الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسيح يدعو إلى التوحيد
وفي إنجيل (لوقا 18: 18- 19) : " سأله رئيس قائلًا أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية. فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحًا. ليس أحد صالحًا إلا واحد هو الله ".
ولقد بيَّن لنا الدكتور محمد جميل غازي حديث الرسول الذي قال فيه «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح عيسى ابن مريم» . ذلك أن الإطراء باب من أبواب الضياع والمتاهات. لقد حرص المسيح على أن ينفي عن نفسه صفة الصلاح ويردها إلى الله وحده فكيف يقال بعد ذلك إن المسيح إله أو ابن الله. بل أكثر من هذا نجد في إنجيل (مرقس 12: 28-29) : " فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسنًا سأله: أية وصية هي أول الكل؟ فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد ". فلم يدع المسيح أنه إله يعبد لكن موقفه أمام الله كموقف كل بني إسرائيل. ولقد نادى المسيح بالتوحيد صراحة فقال في إنجيل (يوحنا 17: 3) : " وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ". وفي حديثه مع مريم المجدلية الذي ذكره إنجيل (يوحنا 20: 17-18) : " قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ". فعلاقة المسيح بالله كعلاقة التلاميذ بالله، كلهم عبيده.
وحينما نتأمل تاريخ الأنبياء نجد أن موسى عليه السلام بعد أن قتل المصري هرب إلى البرية وبقي بها أربعين سنة يرعى الغنم ويتأمل صنع الله في الأرض وفي السماء وكان ذلك تحت رعاية الله حتى يتأهل لحمل الرسالة بمشاقها
ومتاعبها. وكذلك تعرض يوسف لمحن كثيرة بدأت بتآمر إخوته عليه، ثم بيعه إلى عزيز مصر ليخدم في بيته، ثم اتهامه بمداعبة امرأة العزيز، وأخيرًا برأه الله - سبحانه - وصار بعد ذلك الوزير الأول لملك مصر.
وكذلك كان أمر المسيح، فقبل أن يبدأ دعوته في سن الثلاثين - حسب كلام لوقا - نجده قد ذهب من بلدته الناصرة إلى البرية وبقي هناك أربعين يومًا بلا طعام ثم جاءه إبليس ليجربه بثلاث تجارب نجح فيها جميعًا، وانتصر على إبليس وأصبح بذلك معدًّا ليكون رسول الله.
ثم يقول إنجيل (لوقا 4: 14-15) : " ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل، وخرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة. وكان يعلم في مجامعهم ممجدًا من الجميع ". ونجد في إنجيل (متى 4: 11) : " ثم تركه إبليس وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه ". لقد أعد المسيح للرسالة كما أعد سائر الأنبياء قبله. وهذه شهادة أقرب الناس إلى المسيح وأعني به بطرس رئيس التلاميذ الذي يقول في (سفر أعمال الرسل 2: 22) : " أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات الله وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون ".
لم يقل بطرس إن المسيح هو الله، لكنه قال إنه رجل إنسان أجرى الله على يديه معجزات وآيات. وكذلك يقول بطرس في (سفر أعمال الرسل 10: 38) : " يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه ". لم يقل بطرس لأن الله كان معه كما كان مع كل الأنبياء والمرسلين. كل هذا يبين لنا أن المسيح إنسان بشر، وأنه رسول الله، وأنه نبي ظهر في بني إسرائيل كما ظهر أنبياء آخرون قبله.