المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسباب التماسك بعد الهزيمة - من معارك الإسلام الفاصلة = موسوعة الغزوات الكبرى - جـ ٢

[محمد بن أحمد باشميل]

فهرس الكتاب

- ‌ 2 -غَزْوَةُ أُحُد

- ‌المقدمة

- ‌قبس من نور الرسول القائد

- ‌كلمة المؤلف

- ‌أُحد

- ‌جبل عينين

- ‌الفْصَل الأوّل

- ‌مجمل الأحداث السياسية والعسكرية بين معركتي بدر وأحد

- ‌المعاهدة بين الرسول واليهود

- ‌ومن أهم بنود هذه المعاهدة:

- ‌سلسلة المتاعب الداخلية

- ‌اليهود ينقضون المعاهدة

- ‌فتنة يهود بني قينقاع

- ‌يتحدون النبي

- ‌الشرارة الأولى

- ‌الحصار ثم التسليم

- ‌رأس النفاق يتوسط

- ‌الجلاء عن المدينة

- ‌طاغية اليهود يتمرد

- ‌مصرع الطاغية

- ‌استكانة اليهود

- ‌النشاط العسكري قبل موقعة أحد

- ‌دوريات المسلمين

- ‌4 - غزوة السويق

- ‌5 - غزوة ذي أمر

- ‌محاولة اغتيال النبي

- ‌6 - غزوة بحران

- ‌7 - سرية زيد بن حارثة

- ‌استخبارات الرسول تكشف القافلة

- ‌مصادرة العير

- ‌الفصل الثاني

- ‌أسباب المعركة

- ‌الاستعداد المعركة

- ‌ميزانية الحملة

- ‌المتطوعون في الغزو

- ‌مبلغ قوة قريش الغازية

- ‌توزيع القيادة

- ‌نساء القادة في الجيش

- ‌التحريض على اغتيال حمزة

- ‌جيش مكة يتحرك نحو المدينة

- ‌نشاط الاستخبارات النبوية

- ‌استعداد المدينة للمعركة

- ‌حالة الطواريء في المدينة

- ‌محاولة نبش قبر والدة الرسول

- ‌المجلس العسكري الأعلى

- ‌الاختلاف في الرأي

- ‌النبي يترك رأيه للأغلبية

- ‌النبي يرفض الرجوع إلى رأيه الأول

- ‌الجيش يتحرك من المدينة

- ‌مبلغ قوة جيش المدينة

- ‌لا ننتصر بأهل الكفر

- ‌استعراض الجيش

- ‌المبيت بين أحد والمدينة

- ‌التمرد في جيش المدينة

- ‌هدف المنافقين من التمرد

- ‌محاولة نصح المتمردين

- ‌فشل مؤامرة التمرد

- ‌اختلاف جديد داخل الجيش

- ‌خلاصة الجيش بعد التمرد

- ‌إلى أحد

- ‌الدليل إلى أحد

- ‌أعمى القلب أعمى البصر

- ‌المعسكر النبوي في أحد

- ‌التعبئة للقتال

- ‌كتيبة الرماة في الجبل

- ‌أنضح الخيل عنا بالنبل

- ‌لا تبرحوا حتى أرسل إليكم

- ‌التهھيؤ للمعركة

- ‌من يأخذ هذا السيف بحقه

- ‌مشية يبغضها الله إلا في الحرب

- ‌العدو يتهيأ للقتال

- ‌القائد العام لجيش مكة

- ‌أبو سفيان يحرض حملة اللواء

