الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْأَةَ وَخَافَتْ خُرُوجَ وَقْتِ الصَّلَاةِ صَلَّتْ بِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. كَمُلَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[كِتَابُ الصَّلَاةِ]
(كِتَابُ الصَّلَاةِ) لَمَّا انْقَضَى الْكَلَامُ عَلَى الطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ أَوْكَدُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا أَوْ سُنَنِهَا وَمُسْتَحَبَّاتهَا وَمُبْطِلَاتِهَا وَالْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَأَنْوَاعِهَا، وَجَرَتْ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ بِتَسْمِيَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِكِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَسَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِي كِتَابَيْنِ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَقْسِيمِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِثْلَ هَذَا إلَى كِتَابَيْنِ وَإِلَى ثَلَاثَةٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِلصُّعُوبَةِ وَعَدَمِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِكَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَقِلَّتِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُمَا مَعًا نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْكِتَابِ وَالْبَابِ وَالْفَصْلِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَجْعَلُ الْأَبْوَابَ مَكَانَ الْكُتُبِ وَيَحْذِفُ التَّرَاجِمَ الْمُضَافَ إلَيْهَا الْأَبْوَابُ.
وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] أَيْ: دَعَوَاتُكَ طُمَأْنِينَةٌ لَهُمْ وقَوْله تَعَالَى: {وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} [التوبة: 99] أَيْ: أَدْعِيَتَهُ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا جَاءَهُ النَّاسُ بِصَدَقَاتِهِمْ يَدْعُو لَهُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى جِئْتُ مَعَ أَبِي بِصَدَقَةٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهِمْ.
(قُلْتُ:) وَبِهَذَا فَسَّرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ وَمِنْ الْآدَمِيِّ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا التَّقْسِيمَ الْإِمَامُ الْأَزْهَرِيُّ وَآخَرُونَ وَقَالَ فِي الشِّفَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقُشَيْرِيُّ: الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ لِمَنْ دُونَ النَّبِيِّ رَحْمَةٌ وَلِلنَّبِيِّ تَشْرِيفٌ وَتَكْرِمَةٌ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلَاةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَتُسْتَعْمَلُ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«بُعِثْتُ إلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لِأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ» فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ أُمِرْتُ لِأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْبَرَكَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] . (قُلْتُ:) وَهَذَا الثَّانِي يَرْجِعُ إلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِتَضَمُّنِ الصَّلَاةِ مَعْنَى التَّعَطُّفِ عُدِّيَتْ بِعَلَى، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: هِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى دُعَاءٍ مَخْصُوصٍ فِي أَوْقَاتٍ مَحْدُودَةٍ تَقْتَرِنُ بِهَا أَفْعَالٌ مَشْرُوعَةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ مَعَ النِّيَّةِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، قَالَ: وَلَا تَرِدُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغَالِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ: تَصَوُّرُهَا عُرْفًا ضَرُورِيٌّ، وَقِيلَ: نَظَرِيٌّ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِ الصَّقَلِّيِّ وَغَيْرِهِ وَرِوَايَةِ الْمَازِرِيِّ: " سُجُودُ التِّلَاوَةِ صَلَاةٌ " نَظَرٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ نَظَرِيٌّ فَهِيَ قُرْبَةٌ فِعْلِيَّةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ وَتَسْلِيمٍ أَوْ سُجُودٍ فَقَطْ فَيَدْخُلُ هُوَ يَعْنِي سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ انْتَهَى. وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَيْسَ بِصَلَاةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ شَبِيهٌ بِالصَّلَاةِ كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ شَبِيهٌ بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِصَلَاةٍ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى ذَلِكَ صَلَاةٌ فَمِنْ طَرِيقِ الْمَجَازِ لَا الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ: لَا أُصَلِّي فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ فَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ لَا يَحْنَثُ؟ انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهَا صَلَاةٌ؛ لِأَنَّهُ عَدَّهَا فِي الصَّلَوَاتِ الْفَضَائِلِ وَاعْتَرَضَ الْأَبِيُّ حَدَّ ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ قَالَ لَصِدْقِهِ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَسَلَّمَ مِنْهُ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَأَجَابَ بِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ غَيْرُ إحْرَامِ الصَّلَاةِ وَبِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا هُوَ بِالْخَوَاصِّ اللَّازِمَةِ وَالسَّلَامُ فِي الصَّلَاةِ لَازِمٌ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ فِي الْحَجِّ وَبِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ حَقِيقَةِ الْحَجِّ لَصِحَّتِهِ بِدُونِهِمَا وَلَا يُقَالُ: إنَّهُمَا لَازِمَتَانِ لِلْحَجِّ الْكَامِلِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ
لَا لِلْكَامِلَةِ.
(فَصْلٌ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ إطْلَاقَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الشَّرْعِ عَلَى مَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَعْنَى أَنَّ حَمَلَةَ الشَّرْعِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي حَتَّى إنَّ اللَّفْظَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الشَّرْعَ هَلْ وَضَعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِهَذِهِ الْمَعَانِي، أَوْ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، أَوْ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهَا حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ مُبْتَكَرَةٌ نَقَلَهَا الشَّرْعُ عَنْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ إلَى الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةٍ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَصْلًا، وَإِنْ صَادَفَ ذَلِكَ الْوَضْعُ عَلَاقَةً بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَذَلِكَ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَاسْتُبْعِدَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي أَنْ تَكُونَ الْعَرَبُ خُوطِبَتْ بِغَيْرِ لُغَتِهَا. وَالثَّانِي أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ اللُّغَوِيِّ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ وَالْمَعَانِي الَّتِي اُسْتُعْمِلَتْ فِيهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَالْمَازِرِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَهِيَ مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ نَقْلٌ، وَلَا مَجَازٌ بَلْ الْأَلْفَاظُ الْمَذْكُورَةُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ لَكِنْ دَلَّتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْمُسَمَّيَاتِ اللُّغَوِيَّةَ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ قُيُودٍ زَائِدَةٍ حَتَّى تَصِيرَ شَرْعِيَّةً وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي سَائِرِ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَفْظُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ الدُّعَاءُ فَإِذَا قِيلَ: لَهُ الدُّعَاءُ لَيْسَ مُجْزِيًا وَحْدَهُ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، يَقُولُ: عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِدَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ضَمِّ أُمُورٍ أُخَرَ لَا مِنْ لَفْظِ الصَّلَاةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّقْلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مُنَاسَبَةُ الْمَعْنَى الْمَنْقُولِ إلَيْهِ لِلْمَعْنَى الْمَنْقُولِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَجَازِ، وَعَلَى الثَّانِي فَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَتْ هَذِهِ الْعِبَادَةُ صَلَاةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ الدُّعَاءُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، وَقِيلَ: لِلدُّعَاءِ مَعْنَيَانِ دُعَاءُ مَسْأَلَةٍ وَدُعَاءُ عِبَادَةٍ وَخُضُوعٍ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] فَقِيلَ: الْمَعْنَى أَطِيعُونِي أُثِبْكُمْ، وَقِيلَ: سَلُونِي أُعْطِكُمْ وَحَالُ الْمُصَلِّي كَحَالِ السَّائِلِ الْخَاضِعِ فَسُمِّيَتْ أَفْعَالُهُ صَلَاةً، وَقِيلَ: هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي الرِّدْفِ وَأَصْلُهُمَا الصَّلَا وَهُوَ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ يَفْتَرِقُ عِنْدَ عَجْبِ الذَّنَبِ، وَقِيلَ: هُمَا عَظْمَاتُ يَنْحَنِيَانِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَلَمَّا كَانَ يَظْهَرَانِ مِنْ الرَّاكِعِ سُمِّيَ مُصَلِّيًا وَفِعْلُهُ صَلَاةً، وَمِنْهُ الْمُصَلِّي وَهُوَ التَّالِي مِنْ حَلَبَةِ السِّبَاقِ؛ لِأَنَّ رَأْسَ فَرَسِهِ يَكُونُ عِنْدَ صَلَوَيْ الْأَوَّلِ قَالُوا: وَلِهَذَا كُتِبَتْ الصَّلَاةُ فِي الْمُصْحَفِ بِالْوَاوِ وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ اُخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِ الصَّلَاةِ فَالْأَظْهَرُ الْأَشْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ مِنْ جَانِبَيْ الذَّنَبِ وَعَظْمَاتُ يَنْحَنِيَانِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ انْتَهَى. فَجَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَفْسِيرِ الصَّلَوَيْنِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَقِيلَ: لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ الْإِيمَانِ وَتَالِيَتُهُ كَالْمُصَلِّي مِنْ الْخَيْلِ فِي حَلْبَةِ السِّبَاقِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ فَاعِلَهَا مُتَّبِعٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا يَتَّبِعُ الْفَرَسُ الثَّانِي الْأَوَّلَ، وَقِيلَ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَصْلِيَةِ الْعُودِ عَلَى النَّارِ لِيُقَوَّمَ، وَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقِيمُ الْعَبْدَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَخِدْمَتِهِ وَتَنْهَاهُ عَنْ خِلَافِهِ كَانَتْ مُقَوِّمَةً لِفَاعِلِهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]، وَقِيلَ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ الصِّلَةِ؛ لِأَنَّهَا صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُدْنِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَتُوَصِّلُهُ إلَى كَرَامَتِهِ وَجَنَّتِهِ، وَقِيلَ: إنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ الْإِقْبَالُ عَلَى الشَّيْءِ تَقَرُّبًا إلَيْهِ وَفِي الصَّلَاةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَقِيلَ: مَعْنَاهَا اللُّزُومُ فَكَأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَزِمَ هَذِهِ الْعِبَادَةَ، وَقِيلَ: مِنْ الرَّحْمَةِ وَالصَّلَاةُ رَحْمَةٌ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تُفْضِي إلَى الْمَغْفِرَةِ وَالْمَغْفِرَةُ تُسَمَّى صَلَاةً قَالَ - تَعَالَى -