الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التهھيؤ للمعركة
وبعد أن اطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وضع فصيلة الرماة التي تمركزت في الجبل أخذ يهيئ الصفوف ويوزع المسئوليات على القادة.
لقد كان الوضع دقيقًا جدًّا بالنسبة للمسلمين، فقد كان التفاوت في العدد والمداد وجوده التسلح بين الفريقين كبيرًا جدًّا.
فقد كانت النسبة في العدد، كل مسلم مقابل أربعة من المشركين (على الأقل)، كما أن المشركين يمتاز جيشهم بكتيبة سلاح الفرسان التي تتألف من مائتي فارس، في حين أن جيش الإسلام ليس فيه من هذا السلاح سوى فرس واحد فقط. يضاف إلى هذا أن أكثر رجال الجيش الإسلامي من الحاسرين، إذ لا يوجد بيھنهم سوى مائة من لابسي الدروع.
بينما يوجد في جيش مكة من لابسي الدروع سبعمائة مقاتل، وهو عدد يوازي جيںش المدينة بأكمله.
فكل هذا التفاوت يستوجب الاهتمام والملاحظة والدقة والتركيز في وضع الخطط واختيار الأكفاء من الشجعان ليكونوا في مقدمة الصفوف لمواجهة الموقف والثبات عند الصدمة الأولى.
ولقد نجح الرسول صلى الله عليه وسلم في التعويض عن النقص العددي في رجاله، باختياره نخبة ممتازة من صناديد المسلمين ورجالاتهم المشهورين بالنجدة والبسالة، والذين يوزنون بالآلاف، وجعلهم في مقدمة، الصفوف ليكونوا طليعة جيشه حين تلتحم الجموع.
وفي مقدمة هؤلاء حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو بكر الصديق ومصعب بن عمير
وطلحة بن عبيد الله وعبد الله بن جحش وسعد بن معاذ (1) وسعد بن عبادة (2) وسعد بن الربيع، وأبو دجانة (3) وأنس بن النضر (4) ، وأمثالهم من أهل النجدة والبأس واليقين.
(1) هؤلاء التسعة تقدمت ترجمتهم في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(2)
هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل كان سيد الخزرج، وكان من الأمراء الأشراف المرموقين في الجاهلية والإسلام. وكان أحد الإثني عشر نقيبًا الذين تولوا (عن قومهم) إبرام معاهدة العقبة في منى، قيل إنه لم يشهد بدرا لمرض ألم به، كان من أجواد العرب المشهورين، وهو الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته بقوله "اللهم صلاواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة" كان يطمع في الخلاقة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك امتنع عن مبايعة أبي بكر ولما تولى الأمر عمر بن الخطاب، عاتبه على تخلفه عن البيعة، فقال له سعد، كان والله صاحبك (أبو بكر) أحب إلينا منك، وقد أصحبت كارهًا لجوارك، فقال عمر: من كره جوار جاره تحول عنه، فلم يلبث سعد أن خرج إلى الشام مهاجرا ومكث بحوران حتى مات فيها سنة أربع عشرة هـ، وروى سعد عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحدًا وعشرين حديثًا.
(3)
أبو دجانة، اسمه، سماك (بفتح أوله وثانيه مع التشديد) بن خرشة (بالتحريك مع الفتح) الخزرجي البياضي الأنصاري، صحابي جليل، شجاع مقدام، له آثار عظيمة في الإسلام شهد بدر، وأرعب المشركين يوم أحد، ثبت بعد حادثة الجبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان (ساعة انفضاض الناس عن الرسول) قد ترس عليه بنفسه لحمايته من النبل، فكان النبل يقع في ظهره وهو غير مكترث، وقد دافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعًا مجيدا، وقد جرح يوم أحد جراحات كثيرة، شهد أبو دجانة حرب اليمامة وشارك في قتل مسيلمة الكذاب وقتل شهيدًا في تلك الحرب.
(4)
هو أنس بن النضر بن ضمضم الخزرجھي الأنصاري، وهو عم أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم. ثبت أنہس رضي الله عنه يوم أحد، وهو الذي قال لما رأى بعض المسلمين يلقون بأسلحتهم، لانتشار إشاعة مقتل النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تصنعون بالحياة بعده (أي إن كان قتل حقًّا) ثم أخذ سيفه وغاص في جيش المشركين وهو يقول: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء
…
يعني المسلمين .. ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، يعني المشركين، فاته الاشتراك في معركة بدر، ولذلك كان حريصا على حضور معركة أحد فاستشهد فيها رضي الله عنه.