الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضاً: (قوله تعالى: ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المجادلة:12]، نسخ ذلك الوجوب إلى جواز فعلها وجواز تركها بقوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة:13])
(1)
.
المبحث الثاني أسباب النزول:
معرفة أسباب النزول من الأمور المهمة في فهم الآيات ووضوحها، ومعرفة تاريخها، والترجيح بين معانيها.
قال الواحدي
(2)
: (أسباب النزول هي أوفى ما يجب الوقوف عليها، وأولى ما تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها، وبيان سبب نزولها)
(3)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب)
(4)
.
واعتماد العلماء في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة لمشاهدتهم أحوال نزول القرآن.
قال الواحدي: (لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدُّوا في الطلب)
(5)
.
(1)
الواضح 1/ 251.
(2)
هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي النيسابوري، صنف: البسيط والوسيط والوجيز في التفسير وأسباب النزول، مات سنة 468 هـ، له ترجمة في: طبقات السيوطي ص 66، طبقات الداوودي 1/ 394.
(3)
أسباب النزول ص 16.
(4)
مجموع الفتاوى 13/ 339، مقدمة التفسير ص 45.
(5)
أسباب النزول ص 16.
وذهب السيوطي إلى أن قول التابعي إذا كان صريحاً في سبب النزول فإنه يقبل، ويكون مرسلاً إذا صح المسند إليه، وكان من أئمة التفسير واعتضد بمرسل آخر
(1)
.
ولما كان لأسباب النزول هذه المكانة العالية اعتنى فيه العلماء والباحثون ومنهم ابن عقيل الذي لم يغفل هذا الجانب، ومن أمثلة اهتمامه بأسباب النزول ما يلي:
قال ابن عقيل في قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} [هود:114]:
…
(نزلت في الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن استمتاعه من المرأة الأجنبية بكل ما يستمتع به الرجل من زوجته إلا الجماع؛ فأنزل الله هذه الآية اهـ)
(2)
.
وقال أيضاً: (لما نزل قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:98] قال ابن الزِّبعرى: لأخصمن محمداً، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد عُبِدت الملائكة، وعُبِد المسيح، أفيدخلون النار؟! فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)} [الأنبياء:101]، فاحتج بعموم اللفظ، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم تعلقه بذلك، وأنزل الله سبحانه جواب ذلك، مما دل على تخصيصٍ، لا منكراً لتعلقه، فعلم أن العموم مقتضى هذه الصيغة اهـ)
(3)
.
(1)
لباب النقول ص 15.
(2)
الواضح 5/ 26.
(3)
الواضح 3/ 314.