الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة تسع عشرة وستمائة
والسلطان الملك الكامل بديار مصر، والممالك على ما كانت عليه في السنة الماضية.
ذكر الحرب بين الترك القفجاق وبين الكرج
كنا قد ذكرنا في أخبار خروج التتر أن الطائفة المغرّبة (1) منهم استولت على بلد القفجاق، وأن القفجاق تفرقوا فذهبت طائفة منهم إلى بلد الروس، وطائفة ذهبت في جبالهم. ثم بعد ذلك اجتمعت طائفة كبيرة منهم، وساروا إلى دربند شروان، وأرسلوا إلى ملك الدربند وإسمه رشيد يقولون له «إن التتر قد ملكوا بلادنا، ونهبوا أموالنا، وقد قصدناك لنقيم في بلادك، ونحن مماليكك، ونفتح البلاد لك، و [تكون (2)] أنت سلطاننا» . فمنعهم من ذلك وخافهم، فأعادوا الرسالة إليه «إننا نحن نرهن عندك أولادنا ونساءنا على الطاعة والخدمة لك، والإنقياد لحكمك» . فلم يجبهم إلى ما طلبوا. فسألوه أن يمكنهم ليدخلوا بلده ويتزودوا منه، وأن لا يدخل إلا عشرة عشرة، فإذا اشتروا ما يحتاجون إليه فارقوا بلاده فأجابهم إلى ذلك، فصاروا يدخلون متفرقين ويشترون ما يريدون ويخرجون. ثم إن بعض كبرائهم والمقدمين منهم
(1) يقصد ابن واصل بالطائفة المغرّبه طائفة التتر التي سارت غربى خراسان، انظر ما سبق ص 57 وما قبلها.
(2)
الاضافة من ابن الأثير، ج 12، ص 406.
جاء إلى رشيد ملك الدربند وقال: «إننى كنت في خدمة السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه، وأنا مسلم (1) والدين يحملنى على نصحك، واعلم أن القفجاق [106 ا] [أعداوك (2)] يريدون الغدر بك، فلا تمكنهم من المقام ببلادك، واعطنى عسكرا [من عندك (3)] حتى أقاتلهم وأخرجهم من البلاد» .
فسلم إليه طائفة من عسكره، وقواهم بالسلاح والعدة، وساروا مع ذلك المقدم فأوقعوا بطائفة من القفجاق، وقتلوا منهم جماعة، وسبوا، فلم يتحرك القفجاق لقتال بل قالوا:«نحن عبيد السلطان شروان شاه رشيد ومماليكه، ولولا ذلك لقاتلنا عسكره» . فعاد ذلك المقدم ومن معه من عسكر رشيد إليه سالمين. ثم أن القفجاق فارقوا موضعهم، وساروا مسيرة ثلاثة أيام. فقال ذلك المقدم القفجاقى [لملك الدربند رشيد (4)]:«أريد عسكرا أتبعهم» . [فأمر له من العسكر بما أراد، فسار يقفو (5)] أثرهم، فأوقع بهم وغنم منهم، وقصده جمع كثير من القفجاق من الرجال والنساء وهم يبكون، وقد جزوا شعورهم ومعهم تابوت وهم محيطون به يبكون حوله، وقالوا له «إن فلانا صديقك قد مات، وأوصى [أن نحمله (6)] إليك لتدفنه في أي موضع شئت، ونكون نحن عندك» . فحمله [القفجاقى (7)] معه والذين يبكون عليه أيضا، وعاد إلى
(1) نهاية الجزء الساقط من نسخة س، انظر ما سبق ص 105 حاشية 3.
(2)
ما بين الحاصرتين من ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 406 (حوادث 619).
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين من نسخة س، وفى ابن الأثير (نفس المرجع والجزء، ص 407)«لرشيد» .
(5)
كذا في الأصل وفى ابن الأثير، نفس المرجع والجزء، ص 407، وفى نسخة س «فأجابه إلى ذلك وقال خذ من العسكر ما أردت فأخذ ما اختار منهم ثم سار يقفوا» .
(6)
في الأصل «بحمله» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 407).
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
شروان شاه رشيد وأعلمه أن الميت صديق له، وقد حمله معه، وقد طلب أهله أن يكونوا عنده [في خدمته. فأمر أن يدخلوا البلد وأنزلهم فيه، فكان أولئك الجماعة يسيرون مع ذلك المقدم ويركبون بركوبه ويصعدون معه إلى القلعة التي لرشيد ويقعدون عنده (1)] ويشربون عنده هم ونساؤهم. فأحب رشيد إمرأة ذلك الرجل الذى قيل [له (2)] أنه ميت ولم يكن مات، وإنما فعلوا ذلك مكيدة حتى دخلوا البلد، والذى أظهروا موته معهم، ولا يعرفه رشيد، وهو من أكبر مقدمى القفجاق. فبقوا كذلك عدة (3) أيام، وكل يوم تجئ جماعة من القفجاق متفرقين (4). فاجتمع بالقلعة منهم جماعة وأرادوا قبض رشيد، وملك بلاده، ففطن (5) لذلك فخرج من باب القلعة الذى هو باب السر وهرب إلى شروان، وملك القفجاق القلعة. وقالوا لأهل البلد «نحن لكم وبين أيديكم خير [لكم (6)] من رشيد» . وأعادوا باقى (7) أصحابهم إليهم، وأخذوا السلاح الذى في القلعة جميعه، واستولوا على ما في القلعة من الأموال ورحلوا عن القلعة، وقصدوا قبله (8)، أحد بلاد الكرج، وحصروها. ورجع رشيد إلى قلعته فملكها،
(1) اضيف ما بين الحاصرتين لتوضيح المعنى من ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 407.
