المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر استيلاء التتر على مراغة - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ٤

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌«الْجُزْء الرَّابِع»

- ‌مقدمة [للدكتور سعيد عباس الفاتح عاشور]

- ‌تنويه

- ‌[

- ‌ذكر وصول الملك المعظم إلى العسكر الكاملىّوتقرير قواعد أخيه الملك الكامل

- ‌ذكر حوادث في هذه السنة في الشرق

- ‌ذكر اعتضاد بدر الدين لؤلؤ بالملك الأشرف ودخوله في طاعته

- ‌ودخلت سنة ست عشرة وستمائة

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين بدر الدين لؤلؤ وعماد الدين زنكى بن أرسلانشاه وانهزام عماد الدين

- ‌ذكر وفاة نور الدين بن الملك القاهر وإقامةبدر الدين لؤلؤ أخاه ناصر الدين مقامه

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين بدر الدين لؤلؤ ومظفر الدين صاحب إربل وانهزام بدر الدين

- ‌ذكر ما تجدد لعماد الدين بن المشطوببعد إخراجه من مصر

- ‌ذكر تخريب البيت المقدس

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على ثغر دمياط

- ‌ذكر بناء المنصورة ونزول الملك الكامل بها

- ‌ذكر ظهور التتر واستيلائهم على معظمبلاد المسلمين

- ‌ذكر ما جرى بين جلال الدين خوارزم شاه وبينالتتر من الحروب ثم توجهه إلى بلاد الهند

- ‌ذكر بقية حوادث سنة ست عشرة وستمائة

- ‌ودخلت سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌ذكر خروج ابن المشطوب على الملك الأشرفثم انتصار الملك الأشرف عليه واعتقاله

- ‌ذكر إستيلاء الملك الأشرف على سنجار

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى الموصل واستقرارالصلح مع مظفر الدين [صاحب إربل

- ‌ذكر ما آلت إليه حال عماد الدين بن المشطوب

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماة رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر إستيلاء الملك الناصر بن الملكالمنصور على حماة

- ‌ ذكر إستيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازى ابن الملك العادل على خلاط وبلادها مع ميافارقين

- ‌ذكر مسير الملوك والعساكر الأسلامية إلى مصر نجدة للسلطانالملك الكامل رحمه الله

- ‌ذكر نزول الفرنج في مقابلة السلطان الملكالكامل

- ‌ذكر قدوم الملوك والعساكر الإسلامية إلى مصر

- ‌ذكر فتح دمياط والنصرة على الفرنج

- ‌ودخلت سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌ذكر الحرب بين الترك القفجاق وبين الكرج

- ‌ذكر نهب الكرج مدينة بيلقان

- ‌ذكر المتجددات بالموصل في هذه السنة

- ‌ذكر مسير السلطان الملك الأشرف إلى الديارالمصريه ومقامه بها عند أخيه السلطان الملك الكاملرحمهما الله

- ‌ذكر قصد الملك المعظم شرف الدين عيسىصاحب دمشق حماة وبلادها

- ‌ذكر استيلاء الملك المسعود بن الملك الكاملصاحب اليمن على مكة حرسها الله تعالى

- ‌ودخلت سنة عشرين وستمائة

- ‌ذكر رحيل الملك المعظم عن سلمية ورجوعه إلىدمشق وابتداء الوحشة بينه وبين أخويه باطنا

- ‌ذكر انتزاع سلمية من الملك الناصر صاحب حماهوتسليمها إلى أخيه الملك المظفر تقى الدين محمود

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى حلب بالخلع السلطانيةوالتقليد للسلطان الملك العزيز بن الملك الظاهر رحمه الله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر خلاط والكرج

- ‌ودخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌ذكر عود التتر إلى الرى وهمذان

- ‌ذكر استيلاء غياث الدين بن خوارزم شاه علىبلاد فارس

- ‌ذكر عصيان الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملكالعادل على أخيه الملك الأشرف بخلاط

