الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ الْآيَةِ قَطَعَهَا وَرَكَعَ وَابْتَدَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ غَيْرِهَا قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالسُّورَةُ بَعْدَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ سُنَّةٌ.
(تَنْبِيهٌ) وَقَوْلُهُ سُنَّةٌ يَقْتَضِي أَنَّ تَكْمِيلَ السُّورَةِ سُنَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ كَامِلَةٍ وَبَعْضُ سُورَةٍ تُجْزِئُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ لَزِمَهُ السُّجُودُ انْتَهَى، وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ.
[فَرْعٌ نَوَى أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِي الصَّلَاة]
(فَرْعٌ) مَنْ نَوَى أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَرْكَعَ حَتَّى يَقْرَأَ قَدْرَهَا قَالَ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ فِيمَا إذَا وَقَفَ الْقَارِئُ فِي الصَّلَاةِ وَاعِيًا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ سُورَةً، أُخْرَى قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَجْهُ اسْتِحْبَابِهِ أَنَّهُ لَمَّا فَتَحَ سُورَةً فَقَدْ نَوَى إتْمَامَهَا فَاسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يَرْكَعَ حَتَّى يَقْرَأَ قَدْرَ مَا كَانَ نَوَى قِرَاءَتَهُ، انْتَهَى.
ص (وَجَهْرٌ أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَمَنْ يَلِيهِ)
ش قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: اعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى السِّرِّ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَأَعْلَاهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَقَطْ وَأَدْنَى الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَأَعْلَاهُ لَا حَدَّ لَهُ انْتَهَى. زَادَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فَمَنْ قَرَأَ فِي قَلْبِهِ فِي الصَّلَاةِ فَكَالْعَدَمِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ فِي قَلْبِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَسَمَعُ سَحْنُونِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحْرِيكُ لِسَانِ الْمُسِرِّ فَقَطْ يُجْزِئُهُ وَأُحِبُّ إسْمَاعَ نَفْسِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَجَهْرُهُ إسْمَاعُ غَيْرِهِ، وَأُحِبُّ فَوْقَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ اعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى السِّرِّ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَأَعْلَاهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ انْتَهَى.
قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: فَأَمَّا الْجَهْرُ فَأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَمَنْ يَلِيهِ إنْ كَانَ وَحْدَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ مَفْهُومُهُ إذَا لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، وَمَنْ يَلِيهِ لَا يَكُونُ جَهْرًا بَلْ سِرًّا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ كَمَا قَالَ وَظَاهِرُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّهُ أَقَلُّ الْجَهْرِ وَأَمَّا أَعْلَاهُ فَلَا نِهَايَةَ لَهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَمَنْ يَلِيهِ، أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَسْمَعُ ثُمَّ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَالْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ فِي الْجَهْرِ وَالْأَقْفَهْسِيُّ يُرِيدُ تُسْمِعُ نَفْسَهَا خَاصَّةً فَيَكُونُ أَعْلَى جَهْرِهَا وَأَدْنَاهُ وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا يَسْتَوِي فِي حَقِّهَا السِّرُّ وَالْجَهْرُ إذْ غِيَاءُ سِرِّ الرَّجُلِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، انْتَهَى. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الزَّنَاتِيِّ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَمَّا الْجَهْرُ فَأَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ إنْ كَانَ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ دُونَ الرِّجْلِ فِي الْجَهْرِ أَنَّهُ قَالَ: احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَحْدَهُ مِمَّنْ يَقْرُبُ مِنْهُ مُصَلٍّ آخَرُ فَحُكْمُهُ فِي جَهْرِهِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُبَالِغُ فِي رَفْعِ صَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُهُمْ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ فُصُولِ الْعَالِمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالْجَهْرِ وَفِي الْمَسْجِدِ مَا نَصُّهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ عُلَمَاءَنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ قَالُوا فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى أَوْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاةِ الْجَهْرِ: إنَّهُ إذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ أَنَّهُ يَخْفِضُ صَوْتَهُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ فَيَجْهَرُ فِي ذَلِكَ بِأَقَلِّ مَرَاتِبِ الْجَهْرِ وَهُوَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَمَنْ يَلِيهِ خِيفَةَ أَنْ يُشَوِّشَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَسْبُوقِينَ هَذَا وَهُوَ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ فَمَا بَالُكَ بِرَفْعِ صَوْتِ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا يَجُوزُ لِمُصَلٍّ بِالْمَسْجِدِ وَبِجَنْبِهِ مُصَلٍّ آخَرُ رَفْعُ صَوْتِهِ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ قَبْلَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ: الْمَسْجِدُ إنَّمَا بُنِيَ لِلصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ مَا لَمْ تَضُرَّ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا أَضَرَّتْ بِهَا مُنِعَتْ، انْتَهَى.
