الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الْمَعْنَى حَمَلَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ يَتَكَرَّرُ فِيهِ الِاغْتِسَالُ وَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَنْصُوصًا فَيُقَيِّدُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ لَا يَكْثُرُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ جِدًّا وَبِأَنْ يَكُونَ مَنْ يَغْتَسِلُ فِيهِ غَيْرَ نَجِسِ الْأَعْضَاءِ وَإِلَّا أَفْسَدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ تغير الْمَاء فِي الْبَرْك الْمَعِدَة للوضوء]
(فَرْعٌ) الْبِرَكُ الْمُعَدَّةُ لِلْوُضُوءِ فِي الْمَيَاضِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إنْ تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ فَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ مِنْهَا لِاخْتِلَافِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ فِيهَا النَّجَاسَةَ وَإِنْ تَحَقَّقَ غَسْلُهُمْ النَّجَاسَةَ فِيهَا وَكَثْرَتُهُ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ مِنْهَا وَهَذَا فِيمَا تَطُولُ إقَامَةُ الْمَاءِ فِيهِ وَأَمَّا مَا يَفْرُغُ بِسُرْعَةٍ وَيُجَدَّدُ لَهُ مَاءٌ آخَرُ فَأَمْرُهُ خَفِيفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَعْنَى الثَّانِي وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا أَمَّا الْمُسْتَبْحِرُ فَلَا إشْكَالَ فِي خُرُوجِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِكْمَالِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ: حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى خُرُوجِهِ وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَكَرِهَ مَالِكٌ الِاغْتِسَالَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَمْ لَا وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا غَسَلَ مَا بِهِ مِنْ الْأَذَى أَوْ لَمْ يَغْسِلْهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالْغُسْلِ فِيهِ دُونَ الْوُضُوءِ فِيهِ وَيُعْطَى بِظَاهِرِهِ أَنَّ التَّنَاوُلَ مِنْهُ لِلتَّطْهِيرِ خَارِجَهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ أَتَى الْجُنُبُ بِئْرًا قَلِيلَةَ الْمَاءِ وَبِيَدِهِ قَذِرٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْرِفُ بِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَتَى الْجُنُبُ بِئْرًا قَلِيلَةَ الْمَاءِ وَبِيَدِهِ قَذِرٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْرِفُ بِهِ قَالَ مَالِكٌ: يَحْتَالُ حَتَّى يَغْسِلَ يَدَيْهِ وَيَغْرِفَ وَيَغْتَسِلَ وَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ يَغْتَسِلُ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ اغْتَسَلَ فِيهَا أَجْزَأَهُ وَلَمْ يُنَجِّسْهَا إذَا كَانَ الْمَاءُ مُعَيَّنًا، قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ: إنَّمَا كُرِهَ لَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ إذَا وَجَدَ مِنْهُ بَدَلًا وَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْمُضْطَرِّ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَحْمِلُ ذَلِكَ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ يَحْتَالُ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: يَأْخُذُهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَفِي سَمَاعِ مُوسَى بِفِيهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَلَا يَكُونُ مُضَافًا إذَا مَجَّهُ مَكَانَهُ وَلَا يَتْرُكُهُ حَتَّى يَطُولَ مَقَامَهُ وَيُمَضْمِضَهُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ أَوْ بِفِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُضَافًا يُرِقْهُ فَلَا تَطْهُرُ يَدُهُ وَلَا يَزُولُ عَنْهَا حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَإِنْ عَيَّنَهَا تَزُولُ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَنْجُسُ الْمَاءُ الَّذِي أَدْخَلَهَا فِيهِ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَفِي الطِّرَازِ يَحْتَالُ بِرَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ بِغَرْفٍ أَوْ عُشْبٍ قَالَ: وَقَوْلُ عَلِيٍّ تَفْسِيرٌ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي قَوْلِ عَلِيٍّ هُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إنَّمَا هُوَ مَعَ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا مَعَ الضَّرُورَةِ فَيَتَعَيَّنُ وَقَالَ سَنَدٌ: قَوْلُهُ وَيَحْتَالُ وَيَغْرِفُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْبِرَكِ وَأَمَّا الْبِئْرُ إذَا نَزَلَ ثُمَّ اغْتَرَفَ رَجَعَ الْمَاءُ إلَى الْبِئْرِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَلَطَّفَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ يَدِهِ وَتَقْلِيلِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَرْفَعُ بِهِ الْمَاءَ فِي فِيهِ ثُمَّ يَصْعَدُ إلَى أَعْلَى الْبِئْرِ فَيَبِلُّ يَدَيْهِ وَيَمْسَحُ بِالْأَرْضِ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِرَارًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُقَلِّلُ النَّجَاسَةَ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ الطُّلُوعِ وَالنُّزُولِ فَعَلَ مَا يُمْكِنُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا أَنْ يَبُلَّ يَدَيْهِ بِفِيهِ وَيَمْسَحَ فِي حَائِطِ الْبِئْرِ يَفْعَلْهُ مِرَارًا حَتَّى لَا يَبْقَى لِلنَّجَاسَةِ فِي يَدِهِ عَيْنٌ تَطْهُرُ وَلَا تُحَسُّ فَلَا يُؤَثِّرُ مَا يُقَدَّرُ بَقَاؤُهُ بِيَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ.
ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ رَفْعِهِ الْمَاءَ بِيَدِهِ إلَى جَسَدِهِ فِي الْبِئْرِ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَيْهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَغْرِفَ أَوْ يَنْغَمِسَ قُلْنَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّهُ إذَا اغْتَرَفَ وَقَلَّلَ الْمَاءَ وَبَالَغَ فِي التَّدَلُّكِ لَا يَكَادُ أَنْ يَجْرِيَ فِي الْبِئْرِ مِنْهُ كَبِيرُ طَائِلٍ وَقَدْ أَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَ مَنْ قَالَ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى سَالَ أَوْ قَطَرَ مِنْ عَلَى جَسَدِهِ بِشَيْءٍ إلَى الْبِئْرِ أَمْكَنَ أَنْ يَمُدَّ يَدَيْهِ فَيَغْتَرِفَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ وَمُرَاعَاةٌ لِلظَّاهِرِ انْتَهَى. يَعْنِي ظَاهِرَ النَّهْيِ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الرَّاكِدِ
[فَرْعٌ الْغُسْل فِي الْحِيَاض قَبْل غَسَلَ الْأَذَى]
(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ إنْ اغْتَسَلَ بِهِ فِي الْحِيَاضِ أَوْ فِي الْقَصْرِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمَاءِ الَّذِي اغْتَسَلَ فِيهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ لَمْ يُجْزِهِ غَسْلُهُ وَحُكْمُ الْجَنَابَةِ بَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَغُسْلُهُ يُجْزِيهِ
وَلَكِنْ يُغْتَسَلُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِأَجَلِ النَّجَاسَةِ وَقَالَ بَعْدَهُ: إنْ تَغَيَّرَ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ الْمَشْكُوكُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَإِنَاءِ الْمَاءِ يُشْرَبُ مِنْهُ مَا لَا يَتَوَقَّى مِنْ النَّجَاسَاتِ تَدْخُلُهُ الْأَقْوَالُ الَّتِي فِي تِلْكَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ: إنْ صَلَّى بِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْبَاجِيُّ يَغْسِلُ جَسَدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَا يَنْوِي بِالْغُسْلِ الثَّانِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهَا وَقَدْ ارْتَفَعَتْ وَلَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَرَّدَ إلَّا جُزْأَهُ مِنْ طَهَارَةِ أَعْضَائِهِ انْتَهَى. وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ تُحِلُّهُ النَّجَاسَةُ.
ص (وَسُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ)
ش: تَقَدَّمَ ضَبْطُ السُّؤْرِ وَبَيَانُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ سُؤْرَ شَارِبِ الْخَمْرِ مِنْ الْمَاءِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرُ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةُ مِنْ الْمَاءِ أَيْضًا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَآنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَمَا تَقَدَّمَ مَكْرُوهٌ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اسْتَعْمَلَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يُصَرِّحْ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْكَرَاهَةِ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهَا ابْنُ الْجَلَّابِ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَسِيرٌ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِذَكَرِ شَارِبِ الْخَمْرِ عَنْ النَّصْرَانِيِّ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ مِنْ شَرْبَةِ الْخَمْرِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِهِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا عَنْ قَوْلِهِ شَارِبِ خَمْرٍ لِأَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِمَا وَهِيَ لِمَا لَا يَعْقِلُ لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ وَقَوْلُهُ شَارِبِ خَمْرٍ يَقْتَضِي الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَثْرَةِ شُرْبِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْإِمَامِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ طَهَارَةُ الْيَدِ وَالْفَمِ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَإِنْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُمَا فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.
ص (لَا إنْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ إذَا عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْهِرِّ وَالْفَأْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِهِ مِنْ الْمَاءِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَلِمَا وُرِدَ فِي الْهِرَّةِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ «الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوْ الطَّوَّافَاتِ» هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ بِأَوْ فِي بَابِ الطَّهُورِ لِلْوُضُوءِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ وَالطَّوَّافَاتِ بِالْوَاوِ وَبِحَذْفِ عَلَيْكُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ صَاحِبُ مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ: يُحْتَمَلُ أَوْ أَنْ تَكُونَ لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّقْسِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلنَّوْعَيْنِ كَمَا فِي رِوَايَاتِ الْوَاوِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةُ الطَّوَّافُونَ الْخَدَمُ وَالْمَمَالِيكُ وَقِيلَ هُمْ الَّذِينَ يَخْدُمُونَ بِرِفْقٍ وَعِنَايَةٍ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّوَّافِينَ مِنْ الْخَدَمِ وَالصِّغَارِ الَّذِينَ سَقَطَ فِي حَقِّهِمْ الْحِجَابُ وَالِاسْتِئْذَانُ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ إنَّمَا سَقَطَ فِي حَقِّهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ لِلضَّرُورَةِ وَكَثْرَةِ مُدَاخَلَتِهِمْ بِخِلَافِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ فَلِذَا يُعْفَى عَنْ الْهِرَّةِ لِلْحَاجَةِ أَشَارَ إلَى نَحْوِ هَذَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحَدِيثُ يَتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِخَدَمِ الْبَيْتِ وَمَنْ يَطَّوَّفُ عَلَى أَهْلِهِ لِلْخِدْمَةِ، وَالثَّانِي شَبَّهَهَا بِمَنْ يَطَّوَّفُ لِلْحَاجَةِ وَالْمَسْأَلَةِ وَمَعْنَاهُ الْأَجْرُ فِي مُوَاسَاتِهَا كَالْأَجْرِ فِي مُوَاسَاةِ مَنْ يَطَّوَّفُ لِلْحَاجَةِ وَالْمَسْأَلَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّانِي قَدْ يَأْبَاهُ سِيَاقُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ مِنْ الطَّعَامِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ سُؤْرُ شَارِبِ الْخَمْرِ مِنْ الطَّعَامِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ مِنْ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَالطَّيْرُ