الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبحساب القيمة العددية لكلمة " إيلياء " نجدها كالآتي:
أي ل ي أء 1 + 10 + 30 + 10 + 1 + 1 = 53 ثم بحساب القيمة العددية لكلمة " أحمد " نجدها كالآتي:
أح م د 1 + 8 + 40 + 4 = 53 إن هذا يبين مرة أخرى أن النبي الذي أعلن المسيح مجيئه من بعده - كما تبينها عبارته عن المستقبل بقوله " المزمع أن يأتي " -إنما هو " أحمد ". وهو واحد من الأسماء المشهورة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وصدق الله العظيم إذ يقول القرآن الكريم في سورة الصف {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} . (1) .
والآن أكتفي بهذا القدر وأترككم لحديث الأستاذ إبراهيم خليل أحمد.
تكملة حديث الأستاذ إبراهيم خليل أحمد:
هذا وقد بدأ الأستاذ إبراهيم خليل أحمد تكملة حديثه فقال:
نأتي بعد ذلك إلى الآية الكريمة رقم 73 من سورة المائدة والتي تقول {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} .
(1) سورة الصف، آية 6.
مجمع القسطنطينية:
لقد حدث في مجمع القسطنطينية سنة 381 م، أن قال مقدونيوس إن الروح القدسي ليس بإله بل إنه رسول من رسل الله. وقد شاع هذا بين المسيحيين في أنحاء الإمبراطورية الرومانية فلم يجدوا فيها بدعة ولا منكرًا. إلا أن الحاقدين أوعزوا إلى الملك أن يأمر بعقد مجمع، فعقد مجمع القسطنطينية سنة 381 م، وقد حضره 150 أسقفا، علمًا بأن مجمع نيقية الذي عقد سنة 325 م قد حضره 2048 أسقفًا. لقد كان عدد الحاضرين في مجمع القسطنطينية صغيرًا جدًا إذا قورن بمجمع نيقية. وقد كانت حصيلة هذا المجمع الصغير أن الروح القدس هو إله من جوهر الله. إن القرآن الكريم يقول في سورة النساء {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} . (1) إن التثليث
في حقيقته ليس إلا فلسفة ظهرت في مدينة الإسكندرية قبل ظهور المسيح عيسى بن مريم إذ كانت الفلسفة الأفلوطينية الحديثة تقرر أن المسيطر والمهيمن على العالم ثلاث قوى هي: العقل- اللوجوس- الروح. ومن هذه الفلسفة جاءت إضافة في إنجيل (متى 28: 19) : " اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ". ونجد في هامش الكتاب المقدس توضيحًا يقول: " لم تكن هذه العبارة موجودة في النسخة الأصلية اليونانية ".
ومما يؤكد أن هذه الإضافة مستحدثة قول المسيح لتلاميذه كما جاء في
(1) سورة النساء، آية 171.
إنجيل (متى 10: 5-7) : هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلًا: " إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحَريِّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. وفيما أنتم ذاهبون اكروزا قائلين إنه قد اقترب ملكوت السماوات " قد حصر المسيح رسالة تلاميذه في بني إسرائيل، وهو نفسه قد حصر رسالته في بني إسرائيل إذ قال في إنجيل (متى 15: 24) : " أجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ".
هذا، وحين نستخدم العقل لمناقشة مشكلة التثليث نقول إنه لو وجد في ذات الله ثلاثة أقانيم ممتازة حقيقية كما يزعمون لكان الله مركبا. ولما كان المعروف بداهة أن كل مركب مفتقر إلى غيره فمعنى ذلك أن يكون الله محتاجًا، وهذا باطل. ولو كان الاتحاد بين لاهوت الله وناسوته حقيقيًا كما يعتقدون لكان أقنوم الابن محدودًا، وكل ما يكون قابلًا للزيادة أو النقصان محدث والمحدث لا يمكن أن يكون إلهًا لأن الله أزلي وليس بحديث.
