الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَوِزُّ وَالدَّجَاجُ الْمُخَلَّاةُ وَالسِّبَاعُ الَّتِي تَصِلُ إلَى النَّتْنِ إنْ شَرِبَتْ مِنْ طَعَامِ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ أُكِلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَفْوَاهِهَا وَقْتَ شُرْبِهَا أَذًى فَلَا يُؤْكَلُ انْتَهَى وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ الْحَمْلُ عَلَى النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ وَالطَّعَامِ فَيُرَاقَانِ نَظَرًا إلَى الْغَالِبِ، وَالثَّانِي الْحَمْلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فِيهَا نَظَرٌ إلَى الْأَصْلِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَالثَّالِثُ الْمَشْهُورُ يُطْرَحُ الْمَاءُ دُونَ الطَّعَامِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْهَا لِاسْتِجَازَةِ طَرْحِ الْمَاءِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لِاسْتِجَازَةِ طَرْحِ الْمَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ لِأَنَّ الْمَاءَ يُسْتَجَازُ طَرْحُهُ عَلَى النُّفُوسِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَمَعْنَى اسْتِجَازَةِ الطَّرْحِ أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ كَحُرْمَةِ الطَّعَامِ فَيَجُوزُ طَرْحُهُ عَلَى الْأَرْضِ انْتَهَى، وَقَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ: ظَاهِرُهُ جَوَازُ طَرْحِهِ لِغَيْرِ سَبَبٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ: وَالسَّرْفُ فِيهِ غُلُوٌّ وَبِدْعَةٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَازُ مُقَيَّدًا بِمَا حَصَلَ فِيهِ شُبْهَةٌ كَشُرْبِ مَا عَادَتُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ وَالْمَنْعُ لِغَيْرِ سَبَبٍ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا كَانَ السَّرْفُ فِيهِ بِدْعَةً فِيمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ إسْرَافٌ فِي عِبَادَةٍ جَاءَ مِنْ الشَّرْعِ التَّقْلِيلُ فِي ذَلِكَ أَمَّا إرَاقَةُ الْمَاءِ لَا فِي عِبَادَةِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اخْتِيَارًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ أَبُو الْقَاسِمِ الْبُرْزُلِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْإِسْرَافُ حَرَامٌ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ.
(فَائِدَةٌ) أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ «الْهِرَّةِ أَنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» وَقَالَ: لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[فَرْعٌ سُؤْر الْكَافِر وَالنَّصْرَانِيّ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَتَوَضَّأُ بِسُؤْرِ النَّصْرَانِيِّ يَقُومُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاهَدْتُ شَيْخَنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ يُفْتِي بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَإِنَّ الْكَافِرَ إذَا أَخْرَجَ الدِّرْهَمَ مِنْ فِيهِ وَدَفَعَهُ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ انْتَهَى.
ص (كَمُشَمَّسٍ)
ش: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُشَبَّهُ بِالْمُخْرَجِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُشَمَّسِ وَهُوَ الْمُسَخَّنُ بِالشَّمْسِ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنَّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَالْمُشَمَّسُ كَغَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الْمُسَخَّنَ بِالشَّمْسِ لِلطِّبِّ وَاقْتَصَرَ عِيَاضٌ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَسَنَدٌ فِي الْمُشَمَّسِ عَلَى الْكَرَاهَةِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) : مَا ذَكَرَهُ عَنْ عِيَاضٍ هُوَ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِهَا خِلَافًا بَلْ قَالَ: لَعَلَّهُ إنَّمَا كَرِهَهُ طِبًّا ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْقَرَافِيِّ الْآتِي وَكَلَامَ سَنَدٍ فِي الطِّرَازِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَذْهَبَ كَرَاهَتُهُ وَنَصَّهُ فَرْعٌ وَكُرِهَ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَوَجْهُهُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَقَدْ سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ فَقَالَ لَا تَفْعَلِي هَذَا يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الْبَرَصَ» وَنَحْوُهُ عَنْ عُمَرَ انْتَهَى. وَصَدَّرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ بِكَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يَخْرُجُ مِنْ الْإِنَاءِ مِثْلُ الْهَبَاءِ بِسَبَبِ التَّشْمِيسِ فِي النُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ فَيَعْلَقُ بِالْأَجْسَامِ فَيُوَرِّثُ الْبَرَصَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِصَفَائِهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ وَالْمُشَمَّسُ كَغَيْرِهِ انْتَهَى كَلَامُ الذَّخِيرَةِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ نَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَنَّ كَرَاهَةَ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ السَّابِقَ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ
عُمَرَ رضي الله عنه وَقَالَ ابْنُ الْإِمَامِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيَنْبَغِي كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِ الْمُشَمَّسِ قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ وَبِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ لَوْ شُمِّسَ فِي أَوَانِي الصُّفْرِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ لَمَا يَحْدُثُ مِنْ الْبَرَصِ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ الْقَوْلَ بِكَرَاهَةِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ إنْ قَضَتْ بِضَرَرِ اسْتِعْمَالِهِ فَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مَا رَوَى لِمَا عُلِمَ شَرْعًا مِنْ طَلَبِ الْكَفِّ عَمَّا يَضُرُّ عَاجِلًا.