- ‌ودخلت سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌ ذكر وصول السلطان جلال الدين منكبرتى بن خوارزمشاه من الهند إلى البلاد وقوة أمره

- ‌ذكر الحرب في هذه السنة بين المسلمين والكرج

- ‌ذكر استيلاء جلال الدين خوارزم شاهعلى بلاد أذربيجان

- ‌ذكر وفاة الملك الأفضل نور الدين أبى الحسن على بن الملكالناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمهما الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر وفاة الإمام الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضيئ بنور الله رحمه الله

- ‌ذكر سيرة الأمام الناصر لدين الله رحمه الله

- ‌ودخلت سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌ذكر منازلة الملك المعظم مدينة حمص [125 ا]

- ‌ذكر رحيل الملك المعظم عن حمص وقدوم الملكالأشرف عليه ومقامه عنده بدمشق

- ‌ذكر إستيلاء جلال الدين بن خوارزم شاه على تفليس

- ‌ذكر مسير جلال الدين بن خوارزم شاهإلى كرمان لعصيان أهلها عليه

- ‌ ذكر الحرب بين عسكر الملك الأشرف وجلال الدين بن خوارزم شاه

- ‌ذكر منازلة مظفر الدين بن زين الدين صاحبإربل الموصل

- ‌ذكر حصر جلال الدين بن خوارزم شاه خلاط وهو الحصر الأول

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌خلافة الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين بن الظاهر

- ‌ذكر إيقاع جلال الدين بن خوارزم شاه بالأيوانية

- ‌ ذكر الحرب في هذه السنة بين صاحب آمد وسلطان الروم

- ‌ودخلت سنة أربع وعشرين وستمائه

- ‌ذكر رجوع الملك الأشرف إلا بلاده وتخلصه من أخيهالملك المعظم

- ‌ذكر إستيلاء عساكر الملك الأشرف على بعض بلادجلال الدين ثم خروجها عنهم

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك المعظم رحمه الله

- ‌[ذكر سيرته رحمه الله]

- ‌[ذكر أولاده رحمه الله]

- ‌ذكر استيلاء الملك الناصر داود بن الملك المعظم على مملكة والده

- ‌ودخلت سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌ ذكر مفارقة الملك العزيز بن الملك العادل ابن أخيه الملك الناصر ومضيه إلى أخيه الملك الكامل

- ‌ذكر قدوم الملك الأشرف إلى دمشق نجدة لابن أخيهالملك الناصر [داود بن الملك المعظم

- ‌ذكر مسير الملك الأشرف إلى نابلس وصحبته الملك الناصروصاحب حمص

- ‌ذكر وصول الملك الأشرف إلى معسكر أخيه الملك الكاملوما جرى بينهما من الاتفاق

- ‌ذكر ما تجدد في هذه السنة من الحرب بين التتروجلال الدين بن خوارزم شاه

- ‌ذكر قدوم الأنبرطور فردريك ملك الفرنج إلى عكا وعمارة صيدا

- ‌ذكر نهب السلطان جلال الدين خوارزم شاه أعمال خلاط

- ‌ودخلت سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌ذكر منازلة السلطان الملك الكامل دمشق وحصاره لها

- ‌ذكر الوصلة بين الملك العزيز بن الملك الظاهرصاحب حلب وخاله السلطان اللملك الكاملبظاهر دمشق

- ‌ذكر استيلاء الملك الكامل على مدينة دمشق وتعويضالملك الناصر بن الملك المعظم عنها الكرك وما معها من البلاد

- ‌ذكر إستيلاء الملك الأشرف على دمشق بتسليم السلطانالملك الكامل إياها إليه

- ‌ذكر وفاة الملك المسعود صلاح الدين يوسفابن السلطان الملك الكامل صاحب اليمن رحمه الله

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر القبض على حسام الدين الحاجب عليّنائب الملك الأشرف بخلاط وقتله

