المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الصافات قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي - منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة

[راشد بن حمود الثنيان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌أهداف البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهجي وعملي في البحث:

- ‌التمهيد ترجمة موجزة لابن عقيل

- ‌أولاً: اسمه ونسبه وكنيته:

- ‌ثانياً: مولده:

- ‌ثالثاً: أسرته:

- ‌رابعاً: شيوخه:

- ‌خامساً: تلاميذه:

- ‌سادساً: مكانته العلمية:

- ‌سابعاً: مصنفاته:

- ‌ثامناً: ابن عقيل والمعتزلة:

- ‌تاسعاً: وفاته

- ‌القسم الأول مصادر ابن عقيل ومنهجه في التفسير

- ‌الفصل الأول مصادر ابن عقيل في التفسير

- ‌المبحث الأول مصادر القرآن وعلومه:

- ‌المبحث الثاني مصادر الحديث:

- ‌المبحث الثالث مصادر الفقه:

- ‌المبحث الرابع مصادر العقيدة:

- ‌الفصل الثاني منهج ابن عقيل في التفسير

- ‌المبحث الأول تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌المطلب الأول تخصيص العموم:

- ‌المطلب الثاني تقييد المطلق:

- ‌المطلب الثالث بيان المجمل:

- ‌المطلب الرابع جمع النظائر:

- ‌المبحث الثاني تفسير القرآن بالسنة

- ‌المطلب الأول تخصيص العموم:

- ‌المطلب الثاني بيان المجمل:

- ‌المطلب الثالث الترجيح بالسنة:

- ‌المبحث الثالث تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين:

- ‌المطلب الأول تخصيص العموم:

- ‌المطلب الثاني دفع موهم التناقض:

- ‌المبحث الرابع تفسير القرآن باللغة:

- ‌المطلب الأول اهتمامه بمعاني المفردات والحروف، ومرجع الضمائر:

- ‌المطلب الثاني عنايته بالشعر وأقوال العرب:

- ‌المطلب الثالث اهتمامه بالأوجه البلاغية ولطائف التفسير:

- ‌المبحث الخامس تفسيره لآيات الأحكام

- ‌المطلب الأول مذهبه الفقهي:

- ‌المطلب الثاني نقله للإجماع:

- ‌المطلب الثالث اهتمامه بالقياس:

- ‌المطلب الرابع منهجه في الاستنباط:

- ‌الفصل الثالث علوم القرآن عند ابن عقيل

- ‌المبحث الأول الناسخ والمنسوخ:

- ‌المبحث الثاني أسباب النزول:

- ‌المبحث الثالث المحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الرابع العام والخاص:

- ‌القسم الثاني أقوال ابن عقيل في التفسير - من أول القرآن إلى آخره - مع دراستها

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة القدر

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة العصر

- ‌الخاتمة

- ‌ثبت المصادر والمراجع

- ‌ملخص الرسالة

الفصل: ‌ ‌سورة الصافات قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي

‌سورة الصافات

قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)} [الصافات:102].

118/ 1 - قال ابن رجب: (قال ابن عقيل: قال لي ابني لما تقارب أجله: يا سيدي قد أنفقت وبالغت في الأدوية والطب والأدعية، ولله تعالى فيّ اختيار، فدعني مع اختياره، قال: فوالله ما أنطق الله سبحانه وتعالى ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول إسحاق لإبراهيم: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات:102] إلا وقد اختاره الله تعالى للحظوة اهـ)

(1)

.

الدراسة:

أشار ابن عقيل في كلامه إلى مسألة الذبيح من ابني إبراهيم:

وقد اختلف العلماء في أي الابنين أُمر إبراهيم بذبحه على قولين:

القول الأول: أن الذبيح إسحاق، وهو قول لابن عباس، وابن مسعود، وكعب الأحبار

(2)

، وسعيد بن جبير

(3)

، وهو اختيار الطبري

(4)

، والقرطبي

(5)

، وهو الظاهر من كلام ابن عقيل.

واحتجوا بما يلي:

1 -

أن البشارة المعروفة لإبراهيم في قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)} [الصافات:101] إنما كانت بإسحاق لقوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)} [هود:71] والمبشر به هو الذبيح

(6)

.

(1)

الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 165.

(2)

هو كعب بن ماتع الحميري من كبار علماء أهل الكتاب أسلم في زمن أبي بكر وقدم المدينة في خلافة عمر، مات سنة 34 هـ، له ترجمة في: مشاهير علماء الأمصار ص 118، سير أعلام النبلاء 3/ 489.

(3)

ينظر: جامع البيان 19/ 588 وما بعدها.

(4)

ينظر: جامع البيان 19/ 598.

(5)

ينظر: الجامع لأحكام القرآن 15/ 101.

(6)

ينظر: جامع البيان 19/ 598، الجامع لأحكام القرآن 15/ 101.

ص: 416

2 -

قال الطبري: حدثنا أبو كريب قال: ثنا زيد بن حباب، عن الحسن بن دينار، عن علي بن زيد بن جدعان، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس ابن عبدالمطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره، قال:" هو إسحاق "

(1)

.

القول الثاني: أن الذبيح إسماعيل وهو قول لابن عباس أيضاً، وابن عمر، ومجاهد، والحسن

(2)

، وهو ترجيح أحمد بن حنبل

(3)

، وابن القيم

(4)

.

واحتجوا بما يلي:

1 -

قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)} [هود:71] قالوا: لما بشر بإسحاق بشر بيعقوب، فكيف يأمره بذبح إسحاق وقد وعده بنافلة منه؟

(5)

.

2 -

قوله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)} [الصافات:112] قالوا: إن الله تعالى ذكر البشارة بإسحاق بعد الفراغ من قصة الذبيح فدل على أنه غيره

(6)

.

(1)

أخرجه الطبري في تفسيره 19/ 588، وفي تاريخه 1/ 263.

(2)

ينظر: جامع البيان 19/ 593 وما بعدها.

(3)

ينظر: الزهد للإمام أحمد ص 391، وهو الإمام أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، من مصنفاته: المسند، والزهد، مات سنة 241 هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء 11/ 177 - 358.

(4)

ينظر: إغاثة اللهفان ص 696.

(5)

ينظر: التفسير الكبير 26/ 134، تفسير ابن كثير 7/ 2988، أضواء البيان 4/ 338.

(6)

ينظر: تفسير ابن كثير 7/ 2988، أضواء البيان 4/ 337.

ص: 417

3 -

قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا ابن الذبيحين "

(1)

، يعنى: أباه عبدالله وإسماعيل.

والقول بأن الذبيح إسماعيل هو الراجح لأمور منها:

1 -

قوة ما احتج به من قال إن الذبيح إسماعيل.

2 -

إمكان الإجابة على ما احتج به قال إن الذبيح إسحاق.

فقولهم: إن المبشر به هو إسحاق والمبشر به هو المأمور بذبحه، غير مسلم؛ لأن من تأمل الآيات تبين له أن إبراهيم بُشر مرتين، فليس المبشر به إسحاق فحسب، فقد بُشر إبراهيم بإسماعيل مرة، وبشر بإسحاق أخرى، وسياق الآيات يؤيد أن المبشر به المأمور بذبحه هو إسماعيل؛ لأنه بشره بالغلام الحليم ثم جاءت قصة ذبحه ثم عطف عليها البشارة بإسحاق، فدل على أن البشارة الأولى غير الثانية، لأنه لا يجوز حمل كتاب الله على أن معناه فبشرناه بإسحاق ثم بعد انتهاء قصة ذبحه يقول أيضاً:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)} [الصافات:112]، فهو تكرار لا فائدة فيه، ينزه عنه كلام الله، والتأسيس أولى من التأكيد إلا لدليل يجب الرجوع إليه، ومعلوم في اللغة العربية أن العطف يقتضي المغايرة، ففي هذا دلالة واضحة أن الذبيح هو إسماعيل

(2)

.

(1)

أخرجه الطبري في تفسيره 19/ 598، والحاكم في كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين باب ذكر إسماعيل عيه الصلاة والسلام 2/ 604 (4036) من حديث معاوية رضي الله عنه، قال عنه ابن كثير في تفسيره:(وهذا حديث غريب جداً) 7/ 2989.

(2)

ينظر: أضواء البيان 4/ 337.

