الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مولد المسيح وحكمة الله في مولده]
ولادة المسيح:
نجد إنجيل (متى 1: 18) يقول: (أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا. لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس ". كذلك في إنجيل (لوقا 1: 28) وهو يتحدث عن كيفية دخول الملاك جبريل إلى مريم العذراء فيقول: " فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها. الرب معك مباركة أنت في النساء " ثم يبشرها بعيسى " فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلًا. فأجاب الملاك وقال لها. الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك "(لوقا 1: 34 - 35) . وحين يقول قائل إن المسيح ولد بقوة الروح القدس وإن هذا قد يعطيه ميزة عن سائر البشر. وهنا نقول إنها ليست ميزة تدعو إلى التفكير ولو
للحظة واحدة بأن المسيح من غير طينة البشر. فها هو زميله وقيربه يوحنا المعمدان قد ولد بقوة الروح القدس ونجد نفس الملاك جبرائيل قد قال لأبيه زكريا وهو في الهيكل كما جاء في إنجيل (لوقا 1: 13) - " فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته لأنه يكون عظيما أمام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب. ومن بطن
أمه يمتلئ من الروح القدس ". وبعد ذلك امتلأ زكريا نفسه من الروح القدس كما يقول إنجيل (لوقا 1: 67) " وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلا مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وضع فداء لشعبه ".
فها هو الروح القدس الذي كان مع زكريا وابنه يوحنا هو ذاته الذي كان مع المسيح. إذ يقول إنجيل (لوقا 1: 26) (وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم ".
من هذا يتبين أن الروح القدس هو ملاك من ملائكة الله سبحانه وتعالى. كذلك يقول إنجيل (لوقا 2: 6 -7)" وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل ". وحسب شريعة موسى نجد أن الطفل الذي ولدته العذراء قد ختن وأن أمه تطهرت وقدمت ذبيحة للرب، إذ يقول إنجيل (لوقا 2: 21 - 24) " ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل أن حبل به في البطن. ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسا للرب. ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام ".
ويجب التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن مفهوم القدوس في اليهودية والمسيحية يختلف عن مفهومه في الإسلام. ذلك أن كلمة قدس التي هي " قاداش " بالعبرية تعني " فرز " أو " تجنيب ". أما المفهوم الإسلامي " للتقديس " فهو " التنزيه والتمجيد ". لذلك نجد في سفر الشريعة الموسوية يقول الله لموسى عليه السلام: " قدس لي كل بكر فاتح رحم من بني إسرائيل من الناس ومن البهائم إنه لي "(خروج 13: 2) . أي أفرز الأبكار.
فكلمة قدوس لهذا المولود تعني فرز الابن البكر الذي هو أول من فتح رحم الأم. من هذا يتبين أن المسيح كان مولودا عاديا جاز عليه ما جاز على غيره من البشر، وأنه وأمه خضعا تماما لناموس موسى. بعد ذلك نؤكد أن المسيح جاء من جوهر الإنسان فقد ولد من مريم العذراء التي كانت واحدة من بنات آدم الذي خلق من التراب والمعجزة هنا أن الله سبحانه قادر أن يعطي المرأة العاقر كما أنه يعطي المرأة العذراء. إذ قال سبحانه {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (1) . .
إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم فقد كان ذلك معجزة وبالمثل عندما خلق امرأته من جسمه: أليست هذه معجزة؟ إن لوقا يحدد الموقف فهو يربط بين مولد يوحنا المعمدان وبين مولد المسيح عليه السلام. فعندما تتعجب مريم العذراء لأنها ستحمل وتلد وهي لا تعرف رجلا يقول لها الملاك كما في إنجيل (لوقا 1: 34 -37) : " فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلًا. فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله. وهو ذا اليصابات نسيبتك هي أيضا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك
(1) سورة آل عمران، آية 59.