- ‌ذكر رحيل السلطان الملك الكامل إلى الشرق والوصلةبين الملك المظفر وبينه

- ‌ذكر رجوع السلطان الملك الكامل إلى الديار المصرية

- ‌ذكر محاصرة عسكر السلطان الملك الأشرف بعلبك

- ‌ذكر محاصرة السلطان جلال الدين بن [155 ا] خوارزم شاه خلاطومنازلته لها وهى المنازلة الثانية

- ‌ودخلت سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌ذكر استيلاء الملك الأشرف على بعلبك

- ‌ذكر مقتل الملك الأمجد صاحب بعلبك

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر انتصار الملك المظفر صاحب حماة على الفرنج بظاهر حماة

- ‌ذكر حادثة غريبة

- ‌ودخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌[ذكر استقلال السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهرصاحب حلب بالسلطنة وقيامه بأعبائها

- ‌ذكر خروج التتر في هذه السنة إلى البلاد وما فعلوهمن سفك الدماء والإفساد

- ‌ذكر استيلاء التتر على مراغة

- ‌ذكر طاعة أهل أذربيجان للتتر

- ‌المصادر والمراجع

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المراجع العربية

- ‌ثالثا: المراجع الأوربية

الفصل: ‌ذكر استيلاء التتر على مراغة

ولم ير التابوت سكت ولم ينكر. وهذه الواقعة من أعجب الأشياء، وقد بلغتنى من جهات، ولا أشك فيها (1) من حيث الجملة وإن اختلف في تفصيلها.

‌ذكر استيلاء التتر على مراغة

ثم حصر التتر - مدينة مراغة وهى من أعظم بلاد أذربيجان، فامتنع أهلها أولا ثم أذعنوا بالتسليم (2) على أمان طلبوه [فأمنوهم (3)]، فدخل التتر البلد (4). ولما دخلوه قتلوا فيه، إلا أنهم لم يكثروا في القتل، وأقاموا في البلد شحنة من قبلهم، وعظم حينئذ شأن التتر، واشتد خوف الناس منهم بأذربيجان.

ذكر كبس التتر السلطان جلال الدين [بن علاء (5) الدين] بن

خوارزم شاه عند آمد وهزيمته منهم ثم مقتله

[165 ا] ولما تمكن التتر في بلاد أذربيجان، يقتلون ويخربون السواد، وينهبون الأموال، وهم عازمون على قصد جلال الدين وتتبعه، ورأى [جلال الدين](6) ما هو فيه من الوهن والضعف، فارق بلاد أذربيجان وقصد بلاد خلاط، وأرسل إلى نائب السلطان الملك الأشرف بها يقول:«إنا لم نأت للحرب والأذى، وإنما خوف هذا العدو حملنا على قصد بلادكم» .

(1) في نسخة س «ولا شك فيها» والصيغة المثبتة من م.

(2)

في نسخة م «للتسليم» والصيغة المثبتة من نسخة م وكذلك من ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 497.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في م وفى ابن الاثير (نفس المرجع والجزء والصفحة)«فبذلوا لهم الأمان» .

(4)

في نسخة س «وفتحوا لهم البلد» والصيغة المثبتة من م.

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(6)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

ص: 320

وكان عزم على أن يقصد بلاد ديار بكر والجزيرة، ويقصد بعد ذلك الخليفة [المستنصر بالله ملتجئا إليه، ومستنجدا به وبملوك المسلمين على التتر، ويطلب منهم المساعدة على دفعهم، ويحذرهم عاقبة (1) إهمالهم].

ولما وصل إلى خلاط، وبلغه أن التتر في طلبه، سار إلى آمد وبها صاحبها الملك المسعود بن الملك الصالح محمود بن محمد الأرتقى [فنزل بالقرب منها، وجعل له اليزك (2) في عدة مواضع خوفا من كبس التتر له. والذى خافه وقع فيه فإن التتر كبسوه ليلا (3)]. فلم يشعر إلا والتتر قد خالطوا معسكره.

فذكر لى أنه كان له حظية يحبها فخرج من خيمته وأركبها فرسا؛ وسلمها إلى بعض أصحابه، وأمره أن يذهب بها إلى موضع يأمن عليها فيه.