ص: 418

وما أحسن توجيه ابن القيم حيث يقول: (سأل إبراهيم ربه الولد فأجاب الله دعاءه وبشره، فلما بلغ معه السعي أمره بذبحه قال تعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات:99 - 101] فهذا دليل على أن هذا الولد إنما بشر به بعد دعائه وسؤاله ربه أن يهب له ولداً، وهذا المبشر به هو المأمور بذبحه قطعاً بنص القرآن، وأما إسحاق فإنما بشر به من غير دعوة منه، بل على كبر السن وكون مثله لا يولد له، وإنما كانت البشارة به لامرأته سارة، ولهذا تعجبت من حصول الولد منها ومنه، قال تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرٍ اللَّهِ} [هود:69 - 73] فتأمل سياق هذه البشارة وتلك، تجدهما بشارتين متفاوتتين، مخرج إحداهما غير مخرج الأخرى، والبشارة الأولى: كانت له، والثانية: كانت لها، والبشارة الأولى: هي التي أمر بذبح من بُشر فيها دون الثانية)

(1)

.

وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه إسحاق، فلم يثبت ولو ثبت لأخذنا به.

(1)

إغاثة اللهفان ص 696.

ص: 419

قال ابن كثير: (وقد ورد في ذلك - أنه إسحاق - حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين، ولكن لم يصح سنده .. ففي إسناده ضعيفان وهما: الحسن بن دينار البصري متروك

(1)

، وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث

(2)

)

(3)

.

وقد بين ابن القيم أن لفظة إسحاق تحريف من اليهود حيث قال: (إسحاق زيادة منهم في لفظ التوراة، وهي باطلة قطعاً من عشرة أوجه

)

(4)

.

قال محمد بن كعب القرظي: سأل عمر بن عبد العزيز يهودياً أسلم فحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء يهود: أيُّ ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل والله يا أمير المؤمنين، وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكره الله منه، لصبره لما أمر به، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق؛ لأن إسحاق أبوهم فالله أعلم أيهما كان؟ كلٌّ قد كان طاهراً طيباً مطيعاً لربه

(5)

.

قال ابن كثير: (وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحُكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نُقل عن الصحابة أيضاً، وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تُلُقي إلا عن أحبار أهل الكتاب، وأُخِذ ذلك مسلماً من غير حجة .. )

(6)

.

وقال أيضاً: (والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى)

(7)

.

(1)

ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 297، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 201.

(2)

ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال 5/ 196، الضعفاء للعقيلي 3/ 230.

(3)

تفسير ابن كثير 7/ 2987.

(4)

ينظر: إغاثة اللهفان ص 696.

(5)

أخرجه الطبري في تفسيره 19/ 597.

(6)

تفسير ابن كثير 7/ 2983.

(7)

تفسير ابن كثير 7/ 2989.

ص: 420

3 -

ومن المرجحات أيضاً: أن إسماعيل أول ولد بُشر به إبراهيم وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب؛ فالجمع بين كونه مأموراً بذبح بكره وتعيينه بإسحاق جمع بين النقيضين

(1)

.

4 -

أن الله حكى عن إبراهيم أنه قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)} [الصافات:100] وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد، والإجماع أن إسماعيل متقدم في الوجود على إسحاق، فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء هو إسماعيل

(2)

.

5 -

أن قصة الذبح كانت بمكة قطعاً ولهذا جعل الله تعالى ذبح الهدايا والقرابين بمكة تذكيراً للأمة بما كان من قصة أبيهم إبراهيم مع ولده

(3)

، والذي بمكة إسماعيل وليس إسحاق.

6 -

أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام إنما رزق إسحاق عليه السلام على الكبر، وإسماعيل عليه السلام رزقه في عنفوانه وقوته، والعادة أن القلب أعلق بأول الأولاد وهو إليه أمْيَل وله أحب، بخلاف من يرزقه على الكبر والأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار

(4)

.

7 -

ومما يستأنس به في ترجيح أن الذبيح هو إسماعيل: أن المواضع التي ذكر فيها إسحاق يقيناً عبر عنه في كلها بالعلم لا الحلم، وهذا الغلام الذبيح وصفه بالحلم لا العلم

(5)

.

(1)

ينظر: إغاثة اللهفان ص 696، تفسير ابن كثير 7/ 2982.

