الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم وقع الاتفاق بين السلطانين على انتزاع دمشق من ابن أخيهما الملك الناصر، وأنها تكون للملك الأشرف وما معها من الأعمال إلى عقبة فيق (1)، ويكون للملك الكامل ما بين غزه وعقبة فيق من البلاد والحصون، ويكون للملك الناصر داود عوضا عن بلاده - من بلاد الملك الأشرف - حران والرقه والرها وسروج ورأس عين وجملين والموزر (2)، وأن ينتزع بعلبك من الملك الأمجد بهرام شاه وتعطى هى وأعمالها للملك العزيز عثمان، وينتزع حماه والمعره وبعرين من الملك الناصر قلج أرسلان [بن المنصور (3)] وتعطى للملك المظفر [تقى الدين محمود (4)] بن المنصور، وتؤخذ سلميه من الملك المظفر وتعطى للملك المجاهد صاحب حمص؛ وكان طلبها من الملك الكامل لأنها كانت جارية في إقطاع ابنه ناصر الدين محمد بن شيركوه، وإنما أضيفت إلى الملك المظفر تقى الدين عمر ابن شاهان شاه في أيام صلاح الدين بعد موت ناصر الدين. وخرجت السنة [141 ا] والأمر على ما ذكرناه.
ذكر ما تجدد في هذه السنة من الحرب بين التتر
وجلال الدين بن خوارزم شاه
وفى هذه السنة عاود التتر الخروج إلى بلاد الإسلام، وأتاهم السلطان جلال الدين في عساكره، وجرت بينهم حروب كثيرة كان في أكثرها الظفر للتتر
(1) عقبة فيق أو أفيق ينحدر منها إلى غور الأردن ومنها يشرف على طبرية وبحيرتها؛ انظر ياقوت، معجم البلدان.
(2)
جملين والموز قلعتان كانتا على مسافة يوم من حران بين ديار مضر وديار بكر، انظر ابن العديم، زبدة الحلب، ج 2، ص 237 حاشية 4 - 5.
(3)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من المقريزى (السلوك، ج 1، ص 227).
(4)
ما بين الحاصرتين للتوضيح من المقريزى (السلوك، ج 1، ص 227).
عليه، وفى آخرها كان الظفر له. وقد ذكر في حديث هذه الحروب أن التتر الذين قصدوا البلاد في هذه السنة، لم يكن قصدهم لها بأمر ألقان، وإنما كان سخط على مقدمهم وأبعده عنه وأخرجه من بلاده فقصد بلاد خراسان فرآها خرابا، فقصد الرى ليتغلب عليها وعلى غيرها من عراق العجم، فلقيه السلطان جلال الدين وضرب معه مصافا، فانهزم جلال الدين. ثم عاود القتال وانهزم ثانيا، وقصد أصفهان وأقام بينها وبين الرى، وجمع عساكره ومن في طاعته. وورد عليه ابن أتابك سعد بن دكلا صاحب فارس، وكان أبوه سعد قدمات وملك فارس بعده إبنه. ثم عاود جلال الدين لقاء التتر مرة ثالثه، وضرب معهم مصافا. وبينما (1) هم مصطفون انفرد من عسكر جلال الدين أخوه غياث الدين وجماعة آخرون وافقوه من الأمراء والجند، فاعتزلوا وقصدوا جهة ساروا إليها. فلما رآهم التتر قد فارقوا العسكر ظنوا أنهم يريدون أن يأتوهم من وراء ظهورهم ويقاتلوهم من جهتين، فانهزمت التتر لهذا الظن (2)؛ وهذا من أغرب شئ وقع. وتبعهم ابن سعد صاحب بلاد فارس.
وأما جلال الدين فلما رأى مفارقة أخيه له ومن فارقه من الأمراء، ورأى التتر راجعين عنه، ظن أن ذلك خديعة منهم ليستدر جوه، فولى منهز ما ولم يجسر على دخول أصفهان لئلا يحصره التتر، فمضى إلى سميرم (3). وأما صاحب فارس فلما أبعد في أثر التتر، ولم ير جلال الدين خاف التتر فعاد [عنهم (4)].
(1) في المخطوطة «وبينهما» وهو تصحيف.
(2)
اعتمد ابن واصل كثيرا على ابن الأثير في سرده لهذه الأحداث، انظر ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 476 حوادث سنة 625.
(3)
سميرم بلدة تقع في منتصف المسافة بين أصبهان وشيراز، انظر ياقوت، معجم البلدان؛ أبو الفدا، تقويم البلدان، ص 411.
(4)
الإضافة من ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 477.