الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ فِي الطَّهَارَةِ أَنْ تَسْتَوِيَ فِي إجَازَةِ التَّدَاوِي بِشُرْبِهَا.
(فَرْعٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَلْبَانَ تَابِعَةٌ لِلُّحُومِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّدَاوِي بِلَبَنِ الْأَتَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي جَوَازِ أَكْلِهَا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ وَعَطَاءٍ وَرَوَى إبَاحَةَ التَّدَاوِي بِهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِلَى إجَازَةِ ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ انْتَهَى. مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَقَالَ قَبْلَهُ: إنَّ أَبْوَالَهَا نَجِسَةٌ لَا يَحِلُّ التَّدَاوِي بِشُرْبِهَا قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ قَالَ: وَمَنْ أَجَازَ أَكْلَهَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَبَنُهَا.
[فَرْعٌ مِنْ نقص مِنْهُ سن أَوْ عظم هَلْ يَجُوز لَهُ رِدّه]
(فَرْعٌ) قَالَ سَنَدٌ مَنْ سَقَطَتْ مِنْهُ سِنُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ عَظْمٌ نَجِسٌ كَسِنِّ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَذْهَبِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ إذَا قُلِعَ الضِّرْسُ وَرُبِطَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ فَإِنْ رَدَّهُ وَالْتَحَمَ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ لِلضَّرُورَةِ.
[فَرْعٌ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ سَنَدٌ أَيْضًا: مَنْ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَسْرُهُ قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَافِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ فِي إخْرَاجِهِ حَرَجًا وَإِفْسَادَ لَحْمٍ فَسَقَطَتْ إزَالَتُهُ كَمَا إذَا كَانَ عَلَى الْجُرْحِ دَمٌ وَقَيْحٌ وَلَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ إلَّا بِإِفْسَادِ اللَّحْمِ، قَالَ: وَسَلَّمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ انْتَهَى. وَهَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَأَمَّا ابْتِدَاءً فَمَعْلُومٌ مِنْ الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
(تَنْبِيهٌ) مَنْ أَجَازَ اسْتِعْمَالَ النَّجَاسَةِ فِي ظَاهِرِ الْجَسَدِ فَذَلِكَ إذَا كَانَ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إذَا أَدَّى إلَى الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا فَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمُرْتَكِ النَّجِسِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْمَرْهَمِ النَّجِسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا إذَا أُجْبِرَ عَظْمُهُ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ خَوْفُ قُوَّةِ الضَّرَرِ هُنَاكَ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
ص (وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ)
ش: سَوَاءٌ كَانَ كِتَابِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا بَاشَرَ جِلْدَهُ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا تَلْحَقُهُ النَّجَاسَاتُ فِي الْعَادَةِ كَالذَّيْلِ، أَوْ لَا كَالْعِمَامَةِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْجِنْسُ وَسَوَاءٌ الذِّكْرُ وَالْأُنْثَى قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ ظَاهِرٌ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا لَبِسَهُ الْكَافِرُ غَسِيلًا، أَوْ جَدِيدًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ وَنَقَلَهُ سَنَدٌ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا وَفِي مَعْنَى الثِّيَابِ الْأَخْفَافُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَرْعٌ قَالَ وَحُكْمُ شَارِبِ الْخَمْرِ كَحُكْمِ الْكَافِرِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَى ذَلِكَ ثِيَابُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَدْ قَالَ الْأَشْيَاخُ فِي مَعْنَاهُمْ مَنْ يُشْرِبُ الْخَمْرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَغْسِلُ جَمِيعَ مَا لَبِسُوهُ مِنْ الثِّيَابِ انْتَهَى. وَقَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ كَابْنِ بَشِيرٍ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَقَيَّدَهُ بِغَيْرِ الْمُصَلِّي وَكَلَامُهُ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَرْعٌ) إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ هَلْ يُصَلِّي فِي ثِيَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ فَوَقَعَ لِزِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَا يَغْسِلُ إلَّا مَا عَلِمَ فِيهِ نَجَاسَةً رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِيهَا حَتَّى يَغْسِلَهَا وَإِذَا أَيْقَنَ بِطَهَارَتِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ فَالِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ غَسْلِهَا يَجْرِي عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي طَهَارَةِ عَرَقِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ انْتَهَى مِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ.