(2)
ما بين الحاصرتين من ابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(3)
كذا في الأصل وابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة، وفى نسخة س «عشرة» .
(4)
في الأصل «متفرقون» والصيغة المثبتة من نسخة س وابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(5)
في الأصل «وفطن» والصيغة المثبتة من س وابن الأثير نفس المرجع والجزء والصفحة.
(6)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س ومن ابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(7)
في الأصل «بعض» والصيغة المثبتة من س ومن ابن الأثير.
(8)
في الأصل «قيلة» وكتبها ناسخ نسخة م بهذا الشكل فيما يلى؛ والصيغة المثبتة من س ومن ابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة، وذكر ياقوت (معجم البلدان) أن قبله مدينة قديمة قرب الدربند من أعمال أرمينية.
وقتل من كان فيها من القفجاق. فلم يعلم القفجاق المنازلون لقبله بذلك، فأرسلوا طائفة منهم إلى القلعة التي لرشيد، فقتلهم رشيد. فلما بلغ ذلك القفجاق [106 ب] عادوا إلى الدربند، ولم يبق لهم في القلعة طمع.
وكان صاحب قبله لما حصروه أرسل يقول لهم: «إنى أرسل إلى ملك الكرج حتى يرسل إليكم الخلع والأموال، ونجتمع نحن وأنتم، ونملك البلاد» . فكفوا عن نهب ولايته أياما، ثم مدوا أيديهم إلى النهب والفساد، ونهبوا بلاد قبله جميعها، وساروا إلى قريب كنجة من بلاد أرّان، وهى للمسلمين، فنزلوا هنالك. فأرسل إليهم الأمير بكنجة (1)، وهو مملوك مظفر الدين ازبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وأرّان، عسكرا منعهم من الوصول إلى بلاده، وسير إليهم رسولا يقول لهم:«غدرتم بملك شروان وأخذتم قلعته، وغدرتم بصاحب قبله ونهبتم بلاده، فما يثق بكم أحد» . فأجابوا: «إننا (2) ما جئنا إلا قصدا لخدمة سلطانكم، فمنعنا شروان شاه (3) عنكم، فلهذا أخذنا قلعته، ثم تركناها من غير خوف. وأما صاحب قبله، فهو عدوكم وعدونا، ولو أردنا أن نكون عند الكرج جعلنا طريقنا على دربند شروان، فانه أصعب وأشق وأبعد، وكنا جئنا إلى بلادهم على عادتنا، ونحن نوجه الرهائن إليكم» .
فلما سمع صاحب كنجة هذا سار إليهم، فلما سمع القفجاق بمسيره إليهم، ركب إليه أميران منهم هما مقدماهم في نفر يسير، وجاؤا (4) إليه ولقوه وخدموه
(1) ذكر ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 408) أن اسمه كوشخرة.
(2)
في نسخة م «بأننا» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 408).
(3)
في نسخة م «شروانشاه» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير، نفس المرجع والجزء والصفحة.
(4)
وجاؤا. . . لسلطانكم، ساقط من نسخة س.
وقالوا [له (1)]: «قد أتيناك جريدة [في قلة من العدد (2)] لتعلم أننا ما قصدنا إلا الوفاء، والخدمة لسلطانكم» وأعطوه رهائنهم. فأمرهم صاحب كنجة بالنزول في أرضه، وتزوج ابنة أحدهم، وأرسل إلى مخدومه مظفر الدين أزبك [ابن البهلوان (3)] يعرفه حالهم، فأمر لهم بالخلع والنزول بجبل كيلكون (4)، ففعلوا ذلك وخافتهم الكرج، فجمعوا لهم ليكبسوهم. فوصل الخبر بذلك إلى صاحب كنجة، فأخبرهم وأمرهم بالنزول عند كنجة، فعادوا ونزلوا عندها.
وسار أمير من أمراء القفجاق إلى الكرج فكبسهم وقتل خلقا منهم، وغنم وسبى سبيا (5) كثيرا. ورجعت القفجاق إلى جبل كيلكون فنزلوا به.
وأحب أمير آخر منهم أن يفعل كمثل ما فعل صاحبه، فأرسل إليه صاحب كنجة ينهاه عن ذلك إلى أن ينكشف له خبر الكرج فلم يقبل منه، وسار إلى بلاد الكرج في طائفة [107 ا][من القفجاق (6)] فخرب وغنم [وعاد (7)].
وسارت الكرج على طريق يعرفونها وسبقوه. فلما وصل إليهم (8) قاتلوه وحملوا عليه وعلى أصحابه على غرة، ووضعوا السيف في القفجاق وأكثروا القتل فيهم، واستنقذوا منهم الغنائم. فعاد [القفجاقى (9)] هو ومن بقى معه على أقبح
(1) ما بين الحاصرتين من ابن الأثير (الكامل ج 12، ص 409).
(2)
ما بين الحاصرتين من ابن الأثير (الكامل ج 12، ص 409).
(3)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(4)
كذا في نسختى المخطوطة وكذلك في ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 409، وورد الأسم بصيغة «كيكلون» في مصدر آخر (انظر، ابن الأثير، نفس المرجع والصفحة، حاشية 2)، ولم تساعدنا المصادر المتداولة في تحقيق الصيغة الصحيحة.
(5)
في نسخة س «شيئا» والصيغة المثبتة من نسخة م.
(6)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(7)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(8)
في الأصل «وصلوا إليه» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير، (الكامل، ج 12، ص 409).
(9)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.