إن القرآن يقول، وقول الله هو الحق، كما جاء في سورة الأنبياء {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} . (1) .
تأليه مريم:
وننتقل الآن إلى شبهة أخرى من الشبهات التي دخلت على الكنيسة وهي شبهة تأليه مريم العذراء. لقد كان أسقفًا يدعى نسطور كان بطريك القسطنطينية وقد قال: إن السيدة مريم العذراء إنما هي أم الإنسان يسوع المسيح وحاشا لها أن تكون أم الإله. وإن المسيح ذاته لم يكن إلهًا وإنما كان إنسانًا
(1) سورة الأنبياء، آية 22.
ملهمًا من الله. لقد انتشرت هذه العقيدة مما أدى إلى عقد مجمع في مدينة أفسس حضره مائتان من الأساقفة. وقرروا أنها والدة الإله. وفي هذا يقول القرآن الكريم: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} . (1) .
يقول وول ديورانت في كتابه " قصة الحضارة " جزء11 صفحة 418 ما نصه:
" لما فتحت المسيحية روما انتقل إلى الدين الجديد- أي الدين المسيحي- دماء الدين الوثني القديم: لقب الحبر الأعظم، وعبادة الأم العظمى، وعدد لا يحصى من الأرباب التي تبث الراحة والطمأنينة في النفوس وتمتاز بوجود كائنات في كل مكان لا تدركها الحواس، كل هذا انتقل إلى المسيحية كما ينتقل دم الأم إلى ولدها. وأسلمت الإمبراطورية المحتضرة أزمة الفتح والمهارة الإدارية إلى البابوية القوية. وشحذت الكلمة بقوة سحرها ما فقده السيف المسلول من قوته. وحل مبشرو الكنيسة محل الدولة. إن المسيحية لم تقض على الوثنية بل ثبتتها، ذلك أن العقل اليوناني عاد إلى الحياة في صورة جديدة، في لاهوت الكنيسة وطقوسها ونقلت الطقوس اليونانية الخفية إلى طقوس القداس الرهيبة، وجاءت من مصر آراء الثالوث المقدس ويوم الحساب وأبدية الثواب والعقاب وخلود الإنسان في هذا أو ذاك. ومن مصر جاءت عبادة الأم الطفل، والاتصال الصوفي بالله ذلك الاتصال الذي أوجد الأفلوطينية
(1) سورة المائدة الآيتان 116، 117.
واللاأدرية وطمس معالم العقيدة المسيحية. ومن بلاد الفرس جاءت عقيدة رجوع المسيح وحكمه الأرض لمدة 1000 عام ".
إن القرآن الكريم يقول {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} . (1) .
إن القرآن الكريم ينبئنا عما حدث داخل الكنيسة من انهيار في العقيدة وتعدد الآلهة وقبول العقائد الوثنية الفاسدة.
نشأة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية لقد نادى الأسقف دسقورس بطريك الإسكندرية أن المسيح ذو طبيعة واحدة حيث يتلاقى في ذاته الناسوت باللاهوت فهو من جوهر الله بل هو الله المتأنس. لقد شاعت هذه العقيدة مما أدى إلى عقد مجمع خلقيدونية عام 451 م. ولقد قرر المجمع أن المسيح ذو طبيعتين هما طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت التقتا في ذاته. ولقد كفر المجمع دسقورس وقرر نفيه عن الإسكندرية إلا أن المصريين لم يرضوا بغيره بديلًا، الأمر الذي دفعهم إلى الانسلاخ من الكنيسة منشئين الكنيسة المصرية الأرثوذكسية. ولعل عوامل سياسية ساعدت على هذا الانفصال. ولقد استند ديسقورس إلى ما قاله (بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس 3: 16) : " عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد ". لقد كانت رسائل بولس عبارة عن مواعظ يبثها بطريقته الخاصة ويجمعها أشتاتًا من هنا ومن هناك.
