الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ شُرْبُهُ وَأَكْلُ طَعَامٍ طُبِخَ فِيهِ إنْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ، (الْخَامِسُ) أَمَّا الْمُشَمَّسُ فِي الْبِرَكِ وَالْأَنْهَارِ فَمُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَتِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ: لِعَدَمِ إمْكَانِ الصِّيَانَةِ وَتَأْثِيرِ الشَّمْسِ انْتَهَى،.
(قُلْتُ) : وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ وَقَوْلُهُ وَتَأْثِيرِ الشَّمْسِ أَيْ وَلِعَدَمِ تَأْثِيرِ الشَّمْسِ، (السَّادِسُ) الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَيَّدَ ذَلِكَ ابْنُ الْكَرَوِيِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ شَدِيدَ التَّسْخِينِ فَإِنْ كَانَ شَدِيدَ التَّسْخِينِ كُرِهَ وَمِثْلُهُ شَدِيدُ الْبُرُودَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ يُنَافِي الْخُشُوعَ وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِسْبَاغَ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ الْمُسَخَّنَ يُسْتَعْمَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُ الْقِدْرِ
[فَرْعٌ الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَةِ]
(فَرْعٌ) يُكْرَهُ الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْكَرَوِيِّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا وَقَعَ لِمَالِكٍ رحمه الله مِنْ تَفْضِيلِ الْبَارِدِ عَلَى الْمُسَخَّنِ إنَّمَا ذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ وَلِنَشَاطِ النَّفْسِ بَعْدَهُ فِي إقْلِيمِ الْحِجَازِ وَحَرَارَةِ الْبِلَادِ وَقَالَ غَيْرُهُ: لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّفَاهِيَةِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَأَنَا أَفْعَلُهُ كَثِيرًا وَنَقَلَ فِي الْبَيَانِ كَرَاهَتَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ فَإِنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَعُّمِ وَأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَاءِ الْبَارِدِ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ لِلْحَدِيثِ فَقَدْ أَصَابَ.
(تَنْبِيهٌ وَفَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْإِمَامِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ: هَذَا وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ الْبَارِدِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَخَّنِ أَفْضَلُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يَطْلُبْ مِنْ عِبَادِهِ الْمَشَاقَّ وَلِأَنَّ الْقُرَبَ كُلَّهَا تَعْظِيمٌ وَتَوْقِيرٌ وَلَيْسَ عَيْنُ الْمَشَاقِّ تَعْظِيمًا وَلَا تَوْقِيرًا وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُمْ تَحْصِيلَ الْمَصَالِحِ فَإِنْ لَمْ تُحَصَّلْ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظُمَ الْأَجْرُ لِقُرْبِ الْإِخْلَاصِ فَلِذَلِكَ كَانَ ثَوَابُ أَشَقِّ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَّحِدَيْنِ وَالْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَالسُّنَنِ وَغَيْرِهَا أَعْظَمَ كَالْوُضُوءِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوُضُوءِ فِي الصَّيْفِ وَهَذَا مِنْ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَالصَّوْمِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَشِدَّةِ الْقَيْظِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ أَوْ فَصْلِ الْبَرْدِ وَإِنْ أَمْكَنَ حُصُولُ الْمَصَالِحِ بِدُونِ مَشَقَّةٍ وَأَرَادَ أَحَدٌ فِعْلَ الْأَشَقِّ طَلَبًا لِمَزِيدِ الثَّوَابِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِالْبَارِدِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَخَّنِ وَكَسَلْوِكِ الطَّرِيقِ الْأَبْعَدِ إلَى الْجَامِعِ وَالْحَجِّ دُونَ الْأَقْرَبِ مَعَ إمْكَانِ سُلُوكِهِ قَصْدًا لِمَا ذُكِرَ كَانَ غَالِطًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَشَقَّةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي فِعْلِهِ الْعِقَابُ عَلَى قَدْرِ الْمَفْسَدَةِ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَتَسْخِينُ الْمَاءِ لِدَفْعِ بَرْدِهِ لِيَقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ لَا يَمْنَعُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي كَثْرَةِ الْخُطَا إلَى الْمَسَاجِدِ نَحْوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْإِمَامِ وَقَبِلَهُ وَأَيَّدَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبُرْزُلِيِّ.