ثم ركب جلال الدين ومعه نفر يسير من أصحابه وولوا منهزمين. ونهب التتر المعسكر، وقتلوا من ظفروا به من العسكر، والباقون ولوا منهزمين يمينا وشمالا، وتمزقوا كل ممزق (4).

(1) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م؛ انظر أيضا ابن الأثير، الكامل، ج 12 ص 498.

(2)

اليزك معناه طلائع الجيش انظر ما سبق، ابن واصل، ج 2 ص 38 حاشيه 3.

(3)

ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م وذكر النسوى - الذى كان ملازما لجلال الدين منكبرتى حتى آخر أيامه وكان موضعا لثقته يشاوره في كل أمر، ويعهد إليه بكل ما هو خطير من أمور دولته - أن التجاء جلال الدين إلى آمد «مثل الغريق يتعلق بما تصل إليه يده، وقد قصر عن السباحه وكده، وشرب تلك الليلة فسكر، فناله من سكرة خماره دوار الرأس وقطع الأنفاس، فلا صحو إلا إذا نفخ في الصور وبعثر ما في القبور» انظر سيرة السلطان جلال الدين منكبرتى، ص 377 - 378.

(4)

ذكر النسوى أيضا - وكان ملازما للسلطان جلال الدين - أنه هرب فقال: «وكنت قد سهرت تلك الليلة للكتابة فغلبنى النوم في أخرياتها، فلم أشعر إلا بالغلام ينبهنى ويقول: قم فقد قامت القيامة، فلبست سريعا، وخرجت هريعا، وتركت في المنزلة ما ملكته جميعا» انظر سيرة السلطان جلال الدين، ص 378.

ص: 321

وقصد جلال الدين ومن معه جهة ميافارقين، وقصد أن يصل إلى صاحبها الملك المظفر شهاب الدين غازى بن الملك العادل، ويمتنع بميافارقين أو ببعض معاقلها من التتر، إلى أن يتراجع أصحابه إليه. وساق جلال الدين سوقا عنيفا لشدة ما خالطه من الرعب، وانقطع عنه من انهزم معه من أصحابه. وكان فرسه أسبق من خيلهم وأنجب. وبقى وحده ليس معه أحد، فوصل إلى قرية من قرى ميافارقين وبعث بعض أهل القرية إلى الملك المظفر شهاب الدين يعرفه [بوصول جلال الدين إلى تلك القرية (1)]. وكان بتلك القرية رجل كردى كان عسكر جلال الدين قتلوا أباه وأخاه، فوثب [ذلك الكردى (2)] على جلال الدين فقتله (3). وبلغ قتله الملك المظفر شهاب الدين [غازى بن الملك العادل (4)] فعظم ذلك عليه، وتألم له. وحكى [أن شهاب الدين](5) سير إلى تلك القرية ليكشف عن أمره [165 ب] فأحضرت له عدة جلال الدين وملبوسه، فعرف ذلك بعض الخوارزمية الذين كانوا هربوا إليه من أصحاب جلال الدين، وشهد عنده أن هذه عدة جلال الدين وملبوسه، فتحقق حينئذ قتله. وكان [الملك المظفر (6)] يؤثر أن يجتمع به ليحسن إليه ويتخذ عنده يدا. ولو سلم [جلال الدين](7) حتى يجتمع به

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وفى نسخة م «وصول إليه» .

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(3)

انظر أيضا النسوى (سيرة السلطان جلال الدين، ص 382).

(4)

ما بين الحاصرتين للتوضيح.

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وفى م «أنه» .

(6)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(7)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 322

لعاضده، وكان أصحاب جلال الدين المنهزمين (1) اجتمعوا عنده، ولكن إذا قضى الله أمرا فلا مرد له.

واشتهر في البلاد أن جلال الدين انقطع خبره، وكان الناس يظنون أنه ذهب إلى [بلاد (2)] الهند كما فعل أول مرة، أو إلى بعض الجهات، وبقوا مدة يترجونه. وبقى جماعة من العجم والخوارزمية بعد موته مدة طويلة ينتظرون عوده كما ينتظر الحاكمية عود (3) الحاكم، والإمامية محمد بن الحسن المنتظر، والكيسانية محمد بن الحنفية.