- ‌المنازعات السياسية قبل المعركة

- ‌أبو عامر الراهب الخائن

- ‌مجهود نساء قريش في المعركة

- ‌ويهًا بني عبد الدار

- ‌الفصل الثالث

- ‌هجوم المشركين

- ‌أولى ثمرات الخطة الحكيمة

- ‌نقل المعركة حول لواء قريش

- ‌مصرع قائد حملة لواء مكة

- ‌حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌إبادة حملة المشركين

- ‌احتدام المعركة

- ‌الهزيمة تنزل بجيش مكة

- ‌انتصار المسلمين

- ‌مصرع الأسد

- ‌قاتل حمزة يروي القصة

- ‌رجل يعد بالآلاف

- ‌السيطرة على الموقف

- ‌الفارس ذو العصابة

- ‌كاد يقتل هند بنت عتبة

- ‌الفصل الرابع

- ‌الخوف من اقتحام الخيالة الجبل

- ‌قيام الرماة بواجبهم أول المعركة

- ‌غلطة الرماة الشنيعة

- ‌الرماة يتمردون على قائدهم

- ‌نزول الكارثة بالمسلمين

- ‌المسلمون بين نارين

- ‌المسلمون يقتلون بعضهم

- ‌كيف انقسم الجيش الإسلامي

- ‌إشاعة مقتل الرسول

- ‌تفكير بعض المسلمين بالاستسلام

- ‌إن رب محمد لم يقتل

- ‌الرسول ينقذ الموقف

- ‌تحسن الحالة بعد النكسة

- ‌الهجوم على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المعركة تحتدم حول الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌النبي الجريح

- ‌ليس لك من الأمر شيء

- ‌المشركون يديمون زخم الهجوم على النبي

- ‌الفصل الخامس

- ‌بطولة الأنصار

- ‌دور الرماة في الدفاع عن النبي

- ‌يرمي المشركين بألف سهم

- ‌بطولة نادرة

- ‌يستشهد يوم زفافه

- ‌يستأذن النبي في قتل أبيه

- ‌كاد يقتل القائد العام

- ‌غسيل الملائكة

- ‌هيه أيها الشباب المسلم

- ‌الإجازة الأبدية

- ‌الأب يركل جثة ابنه

- ‌منقذ أبي سفيان

- ‌دور المرأة في المعركة

- ‌المرأة التي قاتلت يوم أحد

- ‌متى يجب القتال على المرأة

- ‌ثناء الرسول على أم عمارة

- ‌لم تشترك امرأة غير نسيبة في القتال

- ‌نساء المدينة يقمن بالإسعاف

- ‌يفقد عينه في المعركة

- ‌الانسحاب المنظم

- ‌الرسول يشرع في الانسحاب نحو الجبل

- ‌نجاح الانسحاب وإشاعة مقتل النبي

- ‌انسحاب المسلمين ليس انسحاب المنهزم

- ‌ضراوة القتال أثناء الانسحاب

- ‌الشقي الذي قتله الرسول بيده

- ‌اعتصام المسلمين بالجبل

- ‌كاد المسلمون يقتلون النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تأثير الجراح على قوة الرسول

