الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصرع الأسد
وعندما بدأ سيل الهزيمة يجرف صفوف المشركين، فقد المسلمون (وهم في غمرة النصر) بطلًا من أعظم أبطالها وقائدا من أمهر قوادها، وهو أسد الله ورسوله (حمزة بن عبد المطلب) عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، فقد امتدت يد الغدر والاغتيال إلى هذا الأسد وهو يهدم صفوف الشرك بسيفه.
وكان الذي قتل حمزة (والمسملون في غمرة النصر) عبد حبشي اسمه (وحشي، ولقبه أبو دسمة) قتل الأسد غيلة إذ اغتاله بحربته على بعد منه، قذف بها وهو كامن وراء شجرة.
قاتل حمزة يروي القصة
ولنترك هذا القاتل الغادر يروي بنفسه قصة الفاجعة التي أنزلتها حربته الغادرة بالمسلمين وهم في ذروة النصر، يوم أُحد.
قال وحشي: "كنت غلامًا لجبير بن مُطعم"(وكان عمه طعيمة بن عدي قد قتله حمزة يوم بدر) فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير: (إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق).
قال: فخرجت مع الناس، وكنت رجلًا حبشيًّا أقذف بالحربة قذف الحبشة قل ما أخطئ بها شيئًا، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس كأنه جمل أورق يهد الناس بسيفه ما يبقى به شيئًا، فوالله إني لأتهيأ له أريده، وأستتر منه بشجرة أو حجر إذ تقدم منه سباع بن عبد العزى، فلما رآه حمزة قال: (هلم إلي يا بن
مقطعة البظور) أتحاد الله ورسوله، قال فضربه ضربة فكأنما أخطأ رأسه.
قال وحشي، وهززت حربتي حتى إذ رضيت منها دفعتها نحوه، فوقعت في ثنتيه حتى خرجت من بين رجليه وذهب لينوء نحوي فغُلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى المعسكر وقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، إنما قتلته لأعتق، فلما قدمت مكة عتقت، ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف فمكثت بها، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا، تعيت علي المذاهب فقلت ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد، فوالله إني لفي ذلك من همي، إذ قال لي رجل: ويحك والله لا يقتل أحدًا من الناس دخل في دينه وشهد شهادة الحق.
قال وحشي
…
فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله المدينة، فلم يرعه إلا بي قائمًا على رأسه أشهد شهادة الحق، فلما رآني قال لي:
أوحشي أنت؟ ؟
قال نعم يا رسول الله.
قال .. اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة.
قال .. فحدثته، فلما فرغت من حديثي قال
…
ويحك غيب عني وجهك، فكنت أتنكب برسول الله حيث كان لئلا يراني حتى قبضه الله".
ومن الجدير بالذكر أن وحشيًّا هذا كان يواصل الجهاد مع المسلمين (وكان شجاعًا فاتكًا) شهد معركة اليرموك ضد الرومان.