(2)

ينظر: التفسير الكبير 26/ 134، تفسير ابن كثير 7/ 2983.

(3)

ينظر: إغاثة اللهفان ص 696.

(4)

ينظر: إغاثة اللهفان ص 696 وما بعدها، تفسير ابن كثير 7/ 2983.

(5)

ينظر: أضواء البيان 4/ 337.

ص: 421

قال الكرماني

(1)

: (والأظهر أن الحليم إسماعيل، والعليم إسحاق)

(2)

.

8 -

أن الله وصف إسماعيل بالصبر دون إسحاق فقال: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85)} [الأنبياء:85]، وهو صبره على الذبح، ووصفه أيضاً بصدق الوعد فقال:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)} [مريم:54]؛ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر فوفى به

(3)

.

وهذا ما رجحه ابن كثير حيث قال: (وهو الصحيح المقطوع به)

(4)

.

وقال الشنقيطي: (والتحقيق أن الذبيح هو إسماعيل، وقد دلت على ذلك آيتان

(5)

من كتاب الله تعالى دلالة واضحة لا لبس فيها .. )

(6)

.

وقال أيضاً: (فلا ينبغي للمنصف الخلاف في ذلك بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك والعلم عند الله تعالى)

(7)

.

سورة ص

قال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)} [ص:21].

119/ 2 - قال ابن عقيل: (فيقال: واحدٌ خصم، واثنان خصم، وثلاثة خصم اهـ)

(8)

.

(1)

هو أبو القاسم محمود بن حمزة بن نصر الكرماني النحوي المعروف بتاج القراء، من مصنفاته: لباب التفسير، أسرار التكرار في القرآن المسمى: البرهان في توجيه متشابه القرآن، مات نحو سنة 505 هـ، له ترجمة في: طبقات القراء لابن الجزري 2/ 291، طبقات الداوودي 2/ 312.

(2)

أسرار التكرار في القرآن ص 214.

(3)

التفسير الكبير 26/ 134.

(4)

تفسير ابن كثير 7/ 2988.

(5)

يريد آية الصافات التي معنا، وقوله تعالى:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود:71].

(6)

ينظر: أضواء البيان 2/ 491.

(7)

ينظر: أضواء البيان 4/ 338.

(8)

الواضح 3/ 430.

ص: 422

الدراسة:

وضح ابن عقيل أن لفظ الخصم قد يطلق ويراد به الواحد، أو الاثنين، أو الثلاثة، وهذا هو ما عليه عامة العلماء.

قال الزجاج: (قال تعالى: {الْخَصْمِ} ولفظه لفظ الواحد، و {تَسَوَّرُوا} لفظ الجماعة؛ لأن قولك: خصم يصلح للواحد والاثنين والجماعة والذكر والأنثى، يُقال: هذا خصم وهي خصم وهما خصم وهم خصم، وإنما صلح لجميع ذلك؛ لأنه مصدر، تقول: خصمته أخصِمُه خَصماً، المعنى: هما ذوا خصم، وهم ذوو خصم)

(1)

.

وقال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وهل أتاك يا محمد خبر الخصم، وقيل: عُنِي بالخصم في هذا الموضع ملكان، وخرج في لفظ الواحد؛ لأنه مصدر، مثل الزَّوْر والسَّفْر

(2)

، لا يثنى ولا يُجمع)

(3)

.

وقال السمعاني: (والخصم: اسم يقع على الواحد والاثنين والجماعة، وقيل: معناه ذو خصم، وذوا خصم، وذوو خصم، فعلى هذا يتناول الكل)

(4)

.

وتتابع العلماء على هذا التفسير

(5)

.

قال ابن منظور: (يكون الخصم للاثنين والجمع والمؤنث وفي التنزل العزيز: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)} [ص:21] جعله جمعاً لأنه سمي بالمصدر)

(6)

.

(1)

معاني القرآن وإعرابه 4/ 325.

(2)

الزَّور: الذي يزورك، ورجل زور، وقوم زور، وامرأة زور، ونساء زور، يكون للواحد والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد؛ لأنه مصدر. والسَّفْر: الذي يسافر، وقد يكون السَّفْر للواحد، يقال: رجل سَفْر، وقوم سفر. ينظر: لسان العرب 4/ 335، 367.