- ‌تجمع المسلمين في الجبل

- ‌طلب الرسول للماء

- ‌آخر هجوم يقوم به المشركون

- ‌خسارة قريش في هجومها الفاشل الأخير

- ‌النبي يصلي قاعدًا من تأثير الجراح

- ‌إنهاء القتال

- ‌تشويه جثة سيد الشهداء

- ‌هند تفتخر شعرًا

- ‌ويحك اكتمها عني

- ‌الفصل السادس

- ‌أبو سفيان لا يعلم حقيقة مصير الرسول

- ‌أبو سفيان يقابل ابن الخطاب

- ‌أبو سفيان يعتذر للمسلمين عن المثلة

- ‌الجيش المكي ينسحب

- ‌مراقبة تحركات العدو

- ‌لماذا لم يهاجم أبو سفيان المدينة

- ‌السبب الحقيقي

- ‌النبي يتفقد القتلى والجرحى

- ‌سعد بن الربيع

- ‌هكذا تصنع العقائد الأبطال

- ‌أغيظ موقف يقفه الرسول في حياته

- ‌إني أخاف على عقلها

- ‌دفن الشهداء دونما غسل أو صلاة

- ‌دفن أكثر من شهيد في قبر واحد

- ‌النبي يأمر بإعادة القتلى من المدينة

- ‌الأرض لا تأكل جسد الشهيد في الله

- ‌دعاء الرسول بعد المعركة

- ‌الرسول يتحدث عن مقام الشهداء

- ‌مصير قتلى الوطنية المجردة

- ‌يهودي في صفوف المسلمين

- ‌شجاعة قزمان المنافق

- ‌القومي غير الديني

- ‌أشهد أنك رسول الله

- ‌مخيريق خير يهود

- ‌المفارقات العجيبة

- ‌الفصل السابع

- ‌عودة الجيش الإسلامي إلى المدينة

- ‌إن زوج المرأة لبمكان

- ‌أم سعد بن معاذ

- ‌جيش النبي يدخل المدينة

- ‌غسل السيوف من الدم

- ‌كيف تلقت المدينة نبأ الكارثة

- ‌منع النياحة على القتلى

- ‌حالة الطواريء في المدينة

- ‌حملة حمراء الأسد

- ‌نصر مزيف

- ‌جيش المدينة يطارد جيش مكة

- ‌جابر بن عبد الله

- ‌الحملة تتحرك

- ‌كبت المنافقين واليهود

- ‌مؤتمر الروحاء

- ‌المفاجأة المذهلة

- ‌حليف مشرك يخلص للمسلمين

- ‌ويحك ما تقول

- ‌حراجة موقف جيش مكة

- ‌أبو سفيان ينحني للعاصفة

- ‌مناورة أبي سفيان لتغطية انسحابه

- ‌رسالة التهديد

- ‌عودة الجيش الإسلامي إلى المدينة

- ‌الفصل الثامن

- ‌قتلى الفريقين في المعركة

- ‌عدد شهداء المهاجرين وأسماؤهم

- ‌عدد شهداء الأنصار وأسماؤهم

- ‌نسبة الشهداء بين الأوس والخزرج

- ‌الجرحى المسلمين

- ‌خسائر المشركين في المعركة

- ‌تنفيذ حكم الإعداد في جاسوس

- ‌القرآن يتحدث عن المعركة

- ‌الفصل التاسع

- ‌مقارنة بين بدر وأحد

- ‌استمرار الخلافات داخل الجيش

- ‌ولكن هل انتصر المشركون حقًّا

- ‌المشركون لم ينتصروا حقًّا

- ‌أدلة الانتصار الحقيقي

- ‌انسحاب أشباه بالفرار

- ‌نتائج المعارك لا تقاس بالخسائر

- ‌الصفحات الثلاث

- ‌جيش بلا عقيدة

- ‌رأي آخر لضابط عسكري عراقي

- ‌أسباب التماسك بعد الهزيمة

- ‌تعليق اللواء الركن خطاب

- ‌معسكر أشبه بقلعة

- ‌فائدة بقاء الرسول في مقر الرئاسة

- ‌المشاكل بعد المعركة

- ‌فوران النفاق بالمدينة

- ‌إهانة رأس النفاق في المسجد

- ‌استعداد قريش لغزو المدينة من جديد

- ‌كيف جابه الرسول الموقف

- ‌ملحق…واستدراك

الفصل: ‌أسباب التماسك بعد الهزيمة

أفلتوا من قبضته وشقوا طريقهم عبر صفوفهم نحو الشعب من أُحد حيث يوجد قائدهم الأعلى النبي، بعد أن دفعوا لهذا التخلص ثمنًا قوامه عشرة في المائة من مجموع قواتهم، ففوتوا (بذلك) على قريش أثمن فرصة سنحت لهم للقضاء على الجيش الإسلامي بالإبادة أو الأسر.

وقد اعتبر كثير من العسكريين تمكن المسلمين من كسر الطوقال في ضربه المشركون حولهم وإفلاتهم، نصرًا جديدًا سجله المسلمون واندحارًا ثانيا مُني به المشركون.

‌أسباب التماسك بعد الهزيمة

فما هي الأسباب التي جعلت هذا الجيش الصغير المنكوب ينجو من فناء محقق ويجمع شتاته ويعيد تنظيمه من جديد، ويصمد في وجه جيش مكة (الذي ظن نفسه، بعد الانتكاسة سيد الموقف) ثم يجبره على الانسحاب من ميدان المعركة دون أن يحقق أهدافه، حيث حال بينه وبين تسجيل ما يمكن تسميته انتصارًا؟ يمكننا (من الناحية العسكرية) الإشارة إلى مجمل أسباب ذلك، كما يلي:

1 -

القيادة الحكيمة وشجاعة القائد العام

فمما لا جدال فيه أن كل قائد عام مسئول، يعلم تمام العلم، أن مسألة تحطيم جيشه أو تماسكه في مثل تلك اللحظة الحرجة الحاسمة التي مر بها الجيش النبوي في أُحد بعد حادثة الجبل، إنما تتوقف على شجاعة هذا القائد أو تخاذله، فإن تخاذل القائد العام تخاذل جيشه وانهزم، وإن ثبت وصمد، كان جيشه تبعا له في هذا الثبات والصمود.

