الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[لؤلؤ (1)] فهزمه واندفع [بدر الدين (2)] موليا إلى الموصل، وعبر دجلة إلى القلعة ونزل منها إلى [81 ا] البلد. ولما رآه الناس فرحوا به وساروا معه وقصد باب الجسر والعدو [نازل (3)] بازائه.
ونزل مظفر الدين فيمن سلم معه من عسكره وراء حصن نينوى (4)، وأقام به ثلاثة أيام. ولما رأى [مظفر الدين (5)] اجتماع العسكر الذين لبدر الدين معه بالموصل، وأنه لم يفقد منهم إلا اليسير، وبلغه أن بدر الدين [لؤلؤ](6) يريد العبور إليه ليلا في الفارس والراجل على الجسور وفى السفن ويكبسه، خاف من ذلك، ورحل نحو إربل. فلما عبر الزاب (7) نزل به وجاءت الرسل [إليه](8) وسعوا في الصلح، فاصطلحوا وتقررت بينهم العهود والأيمان.
ذكر ما تجدد لعماد الدين بن المشطوب
بعد إخراجه من مصر
قد ذكرنا في حوادث السنة الماضية ما صدر من عماد الدين بن المشطوب من المخامرة، وإفساد الأمراء، والسعى في تغيير الدولة [الكاملية (9)] حتى أدى ذلك إلى رحيل السلطان الملك الكامل من منزلته، واستيلاء العدو على بردمياط، والحيلوله بين عسكر المسلمين وبينها وتمكنهم من مضايقتها. وذكرنا وصول الملك المعظم [عيسى (10)] إلى أخيه الملك الكامل، وصلاح الأحوال على يده،
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
نينوى اسم قرية كانت بالموصل، انظر ياقوت، معجم البلدان.
(5)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(7)
المقصود به الزاب الأعلى وهو نهر بين الموصل وإربل، انظر ياقوت، معجم البلدان.
(8)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(9)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(10)
أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
ونفيه عماد الدين بن المشطوب إلى الشام، وأن عماد الدين وصل إلى حماه.
ولما قدم إلى حماه أقام عند الملك المنصور [محمد بن الملك المظفر تقى الدين عمر ابن شاهنشاه بن أيوب](1) صاحبها، فأكرمه وقام بضيافته. فحدث عماد الدين نفسه بالفساد، وأنه يتغلب على بعض الأطراف لما يعلمه من شجاعته، وانقياد الأكراد الهكاريه إليه لما يعلمونه من شجاعته وكرمه، فانضم إليه جماعة [كبيرة (2)]. وسافر من حماة وفى صحبته القاضى نجم الدين أبو البركات ابن الشيخ شرف الدين بن أبى عصرون - الذى كان قاضى حماه - حسّن له عماد الدين أنه يصحبه فيحكمه فيما يملكه من البلاد، وأنه لا يخرج عن رأيه. واجتمع معه لما سافر من حماه نحو ثمان مائة فارس والفا راجل.
وكان الملك الأشرف [موسى بن الملك العادل (3)] مقيما بحلب كما ذكرنا (4)، فراسله [ليتصل به](5)، ويقطعه بعض البلاد. فامتنع عماد الدين [81 ب] من الوصول إليه، وقصد جهة بلاد الروم، والملك الأفضل نور الدين [على بن صلاح الدين يوسف (6)] صاحب سميساط (7) ليتفق معه ومع سلطان الروم [عز الدين كيكاوس (8)] على قتال الملك الأشرف وانتزاع البلاد منه. وكانت مكاتبته قد سبقت إلى الملك الأفضل وسلطان الروم. فدخل عماد الدين بلاد حلب
(1) أنظر أبو الفدا، المختصر، ج 3، ص 125؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 153.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(4)
أنظر ما سبق ص 23.
(5)
في الأصل «ليتصل إليه» وفى نسخة س «ليصير إليه» .
(6)
أنظر، المقريزى، السلوك، ج 1، ص 216.
(7)
سميساط مدينة على الشاطىء الغربى لنهر الفرات على أطراف بلاد سلاجقة الروم، أنظر ياقوت، معجم البلدان.
(8)
أنظر زامباور، ج 2، ص 215.