(3)

جامع البيان 20/ 52.

(4)

تفسير السمعاني 4/ 431.

(5)

ينظر: الكشاف 4/ 84، المحرر الوجيز 4/ 497، التفسير الكبير 26/ 170، الجامع لأحكام القرآن 15/ 165.

(6)

لسان العرب 12/ 180.

ص: 423

وعليه فلا ترجيح بهذا اللفظ بين من فسر الخصم باثنين ومن فسره بأكثر، لدلالته عليهما، وهذا من سعة العربية

(1)

.

قال الزمخشري: (والخصم: الخصماء، وهو يقع على الواحد والجمع، كالضيف، قال الله تعالى: {حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)} [الذاريات:24]؛ لأنه مصدر في أصله، تقول: خَصَمَهُ خَصْماً، كما تقول: ضافه ضيفاً)

(2)

.

فإذا أردنا الترجيح في عدد الخصم فلا بد من البحث عن مرجح آخر، وأكثر العلماء على أنهما ملكان اثنان.

قال النحاس: (ولا اختلاف بين أهل التفسير أنه يراد به ههنا: ملكان)

(3)

.

وقال ابن الجوزي: (كانا ملكين، وقيل: هما جبريل وميكائيل أتياه لينبهاه على التوبة)

(4)

.

وقال ابن جزي: (واتفق الناس على أن هؤلاء الخصم كانوا ملائكة، وروي: أنهما جبريل وميكائيل بعثهما الله ليضرب بهما المثل لداود في نازلة وقع هو في مثلها)

(5)

.

وبهذا يترجح أنهما اثنان واستخدام الجمع بعدها يجاب عنه من عدة جهات:

1 -

أنه نُقل الاتفاق على أن المراد مَلَكان، فيصرف معنى الجمع إلى الاثنين.

2 -

وبالنظر إلى المعنى، فإن الجمع ضم شيء إلى شيء، وهو حاصل في الاثنين

(6)

.

3 -

وبالنظر إلى اللفظ، فإنه جيء بالجمع لأن الاثنان سميا بالمصدر

(7)

. والله أعلم.

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)} [ص:27].

(1)

ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 390، المفردات ص 168.

(2)

الكشاف 4/ 84.

(3)

معاني القرآن 5/ 94.

(4)

زاد المسير 7/ 16.

(5)

التسهيل 2/ 250.

(6)

ينظر: زاد المسير 7/ 16.

(7)

ينظر: الجامع لأحكام القرآن 15/ 165، لسان العرب 12/ 180.

ص: 424

وقال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)} [المؤمنون:115].

120/ 2 - قال ابن عقيل: (قال تعالى: {بَاطِلًا}، وقال: {عَبَثًا}، والعبث والباطل: ما خلا عن فائدة للفاعل أو لغيره اهـ)

(1)

.

الدراسة:

هنا فسر ابن عقيل العبث والباطل بما خلا عن الفائدة للفاعل أو لغيره، وهو كما قال.

قال النحاس: (أي: لما قالوا إنه لا حساب ولا جنة و لا نار، قيل لهم هذا)

(2)

.

ويؤيد هذا سياق الآية بعدها حيث قال سبحانه: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية [ص:27]، فجاءت بأسلوب التقريع لظن الكفار أن خلق السماوات والأرض بلا فائدة.

قال الراغب: (ويقال لما ليس له غرض صحيح عبث، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون:115])

(3)

.

وقال الزمخشري: (باطلاً: خلقاً باطلاً لا لغرض صحيح وحكمة بالغة، أو مبطلين عابثين، كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الدخان:38 - 39])

(4)

.

وقال القرطبي: (أي: هزلاً ولعباً، أي: ما خلقناهما إلا لأمر صحيح وهو الدلالة على قدرتنا)

(5)

.

وقال السعدي: (يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السماوات والأرض، وأنه لم يخلقهما باطلاً أي: عبثاً ولعباً من غير فائدة، ولا مصلحة)

(6)

.

(1)

الفنون 1/ 271.

(2)

معاني القرآن 6/ 106.

(3)

المفردات ص 357.

(4)

الكشاف 4/ 91.

(5)

الجامع لأحكام القرآن 15/ 191.

(6)

تفسير السعدي 6/ 417.

ص: 425