[وأما حظيته الذى بعثها جلال الدين مع بعض أصحابه فإنه لما سمع بفقد جلال الدين وصح ذلك عنه، أخذها ومضى بها إلى بغداد، وأهداها للخليفة الإمام المستنصر بالله، فكانت عنده من أجل حظاياه إلى أن ماتت في أيامه (4)].

وكان هذا الرجل [جلال الدين (5)] مع ما حكيناه من ظلمه وسفكه الدماء، ذا شهامة وعزم وإقدام وهمة عالية. وكان سدا بيننا وبين التتر، فبهلاكه تمكنت التتر من العراق والروم والجزيرة والتطرق إلى الشام، ولله تعالى تدبير هو بالغه.

(1) في نسخة م «المتفرقون» والصيغة المثبتة مكتوبة في هامش نسخة س.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(3)

في نسخة س «عودة» والصيغة المثبتة من م.

(4)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في نسخة م.

(5)

ما بين الحاصرتين من نسخة س وساقط في نسخة م.

ص: 323

ولم تزل هيبة التتر في القلوب عظيمة إلى أن كسرهم الملك المظفر سيف الدين قطز [صاحب الديار المصرية بعين جالوت رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جنات النعيم -؛ ثم كسروا ثانية بحمص على يد الملك الأشرف صاحب حمص ابن الملك المنصور، وعلى يد الملك المنصور صاحب حماة ابن الملك المظفر تقى الدين؛ ثم كسرهم الملك الظاهر ركن الدين بيبرس صاحب الديار المصرية على الفرات وهى الكسرة الثالثة، ثم كسروا رابعة على يده ببلاد الروم. ثم كسرهم الملك المنصور سيف الدين قلاون صاحب الديار المصرية والشام - بتأييد من الله - على مدينة حمص وهى الكسرة الخامسة التي لم يتقدمها مثلها. ونحن نرجوا من الله تعالى استئصالهم، وقلع شأفتهم قريبا غير بعيد إن شاء الله تعالى (1)].

ولما هلك جلال الدين [بن علاء الدين خوارزم شاه (2)] تمكنت التتر الملاعين من البلاد، واستولوا على بلاد أذربيجان وأرّان وعراق العجم، وكرمان وغيرها. ونازلوا أصفهان، وكانت قد سلمت منهم [إلى هذه الغاية (3)]، وفيها جمع عظيم من العجم، فوقع بين أهلها خلف فتمكنت التتر منهم بسبب ذلك، وملكوها وملكوا بقية البلاد. وساقت التتر بعد كسرهم جلال الدين في هذه السنة إلى الفرات، وهذه أول سنة وصلوا فيها إلى الفرات، ونهبوا ما وجدوه في طريقهم وأحرقوا وقتلوا، واضطرب الشام بسبب وصولهم [166 ا] إلى الفرات اضطرابا شديدا.

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س وورد مختصرا في نسخة م.

(2)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

(3)

ما بين الحاصرتين من نسخة س.

ص: 324

وقصدت الخوارزمية - أصحاب جلال الدين وقد اجتمعوا في نحو اثنى عشر ألف فارس - السلطان علاء الدين [كيقباذ بن كيخسرو السلجوقى (1)] سلطان الروم فاستخدمهم، وأقاموا عنده، ثم كان من أمرهم ما سنذكره إن شاء الله تعالى (2).

ونهب التتر سواد آمد وأرزن وميافارقين، وقصدوا أسعرد (3) فقاتلهم أهلها، فبذل لهم التتر الأمان، واطمأن أهل البلد إلى أمانهم واستسلموا.

فلما تمكن التتر منهم، بذلوا (4) فيهم السيف وقتلوهم حتى كادوا يأتون عليهم فلم يسلم إلا الشاذ النادر.

