الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخلت سنة اثنتين وعشرين وستمائة
والممالك على ما كانت عليه في السنة الماضية.
[116 ا]
ذكر وصول السلطان جلال الدين منكبرتى بن خوارزمشاه من الهند إلى البلاد وقوة أمره
كنا قد ذكرنا (1) ما جرى بين السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه وبين التتر بعد وفاة والده السلطان علاء الدين محمد بن تكش وانتصاره عليهم، وكسره لمن كسر منهم، ثم ذكرنا اختلاف عسكره عليه وتوجهه إلى بلاد الهند. فلما كانت هذه السنة، قدم [جلال الدين بن خوارزم شاه](2) من الهند ووصل إلى كرمان ثم وصل إلى أصفهان، وكانت - كما ذكرنا (3) - قد امتنعت على التتر لعظمها وكثرة أهلها. وكانت عراق العجم كما ذكرنا (4) بيد أخيه غياث الدين، وقد سار عنها إلى بلاد فارس وملك بعض بلادها، وبقى بعضها بيد أتابك سعد.
فلما وصل السلطان جلال الدين إلى أصفهان ملكها واستولى على عراق العجم، ثم سار إلى فارس واستعاد ما أخذه أخوه منها، وسلمه إلى صاحبها سعد
(1) انظر ما سبق ص 61 وما بعدها.
(2)
اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(3)
انظر ما سبق ص 136.
(4)
انظر ما سبق ص 132.
ابن دكلا، ودخل أتابك سعد وأخوه غياث الدين في طاعته. ثم سار جلال الدين إلى خوزستان، وكانت بيد الخليفة [الإمام (1)] الناصر لدين الله، فحاصر مدينة تستر في المحرم من هذه السنه. وكان بها مملوك الخليفة مظفر الدين المعروف بوجه السبع، فحصره جلال الدين وضيق عليه. وبالغ [الأمير (2)] وجه السبع في حفظ تستر وتفرق عسكر جلال الدين (3) ينهبون، حتى وصلوا إلى بادرايا (4) وباكسايا (5) وغيرهما من أعمال بغداد. وانحدر بعضهم إلى ناحية البصرة فسار اليهم والى البصرة وهو بلتكين من قبل الخليفه، فأوقع بهم وقتل منهم جماعه. ودام حصار جلال الدين لمدينة تستر شهرين، ثم رحل عنهم بغته. وكان بالقرب منه عسكر الخليفه مع الأمير جمال الدين قشتمر، مملوك الخليفه، فلم يجسر على التقدم إليه.
ثم سار جلال الدين إلى بعقوبا (6)، وهى قرية كبيرة مشهورة بينها وبين بغداد نحو سبعة فراسخ. ولما وصل الخبر بذلك إلى بغداد تجهزوا للحصار، وأصلحوا آلات الحرب، وعاد عسكر الخليفة الذى كان بإزاء جلال الدين إلى بغداد. ونهب جلال الدين البلاد وأهلكها، وغنم هو وأصحابه ما لا يقع
(1) أضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
أضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
في ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 426 «وتفرق الخوارزمية. . .»
(4)
في نسخة م «بادرابا» وفى نسخة س «باذرايا» والاسم الصحيح وهو المثبت من ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 426 (حوادث 622)، وذكر ياقوت (معجم البلدان) أن بادرايا بليدة بالقرب من باكسايا.
(5)
في نسخة م «ياكسيا» وفى نسخة س «باكسنا» والاسم الصحيح وهو المثبت من ابن الأثير، نفس المرجع والصفحة، وذكر ياقوت (معجم البلدان) أن باكسايا بلدة قرب البندنيجين وبادرايا، بين بغداد وواسط من الجانب الشرقى في أقصى النهروان.
(6)
بعقوبا ويقال باعقوبا قرية كبيرة كان بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من أعمال طريق خراسان، وهى كثيرة الأنهار والبساتين، انظر ياقوت، معجم البلدان.
عليه الأحصاء [116 ب]، وكانوا قبل ذلك في ضائقة عظيمة، وقلة من الظهر والسلاح.
ثم سار [جلال الدين (1)] إلى دقوقا فحصرها، وصعد أهلها على الأسوار وقاتلوه وشتموه، وأكثروا من التكبير (2) عليه فعظم ذلك عليه، وجد في قتالهم، ثم أخذ المدينة عنوة، وبذل السيف في أهلها، وفعل أشنع من فعل التتر، فقتل أكثر أهلها، وذهب من سلم منهم وتفرقوا في البلاد (3). واستولى جلال الدين على ما في دقوقا من الأموال، وكان فيها متمولون كثيرون تجار.
ولما جرى ما ذكرنا على أهل دقوقا خاف أهل البوازيج (4) من جلال الدين، وهى لبدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، فطلبوا الأمان من جلال الدين وسألوه أن يبعث إليهم شحنة من قبله، وبذلوا له مالا فأجابهم [إلى ذلك (5)]، وسير إليهم من يحميهم. وذكر أن الشخص الذى سيره لحمايتهم هو أحد أولاد جنكزخان ملك التتر، كان أسره جلال الدين في بعض حروبه ثم أكرمه فصار من أصحابه فحمى أهل البوازيج. وأقام جلال الدين مكانه إلى آخر شهر ربيع الأول (6) من هذه السنة، والرسل مترددة بينه وبين مظفر الدين
(1) اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(2)
في نسخة م «التكثير» والصيغة المثبتة من نسخة س ومن ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 427.
(3)
عن استيلاء جلال الدين على دقوقا، انظر، النسوى، سيرة السلطان جلال الدين، ص 193.
(4)
البوازيج بلدة قرب تكريت انظر ما سبق ابن واصل، ج 1، ص 13 حاشية 4 وصفحة 34 حاشية 1.
(5)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س ومن ابن الأثير، نفس المرجع والجزء، ص 427.
(6)
كذا في نسختى س، م وفى ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 428 «إلى أواخر ربيع الآخر» .