الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرب كالجبار يخرج. كرجل حروب ينهض غيرته. يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه ".
وهنا نرى الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة، إذ إن سالع جبل من الجبال القريبة من جبل أحد في المدينة المنورة. وقوله " لتترنم سكان سالع " إنما كان نبوءة عن استقبال الرسول بالأناشيد والهتاف فرحًا بمقدمه إلى المدينة. وهذا ما حدث فعلًا حين استقبله أهل يثرب بإنشادهم. طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.
مكة المكرمة:
كذلك نجد في (سفر أشعياء 60: 1-7) : " قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك. لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض، والظلام الدامس. أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يُرى فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك. ارفعي عينيك حواليك وانظري. قد اجتمعوا كلهم جاءوا إليك. يأتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الأيدي. حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول إليك ثروة البحر ويأتي إليك غنى الأمم. تغطيك كثرة الجمال، بكران مديان وعيفه كلها تأتي من شبا. تحمل ذهبًا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب. كل غنم قيدار تجتمع إليك. كباش نبايوت تخدمك. تصعد مقبولة على مذبحي وأزين بيت جمالي ".
إن النبوءة هنا تتحدث عن مكة المكرمة فقوله: " قومي استنيري لأنه قد جاء نورك " يشير إلى بداية الإشعاع بنور الإسلام، بنور التوحيد من مكة المكرمة. وقوله:" ها هي الظلمة تغطي الأرض "، إنما يعني الشرك الذي كان في بلاد العرب، والمجوسية التي كانت في أرض فارس، والوثنية الهندية في بلاد الهند، والضلال والشرك الذي لحق بالنصرانية في بلاد الروم
ومستعمراتها. لقد كان الظلام الدامس يغطي الأمم فعلًا. ولكن وسط هذا الظلام الدامس يبدأ نور الإسلام في الظهور من مكة المكرمة. وقوله: " فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك " يعني أن العالم كله سوف يسمع صوت الحق وتسير الأمم والملوك إليك. إن بلاد العرب أرض قاحلة لا زرع فيها ولا ماء، ولكن الله سبحانه سوف يجعل ثروة الأمم تتدفق عليها استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام التي يقول فيها {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} . (1) .
لهذا جاءت ثروات الأمم لتتدفق على مكة المكرمة وعلى بلاد العرب.
وفي قوله " تغطيك كثرة الجمال " إشارة قوية إلى أن المراد هو بلاد العرب ثم عاصمتها مكة المكرمة التي يفد إليها الحجاج من كل حدب وصوب ووسيلتهم إليها هي الجمال، لأن الأرض الصحراوية لا يقدر على السير فيها سوى الجمال. ثم هو يتحدث هنا عن نبايوت وقيدار وغيرهم، وهم من أولاد إسماعيل عليه السلام حسبما جاء في (سفر التكوين 25: 12-18) .
(1) سورة إبراهيم، آية 37.