبير من ذلك الليمون والأترج، وأمر بعض الغلمان بحمله إلى بهاء الدين بن القيسرانى، ومضى مع الهدية ظهير الدين بن سنقر الحلبى، وكان في ذلك الوقت قد وصل إلى الملك المعظم الأمير سعد الدين بن كمشبة (2) الأسدى، وهو ابن أخت السلطان الملك العادل رحمه الله وقد سر الملك المعظم بوصوله إليه. ولما وصلت الهدية إلى بهاء الدين بن القيسرانى كتب إلى الملك المعظم: -

يا أيّها الملك المعظم والذى

أضحت له الدنيا تزف عروسا

أوليتنى نعما (3) إذا أظهرتها

للناس أظهر حاسدوها بوسا

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(2)

في نسخة س «كمينا» وفى م «كمشبا» والصيغة الصحيحة المثبتة من العماد الأصفهانى، (الفتح القسى في الفتح القدسى، ص 161) حيث ورد: «وكان صهره أي صهر الملك العادل) سعد الدين كمشبه الأسدى بالكرك موكلا» .

(3)

في نسخة م «نعمى» والصيغة المثبتة من نسخة س.

ص: 217