الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الْمِدَّةُ الَّتِي لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ مِنْ قَاحَ يَقِيحُ. وَالصَّدِيدُ مَاءُ الْجُرْحِ الرَّقِيقُ وَالْمُخْتَلِطُ بِالدَّمِ قَبْلَ أَنْ تُغَلَّظَ الْمِدَّةُ وَالْمُدَّةُ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَابْنُ الْفُرَاتِ وَغَيْرُهُمَا، وَذَكَرَ سَنَدٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ أَنَّهُ مَا سَالَ مِنْ مَوْضِعِ حَكِّ الْبَثَرَاتِ مِنْ الصَّدِيدِ وَأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جَسَدِ الْإِنْسَانِ وَذَكَرَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَوَاسِيرِ أَنَّ الْجِلْدَ إذَا كُشِطَ وَرَشَحَ مِنْهُ بَلَلٌ فَهُوَ نَجِسٌ وَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي قَوَاعِدِهِ فِي أَنْوَاعِ النَّجَاسَةِ:" الثَّانِي الدِّمَاءُ كُلُّهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَمَا تَوَلَّدَ عَنْهَا مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ مِنْ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا " انْتَهَى. وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا يَسِيلُ مِنْ نَفْطِ النَّارِ مِنْ الْمَاءِ وَمَا يَسِيلُ مِنْ نَفِطَاتٍ فِي الْجَسَدِ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَانْظُرْ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَثَرُ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَأْ.
ص (وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ)
ش: نَكَّرَ الرُّطُوبَةَ وَالْفَرْجَ لِيَعُمَّ كُلَّ خَارِجٍ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ قَالَ فِي التَّلْقِينِ: كُلُّ مَائِعٍ خَرَجَ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ نَجِسٌ وَذَلِكَ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْمَنِيِّ وَدَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَلِ فَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ كُلُّ بَلَلٍ يَخْرُجُ مِنْهُمَا كَالْهَادِي الْخَارِجِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَائِعٍ مَا لَيْسَ بِمَائِعٍ كَالدُّودِ وَالْحَصَا قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُمَا طَاهِرَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَإِنَّمَا يَكْتَسِبَانِ النَّجَاسَةَ بِمَا يَعْلَقُ بِهِمَا مِنْ بَوْلٍ، أَوْ غَائِطٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ: مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مِنْ طَاهِرٍ كَالرِّيحِ فَلَا اسْتِنْجَاءَ فِيهِ وَخُرُوجُ الْحَصَا وَالدُّودِ دُونَ شَيْءٍ إنْ أَمْكَنَ مَعَ بُعْدِهِ فَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ طَاهِرٌ كَالرِّيحِ وَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ. عَنْ الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّوَاةَ وَالْحَصَا وَالذَّهَبَ وَمَا لَا يَتَحَلَّلُ إذَا بُلِعَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَطْنِ لَا يَنْجُسُ إلَّا ظَاهِرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ عِيَاضٌ مَاءُ الْفَرْجِ وَرُطُوبَتُهُ عِنْدَنَا نَجِسٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبُولُ النَّوَوِيِّ: " نَقْلَ بَعْضِ أَصْحَابِهِمْ إذَا أُلْقِيَ الْجَنِينُ وَعَلَيْهِ رُطُوبَةُ فَرْجِ أُمِّهِ طَاهِرٌ بِإِجْمَاعٍ لَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ " يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ تَنْجِيسُ مَا اتَّصَلَ بِهِ نَجَسٌ رَطْبٌ بِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي كُتُبِ الْإِجْمَاعِ وَلَقَدْ اسْتَوْعَبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ أَنَّ مَنْ رَفَعَ جَنِينَ بَقَرَةٍ حِينَ وَضَعَتْهُ وَهُوَ مَبْلُولٌ وَأَلْصَقَهُ بِثَوْبِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ بَلَلُهُ دَمًا وَإِلَّا فَهُوَ كَبَلَلِ بَوْلِهَا، وَلَوْ كَانَ جَنِينَ فَرَسٍ أَلْصَقَهُ بِثَوْبِهِ كَذَلِكَ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ الْبُرْزُلِيُّ: فِي هَذَا نَظَرٌ عَلَى مَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ أَنَّ بَلَلَ جَنِينِ الْآدَمِيِّ حِينَ خُرُوجِهِ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَتِهِ وَكَانَ شَيْخُنَا يَتَعَقَّبُهُ بِأَنْ يَكُونَ هَذَا أَحْرَى لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي أَكْلِ الْخَيْلِ انْتَهَى. فَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَابْنُ عَرَفَةَ يُسْتَثْنَى مِنْ رُطُوبَةِ فَرْجٍ رُطُوبَةُ مَا بَوْلُهُ طَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيهٌ الطَّاهِرُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ نَجِسٌ رَطْبٌ]
(تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ تَنْجِيسُ مَا اتَّصَلَ بِهِ نَجَسٌ رَطْبٌ طَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ فِيمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا طَاهِرًا يَابِسًا عَلَى ثَوْبٍ مَبْلُولٍ نَجِسٍ تَنَجَّسَ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ غَسَلَهُ وَحْدَهُ وَإِلَّا غَسَلَهُ كُلَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى بِهِ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ مَنْ نَتَفَ إبِطَهُ يَغْسِلُ يَدَيْهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُسْتَحَبُّ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ غَيْرُهُ يَجِبُ لِمَا تَعَلَّقَ بِالشَّعْرِ مِنْ النَّجَاسَةِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ أُصُولُ الشَّعْرِ تَصِلُ لِيَدِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ يَمْتَخِطُ فِي ثَوْبِهِ، أَوْ فِي يَدِهِ فَيَجِدُ بِالْمُخَاطِ شَعْرًا بِأُصُولِهِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا فِي النَّجَاسَةِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهَا شَيْءٌ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ وَفِيهِ عَظْمُ مَيْتَةٍ غَطَّاهُ الْمَاءُ وَالطِّينُ فَغَسَلَ رِجْلَهُ وَجَعَلَهَا عَلَى الْعَظْمِ وَنَقَلَهَا إلَى ثِيَابِهِ أَنَّ ثَوْبَهُ لَا يَنْجُسُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ إنْ كَانَ الْعَظْمُ بَالِيًا فَوَاضِحٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ التُّونُسِيُّ فِي التَّعْلِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ دَسَمٍ وَلَحْمٍ فَالصَّوَابُ أَنَّ النَّجَاسَةَ تَتَعَلَّقُ بِرِجْلِهِ إلَّا أَنْ
يُوقِنَ أَنَّ رُطُوبَةَ النَّجَاسَةِ قَدْ ذَهَبَتْ جُمْلَةً وَلَمْ يَبْقَ إلَّا رُطُوبَةُ الْمَاءِ فَيَكُونَ كَالْعَظْمِ الْبَالِي وَسَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْقَمْلَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا. وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُغْتَسِلِ يَتَجَفَّفُ بِالثَّوْبِ فِيهِ الدَّمُ قَالَ إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَخْرُجُ بِالتَّجْفِيفِ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ إنْ التَّجْفِيفُ بَلَّهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا أَصَابَ جَسَدَهُ غَسَلَهُ وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
ص (وَدَمٍ مَسْفُوحٍ)
ش: أَيْ سَائِلٍ.
ص (وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ)
ش: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السَّمَكِ هَلْ لَهُ دَمٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا دَمَ لَهُ وَاَلَّذِي يَنْفَصِلُ عَنْهُ رُطُوبَةٌ تُشْبِهُ الدَّمَ لَا دَمٌ، وَلِذَلِكَ لَا تَسْوَدُّ إذَا تُرِكَتْ فِي الشَّمْسِ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ بَلْ تَبْيَضُّ قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ اسْوِدَادِهِ لَوْ سَلِمَ مِنْ كُلِّ السَّمَكِ فَذَلِكَ لِمَا خَالَطَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَمٍ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ دَمَهُ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ مَسْفُوحُهُ نَجِسٌ وَغَيْرُ مَسْفُوحِهِ طَاهِرٌ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ انْتَهَى. مِنْ التَّوْضِيحِ.
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لِمَالِكٍ فِيهِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَشُرِعَتْ ذَكَاتُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي دَمِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا سَالَ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِإِلْقَائِهِ فِي النَّارِ حَيًّا وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَكْرَهُ ذَلِكَ كَرَاهَةً غَيْرَ شَدِيدَةٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْحُوتَ مُذَكًّى فَالْحَيَاةُ الَّتِي تَبْقَى فِيهِ كَالْحَيَاةِ الَّتِي تَبْقَى فِي الذَّبِيحَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَيُكْرَهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يُكْرَهُ فِي الْأُخْرَى انْتَهَى.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي تُرْسِ الْمَاءِ، وَقِيلَ: لَهُ أَنَّهُ يَعِيشُ أَيَّامًا مَا أَرَاهُ إلَّا مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ وَمَا أَرَى ذَبْحَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَجَّلُوا بِذَلِكَ مَوْتَهُ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا إلَّا أَنْ يُشْكِلَ أَمْرُهُ عَلَى النَّاسِ انْتَهَى.