ص: 284

ولقد أظهر الرسول القائد (ساعة انتكاسة الجيش الإسلامي في أُحد) شجاعة منقطعة النظير بلغت إلى حد الكمال، وأظهر من الحكمة في القيادة والحنكة في التصرف في تلك الساعات الدقيقة الحرجة ما مكنه من حماية جيشه الصغير من ضياع وتدمير محققين.

فقد وجد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه - بعد حركة التفاف خالد على جنده - منعزلًا تمامًا في مقر قيادته حيث تمزقت صفوف المسلمين تمزقًا شديدًا، وتفرق من حوله عامة جندة فأصبح وحدة (تقريبًا) عرضه لهجمات المشركين الضارية، فكانت صدمة عنيفة جديرة بأن تنهار لها أعصاب أعاظم القواد (وخاصة في ذلك العصر الذي يعتمد فيه القائد على رماح جنده وسيوفهم فحسب).

ولكن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم صمد أمام هذه النازلة، وسيطر على أعصابه فثبت (ثبوت الرواسي) أمام تيارات تلك العاصفة المخيفة التي تبعثر لها جنده على ساحة الهزيمة، لا يدرون ماذا يصنعون وإلى أين يتجهون، لا سيما بعد أن سرت بينهم إشاعة مقتل نبيهم صلى الله عليه وسلم، فوقف صلى الله عليه وسلم على مرتفع (رابط الجأش ثابت الجنان) ونادى بأعلى صوته (هلموا إلى أنا رسول الله). فكان لصيحته تلك أكبر الأثر في إعادة الروح المعنوية إلى نفوس أصحابه الذين سمعوا صوته الحبيب، فما إن علموا بمكانه حتى توافدوا إليه وأخذوا في تنظيم صفوفهم من جديد، وانتشر بين عامة الجيش الإسلامي نبأ سلامة نبيهم القائد فتراجعت فلولهم وأخذوا يتحلقون حول قائدهم ويناضلون المشركين في شجاعة واستبسال، حتى تغلبوا على جند مكة، إذ حالوا بينه وبين تحقيق الهدف الذي جاءوا من أجله والذي

ص: 285

سنحت لهم فرصة تحقيقه (بعد الانتكاسة) وهو إنزال الهزيمة الساحقة بالجيشي الإسلامي.

وهكذا كان لثبات الرسول صلى الله عليه وسلم وحكمته وشجاعته الفائقة في تلك اللحظات الشديدة الحرجة، المقام الأول في تماسك الجند الإسلامي بعودة المنهزمين وإقدام المترددين إلى ساحة الوغى وصمودهم في وجه الجيش المكي الذي أعادوه خائبًا من حيث أتى، بعد أن كان سيد الوقف بعد حادثة الجبل.

قال مولانا محمد علي في كتابه (حياة محمد ورسالته) عند تعليقه على شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتضحيته وتعريض نفسه للخطر في سبيل إنقاذ أصحابه بعد الانتكاسة، قال:

فلم يكد ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد ينقض على المسلمين ويحتل الموقع الذي هجره الرماة حتى أدرك عظم الخطر المحدق بالجيش الإسلامي، ولم يكن أمامه في تلك اللحظات غير سبيلين اثنين، يستطيع انتهاجهما. إما أن يكفل سلامته الشخصية، بالشخوص إلى مفزع ما، تاركًا أصحابه لمصيرهم المقدور، وإما أن يناديهم مخاطرًا بنفسه لكي ينقذهم من الخطر، ولقد اختار السبيل الثانية (على ما فيها من مغامرة تعرض حياته للخطر) فصاح بأعلى صوته (هلموا إلي أنا رسول الله)، ولم يكد الصوت يبلغ آذانهم حتى التفوا كلهم نحوه وشقوا طريقهم إليه عبر صفوف العدو.

ص: 286