وحكى (5) بعض التجار أنهم حزروا القتلى فكانوا يزيدون على خمسة عشر ألفا. وكانت مدة الحصار على أسعرد خمسة أيام. ثم بعد فراغهم منها ساروا إلى [طنزة (6)] ففعلوا فيها كذلك. ثم ساروا إلى واد قريب من طنزة يقال له وادى القريشية (7)، فيه قوم من الأكراد يقال لهم القريشية (8). وفى الوادى مياه

(1) ما بين الحاصرتين من نسخة س، انظر أيضا زامباور، معجم الأنساب ج 2 ص 215.

(2)

هنا ينقطع النص في نسخة س، وسوف يشار إلى نهاية الجزء الساقط.

(3)

كذا في المتن وكذلك في ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 499) بينما ورد اسم هذه المدينة في أبى الفدا (تقويم البلدان، ص 288 - 289) سعرت وقيل اسعرذ وذكر أنها بالقرب من شط دجلة.

(4)

في ابن الأثير، الكامل، ج 12، ص 499:«وضعوا» .

(5)

في ابن الأثير (نفس المرجع والجزء والصفحة): «وحكى لى» .

(6)

طنزة بلدة بجزيرة ابن عمر من ديار بكر، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(7)

في المخطوطة القرشية والصيغة المثبته من ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 499). وذكر ياقوت (معجم البلدان) أن القرشية قرية قرب جزيرة ابن عمر من نواحى الجزيرة.

(8)

في المخطوطة القرشية والصيغة المثبته من ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 499). وذكر ياقوت (معجم البلدان) أن القرشية قرية قرب جزيرة ابن عمر من نواحى الجزيرة.

ص: 325

جارية، وبساتين كثيرة، والطريق إليه ضيق، فقاتلتهم القريشية (1) ومنعوهم منه، فامتنعوا عليهم، وقتل منهم كثير، فعاد التتر ولم يبلغوا منهم غرضا.

ثم ساروا في البلاد يقتلون ويخربون فلا يمنعهم مانع، ولا يقف بين أيديهم أحد. ثم ساروا إلى ماردين فنهبوا ما وجدوا في بلدها، واحتمى الملك المنصور ناصر الدين الأرتقى صاحبها ومن معه وأهل دنيسر بقلعة ماردين.

ثم وصلوا نصيبين فأقاموا عليها بعض نهار، ونهبوا سوادها، وقتلوا من ظفروا به، وغلقت أبوابها فعادوا عنها ومضوا إلى سنجار، ووصلوا إلى الجبال وبلد سنجار فنهبوها، ثم دخلوا الخابور، فوصلوا إلى عرابان (2) فنهبوا وقتلوا وعادوا. ومضت طائفة إلى طريق الموصل، فوصلوا إلى المؤنسة (3) - وهى قرية بين الموصل ونصيبين - فنهبوها واحتمى أهلها وغيرهم بخان فيها فدخلوه وقتلوا كل من فيه.

وحكى رجل منهم (4) قال: اختفيت منهم في بيت فيه تبن فلم يظفروا بى، وكنت أراهم من منفذ من البيت، وكانوا إذا أرادوا قتل إنسان، فيقول (5):

«لا بالله» ، فيقتلونه. فلما فرغوا من القوم (6)، ونهبوا الذى نهبوا، وسبوا الحريم

(1) في المخطوطة القرشية والصيغة المثبتة من ابن الأثير.

(2)

عرابان او عربان بليدة بالخابور من أرض الجزيرة، أنظر ياقوت (معجم البلدان).

(3)

في المتن «المونسته» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 500) ومن ياقوت (معجم البلدان).

(4)

ذكر ابن الأثير (نفس المرجع والجزء والصفحة)«وحكى لى عن رجل منهم. . . . .» .

(5)

في الأصل «يقول» والصيغة المثبتة من ابن الأثير.

(6)

كذا في الأصل وفى ابن الأثير: «القرية» .

ص: 326

رأيتهم يلعبون على الخيل ويغنون بلغتهم، ويقولون:«لا بالله» - حكاية لما سمعوه من الذين قتلوهم.

