الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد، فبهذه الآيات الكريمة نعلن افتتاح هذه الدورة الثانية من المناظرة بين الإسلام والنصرانية التي نظمت لتكون مناقشة لأفكار أو لعقائد الديانة النصرانية، ولبعض الشكوك والشبهات التي تثار حول الديانة الإسلامية. ولكني أولا أقدم إليكم جيمس بخيت ليحدثكم عن وجهة نظره أو أسلوبه مع إخوته في إدارة المناقشة فليتفضل.
كلمة جيمس بخيت:
أيها السادة الكرام: نشكر الله على مساعدتنا لمواصلة ما بدأناه من نقاش روحي هادف فيما يختص بالأمور المسيحية والإسلامية أملًا لإزالة الشكوك من نفوس الاخوة الذين تقدموا للالتقاء بسيادتكم. ولا شك أنكم تتوقعون الإجابة أي الرد على ما جاء في النقاش السابق، ولكن نسبة لظروف خارجة عن إرادتنا فلم نحضر أي رد، وسيوضح الأخ فضيلة الملحق الديني السعودي بالخرطوم هذه الظروف وشكرا.
كلمة الشيخ: طاهر أحمد طالبي الملحق الديني السعودي:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ونصلي ونسلم على أنبيائه ورسله وعلى خاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه.
كان من الطبيعي أن يدرس جيمس وزملاؤه النقاش الذي دار في الليلة الماضية، ثم يحفضروا هذه الليلة وجهات نظرهم حيال ما دار في النقاش.
ولكنه لظروف خارجة عن إرادة الجميع فقد اتفقنا معه هذه الليلة أن يستمر
النقاش يوميا ريثما تنتهي الإجابة على جميع الأسئلة التي أوردها في خطابه والتي سجلت على الأشرطة. وبعد ذلك تتاح لهم جميعا الفرصة لدراسة جميع الحلقات والرد عليها متى شاءوا.
هذا ما تم الاتفاق عليه، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع وأن يهدينا سواء السبيل إنه على ذلك قدير وعلى الله وسلم على سيدنا محمد. ثم تحدث الدكتور: محمد جميل غازي قائلًا: في الدورة الأولى تحدث اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب عن (قانونية الأناجيل) ولقيت هناك بعض الأسئلة التي وإن كان قد ألم بها سيادة اللواء ولكننا نريد أن نعيد هذه الأسئلة مرة ثانية.
هذه الأسئلة التي سبق أن طرحناها تدور حول: هل يمكن للباحث العلمي أن يقطع أن هناك الآن إنجيلًا ينسب إلى المسيح؟ ولقد تفضل سيادته بالإجابة فوضح أن هذه المتناقضات الموجودة في الأناجيل على رغم قلة حجمها لأن الأناجيل قليلة جدا في الحجم، فهذا هو حجم الأناجيل كلها. - ولوح سيادته بأسفار العهد الجديد- فإذا ثبت أن هذه الأناجيل تحتوي على بعض التناقضات ولو تناقضا واحدا- لا مائة تناقض (1) - فإن ذلك يبطل كونها وحيا من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الذي نزل على رسول أمي وعلى أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب قال:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} .
يعني لو أن القرآن كان من عند غير اللُه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. ولذلك فإن كل مسلم يعلن صراحة: أخرجوا لنا تناقضا واحدا من القرآن
(1) يراجع في تناقضات العهدين القديم والجديد كتاب (إظهار الحق) لرحمة الله الهندي.
الكريم بآياته التي بلغت 6236 آية. إن أحدا لا يجرؤ أن يقول إن في القرآن تناقضا واحدا، ونحن بين أيديكم نستطيع أن نواجه أي اتهام أو شك أو ريب يثبت أن في القرآن تناقضا واحدا. أما الأناجيل فقد رأيتم أنه على قلة حجمها فهي متناقضة، بل إن هناك تناقضا في الصفحة الواحدة. وأضرب لكم مثلًا لشيء من هذا التناقض في صفحة واحدة.
في إنجيل متى مثلًا نجد عشرات من هذه التناقضات ويمكن أن نشير إلى بعض منها من غير تحيز. يقول السيد المسيح لبطرس: " وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقدر عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماء، وكل ما تحله في الأرض يكون محلولا في السماء. إذن- بطرس قال له المسيح: أنت صخرة، وأنت قوي، وأن الشياطين لا تستطيع أن تدخل في خلالك ولا أبواب الجحيم، وأن عليك أبني كنيستي، ثم أعطاه وعدا أو عهدا عجيبا أن " ما حللته في الأرض أحله في السماء، وما ربطته في الأرض أربطه في السماء ". ما تفعله أنا أفعله وما تريده أنا أريده. أي أن إرادة الله تابعة لإرادة بطرس. وهذا هو الذي جاء في القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ
ابْنَ مَرْيَمَ} . «فقال عدي بن حاتم الطائي وكان نصرانيا وأسلم، يا رسول الله ما كنا نعبدهم. على أساس فهمه أن العبادة تعني الركوع على رجليه أو
الصلاة له. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: " ألم يكونوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بكلامهم "؟ قال بلى، قال: " فتلك عبادتهم من دون الله» (1) . إذن- أن يكون هناك حق التحليل والتحريم لغير الله وحده فهذا هو الشرك. ولذلك نجد الإسلام ينفي أن تكون سلطة التحليل والتحريم إلا لله.
فلا تكون حتى للرسول محمد صلى الله عليه وسلم فالرسول لا يملك حق التحليل والتحريم إلا بوحي من الله، والله عتب عليه حينما حرم على نفسه شيئا فقال له:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} . (2)
في هذا النص الإنجيلي الذي قرأته عليكم نجد مكانة بطرس عالية.
ولكن انظر في آخر الصفحة ماذا يقول؟
في أول الصفحة نجد بطرس - كما يقول الإنجيل على لسان المسيح - هو الصخرة التي سيقيم عليها المسيح بناء دعوته، ويشدها إليه، وهو صخرة راسخة لا تنال أبواب الجحيم منها، وأن بيده مفاتيح ملكوت السماوات. ثم لا تكاد العين تتملى هذه الصورة العظيمة لبطرس حتى تلقاها صورة أخرى مضادة تماما تمسخ هذا الحواري مسخا وتحيله من إنسان إلهي إلى شيطان مريد. هكذا فجأة. . وأين ذلك؟ . . في إنجيل متى نفسه وفي نفس الإصحاح رقم 16 وبعد عددين اثنين- أي حوالي سطرين فقط- من كلمات السيد المسيح المبشرة له.
يقول متى: " من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي
(1) هذا جزء من حديث طويل، أخرجه الترمذي في كتاب التفسير 4 / 342، وابن جرير الطبري في تفسيره 14 / 209-210، وعزاه ابن كثير في تفسيره 2 / 349 إلى أحمد في المسند. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن سلام بن حرب، وغطيف بن أعين: ليس بمعروف في الحديث آخر كلامه. المحقق.
(2)
سورة التحريم، آية 1.