إن القرآن الكريم يقول الحق ولا يحابي، بصرف النظر عما إذا كان ما يقوله يرضي الناس لأنه يتفق وما جبلوا عليه وورثوه، أو كان لا يرضيهم.
(1) سورة المائدة، آية 77.
إن الآيات 156-158 من سورة النساء تقول {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} .
الله يغفر الذنوب أيها الناس: لقد تكلمنا كثيرا في مسألة الصليب وبينا أن المسيح عليه السلام كان عنده سلطان أن يغفر. إن داود عليه السلام عندما كان يخطئ وهو نبي من الأنبياء كان يقول: " لأن عندك المغفرة لكي يخاف منك ". إن المغفرة عند الله سبحانه وتعالى. لقد جاء القرآن الكريم لينفي صلب المسيح تمامًا، وإن ما يربط بين صلبه ومغفرة ذنوب البشر إنما هي خرافات. إن القرآن الكريم يقول في سورة الزمر {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} . (1) .
إن الله هو خالقنا وهو رازقنا وهو الذي يغفر ذنوبنا جميعًا. إن الله تعالى قريب من الإنسان. إنه يقول {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} . (2) .
إن الله يقول لكل الناس في القرآن الكريم {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} . (3) وإذا كان
(1) سورة الزمر، آية 53.
(2)
سورة البقرة، آية 186.
(3)
سورة ق، آية 16.
الله أقرب للإنسان من نفسه فلماذا يقبل الإنسان وسيطًا بينه وبين الله أو أن ينتظر المغفرة من أحد غير الله.
نشأة المارونية بعد ذلك نذهب إلى مجمع القسطنطينية الذي عقد عام 680 م، والذي كان سبب عقده ما نادى به الأسقف يوحنا مارون في عام 667 م، بدعوى جديدة مضمونها أن المسيح ذو طبيعتين: طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت في شخصه ولكنه ذو مشيئة واحدة هي مشيئة الله. ولم ترق هذه الدعوى في نظر البطاركة لذلك عقدوا مجمع القسطنطينية في عام 680 م، وقد حضره 289 أسقفًا وقرروا أن المسيح ذو طبيعتين وذو مشيئتين إلا أن أهل الشام رفضوا قرارات هذا المجمع وتمسكوا بأسقفهم ثم انسلخوا عن الكنيسة الأم.
ما أريد أن أقوله إن كل هذا تضليل تعاقب خلال المجامع، وكل مجمع يلغي قرارات سابقه ويصدر قرارات جديدة. وكل مجمع يدعي أن قراراته صدرت بإيحاء الروح القدس.
تقديس الصور بعد ذلك نذهب إلى مجمع نيس الذي عقد سنة 787 م، وحضره 377 أسقفا قرروا فيه تقديس صور السيد المسيح وأمه العذراء مريم وكذلك صور القديسين. وهذا القرار يتنافى مع الشريعة الموسوية التي تقول في الوصايا العشر في (سفر الخروج 20: 4- 5) : " لا تصنع لك تمثالا منحوتًا ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن ".
نشأة كنيسة الروم الأرثوذكس بعد ذلك يأتي مجمع القسطنطينية عام 879 م، الذي قرر أن الروح القدس انبثق من الله الآب ورفض قرارات مجمع القسطنطنية الذي سبق عقده عام 869 م، والذي تقرر فيه أن الروح القدس منبثق من الآب والابن. وقد أعقب ذلك أن انسلخت كنيسة القسطنطينية عن الكنيسة الأم وأطلقت الكنيسة اليونانية على نفسها كنيسة الروم الأرثوذكس، وهي لا تعترف لبابا روما بالسيادة.