[فَرْعٌ دُخُولُ الْحَمَّامِ]
(فَرْعٌ) وَأَمَّا دُخُولُ الْحَمَّامِ فَوَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فِي الرِّوَايَاتِ وَفَتَاوَى الشُّيُوخِ وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي جَامِعِ الْمُقَدِّمَاتِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَالْقَلْشَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ دُخُولَهُ لِلرَّجُلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ إذَا كَانَ خَالِيًا قَالَ ابْنُ نَاجِي أَوْ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ. الثَّانِي إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَتِرٍ أَوْ مَعَهُ مَنْ لَا يَسْتَتِرُ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ وَمَنْ فَعَلَهُ كَانَ جُرْحَةٌ فِي حَقِّهِ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْبَيَانِ: وَذَلِكَ جُرْحَةٌ فِي دِينِهِ وَقَدْحٌ فِي شَهَادَتِهِ وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ دُخُولِهِ مَعَ مَنْ لَا يَسْتَتِرُ بَلْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَى مَائِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِدُخُولِهِ وَمَنْ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَ كَالْعَادِمِ لِلْمَاءِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ غَاضًّا بَصَرَهُ لِإِخْرَاجِهِ لَا لِمُقَامِهِ فِيهِ إذْ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى. فَعَلَى قَوْلِهِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ صَارَ عَادِمًا لِلْمَاءِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) إذَا كَانَ مَسْتُورًا مَعَ مَسْتُورِينَ
فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْعُتْبِيَّةِ: لَا بَأْسَ بِهِ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْغُسْلِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ فِيهِ وَاَللَّهُ مَا دُخُولُهُ بِصَوَابٍ فَكَيْفَ يَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَوَجْهُ كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا مَعَ مَسْتُورِينَ مَخَافَةً أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَةِ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إذْ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ دَخَلَهُ مَعَ النَّاسِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْبَيَانِ: وَأَمَّا كَرَاهَةُ الِاغْتِسَالِ مِنْ مَائِهِ فَلِأَنَّهُ يُسَخَّنُ بِالْأَقْذَارِ وَالنَّجَاسَاتِ وَلِاخْتِلَافِ الْأَيْدِي فَرُبَّمَا تَنَاوَلَ أَخْذُهُ بِيَدِهِ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ لِدِينِهِ.
وَقَالَ قَبِلَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي حَوْضِ الْحَمَّامِ وَهُوَ مَلَآنِ يُجْزِئُهُ فِي طَهَارَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ طَاهِرًا يُرِيدُ بِذَلِكَ الرَّجُلِ وَالْمَاءِ جَمِيعًا وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْغُسْلُ بِالشَّرْطَيْنِ جَمِيعًا لَا أَنَّهُ يُبِيحُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً لِوَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) الِاغْتِسَالُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، (وَالثَّانِي) كَرَاهَةُ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ.
