الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها " وهذا شيء مختلف تماما عن عملية الانتحار خنقا.
كذلك ظهرت طبعات حديثة للمزامير تختلف كثيرا عما في الطبعات المتداولة لها. وإذا كان داود هو الاسم الذي يرتبط بأغلب المزامير، فإن العلماء مختلفون فيما يتعلق بحقيقة قائل كل مزمور وتاريخه وظروفه، كما أن هناك خلافا حول ترقيمها. ولقد بينا ذلك في مناسبة سابقة، وكيف أن الترجمة المتداولة للمزمور 69 -كمثال - تقول في بعض فقراتها:
" حينئذ رددت الذي لم أخطفه ".
" ويجعلون في طعامي علقما ".
بينما تقول الترجمة الحديثة له في نظير ذلكما العددين:
" كيف أرد الذي لم أسرقه أبدا؟ ".
" أعطوني لطعامي سما ".
فالاختلاف بينهما واضح، سواء في المضمون أو في زمن الفعل.
الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب:
إن الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب وسفك الدم، فتلك نظرية بولسية أقحمها بولس في مسيحية المسيح الحقة. وهذا شيء نستطيع تبيانه من الأناجيل:
1 -
بينما كان المسيح يسير خارجا " إذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟
فقال له: لماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا واحد هو الله. ولكن إن أردت أن تدخل الحياة، فاحفظ الوصايا. قال له: أية الوصايا؟
فقال يسوع: لا تقتل. لا تزن. لا تسرق. لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك.
قال له الشاب: هذه كلها حفظتها منذ حداثتي، فماذا يعوزني بعد؟ قال له يسوع: إن أردت أن تكون كاملًا فاذهب وبع أملاك واعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني " (متى 19: 16 - 21) .
ومن الملاحظ أن المسيح قبل أن يجيب السائل إلى سؤاله، فقد صحح صيغة السؤال، فنفى الصلاح عن نفسه، ورده إلى الله الذي تفرد في ذاته وصفاته. وبذلك قرر المسيح على رؤوس الأشهاد أن " لله المثل الأعلى في السموات والأرض "، وأن أي خلط بين الله - سبحانه - وبين المسيح، إنما هو قول مردود وكفر مرفوض.
ومن ذلك يتبين أن الخلاص الحق يقوم على الإيمان بالله الواحد، ثم العمل الصالح. ولا مجال للحديث هنا عن الصلب أو الصليب، فتلك كلها مسميات قال بها بولس وتلاميذه، ما أنزل الله بها من سلطان.
2 -
في يوم الدينونة تكون النجاة بالعمل الصالح بعيدا عن الصلب وفلسفاته، بل وحتى اسمه. فهناك " يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا. . رِثوُا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني. عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إليَّ.
فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب متى رأيناك جائعا فأطعمناك. أو عطشانا فسقيناك. ومتى رأيناك غريبا فآويناك أو عريانا فكسوناك؟
فيجيب الملك ويقول لهم الحق أقول لكم بما أنكم فعلتم بأحد إخوتي الأصاغر، فبي فعلتم. ثم يقول الملك للذين عن اليسار: اذهبوا عني
يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته؛ لأني جعت فلم تطعموني. .
حينئذ يجيبونه هم أيضا قائلين: يا رب متى رأيناك جائعا؟
فيجيبهم قائلًا: الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبي لم تفعلوا.
فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي، والأبرار إلى حياة أبدية " (متى 25: 34 - 46) .
هكذا يدان الناس: أهل البر والعمل الصالح إلى الحياة الأبدية السعيدة، وأهل الشر والبخل إلى عذاب أبدي.
ومرة أخرى لا دخل لفلسفة الصلب والفداء في إنقاذ أهل الشر، فلن تنفعهم في شيء.
3 -
يقول يعقوب في رسالته: إن الدينونة التي تحدد المصير الأبدي للإنسان تقوم على ركيزتين هما: إيمان بالله الواحد يصحبه عمل صالح، وبدونهما لا فائدة ترجى. وإن كلا منهما لا علاقة له بالصلب وسفك الدم، من قريب أو بعيد:" أنت تؤمن بأن الله واحد. حسنا تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون. ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت؟ بالأعمال يتبرر الإنسان، لا بالإنسان وحده "(2: 19 - 24) . إن " الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم "(1: 27) .
من ذلك وغيره كثير وكثير جدا، نتبين أن الخلاص الحق لا علاقة له بالصلب على الإطلاق.