الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأسرع إليهم بجيشه، وحث السير ليباغتهم، قبل أن يتحركوا (كما هي عادته) في تأديب الأعراب.
ولكن بني سُلَيم لما بلغهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تحرك بجيشه نحوهم، تفرقوا في الجبال ولم يثبتوا للقاء، ولكن الرسول (إمعانًا في إرهاباهم) جاس بدوريته خلال ديارهم، ولم يرحل عنها إلا بعد أن أقام بها شهرين، وقد كان القيام بهذه الحملة في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة.
7 - سرية زيد بن حارثة
غير أن أهم هذه المناوشات (في تلك الفترة) هي تلك الحملة العسكرية الموفقة التي قادها زيد بن حارثة الكلبى (1) بعد سبعة أشهر من معركة بدر.
وتفصيل ذلك أن قريشًا بعد هزيمتهم في معركة بدر وسيطرة المسلمين على منطقة يثرب حتى البحر غربًا أصبحوا لا يأمنون الطريق الغربية التي كانوا يمرون عبرها بتجارتهم من الشام إلى مكة والتي تمر بالقرب من يثرب.
وقد كانت هذه الطريق أيسر وأقرب طريق بالنسبة لسير القوافل من مكة إلى الشام وبالعكس، فكان المكيون (عبر مئات السنين) يمرون بهذا الطريق بقوافلهم، فيدخلون الشام عن طريق الحدود الأردنية الحالية، وهي أول حدود الشام القديمة بالنسبة لجزيزة العرب، حيث كان (في ذلك الوقت) كل من سورية والأردن وفلسطين ولبنان يُعبّر
(1) تقدمت ترجمته في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
عنه بالشام، حتى جاءت الحرب العالمية الثانية فحصلت التجزئة الحالية.
ولما أصبحت هذه الطريق الغربية تحت سيطرة المسلمين (تقريبًا)، قرر القرشيون أن لا تمر قوافلهم مرة أخرى عبر هذا الطريق، خوف وقوعها في قبضة المسلمين، وذلك على أثر مؤتمر عقدوه في مكة، قال فيه صفوان بن أمية (1) لقريش (وهو من كبار تجارها وقادتها).
إن محمدًا وصحبه عوروا علينا متجرنا (يعني بسيطرتهم على الطريق الغربية)، فما ندرى كيف نصنع بأصحابه وهم لا يبرحون الساحل، وأهل الساحل قد وادعوهم، ودخل عامتهم معه، فما ندرى أين نسلك، وإن أقمنا في ديارنا هذه أكلنا رؤوس أموالنا فلم يكن لها من بقاء، وإنما حياتنا بمكة على التجارة إلى الشام في الصيف وإلى الحبشة في الشتاء.
وبعد مناقشات ومداولات تم الاتفاق بين زعماء قريش على أن تكون رحلاتهم التجارية إلى الشام عبر الطريق الشرقية وهي طريق طويلة جدًّا تمر بأرض نجد ثم العراق حتى الشام، وهي أطول وأكثر صعوبة من الطريق الغربية، ولكنهم قرروا سولكها ظنًّا منهم أنها أكثر وأضمن سلامة من الطريق القديمة التي سيطر عليها المسلمون.
ولما كانت قريش تجهل هذه الطريق الجديدة كل الجهل، استأجرت رجلا نجديًا من بني بكر بن وائل (اسمه فرات بن حيان)(2) ليدلهم على الطريق.
(1) تقدمة ترجمته في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(2)
هو فرات بن ثعلبة اليشكري ثم العجلي حليف بني سهم، وأسرته دورية زيد بن حارثة عند استيلائها على عير قريش بأرض نجد، ثم أسلم وحسن إسلامه، وقد =