ثم مضت طائفة منهم إلى نصيبين الروم [166 ب] وهى على الفرات، وهى من أعمال آمد فنهبوها وقتلوا [من] فيها، ثم عادوا إلى آمد، ثم قصدوا بدليس (1) فتحصن أهلها بالقلعة وبالجبال، فقتلوا من وجدوه، وأحرقوا المدينة.

وحكى شخص من أهل بد ليس قال: «لو كان عندنا خمس مائة فارس لم يسلم من التتر أحد؛ لأن الطريق ضيق بين الجبال، والقليل يقدر على منع الكثير» .

ثم ساروا إلى أعمال خلاط ففعلوا كذلك، وألقى الله سبحانه في قلوب المسلمين منهم الرعب، حتى كان الرجل منهم يدخل الدرب وفيه جماعة كثيرة، أو القرية وفيه جمع كثير، فلا يزال يقتلهم واحدا واحدا حتى يأتى عليهم، ولا يجسر أحد منهم يمد يده إليه.

وقد ذكر أن واحدا منهم أخذ رجلا، ولم يكن مع التترى سلاح (2)، وقال لذلك الرجل:«ضع رأسك على الأرض» ، فوضع رأسه على الأرض، ومضى التترى وأحضر سيفا فقتله به.

وحكى شخص قال: كنت أنا وسبعة عشر رجلا في طريق فجاءنا إنسان من التتر (3)، وأمرنا أن يكتف بعضنا بعضا، فشرع أصحابى يفعلون كذلك، فقلت لهم:«هذا رجل واحد فلم لا نقتله ونهرب» . فقالوا:

(1) بد ليس بلدة من نواحى أرمينية قرب خلاط. انظر ياقوت (معجم البلدان).

(2)

كذا في المخطوطة وفى ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 501)«ولم يكن مع التترى ما يقتله به» .

(3)

كذا في المخطوطة وفى ابن الأثير «فارس من التتر» .

ص: 327

«نخاف» . فقلت لهم: «هذا يريد قتلكم الساعة، فنحن نقتله، فلعل الله يخلصنا» . فما جسر أحد منهم يفعل ذلك، فأخذت سكينا فقتلته بها وهربنا فنجونا.

ووصلت طائفة منهم إلى إربل من ناحية أذربيجان فقتلوا في طريقهم من الإيوانية (1) والأكراد وغيرهم خلقا. ثم دخلوا بلاد إربل فنهبوا القرى، وقتلوا من ظفروا به، فبرز مظفر الدين بن زين الدين رحمه الله في عسكره، وبعث إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، يستمده، فسير إليه عساكره، فلم يصلوا إلى إربل. وعاد التتر إلى أذربيجان بعد أن وصلوا الكرخينى (2) ودقوقا، وقتلوا خلقا من المسلمين، ولم يذعرهم أحد، ولم يقف أحد في وجوههم من المسلمين، وهذا غاية الخذلان. وامتلأت قلوب أهل الآفاق رعبا منهم، ولم يحدث أحد نفسه بأنه يمكن لقاؤهم إلى أن انتصر الله للمسلمين بهذه الطائفة من الترك الذين هم عسكر مصر، فإنهم أسقطوا هيبتهم من القلوب، مع ما يسره الله تعالى [167 ا] من تفرق كلمة التتر بعد أن كانت مجتمعة متفقة. وقد جاء في الحديث أنهم يسوقون المسلمين ثلاث سياقات، وفى الثالثة يصطلمون (3). وأظن - إن شاء الله - أن السياقة الأولى هى السياقة التي ملكوا فيها الشام، وبلغت خيلهم إلى غزه، وهرب الناس بين أيديهم

(1) في الأصل «الأيوية» وهو تصحيف، والصيغة المثبتة من ابن الأثير (الكامل، ج 12 ص 501)، عن الإيوانية انظر ما سبق ص 202.

(2)

بدون تنقيط في الأصل وكرخينى قلعة حصينة بين دقوقا وإربل، انظر ياقوت (معجم البلدان).

(3)

اصطلمه أي استأصله (القاموس المحيط).

ص: 328