ص (بِخِلَافِ نَسْجِهِ)
ش: فَيَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إجْمَاعًا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَالْمَجُوسِيُّ مِثْلُهُ عِنْدَنَا وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا نَسَجُوهُ وَمَا لَبِسُوهُ لِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ فِيمَا نَسَجُوهُ وَبِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي لِئَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِمْ أَشْغَالُهُمْ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَأَمَّا ذَوُو الصِّنَاعَاتِ مِنْهُمْ يَعْنِي الْكُفَّارَ مِثْلُ مَنْ يَقُصُّ الْمِلَفَّ وَالْخَيَّاطِ وَالصَّائِغِ يَمَسُّ الْحُلِيَّ
وَالدَّرَاهِمَ بِيَدِهِ أَوْ فِيهِ فَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يُفْتِي بِغَسْلِ كُلِّ مَا لَمَسُوهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ عَدَمُ التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِمْ لِاسْتِغْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ بِمِثْلِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ غَيْرُهُ يُفْتِي بِاغْتِفَارِ هَذَا كُلِّهِ قِيَاسًا عَلَى مَا نَسَجُوهُ وَأَكْلِ الْمَائِعِ مِنْ أَطْعِمَتِهِمْ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ صَنْعَتُهُمْ تَفْتَقِرُ إلَيْهِمْ فِيهَا كَالصَّوَّاغِينَ فِي الْأَغْلَبِ، وَكَذَا يَسْأَلُونَ عَنْ طَبْخِ الْخُبْزِ فِي الْكُوشَةِ الَّتِي يُخَالِطُونَ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ انْتَهَى.
وَهَذَا يُخَالِفُ مَا إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ الْكَافِرَ أَدْخَلَ الدِّرْهَمَ فِي فِيهِ فَإِنَّهُ نَقَلَ ابْنُ نَاجِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي سُؤْرِ النَّصْرَانِيِّ عَنْ شَيْخِهِ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ شَاهَدَهُ يُفْتِي غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَخْرَجَ الدِّرْهَمَ مِنْ فِيهِ وَدَفَعَهُ لِمُسْلِمٍ لَا يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَأَقَامَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَ الْوَانُّوغِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِمَا خَاطَهُ الذِّمِّيُّ قَالَ: لِنَجَاسَةِ رِيقِهِ قَالَ وَلَوْ صَلَّى بِخَيْطٍ رُومِيٍّ فِي جَيْبِهِ لَمْ يُعَدَّ كَنَسْجِهِمْ. وَفِي مَسَائِلِ أَبِي عِمْرَانَ الزَّنَاتِيّ فِي الْبُيُوعِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَمَا عَمِلَهُ الصُّنَّاعُ كَالْخَيَّاطِ وَالْخَرَّازِ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الطَّهَارَةِ كَالْمَنْسُوجِ كَافِرًا كَانَ، أَوْ مُسْلِمًا مُصَلِّيًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الصُّنَّاعِ التَّحَفُّظُ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ النَّسَّاجَةُ وَهِيَ تُرَبِّي وَلَدَهَا وَالْحَالِبَةُ لِلَّبَنِ وَالْمَاخِضَةُ لَهُ وَالْجَامِعَةُ لِلزُّبْدِ مِنْ الْقِرْبَةِ وَالسَّاقِيَةُ لِلْمَاءِ وَالْخَادِمَةُ لِلطَّعَامِ وَالْمُغَرْبِلَةُ لَهُ كُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُ ذَلِكَ وَيُتَحَقَّقَ، وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ فِيمَا أَلْغَى فِيهِ الْغَالِبَ وَقَدَّمَ النَّادِرَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَصْنَعُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ وَلَا يَسْتَنْجُونَ وَلَا يَتَحَرَّزُونَ مِنْ النَّجَاسَاتِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةَ، وَأَخَذَهُ الْبَاجِيُّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي: وَالثِّيَابُ الَّتِي يَلِي غَسْلَهَا الْكُفَّارُ طَاهِرَةٌ، وَكَذَلِكَ مَا يَنْسِجُ الْمَجُوسُ، وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ وَإِذَا عَلَا الْكَلْبُ ثَوْبًا، أَوْ فُرُشًا لَمْ يَنْجُسَا وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ بِثِيَابِ الْقَصَبِ الْمَصْبُوغَةِ بِالْبَوْلِ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ بِجُلُودِ الثَّعَالِبِ وَالسِّنَّوْرِ إذَا كَانَا ذُكِّيَا.