البابا وحق الغفران ثم عقد بعد ذلك مجمع الأساقفة الذي تقرر فيه أن بابا روما يملك حق الغفران ثم جاء وقت أفرط فيه رجال الكنيسة في منح الغفران إفراطًا شديدًا حتى أنشأوا لها صكوكًا عرفت باسم " صكوك الغفران " التي جاء فيها ما نصه: " أنا بالسلطان الرسولي المعطى لي أحلك من جميع القصاصات ومن جميع الإفراط والخفايا والذنوب التي ارتكبتها مهما كانت عظيمة وفظيعة ومن كل علة، وأردك ثانية إلى الطهارة والبر سنين طويلة تبقى معموديتك، وإذا امتد عمرك بعد ذلك سنين طويلة تبقى هذه النعمة غير متغيرة حتى تأتي ساعتك الأخيرة ".
لقد كان صك الغفران هذا يشترى بالثمن.
ولهذا كان للبابا ورجاله سلطة مغفرة خطايا البشر.
بولس وخطاياه الجسدية يقول بولس في رسالته إلى أهل رومية (7: 14- 25) : " فإننا نعلم أن الناموس روحي وأما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية لأني لست أعرف ما أنا أفعله إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعل. فإن كنت أفعل ما لست
أريده فإني أصادق الناموس أنه حسن. فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة فيَّ. فإني أعلم أنه ليس ساكن في أي من جسدي شيء صالح. لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل، فإن كنت ما لست أريده إياه أفعل فلست بعد أفعله أنا بل الخطية الساكنة فيَّ. إذ أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحسنى أن الشر حاضر عندي. فإني أسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن ولكني أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي. ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا الموت. أشكر الله بيسوع المسيح ربنا إذا أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية ".
إن بولس هنا يعترف بخطاياه البشرية ويبين أن فكرة الصليب لم تستطع مقاومة الخطية التي ستظل تعمل في الإنسان.
ظهور لوثر نذهب بعد ذلك إلى مجمع ورمز عام 1521 م، حين ظهر لوثر وندد بصكوك الغفران، وأنه لا عصمة للبابوية، وأن كلام البابا غير مقدس، وفضح الفساد الذي استشرى في الأديرة، وقال إن الله واحد أحد. فعقد هذا المجمع الذي حضره البابا وأمر بحرقه، فاختطفه الشباب الألماني في اللحظات الأخيرة وقرروا الانسلاخ عن الكنيسة البابوية منشئين لأنفسهم كنيسة البروتستانت. وقد حدثت حروب فظيعة بين الكاثوليك والبروتستانت ولم ينقذ الأخيرين إلا اكتشاف أمريكا وهجرتهم إليها. .
لقد خالف البابوات أمر المسيح عليه السلام الذي حينما اختار تلاميذه،
فإنه قال لهم: " لا تقتنوا ذهبًا ولا فضة ولا نحاسًا في مناطقكم. ولا مزودًا للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا لأن الفاعل مستحق طعامه ". لكن البابوية دولة غنية مترفة تعيش في الذهب والمال وهو الأمر الذي لا يتفق وتعاليم السيد المسيح عليه السلام.
بعد هذا جاء الإسلام ليبين الحق ويخاطب أهل الكتاب في روية ورفق كما تقول الآيات الأولى من سورة المائدة {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . (1) .
أيها الأحباب: الحمد لله أن كانت هذه هي المعالم الرئيسية التي استطعت أن أطمئن إليها وأعلن إسلامي على الرغم مما تعرضت له من أذى واضطهاد كثير. فلم أتزعزع بإذن الله لأني وصلت إلى اليقين. وفي يوم 25 ديسمبر سنة 1959 م، أبرقت برقية إلى الإرسالية الأميريكية في مصر وقلت لهم لقد آمنت بالله الواحد الأحد وبمحمد رسولا ونبيًا. أما شبهة تأليه المسيح فإن الأناجيل لا تزال تؤكد أن المسيح نادى بالتوحيد كما جاء في إنجيل (يوحنا 17: 3) : " هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته ".
وختامًا أقول: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} . (2) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) سورة المائدة، 14، 15.
(2)
سورة آل عمران، الآيتان 8، 9.