بغتة، وخاضها وكان الزمن زمن الربيع، وخيول الأجناد متفرقة في الجشار (1)، فوصل قنسرين ونفد منها إلى تل عون، وبلغ إلى الساجور (2) واستاق في طريقه ما وجده من الخيل وغيرها. وبلغ خبره الملك الأشرف وهو نازل في الدار التي أخليت له ظاهر حلب، فأركب من كان بحضرته من العسكر خلفه، وكان فيهم عماد الدين صاحب قرقيسيا (3)، فلحقوه على الساجور ومعه القاضى نجم الدين بن أبى عصرون، فقبضوا عليهما فأتوا بهما [إلى (4)] الملك الأشرف فعفا عنه وعن ابن أبى عصرون. وأقطع عماد الدين رأس عين (5)، وأقام عنده إلى أن دخل شعبان من هذه السنة، فرحل الملك الأشرف إلى بلاده الشرقيه لأصلاح أمر الموصل. فسافر عماد الدين إلى الشرق وله من جهة الملك الأشرف رأس عين. ونزل الملك الأشرف حران وكان قد طال مقامه بحلب أكثر من سنة، وأقام الملك الأشرف بحران ومعه عسكر حلب.
وتوفى عز الدين كيكاوس سلطان الروم، وقام بسلطنة الروم بعده أخوه (6) علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان فراسل الملك الأشرف واتفق معه.
(1) الجشار هو مكان رعى الماشية من خيل وغيرها، أنظر المقريزى، السلوك، ج 1، ص 490، حاشيه 2.
(2)
الساجور، نهر بجهات منبج وتقع عليه عينتاب وتل باشر، انظر ياقوت، معجم البلدان؛ المقريزى، السلوك، ج 1، ص 584، حاشيه 3.
(3)
قرقيسيا أو قرقيسياء تقع عند ملتقى نهير الخابور بنهر الفرات، (ياقوت، معجم البلدان).
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(5)
رأس عين مدينة كبيرة من مدن الجزيرة بين حران ونصيبين ودنيسر، انظر ياقوت، معجم البلدان.
(6)
في نسخة س «ولده» وهو تصحيف والصيغة الصحيحة المثبتة من نسخة م، انظر أبو الفدا، المختصر، ج 3، ص 84.
وكان السبب في وصول الملك الأشرف إلى الشرق أنه بعد ما تقرر الصلح بين مظفر الدين [كوكبورى بن زين الدين](1) صاحب إربل وبدر الدين لؤلؤ، تسلم عماد الدين زنكى قلعة كواشى (2) بتسليم أهلها إليه، فأرسل بدر الدين لؤلؤ إلى مظفر الدين يذكّره العهود والإيمان، ويطلب منه إعادة كواشى، فلم تقع الإجابة إلى ذلك. فأرسل حينئذ بدر الدين إلى الملك الأشرف وهو بحلب يستنجد به، فلذلك توجه إلى الشرق وأقام بحران ثم كان بعد ذلك ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وفى هذه السنة، أعنى سنة ست عشرة وستمائة، توفى قطب الدين محمد [82 أ] بن عماد الدين زنكى بن مودود صاحب سنجار، فملك سنجار بعده ولده عماد الدين [شاهنشاه](3). وكان قطب الدين حسن السيرة في رعيته كثير الإحسان اليهم. وبقى عماد الدين في الملك شهورا، ثم وثب عليه أخوه عمر بن محمد (4) في تليعفر (5)، وكان قد سار إليها عماد الدين محمود، إذهى من جملة بلاده، فذبحه وملك سنجار، وهو آخر من ملك سنجار من ملوك البيت الأتابكى.
(1) أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(2)
كواشى كانت تسمى قديما أردمشت وهى قلعة حصينة في الجبال الواقعة شرقى الموصل، انظر ياقوت (معجم البلدان).
(3)
في الأصل «شاهان شاه» والصيغة المثبته من نسخة س.
(4)
في نسخة س «أخو عمر بن قطب الدين محمد» ، والصيغة الصحيحة المثبته من نسخة م، انظر ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 355؛ المقريزى السلوك، ج 1، ص 204.
(5)
تليعفر أوتل أعفر قلعة حصينة بين سنجار والموصل، انظر ياقوت (معجم البلدان).