ص (وَذُبَابٍ)
ش: تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا لَا يُعَارِضُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً؛ لِأَنَّ ذَا النَّفْسِ السَّائِلَةِ هُوَ مَا لَهُ دَمٌ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَالذُّبَابُ كَغُرَابٍ وَاحِدُ الذُّبَابِ بِالْكَسْرِ كَغِرْبَانِ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْوَاحِدُ ذُبَابَةٌ بِمُوَحَّدَتَيْنِ وَلَا يُقَالُ: ذُبَانَةٌ بِالنُّونِ وَمَنَعَ ابْنُ سِيدَهْ أَنْ يُقَالَ: ذُبَابَةٌ أَيْضًا قَالَ الذُّبَابُ هُوَ الْوَاحِدَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إلَّا أَنَّهُ لِيَسَارَةِ دَمِهِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مِنْهُ إلَّا مَا كَثُرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَسَوْدَاءَ)
ش: قَالَ سَنَدٌ هِيَ مَائِعٌ أَسْوَدُ يَكُونُ كَالدَّمِ وَهَذِهِ صِفَةُ النَّجَاسَاتِ.
ص (وَرَمَادٍ نَجِسٍ وَدُخَانِهِ)
ش: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ دُخَانُ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ قَالَ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُطْبَخُ بِعِظَامِ الْمَيْتَةِ وَلَا يُسَخَّنُ بِهَا مَاءٌ لِوُضُوءٍ، أَوْ عَجِينٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَهْلًا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ أَكْلُ الطَّعَامِ وَلَمْ يَنْجُسْ الْمَاءُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ أَيْضًا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الدُّخَانُ لَا يَنْعَكِسُ فِيمَا طُبِخَ، أَوْ سُخِّنَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَنْعَكِسُ فَإِنَّ الطَّعَامَ لَا يُؤْكَلُ وَالْمَاءَ لَا يَنْجُسُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ انْعِكَاسُ دُخَانِ مَيْتَةٍ فِي طَعَامٍ أَوْ مَاءٍ يُنَجِّسُهُ انْتَهَى. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لَا يُؤْكَلُ الْخُبْزُ الَّذِي يُوقَدُ بِأَرْوَاثِ الْحَمِيرِ، وَأَمَّا مَا طُبِخَ فِي الْقُدُورِ فَأَكْلُهُ خَفِيفٌ وَيُكْرَهُ بَدَأَ وَلَا يُوقَدُ بِعِظَامِ الْمَيْتَةِ لِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ الْخُبْزَ قَدْ خَالَطَهُ مِنْ عَيْنِ نَجَاسَةِ الرَّوْثِ وَسَرَى فِيهِ، وَأَمَّا مَا طُبِخَ فِي الْقُدُورِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ مِنْ أَجْلِ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ دُخَانِ الرَّوْثِ النَّجِسِ لِمَا فِيهِ مِنْ الشُّبْهَةِ مِنْ أَجْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الدُّخَانَ نَجِسٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا نَجِسًا انْتَهَى.
فَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَنَقَلَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْبُيُوعِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَاهُ وَلَمْ يُنَبِّهَا عَلَيْهِ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَبَخَّرَ بِلُحُومِ السِّبَاعِ إذَا كَانَتْ ذُكِّيَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَةً وَلَمْ يَكُنْ دُخَانُهَا يَعْلَقُ بِالثِّيَابِ كَمَا يَعْلَقُ دُخَانُ عِظَامِ الْمَيْتَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَإِنْ كَانَ يَعْلَقُ بِالثِّيَابِ فَلَا يُعْجِبُنِي. ابْنُ رُشْدٍ: حُكْمُ دُخَانِ
الْمَيْتَةِ حُكْمُ رَمَادِهَا وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ الطَّهَارَةُ انْتَهَى.
وَعَزَى ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَتْ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ النَّجَاسَةُ بَلْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ دُخَانُ النَّجَاسَةِ أَشَدُّ مِنْ رَمَادِهَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّامِلِ وَرَمَادُ النَّجِسِ نَجِسٌ وَخَرَّجَ مِنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ وَبَيْضِهَا طَهَارَتَهُ وَهَلْ دُخَانُهُ كَذَلِكَ، أَوْ طَاهِرٌ خِلَافٌ انْتَهَى. فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُوقَدُ بِالنَّجَاسَةِ لَا عَلَى خُبْزٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا تَسْخِينِ مَاءٍ فَإِنْ فُعِلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْ مِنْ الرَّمَادِ وَالدُّخَانِ شَيْءٌ إلَى الْمَطْبُوخِ وَالْمَخْبُوزِ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ فَهُوَ نَجِسٌ، أَوْ مِنْ الدُّخَانِ فَنَجِسٌ أَيْضًا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْبُيُوعِ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَخَّصَ فِي الْخُبْزِ بِالزِّبْلِ بِمِصْرَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ وَأَنَّ رَمَادَ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ وَلِلْقَوْلِ بِطَهَارَةِ زِبْلِ الْخَيْلِ وَلِلْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ، وَمِنْهَا وَمِنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ قَالَ فَيُخَفَّفُ الْأَمْرُ مَعَ هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ عَلَى النَّاسِ أَمْرُ مَعِيشَتِهِمْ غَالِبًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلنَّاسِ.
