الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أغيظ موقف يقفه الرسول في حياته
وأثناء تفقد القتلى، بحث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمه حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن وادي قناة قد مثل به المشركون أشنع تمثيل، حيث فتحت بطنه وانتزعت كبده من بين جنبيه للتشفي.
فكان منظرًا مريعًا لم يكن أوجع منه لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم (كما صرح هو بذلك).
فقد كان حمزة رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخاه في الرضاعة وكان فوق ذلك كله رجلا يعد بالآلاف في المعارك، وكان مثلًا عاليًا للشهامة والنجدة والنبل، وكان عضد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يستعر لهيب الحرب، فكان الإسلام (يوم مقتل حمزة) في أمس الحاجة إلى أمثاله من القادة الشجعان، لأن الأخطار العسكرية كانت تكتنف الدعوة الإسلامية الناشئة من كل جانب.
فكان مصرع حمزة (بحق) يوم ذاك خسارة عسكرية فادحة بالنسبة للمسلمين، ولم ينل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحزن مثل ما ناله يوم أن وقف على جثمان عمه البطل الشهيد.
قال ابن إسحاق: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده، ومثل به فجدع أنفه وأذناه.
فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمه حمزة ورأي ما به من تشويه شنيع، قال: لن أُصاب بمثلك أبدًا، ما وقفت موقفًا أغيظ إلى من هذا (1).
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم
…
لئن أظهرني الله على قريش في موطن لأمثلن بثلاثين رجلًا منهم - ولما رأى المسلمون ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من حزن وغيظ علي من فعل بعمه ما فعل قالوا، لئن أظفرنا الله بهم يومًا من الدهر (يعني قريشًا) لنمثلن بهم مثلة (2) لم يمثلها أحد من العرب (3).
فأنزل الله في قوله هذا الذي توعد به قريشًا، قوله تعالى:
وبعد نزول هذه الآية عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عزمه الذي اعتزم به للتمثيل بقتلى العدو، ثم عفا وصبر، بل نهى عن المثلة أيا كانت وفي أي كان.
فعن الحسن بن سمرة بن جندب قال
…
ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام قط ففارقة حتى يأمرنا بالصدقة وينهانا عن المثلة (1).
(1) سيرة ابن هشام ج 2 ص 96 ط الحلبي 1375 هـ.
(2)
المثلة (بضم أوله وسكون ثانية) هنا تشويه جثث القتلى والعبث بها في تشف.
(3)
البداية والنهاية ج 4 ص 40.
(4)
النحل 127.