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي الْقِسْمِ الثَّانِي هُوَ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ جَائِزٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَصِحُّ بِعَشَرَةِ شُرُوطٍ ذَكَرَهَا ابْنُ شَاسٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ إلَّا بِنِيَّةِ التَّدَاوِي أَوْ التَّطَهُّرِ وَأَنْ يَقْصِدَ أَوْقَاتَ الْخَلْوَةِ وَقِلَّةِ النَّاسِ وَأَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِإِزَارٍ صَفِيقٍ وَأَنْ يَطْرَحَ بَصَرَهُ إلَى الْأَرْضِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْحَائِطَ لِئَلَّا يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَحْظُورٍ وَأَنْ يُغَيِّرَ مَا يَرَى مِنْ مُنْكَرٍ بِرِفْقٍ بِقَوْلِهِ: اسْتَتِرْ سَتَرَكَ اللَّهُ وَأَنْ لَا يُمَكِّنَ أَحَدًا مِنْ عَوْرَتِهِ أَنْ يُدَلِّكَهَا وَهِيَ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْفَخْذَيْنِ هَلْ هُمَا عَوْرَةٌ أَمْ لَا وَأَنْ يَدْخُلَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ وَأَنْ يَصُبَّ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَأَنْ يَتَذَكَّرَ عَذَابَ جَهَنَّمَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دُخُولِهِ وَحْدَهُ اتَّفَقَ مَعَ قَوْمٍ يَحْفَظُونَ أَدْيَانَهُمْ عَلَى كِرَائِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلْيَجْتَهِدْ فِي غَضِّ الْبَصَرِ.
وَإِنْ حَضَرَ وَقْتَ صَلَاةٍ فِيهِ اسْتَتَرَ وَصَلَّى فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ انْتَهَى هَذِهِ آدَابٌ مِنْهَا وَاجِبٌ وَمِنْهَا مَنْدُوبٌ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَدْخَلِ وَقَالَ فِيهِ: وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَسْتُورُ الْعَوْرَةِ مَعَ مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْ هُوَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ وَيَصُونُ نَظَرَهُ وَسَمْعَهُ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاغْتِسَالُ فِي النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ فِيهِ ذَلِكَ وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ وَفِيهَا مَا فِيهَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانِهِ وَأَمَّا زَمَانُنَا فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُجِيزَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَالْغَالِبُ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَنَّ شَاطِئَ النَّهْرِ فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مِثْلُ مَا فِي الْحَمَّامَاتِ وَكَذَلِكَ الْفَسَاقِي الَّتِي فِي الْمَيَاضِي وَالرِّبَاطَاتِ إذْ أَنَّهَا مَحِلُّ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ وَمَا أَتَى عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ أَلْفَاظَ الْعُلَمَاءِ عَلَى عُرْفِهِمْ وَزَمَانِهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَخْتَصُّ كُلُّ زَمَانٍ بِعَادَتِهِ وَعُرْفِهِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ انْتَهَى.
وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْغُسْلِ أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي زَمَانِ الدِّفَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الْحَمَّامِ لِأَنَّ مَالِكًا كَرِهَهُ وَأَمَّا زَمَنُ الْبَرْدِ فَدُخُولُ الْحَمَّامِ أَفْضَلُ خَشْيَةَ أَنْ يَضُرَّهُ الْمَاءُ الْبَارِدُ انْتَهَى، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا دُخُولُ النِّسَاءِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ الرِّجَالِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الشَّيْخِ فِي الرِّسَالَةِ وَلَا تَدْخُلُهُ امْرَأَةٌ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَقَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِهَا هَذَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَمَّامَ مُحَرَّمٌ عَلَى النِّسَاءِ وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: فَدُخُولُ النِّسَاءِ الْحَمَّامَاتِ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي حَالِ الْمَرَضِ وَقَالَ: لَوْ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِنَّ لَمَا جَازَ فِي الْمَرَضِ فَهُوَ لَهُنَّ فِي الْمَرَضِ جَائِزٌ وَمَعَ الصِّحَّةِ مَكْرُوهٌ وَإِذَا كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ مُؤْتَزِرَاتٍ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ. وَنَحْوُهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَرَاهَتَهُ لَهُنَّ لِغَيْرِ عِلَّةٍ إذَا كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهَا فِي حَقِّهِنَّ وَإِنَّمَا بَحَثَ فِي نَفْيِ التَّحْرِيمِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَأَمَّا فِي الرِّجَالِ فَقَالَ: تَرْكُهُ أَحْسَنُ وَفَسَّرَ