(الثَّانِي) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّ الدُّخَانَ النَّجِسَ لَا يُنَجِّسُ مَا لَاقَاهُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ بَلْ إنَّمَا يُنَجِّسُ إذَا عَلِقَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُلُوقِ أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهُ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الرَّائِحَةِ فَلَا.
(الثَّالِثُ) ذُكِرَ فِي الطِّرَازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُرْتَكِ الْمَصْنُوعِ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ لَا يُصَلَّى بِهِ وَعَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُصَلَّى بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى الشَّيْخُ إنْ جُعِلَ مُرْتَكٌ صُنِعَ مِنْ عَظْمِ مَيْتَةٍ لِقُرْحَةٍ وَجَبَ غَسْلُهُ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ فَلَيْسَ بِنَجَاسَةٍ لِحَرْقِهِ بِالنَّارِ وَخَفَّفَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصَّلَاةَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَرْهَمُ النَّجِسُ يُغْسَلُ عَلَى الْأَشْهَرِ.
(الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا أَرَى أَنْ يُوقَدَ بِهَا فِي الْحَمَّامَاتِ انْتَهَى. فَإِنْ جَعَلَ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا عَرَقُ الْحَمَّامِ فَقَالَ عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ خَفَّفَ أَبُو عِمْرَانَ مَا يَقْطُرُ مِنْ عَرَقِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ أُوقِدَ تَحْتَهُ بِالنَّجَاسَةِ وَرَأَى أَنَّ رُطُوبَةَ النَّجَاسَةِ لَا تَصْعَدُ إلَى ذَلِكَ الْعَرَقِ لِلْحَائِلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مِنْ أَرْضِ الْحَمَّامِ وَخُرُوجَ أَدْخِنَتِهِ عَنْهُ خَارِجًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرَقُ مِنْ بُخَارِ الرُّطُوبَةِ وَالْمِيَاهِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهَا طَاهِرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَكَانَ الْبُخَارُ الْمُتَصَعِّدُ مِنْهَا وَعَرَقُهَا نَجِسٌ كَدُخَانٍ النَّجَاسَةِ وَبُخَارِهَا فَإِنَّهُ لَا شَكَّ بَعْضُ أَجْزَائِهَا وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَرَقُ الْحَمَّامَاتِ الَّتِي يُسْتَعْمَلُ فِي غَسْلِهَا مِيَاهُ الْحِيَاضِ النَّجِسَةِ وَلَا يُتَحَفَّظُ دَاخِلَهَا مِنْ الْبَوْلِ وَالنَّجَاسَاتِ انْتَهَى. وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَكَذَا الرَّجْرَاجِيُّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ الدُّخَانُ النَّجِسُ بِالْعَرَقِ لَتَنَجَّسَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق الشُّيُوخُ يَذْكُرُونَ فِي الْقَطْرَةِ مِنْ سَقْفِهِ قَوْلَيْنِ مَبْنَاهُمَا انْقِلَابُ الْأَعْيَانِ انْتَهَى.
وَفُهِمَ مِنْ جَعْلِ عِيَاضٍ بُخَارَ الْمِيَاهِ الْمُتَنَجِّسَةِ نَجِسًا أَنَّ دُخَانَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَنَجِّسَةِ نَجِسٌ، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ عَرَقَ الْحَمَّامِ مِنْ الرُّطُوبَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ فِي الْمُغْنِي إذَا اسْتَحَالَ الدُّخَانُ النَّجِسُ مَاءً فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَاءِ الْمُتَقَاطِرِ مِنْ حَائِطِ الْحَمَّامِ: إنَّهُ يُغْسَلُ وَيَحْتَاجُونَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى جَوَابٍ عَمَّا إذَا اسْتَحَالَ الطَّاهِرُ مَاءً فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ مُطَهِّرٌ وَكَأَنَّهُ يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمَاءِ إنَّمَا هُوَ الدُّخَانُ فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا مُطَهِّرًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْعَرَقَ إنَّمَا هُوَ مِنْ رُطُوبَاتِ الْمِيَاهِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فَهُوَ جُزْءُ مَاءٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَيُّرٌ فَهُوَ مُطَهِّرٌ، وَكَذَلِكَ الْقِدْرُ إذَا أُوقِدَ تَحْتَهَا بِالنَّجَاسَةِ وَهِيَ مُغَطَّاةٌ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الدُّخَانِ وَعَرِقَ غِطَاؤُهَا فَهُوَ طَاهِرٌ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ الصَّحِيحُ طَهَارَةُ عَرَقِ الْحَمَّامِ وَمَا سَقَطَ مِنْ سَقْفِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِهِ هُنَا لَوْ جُعِلَ فِي الْقِدْرِ مَاءٌ