الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالبلد أن مظفر الدين أزبك بن البهلوان [119 ب] حلف بطلاق زوجته إبنة السلطان طغرل [السلجوقى (1)] أنه لا يقتل مملوكا له عيّنه ثم إنه قتله، فوقع عليه الطلاق بحكم ذلك. فلما ثبت ذلك عند الحاكم تزوج جلال الدين ابنة السلطان طغرل، وأقام بتوريز مدة، ثم سير منها جيشا إلى مدينة كنجه ففتحوها. وهرب مظفر الدين أزبك وكان بها (2) إلى قلعة هناك فتحصن بها ثم هلك وتلاشى أمره.
وغلب جلال الدين على البلاد بأسرها، وقصد الكرج في آخر هذه السنة وأغار عليهم.
ذكر وفاة الملك الأفضل نور الدين أبى الحسن على بن الملك
الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمهما الله
وفى هذه السنة - أعنى سنة اثنتين وعشرين وستمائة - توفى الملك الأفضل بن صلاح الدين - رحمهما الله - وليس بيده من البلاد إلا سميساط، وذلك في شهر صفر، وكان موته فجأة وعمره سبع وخمسين سنة، فملك البلد بعده أخوه الملك المفضل قطب الدين موسى وهو شقيقه.
ذكر سيرته رحمه الله
كان فاضلا متأدبا حليما عادلا، حسن السيرة، متدينا قلّ أن يعاقب على ذنب، وكان يكتب خطا حسنا، وبالجملة فقد كان مستجمعا لفضائل ومناقب تفرقت في كثير من الملوك. وكان مع ذلك قليل الحظ والسعادة جدا وهذا
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
أي بمدينة كنجة.
هو الغالب في أهل الفضل. ولله در القائل في عبد الله بن المعتز بالله، وكان تام الفضيلة في بنى العباس ولم يزل مبغضا طول عمره، ولما بويع بالخلافة وظن أن السعادة قد أقبلت عليه لم يتم له الأمر غير يوم واحد، ثم قبض عليه وقتل:
لله درّك من ملك بمضيعة
…
ناهيك في العلم والآداب والحسب
ما فيه لو ولا ليت (1) فينقصه
…
وإنما أدركته حرفة الأدب
وهكذا كان حال الملك الناصر داود بن الملك المعظم [بن الملك العادل (2)]، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
لم تنتظم للملك الأفضل حال منذتوفى والده صلاح الدين رحمهما الله [120 ا].
ملك [الأفضل (3)] دمشق بعده مدة يسيرة، ثم أخذها منه أخوه الملك العزيز عثمان، ثم ملك مصر بعد الملك العزيز وقصد دمشق وحاصرها، فلم يبق إلا أن يملكها فقطع عليه سوء الحظ ورجع عنها إلى مصر، واتبعه عمه الملك العادل وانتزع مصر منه، ولم يبق بيده غير صرخد. ثم قصد دمشق ثانيا مع أخيه الملك الظاهر فلم يتم لهما أمر واختلفا، فلم يحصل إلا على سميساط وحدها. وبعد وفاة أخيه الملك الظاهر [طمع في حلب (4) و] خرج عز الدين كيكاوس سلطان
(1) في نسخة س «ما قبله لا ولا ليت» والصيغة المثبتة من م.
(2)
ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(3)
اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح، انظر سيرة الملك الأفضل نور الدين بن صلاح الدين في (ابن خلكان، وفيات، ج 1، ص 371 - 372)؛ وكذلك ابن الأثير؛ (الكامل، ج 12، ص 428 - 429، حوادث 622)؛ وأبو الفدا، (المختصر، ج 3، ص 135).
(4)
اضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
الروم ووعده المساعدة على أخذ حلب [له (1)] وبلادها، فلم يتم لهما أمر. ورجع عز الدين مكسورا، ورجع الأفضل إلى سميساط متجرعا غصته حتى أتته منيته، فمات كمدا، وله شعر حسن ذكرنا بعضه فيما سلف.
ومن شعره قوله في السلطان غياث الدين كيخسرو بن قلج أرسلان حين طعن بالرمح (2):
وشمس غياث الدين عند ضيائها
…
وإشراقها في كل شرق ومغرب
أنار (3) لديها كوكب الرمح فاختفت
…
ولم أر شمسا قط تخفى بكوكب
ومن شعره في خضاب الشعر ويعرض بسوء حظه:
يا من يسوّد شعره بخضابه
…
لعساه من أهل الشبيبة يحصل
ها: فاختضب بسواد حظى مرة (4)
…
ولك الأمان بأنه لا ينصل
وذكر أنه لما أخذت منه دمشق كتب إلى بعض أصحابه كتابا من جملة فصوله: «وأما أصحابنا بدمشق فلا علم لى بأحد منهم وسبب ذلك أن:
أىّ صديق سألت عنه ففى
…
الذلّ وتحت الخمول في الوطن
وأى ضد سألت حالته (5)
…
سمعت ما لا تحبه أذنى
فتركت السؤال عنهم (6)»
(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(2)
في نسخة س «وقد أصابته طعنة في الحرب» .
(3)
في نسخة س «أبان» .
(4)
في نسخة س «لحظة» والصيغة المثبتة من نسخة م وكذلك أبو الفدا (المختصر، ج 3 ص 135).
(5)
صدر البيت غير مستقيم من ناحية الوزن.
(6)
انظر ابن الأثير (الكامل، ج 12، ص 429).