الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة العصر
قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر:2 - 3].
150/ 1 - قال ابن عقيل: (الذين اسم جماعة، والجماعة لا تستثنى من واحد، فدل ذلك على أنه أراد بالإنسان الجنس، فكذلك صح أن يستثنى منه جماعة اهـ)
(1)
.
الدراسة:
فسر ابن عقيل الإنسان في الآية بالجنس، فيشمل كل إنسان وبهذا فسره الطبري
(2)
، والزجاج
(3)
، وابن الجوزي
(4)
، والقرطبي
(5)
، وغيرهم
(6)
.
قال الزجاج: (الإنسان ههنا في معنى الناس، كما تقول: كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس، تريد قد كثر الدراهم)
(7)
.
ودليلهم: أن الله سبحانه استثنى من الإنسان جماعة فدل على أن المراد عموم الناس.
قال الطبري: (واستثنى الذين آمنوا عن الإنسان؛ لأن الإنسان بمعنى الجمع لا بمعنى الواحد)
(8)
.
وقال الفراء: ({إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر:3] استثنى كثيراً من لفظ واحد؛ لأنه تأويل جِمَاع)
(9)
.
وذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان هنا بمعنى الكافر
(10)
، ومنهم السمرقندي
(11)
، والواحدي
(12)
، وأشار إليه النحاس
(13)
.
قال السمرقندي: (يعني: أبا جهل، والوليد بن المغيرة، ومن كان في مثل حالهم)
(14)
.
وقال الواحدي: (يعني: الكافر العامل لغير طاعة الله)
(15)
.
(1)
الواضح 3/ 255.
(2)
جامع البيان 24/ 612.
(3)
معاني القرآن وإعرابه 5/ 359.
(4)
زاد المسير 8/ 316.
(5)
الجامع لأحكام القرآن 20/ 180.
(6)
ينظر: تفسير البيضاوي 5/ 526، تفسير النسفي 4/ 375، تفسير ابن كثير 8/ 3853، الوجوه والنظائر للدامغاني ص 52.
(7)
معاني القرآن وإعرابه 5/ 359.
(8)
جامع البيان 24/ 614.
(9)
معاني القرآن 2/ 5.
(10)
ينظر: التفسير الكبير 32/ 82.
(11)
تفسير السمرقندي 3/ 590.
(12)
الوجيز 2/ 1231.
(13)
ينظر: معاني القرآن 4/ 259.
(14)
تفسير السمرقندي 3/ 590.
(15)
الوجيز 2/ 1231.
وقال البغوي في استدلالهم: (قيل: أراد به الكافر بدليل أنه استثنى المؤمنين)
(1)
.
والذي يظهر لي أن هذا الدليل لا يقوى على تخصيص اللفظ العام ببعض أجزائه، أضف إلى ذلك أن الاستثناء سيكون على هذا التفسير منقطعاً، وهذا خلاف الأصل، فيبقى الاستثناء دليلاً قوياً للقول الأول.
كما أن مما يُستدل لهم به: أن استعمال لفظ الإنسان في القرآن إنما يراد به الكافر، لأن هذا اللفظ من خصائص المكي، وهذا أيضاً غير مسَلَّم، لأنه ينخرم عليهم في مواضع عدة من كتاب الله تعالى.
قال القرطبي: (وأما من قال: إن قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} مكي حيث وقع فليس بصحيح؛ فإن البقرة مدنية وفيها قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة:21 - 168] في موضعين)
(2)
.
فالحق والصواب أن المراد في الآية: عموم الناس؛ لأمور منها:
1 -
أن هذا هو ما عليه اختيار جماهير العلماء من المفسرين وغيرهم
(3)
.
…
قال القرطبي: (قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر:3] استثناء من الإنسان، إذ هو بمعنى الناس على الصحيح)
(4)
.
2 -
أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولم أجد دليلاً صحيحاً لمن خصه بأسماء معينة
(5)
، قال ابن حجر:(تنبيه: لم أر في تفسير هذه السورة - يعني: سورة العصر - حديثاً مرفوعاً صحيحاً)
(6)
.
3 -
أن الأصل كذلك: بقاء العموم على عمومه حتى يأتي ما يقوى على تخصيصه. قال الشنقيطي: (وقيل: خاص بالكافر، والأول أرجح للعموم)
(7)
.
(1)
معالم التنزيل 4/ 491.
(2)
الجامع لأحكام القرآن 5/ 1.
(3)
سبقت الإشارة إلى عدد منهم، وينظر: غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 642، البرهان للزركشي 5/ 7، أضواء البيان 6/ 137.
(4)
الجامع لأحكام القرآن 20/ 180.
(5)
ينظر: تفسير السمرقندي 3/ 590.
(6)
فتح الباري 8/ 945، وينظر: تفسير السمعاني 6/ 279.
(7)
أضواء البيان 6/ 137.
4 -
أن: {الَّذِينَ} [العصر:3] اسم جماعة، والجماعة لا تستثنى من واحد، فدل ذلك على أنه أراد بالإنسان الجنس كما قال ابن عقيل وغيره
(1)
.
5 -
أنه لوكان المراد بالإنسان في الآية الكافر لما احتيج إلى استثناء المؤمنين
(2)
.
والله تعالى أعلم.
(1)
ينظر: النكت والعيون 6/ 333، التفسير الكبير 32/ 82.
(2)
ينظر: التحرير والتنوير 30/ 531.
الخاتمة