الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
[جزء في الأصول - أصول الدين - مسألة القرآن] وقد طبع بتحقيق الدكتور سليمان بن عبدالله العمير ويقول عنه: (وقد ألف ابن عقيل هذا الجزء على مذهب السلف وضمنه الرد على الأشاعرة في مسألة القرآن وهذا التأليف يمثل الجانب المشرق من حياته الذي استهله بإعلان توبته ورجوعه عما كان يعتقده مما هو مخالف لمنهج السلف من مذاهب المبتدعة كالاعتزال وغيره)
(1)
.
ثامناً: ابن عقيل والمعتزلة:
كان أصحاب ابن عقيل من الحنابلة ينهونه عن مجالسة المعتزلة
(2)
، بل بلغ الأمر أن أهدروا دمه لما رأوا منه كتابة فيها تعظيم المعتزلة سنة 461 هـ، إلى أن أعلن توبته، بل كتبها بخطه سنة 465 هـ، وشهد عليه جماعة من الشهود والعلماء، إضافة إلى أنه ألف في الرد عليهم ونقض شبههم بما آتاه الله من العلم والحجة.
(1)
ينظر: المقدمة للكتاب ص 4.
(2)
ينظر: سير أعلام النبلاء 19/ 447، والمعتزلة: اسم يطلق على فرقة ظهرت في أوائل القرن الأول الهجري، وسلكت منهجاً عقلياً متطرفاً في بحث العقائد الإسلامية، وهم أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري رحمه الله، ومن عقائدهم: أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، وأن الإنسان يخلق فعله، ونفي الصفات عن الله تعالى، ينظر: الفصل في الملل والنحل والأهواء 3/ 128، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 39.
وإليك نص كلامه، يقول ابن رجب: (فمضى ابن عقيل إلى بيت الشريف
(1)
وصالحه وكتب خطّه: يقول علي بن عقيل بن محمد: إني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره، ومن صحبة أربابه، وتعظيم أصحابه، والترحم على أسلافهم، والتكثر بأخلاقهم، وما كنت علقته، ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالتهم فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته، ولا تحل كتابته، ولا قراءته، ولا اعتقاده، وإنني علقت مسألة الليل في جملة ذلك، وإن قوماً قالوا: هو أجساد سود. وقلت: الصحيح ما سمعته من الشيخ أبي علي، وأنه قال: هو عدم ولا يسمى جسماً، ولا شيئاً أصلاً، واعتقدت أنا ذلك، وأنا تائب إلى الله تعالى منهم. واعتقدت في الحلاج
(2)
أنه من أهل الدين والزهد والكرامات، ونصرت ذلك في جزء عملته، وأنا تائب إلى الله تعالى منه، وأنه قتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا في ذلك، وأخطأ هو، ومع ذلك فإني أستغفر الله تعالى، وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة، والمبتدعة، وغير ذلك، والترحم عليهم، والتعظيم لهم؛ فإن ذلك كله حرام، ولا يحل لمسلم فعله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام "
(3)
،
(1)
هو عبدالخالق بن عيسى الشريف أبو جعفر الهاشمي العباسي، مات سنة 470 هـ، له ترجمة في: المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد 2/ 144، سير أعلام النبلاء 18/ 423.
(2)
هو الحسين بن منصور بن محمي أبو عبدالله ويقال أبو مغيث المقتول على الزندقة سنة 359 هـ بعد أن أباح العلماء دمه، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء 14/ 313، لسان الميزان 2/ 359.
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط 7/ 35 بلفظ: " من وقر صاحب بدعة
…
" (6772) من حديث عبدالله بن بسر وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا الحسن بن يحيى الخشني، وأخرجه ابن عدي في الكامل 2/ 224، والذهبي في المجروحين 1/ 235 وقال بأنه باطل، وينظر: ضعيف الجامع ص 848 (5788).
وقد كان الشريف أبو جعفر، ومن كان معه من الشيوخ، والأتباع، سادتي وإخواني - حرسهم الله تعالى - مصيبين في الإنكار علي؛ لما شاهدوه بخطي من الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها، وأتحقق أني كنت مخطئاً غير مصيب، ومتى حفظ عليّ ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار، فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلك، وأشهدت الله وملائكته وأولي العلم على ذلك، غير مجبر ولا مكره، وباطني وظاهري - يعلم الله تعالى - في ذلك سواء، قال الله تعالى:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)} [المائدة:95]، وكتب يوم الأربعاء عاشر محرم سنة خمس وستين وأربعمائة)
(1)
، وبهذا يتبين رجوع ابن عقيل عما كان عليه أهل الضلال، وقد ذكر هذه القصة ابن قدامة
(2)
مسندة، وبعدها توقيع عدد من الشهود
(3)
، ومن تاب تاب الله عليه، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
(1)
ينظر: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 144 - 145.
(2)
ابن قدامة هو موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي تبحر في علوم كثيرة ومن أشهر مؤلفاته المغني في الفقه، مات سنة 620 هـ، له ترجمة في: الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 133، سير أعلام النبلاء 22/ 165.
(3)
ينظر: تحريم النظر في علم الكلام ص 33 وما بعدها.