الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد اجتمع زعماء قريش في برلمانهم (دار الندوة) للتشاور في الأمر، وبعد مناقشات ومداولات وافقوا بالإجماع على اقتراح قدمه كل من عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية وعبد اللَّه بن أبي ربيعة، يقضي برصد خمسين ألف دينار ذهبًا (وهو ما يساوى اليوم حوالي مليون ريال سعودي) كميزانية لذلك الغزو، كما وافق (برلمان قريش) بالإجماع على أن يكون هذا الرصيد من أموال العير المشؤومة التي نجا بها أبو سفيان من قبضة جيش المدينة قبل معركة بدر بقليل.
فقال احتجزت قريش تلك العہير وأوقفتها في دار الندوة ولم تعط لأربابها شيئًا منها حتى اتخذت قريش ذلك القرار الذي يقضى برصد ميزانية الغزومن أموال هذه العير (1).
وقال أنزل الله تعالى في تدبيرات قريش الحربية هذه قوله:
المتطوعون في الغزو
ك ما وافق برلمان قريش على (اقتراح قدمه صفوان بين أُمية) يقضي بفتح باب الطواع لغير القرشين من القبائل المجاورة للمشاركة في غزو المسلمين، على أن ترسل قريش مندوبين للقيام بهذه المهمة، لتشجيع قبائل كنانة على هذا التطوع.
(1) انظر السيرة الحلبية ج 2 ص 13.
(2)
الأنفال: 36.
وقد اختارت قريش لهذه المهمة شاعرين من قبيلة (جُمح القرشية) أحدهما مسافع بن عبد مناف بنوهب بن حذافة بن جمح (بضم الجيم وفتح الميم)(1) والثاني أبو عزة (عمرو بن عبد الله الجمحى)(2) أما أبو عزة فقد استدعاه صفوان بن أمية (وكان من أغنياء قريش) وطلب منه القيام بمهمة تحريض قبائل كنانة على التطوع لحرب محمد قائلًا:
(يا أبا عزة إنك امرؤ شاعر، فأعنَّا بلسانك، فقال: إن محمدًا قد من على فلا أريد أن أظاهر عليه).
فأغراه صفوان قائلًا:
(فأعنَّا، فلك الله على إن رجعت أن أغنيك، وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتى يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر)، فانصاع أبو عزة لإغراء صفوان.
فخرج الشاعران إلى قبائل كنانة يحضانها على الاشتراك مع قريش في حرب النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان مما قاله مسافع يحرض بني مالك من كنانة، ناشدًا إياهم الرحم والجوار:
يا مال، مال الحساب المقدم
…
أنشد ذا القربى وذا التذمم
من كان ذا رحم ومن لم يرحم
…
الحلف وسط البلد المحرم
عند حطيم الكعبة المعظم
(1) قال في السيرة الحلبية إن مسافعا هذا لا يعلم له إسلام، لكن في كلام ابن عبد البر: مسافع بن عياض بن صخر القرشي التيمي له صحبة، وكان شاعرًا.
(2)
أبو عزة هذا أسره المسلمون في غزوة بدر، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم من عليه لفقره ولكثرة بناته، على أن لا يظاهر عليه أحدًا، ولكنه غدر، فأسر مرة أخرى في معركة أحد فضربت عنقه.