الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء الله بنبيه إليها مهاجرًا، إذ تسابقت قبيلتا الأوس والخزرج إلى الدخول في الإسلام والالتفاف حول النبي صلى الله عليه وسلم ، - أمام شخصيته العظيمة المحبوبة - تلاشت شخصية ذلك المنافق الذي كان قاب قوسين أو أدنى من ارتقاء عرش المدينة.
وهذا هو سر ما يحمله ذلك المنافق الكبير من بغض عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم وحقد جارف عليه، فكان (مع تظاهره بالإسلام) يتربص بالنبي ودعوته الدوائر ويتحين الفرص للإطاحة بسلطان الإسلام ورسالته. .
وقد بدأت معركة النفاق (سافرة ضد النبي) بانسحاب عبد الله بن أبي بمن أطاعه من حزب النفاق أثناء تحرك القوات الإسلامية من المدينة نحو أُحد، قال الشيخ محمد الغزالي:
"وهذا من عبد الله بن أُبيّ وحزبه عمل ينطوي على الاستهانة بمستقبل الإسلام وغدر به في أحرج الظروف، وتلك أبرز خصائص النفاق"(1).
فوران النفاق بالمدينة
إنه من الملاحظ أن هؤلاء المنافقين (مع حرصهم على القضاء على المسلمين وسنوح الفرصة لهم بوجود الجيش المكي) لم يقوموا بأي عمل عسكري ضد المسلمين وهم يصارعون المشركين في أُحد.
ولا شك أن قادة النفاق (بالمدينة) قد فكروا في الانضمام إلى عسكر مكة ضد النبي (في معركة أُحد) ولكن يظهر أن الذي أثناهم عن ذلك هو
(1) فقه السيرة ص 200.
خوفهم أن تدور الدائرة على المشركين، أو يفشل الجيش المكي في القضاء على المسلمين (كما حدث فعلًا في معركة أُحد)، فينزل بهم (أي المنافقين) عقاب الإبادة، لذلك ظلت قلوبهم مع المشركين وسيوفهم على الحياد، في انتظار النتيجة النهائية للمعركة.
غير أن هؤلاء المنافقين اغتنموا فرصة النكبة التي نزلت بالمسلمين في معركة أُحد، فأخذوا يكاشفون النبي بعداوتهم ويعلنون سخريتهم من الإسلام والمسلمين، الأمر الذي ما كانوا يجرأون على الجهر بشيء منه قبل معركة أُحد.
ففي مساء اليوم الذي انتهت فيه المعركة بدأ المنافقون ينظمون حملات دعائية مسمومة ضد النبي ودعوته ويشككون الناس في الإسلام ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويذيعون بأنه ليس نبيًّا (حقًّا) وإنما هو طالب ملك، كما أنهم أيضًا صاروا يبثون سموم التفرقة بين المسلمين، ويوهمون الناس بأن المسلمين (بعد معركة أُحد) قد ضعفوا وأن سلطانهم آخذ في الانهيار.
قال ابن كثير في البداية والنهاية: وأخذ المنافقون (عند بكاء المسلمين) في المكر والتفريق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحزين المسلمين، وظهر غش اليهود، وفارت المدينة بالنفاق فوران المرجل، وقالت اليهود لو كان نبيًّا ما ظهروا عليه، ولا أُصيب منه ما أصيب، ولكنه طالب ملك تكون له الدولة وعليه، وقال المنافقون مثل قولهم، وقالوا للمسلمين لو كنتم أطعتمونا ما أصابكم الذين أصابوا منكم" أهـ.
ولا شك أن هذه الحملة الدعائية الخبيثة من اليهود والمنافقين