ص (وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ) . ش قَالَ الشَّارِحُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ صَلَاتَهُ هُوَ فِيهِ لَا تُمْنَعُ بِقَوْلِهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعَدًّا لِلنَّوْمِ دَائِمًا انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الصَّغِيرِ، وَكَذَا فِي الْكَبِيرِ وَنَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ وَابْنِ مَرْزُوقٍ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَنْظُرَا فِيهِ بَلْ وَجَّهَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ هُوَ يَعْرِفُ طَهَارَتَهُ مِنْ نَجَاسَتِهِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِيمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَيَلْحَقُ بِمَا يُحَاذِي الْفَرْجَ مَا يَنَامُ فِيهِ وَلَوْ مِنْ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النَّجَاسَةَ فِيهِ انْتَهَى.
وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّوْبِ الْمُشْتَرَى مِنْ السُّوقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَأَمَّا مَا يُنَامُ فِيهِ فَلَا يُصَلَّى فِيهِ حَتَّى يُغْسَلَ كَانَ بَائِعُهُ مَنْ كَانَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ قِلَّةُ التَّحَفُّظِ مِنْ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ لِابْنِ بَشِيرٍ فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْغَسْلَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَجْهَلُ طَهَارَتَهُ، وَأَمَّا مَا أَخْبَرَكَ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ مُصَلٍّ ثِقَةٌ عَدْلٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِثِيَابِ غَيْرِ الْمُصَلِّي إلَّا مَا كَانَ مُعَدًّا لِرَأْسِهِ كَالْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ جَائِزَةٌ، قَالَ اللَّخْمِيُّ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ حَتَّى لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا مَنَعُوا الصَّلَاةَ بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ مِنْ أَجْلِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهِ وَالشَّكّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِ رَأْسِ غَيْرِ الْمُصَلِّي أَقْوَى بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُبَالِي أَيْنَ تَصِلُ انْتَهَى.
وَقَدْ سَمِعَتْ الْوَالِدَ - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَذْكُرُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ إلَّا لِرَأْسِهِ) . ش كَالْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَعَلَى مَنْ اشْتَرَى رِدَاءً مِنْ السُّوقِ إنْ قَدَرَ أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَهُ عَنْهُ
وَإِلَّا فَهُوَ فِي غَسْلِهِ فِي سَعَةٍ انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ عَلِمَ أَنَّ بَائِعَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُصَلِّي لَمْ يُصَلِّ بِهِ حَتَّى يُغْسَلَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَائِعَهُ فَيَنْظُرُ إلَى الْأَشْبَهِ مِمَّنْ يَلْبَسُ ذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ بِالْغَسْلِ أَفْضَلُ انْتَهَى.
وَنَصَّ سَنَدٌ عَلَى أَنَّ مَا اُشْتُرِيَ مِنْ مُسْلِمٍ مَجْهُولِ الْحَالِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ قَالَ: وَإِنْ شَكَّ فِيهِ نَضَحَ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ سَنَدٍ وَاللَّخْمِيّ؛ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ الْغَسْلُ أَفْضَلُ وَسَنَدٌ قَالَ يَنْضَحُ وَالنَّضْحُ هُوَ الْوَاجِبُ فِيمَا شَكَّ فِيهِ قَالَ سَنَدٌ إثْرَ كَلَامِهِ هَذَا: وَإِنْ كَانَ ثَمَّ ظَاهِرٌ فِي النَّجَاسَةِ كَثَوْبِ مَنْ عُرِفَ بِالْخَمْرِ وَالصِّبْيَانِ، وَمَنْ لَا يَتَحَرَّزُ: غَسَلَهُ انْتَهَى.
وَفِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا مَلْبُوسًا مِنْ السُّوقِ وَفِي الْبَلَدِ يَهُودٌ وَنَصَارَى مُخْتَلِطِينَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ أَنَّ لَهُ الصَّلَاةَ بِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَرِيبَ أَمْرًا فَيَغْسِلَهُ، أَوْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي الْبَلَدِ النَّصَارَى أَوْ يَبِيعَهُ مَنْ يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ، وَقَدْ لَبِسَهُ فَلْيَغْسِلْهُ وَفِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْمِصْرِيِّينَ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا، أَوْ فَرْوًا، أَوْ بُرْنُسًا، أَوْ عِمَامَةً فَإِنْ كَانَتْ جَدِيدَةً فَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَلْبُوسَةً وَأَخْبَرَ التَّاجِرُ بِطَهَارَتِهَا، وَكَذَا مَنْ اُشْتُرِيَتْ مِنْهُ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ صَدَّقَهُمَا، وَإِنْ شَكَّ فِي خَبَرِ التَّاجِرِ وَشَكَّ فِي الْحَوَائِجِ غَسَلَهَا بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ انْتَهَى.
وَهَذَا الْكَلَامُ وَمَا قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَهَذَا فِي الْقُمُصِ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَأَمَّا مَا يُسْتَعْمَلُ لِلرَّأْسِ مِنْ مِنْدِيلٍ، أَوْ عِمَامَةٍ فَالْأَمْرُ فِيهِ أَخَفُّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ سَلَامَتُهُ كَانَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يُصَلِّي أَوْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَلَا يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَأَمَّا مَا يُلْبَسُ فِي الْوَسَطِ فَلَا أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ كَانَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يُصَلِّي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يُحْسِنُ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الْبَوْلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَمَّدُ الصَّلَاةَ بِالنَّجَاسَةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ.
ص (وَلَا بِمُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ عَالَمٍ)
ش: قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَيْ مُقَابِلِ فَرْجِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ كَالسَّرَاوِيلِ وَالْمِئْزَرِ، وَهَذَا الشَّرْطُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمُصَنَّفُ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَزَادَ ابْنُ شَاسٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَهُوَ حَسَنٌ وَقَوْلُهُ:" مُحَاذِي " صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ ثَوْبٍ مُحَاذٍ انْتَهَى. وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَزَادَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ مَا يُحَاذِي الْفَرْجَ وَمَا تَحْتَهُ لِوُصُولِ الْبَلَلِ مِنْ الْفَرْجِ إلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ انْتَهَى. فَإِذَا حَمَلَ عَلَى هَذَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَأَصْلُهُ لِابْنِ هَارُونَ وَاعْتَرَضَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ بِأَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ أَنَّ الدُّبُرَ غَيْرُ دَاخِلٍ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ عِلْمِ الِاسْتِبْرَاءِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الدُّبُرِ قَالَ: وَإِنْ أَرَادَ دُبُرَ الثَّوْبِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ غَسْلُ مَا يُحَاذِي الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ لِوُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْمُرَادُ بِالْعَالِمِ الْعَالِمُ بِآدَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَكُلُّ مَنْ وُلِّيَ فِي الشَّرِيعَةِ أَمْرًا فَإِنَّمَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْعِلْمُ فِي ذَلِكَ فَقَطْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّ قُمُصَ النِّسَاءِ مَحْمُولَةٌ عَلَى غَيْرِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُنَّ لَا يُصَلِّينَ، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ لِمَنْ يُصَلِّي انْتَهَى. وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فَقَالَ نِسَاءُ الْحِجَازِ يُصَلِّينَ إلَّا أَنَّهُنَّ يُحْمَلْنَ عَلَى الْجَهْلِ بِالِاسْتِبْرَاءِ لَا أَنَّ ذَلِكَ غَالِبٌ عَلَيْهِنَّ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الثَّوْبَ كَانَ لِعَالِمَةٍ بِالِاسْتِبْرَاءِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ ثَوْبُ الصَّبِيِّ عِنْدَهُمْ نَجِسٌ وَالصَّوَابُ إنْ اسْتَقَلَّ بِغَسْلِ حَدَثِهِ فَهُوَ نَجِسٌ وَقُبُلُهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ حَاضِنَتَهُ تُنَظِّفُهُ انْتَهَى. وَلَفْظُهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي إلَى آخِرِهِ قَالَ وَدَلِيلُهُ حَمْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِأُمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ ثِيَابَهُمْ تُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي ثِيَابُ الصَّبِيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّجَاسَةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَالَ الْبَوْنِيُّ بِالْعَكْسِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمَامَةَ وَنَقَلَ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