وَلَمْ يَلْزَمْ بِمَا قِيلَ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِهِ لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّرَرَ إلَّا نَادِرًا لَا يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ مَا اسْتَلْزَمَهُ غَالِبًا فَإِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ الظَّنَّ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) : وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ مَوْضُوعًا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَفِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ أَعْنِي قَوْلَهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ: هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ وَبَيَّنَ ضَعْفَهَا كُلَّهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مَوْضُوعًا وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ وَقَالَهُ أَنَّهُ يُوَرِّثُ الْبَرَصَ وَهَذَا ضَعِيفُ أَيْضًا بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشَمَّسَ لَا أَصْلَ لِكَرَاهَتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ فَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) : وَقَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ بِكَرَاهَةِ الْمُشَمَّسِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ فِيهِ شَيْءٌ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّفِيسِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ إنَّ مُقْتَضَى الطِّبِّ كَوْنُهُ يُوَرِّثُ الْبَرَصَ قَالَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يُكْرَهُ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ فِي الْأَوَانِي الْمُنْطَبِعَةِ وَهِيَ الْمُطْرَقَةُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: جَمِيعُ مَا يُطْرَقُ وَقِيلَ كُلُّ مَا يُطْرَقُ إلَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لِصَفَائِهِمَا وَقِيلَ إنَّهَا مِنْ النُّحَاسِ خَاصَّةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِكَرَاهَةِ الْمُشَمَّسِ قَوِيٌّ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْإِمَامِ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ نَقَلَهُ ابْنُ الْفَرَسِ عَنْ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ كَوْنِهِ فِي أَوَانِي الصُّفْرِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمُشَمَّسٍ رَاجِعًا إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ
(قُلْتُ) : وَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، (تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إنَّهُ إنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ قَالَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى رَفْعِهِ الْحَدَثَ بَلْ لِمُنْفَصِلٍ عَنْهُ قَالَ وَيَتَعَيَّنُ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْمَكْرُوهَةِ انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ إذَا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَالظَّوَاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ إرْشَادٍ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ وَلَيْسَتْ كَرَاهَةً شَرْعِيَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ الشَّرْعِيَّةَ يُثَابُ تَارِكُهَا انْتَهَى.
(قُلْتُ) : فِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ نَهَى الشَّرْعُ عَنْ شَيْءٍ أُثِيبَ عَلَى تَرْكِهِ كَمَنْ تَرَكَ أَكْلَ السُّمِّ امْتِثَالًا لِنَهْيِ الشَّرْعِ عَنْ التَّسَبُّبِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ ابْنِ الْإِمَامِ السَّابِقُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ نَحْوَ مَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَالَ: هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ، (الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَانْظُرْ هَلْ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِهِ أَوْ لَا أَوْ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِلْأَطِبَّاءِ أَمَّا إنْ قِيلَ إنَّ الْعِلَّةَ تُحَلِّلُ أَجْزَاءً مِنْ الْإِنَاءِ فَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِهِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) : وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، (الرَّابِعُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْمُشَمَّسِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ تَبَرُّدٍ أَوْ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ وَفِي غُسْلِ النَّجَاسَةِ بِهِ مِنْ الْبَدَنِ وَأَمَّا غُسْلُ النَّجَاسَةِ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْبَدَنِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