الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعزم على مهاجمة المسلمين في حمراء، وأجمع السير إلى محمد وأصحابه ليستأصل بقيتهم (1).
وفعلًا، أبلغ ركب عبد القيس رسالة أبي سفيان التهديدية إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام تجاهل هذا التهديد، فلم يتضعضع عزمه بل ظل مكانه (في حمراء الأسد) معسكرًا بجيشه ثلاثة أيام يوقد النيران طيلة لياليها، ليدل قريشًا (في تحد) على مكانه وأنه على عزمه مستعد لخوض المعركة الفاصلة ضدهم، ولما لم تفد هذه المناورة القرشية في زعزعة عزائم المسلمين، وتأكد لدى أبي سفيان ثبات الجيش الإسلامي وإصراره على اللقاء، انحنى للعاصفة (كما يقولون) وولى الأدبار، مفضلًا عار الانسحاب (أمام تحدي المسلمين) على الدخول بجيشه في مغامرة عسكرية قد تكون سببًا في القضاء على سمعة قريش إلى الأبد، فتراجع إلى مكة بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال معسكرًا بجيشه في حمراء الأسد .. انسحب أبو سفيان بالجيش المكي هاربًا به من الروحاء، بالرغم من أن هذا الجيش يبلغ عدده أكثر من أربعة أضعاف الجيش الإسلامي الذي خرج لمطاردته من المدينة.
عودة الجيش الإسلامي إلى المدينة
وبعد انسحاب أبي سفيان بعسكره من الروحاء إلى مكة، عاد النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه الباسل إلى المدينة مرفوع الرأس وقد سجل بهذه الحركة العسكرية الجريئة السريعة نصرًا سياسيًا وعسكريًا باهرًا.
(1) السيرة الحلبية ج 2 ص 51.
فقد كانت حملة حمراء الأسد الناجحة هذه سببًا في استعادة هيبة المسلمين ومكانتهم في النفوس، حيث أثبتوا بهذه الحملة الجريئة للمتربصين (من المنافقين واليهود والأعراب) فساد ظنهم وخطأ تفكيرهم، وأن المسلمين أعظم وأشد وأقوى مما كانوا يظنون.
كما أثبت الرسول القائد العظيم، بهذه الحركة السريعة للعرب أجمعين أن أبا سفيان لم يكن منتصرًا انتصارا حقيقيا في معركة أُحد، وأن نصره لم يكن إلا نصرًا مزيفًا، جاء نتيجة غلطة فحسب.
وقد أقر كبار القادة العسكريين (في السابق والحاضر) بأن حركة المطاردة التي قام بها النبي إلى حمراء الأسد، كانت مناورة عسكرية رائعة حيث حفظ بها النبي صلى الله عليه وسلم سمعة جيشه واستعاد بها هيبتهم ومكانتهم التي كادوا يفقدونها على أثر ما أصابهم في معركة أُحُد.