ص (وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ)
ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ السَّهْوِ حَيْثُ جَعَلَهُ يَسْجُدُ لِتَكْبِيرَتَيْنِ وَصَرَّحَ الْبُرْزُلِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ: مَسْأَلَةُ مَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ فِي صَلَاتِهِ شَهْرًا أَعَادَهَا كُلَّهَا.
(قُلْت) هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ سُنَنٌ، وَمَنْ يَقُولُ: كُلُّهُ سُنَّةٌ لَا يُعِيدُ، انْتَهَى.
ص (وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)
ش: قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الدُّعَاءُ لِقَبُولِ التَّحْمِيدِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ: الْمُرَادُ بِهِ الْحَثُّ عَلَى التَّحْمِيدِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْحُذَّاقُ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَمَّا
رَأَيْنَا الْمُنْفَرِدَ لَا مُجَاوِبَ لَهُ أَمَرْنَاهُ بِأَنْ يُجَاوِبَ نَفْسَهُ، انْتَهَى.
ص (وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ ثُمَّ يَسَارِهِ وَبِهِ أَحَدٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ أَنْ يَرُدَّ الْمُقْتَدِي وَهُوَ الْمَأْمُومُ السَّلَامَ عَلَى إمَامِهِ بِأَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً ثَانِيَةً بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَرُدَّ عَلَى مَنْ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ إنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ تَسْلِيمَةً ثَالِثَةً، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ رَدَّ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا أَنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ الْأُولَى عَلَى يَمِينِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَةَ عَلَى الْإِمَامِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: نَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ وَيُرِيدُ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّهُ يَقْصِدُ بِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ.
(قُلْت) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَمِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَالْمَأْمُومُ رُوِيَتْ تَسْلِيمَتَانِ يَرُدُّ إحْدَاهُمَا عَلَى الْإِمَامِ وَرُوِيَتْ ثَالِثَةٌ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ بَعْدَ تَقْدِيمِهَا عَلَى رَدِّ الْإِمَامِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الثَّانِيَةَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَقْصِدُ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ تَسْلِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِهِ يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَأُخْرَى يَرُدُّ بِهَا عَلَى إمَامِهِ وَهَلْ يَرُدُّ بِتِلْكَ الثَّانِيَةِ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ يُسَلِّمُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمْ تَسْلِيمَةً ثَالِثَةً؟ قَالَ الْقَاضِي: ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، انْتَهَى. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْمَسَالِكِ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:
إنَّهُ يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَنَصُّهُ الَّذِي أَقُولُ بِهِ: أَنَّهُ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ يَعْتَقِدُ بِهَا الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَةَ عَنْ يَسَارِهِ يَعْتَقِدُ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ، وَالتَّسْلِيمَةُ الثَّالِثَةُ احْذَرُوهَا فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ لَمْ تَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَعْلُولٌ، انْتَهَى. الْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهُ يُسَلِّمُ ثَلَاثَ تَسْلِيمَاتٍ لَكِنَّهُ يَبْدَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْيَسَارِ قَبْلَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَهَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ حَكَاهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ رِوَايَةً، فَيَتَحَصَّلُ فِي سَلَامِ الْمَأْمُومِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْمَشْهُورِ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ إنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ رَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: الْأَصْلُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» (قُلْت) وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى الْإِمَامِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَأَمَرَنَا عليه الصلاة والسلام ثُمَّ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ «وَقَالَ: ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى الْيَمِينِ ثُمَّ عَلَى قَارِئِكُمْ ثُمَّ عَلَى أَنْفُسِكُمْ.» وَوَجْهُ تَقْدِيمِ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْيَسَارِ أَنَّ سَلَامَهُ سَبَقَ سَلَامَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الرَّدُّ عَلَيْهِ سَابِقًا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّدِّ عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ هُوَ مَا قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: إنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ يَجِبُ اتِّصَالُهُ بِهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] وَالْإِمَامُ قَدْ انْقَطَعَ اتِّصَالُ تَحِيَّتِهِ بِسَلَامِ الْمَأْمُومِ فَإِذَا انْخَرَمَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ فَلَا يَنْخَرِمُ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ مَعَ إمْكَانِهِ وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ وَقَالَ: لِأَنَّ رَدَّ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ وَيَجِبُ اتِّصَالُهُ بِهَا إلَى آخِرِهِ، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْمَسَالِكِ: لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الرَّدِّ الِاتِّصَالَ. وَوَجَّهَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِأَنَّ مَنْ فِي الْيَسَارِ خَصَّهُ بِالسَّلَامِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ فِي عُمُومِ الْمَأْمُومِينَ فَمَنْ خَصَّهُ بِالتَّسْلِيمِ فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَوَجْهُ
الرِّوَايَةِ بِالتَّخْيِيرِ تَعَارُضُ مُقْتَضَيَاتِ التَّقْدِيمِ مَعَ الِاتِّفَاقِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى التَّسْلِيمَتَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: إنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ أَكْثَرُ مِنْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَجَبَ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِتَسْلِيمَةٍ. قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى جَمِيعِ الْمَأْمُومِينَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرَّدُّ، فَأَجْزَأَ فِيهِ سَلَامٌ وَاحِدٌ، كَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَجَمَعَهُمْ فِي الرَّدِّ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ هَلْ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً؟ قِيلَ يَرُدُّ قِيَاسًا عَلَى جُمْلَةِ الْمَأْمُومِينَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ تَسْلِيمَةً، وَقِيلَ: لَا يَجْمَعُ تَشْرِيفًا لِلْإِمَامِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَا فَسَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْيَسَارِ إنْ كَانَ فِيهِ أَحَدٌ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ، وَعَدَّهُمَا الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَفِي قَوَاعِدِهِ سُنَّتَيْنِ، وَعَدَّهُمَا ابْنُ جَمَاعَةَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ فَضِيلَتَيْنِ وَعَدَّ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتُ وَالْقَرَافِيُّ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ السُّنَنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ الرَّدَّ عَلَى الْيَسَارِ وَلَا نَبَّهُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَقَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَهُ: عَدَّ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ السُّنَنِ وَلَمْ يَعُدُّوا فِيهَا الرَّدَّ عَلَى مَنْ عَلَى الْيَسَارِ.
(الثَّانِي) قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ الرَّدِّ حَتَّى يُسَلِّمَ مَنْ فِي الْيَسَارِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُؤَخِّرَ سَلَامَهُ بَلْ يَتَحَلَّلَ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ فَيُوقِعَ الرَّدَّ مَوْقِعَهُ، فَمَنْ أَخَّرَ سَلَامَهُ لَمْ يَنْتَظِرْ وَرَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سَلَامَهُ لَمَّا كَانَ لَا بُدَّ مِنْهُ كَانَ فِي حُكْمِ الْوَاقِعِ، وَتَعَلَّقَ الرَّدُّ بِمَحِلِّهِ وَقَعَ فِيهِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ فَأَسْقَطَ مِنْهُ لَفْظَ " غَيْرُ " وَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُشْتَرَطٌ هَكَذَا رَأَيْت فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْهُ وَاخْتَصَرَهُ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَلَّابِ كَذَلِكَ فَقَالَ: يُسَلِّمُ عَلَى يَسَارِهِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ، وَمَنْ أَخَّرَ سَلَامَهُ لَمْ يُنْتَظَرْ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَصَارَ آخِرُ الْكَلَامِ يُدَافِعُ أَوَّلَهُ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَالَ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْيَسَارِ التَّأَخُّرُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ؟ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَسَارِ الْمَأْمُومِ أَحَدٌ فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ يَعْنِي كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ عَلَى يَسَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ وَالْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالذَّخِيرَةِ.
(قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ يُقَوِّي الْقَوْلَ الَّذِي يَقُولُ بِتَقْدِيمِ الرَّدِّ عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّخْيِيرِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ: إنَّهُ لَا يُسَلِّمُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَلَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ مَسْبُوقٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سَلَامَهُ مُتَأَخِّرٌ وَلَيْسَ هُوَ مَحِلُّهُ حَتَّى يُقَامَ مَحِلُّهُ مَقَامَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَرُدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سَلَامَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ فَلْيُقِمْ مَنْ يَلِيهِ السَّلَامَ عَلَى سُنَّتِهِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ الرَّدِّ الْجَوَابَ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ اعْتِبَارُ التَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهِ كَمَا يَقُولُ الْمُخَالِفُ وَإِنَّمَا التَّسْلِيمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا شُرِّعَ الرَّدُّ لِهَيْئَةِ الْمُصَلِّي وَتَشْبِيهًا بِالْمُسْلِمِينَ فَصَارَ فِي نَفْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِوُجُودِ الْمُصَلِّينَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، حَتَّى يَرُدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّلَامَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ وَالْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالذَّخِيرَةِ بِاخْتِصَارٍ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: فَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ مَسْبُوقٌ قَالَ سَنَدٌ: يُحْتَمَلُ عَدَمُ الرَّدِّ لِتَأْخِيرِ سَلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ انْتَهَى. وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ وَفِيهِ مِيلٌ إلَى تَرْجِيحِ السَّلَامِ عَلَى الْيَسَارِ إذَا كَانَ فِيهِ
مَسْبُوقٌ قَامَ لِلْقَضَاءِ.
(قُلْت) وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ أَخَذَ وَهُوَ الظَّاهِرُ إنْ كَانَ الْمَسْبُوقُ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمَا سَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسِ وَالسَّادِسِ مَا قُلْنَا: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الرِّسَالَةِ وَيَرُدُّ أُخْرَى عَلَى مَنْ كَانَ سَلَّمَ عَلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَحَدٌ لَمْ يَرُدَّ عَلَى يَسَارِهِ شَيْئًا قَالَ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُخَالَفَةِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ لِقَوْلِ غَيْرِهَا: أَوَّلُ مَا سَمِعْته مِنْ شَيْخِنَا أَبِي بَكْرٍ الصَّفَاقُسِيِّ ذَكَرَهُ فِي دَرْسِ شَيْخِنَا الشَّبِيبِيِّ وَسَلَّمَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُ الرِّسَالَةِ مُفَسِّرٌ لِغَيْرِهَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ مَسْبُوقٌ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، انْتَهَى.
(قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنْ يُؤَوَّلَ كَلَامُ الرِّسَالَةِ وَيُوَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَيُقَالُ: إنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ وَنَبَّهَ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْيَسَارِ إذَا كَانَ فِيهِ مَسْبُوقٌ وَلَمْ يَذْكُرَا خِلَافَهُ وَكَذَا الشَّيْخُ زَرُّوق وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فَقَالَ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ: فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ لَمْ يَرُدَّ عَلَى يَسَارِهِ شَيْئًا فَلَا يُسَلِّمُ عَلَى مُدْرِكٍ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ قَدْ قَامَ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَفِي كُلِّهَا اخْتِلَافٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ عَلَى الْيَسَارِ مَسْبُوقٌ فَهَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَاحْتِمَالُ كَلَامِهِ لِهَذَا فِيهِ بُعْدٌ، انْتَهَى.
(قُلْت) ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الشَّيْخِ زَرُّوق أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مَنْصُوصٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُمَا أَشَارَا بِالْخِلَافِ إلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الرِّسَالَةِ وَكَلَامِ غَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ الِاحْتِمَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الطِّرَازِ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُهُ فِي الطِّرَازِ: يَمْنَةً وَيَسْرَةً، هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا.
(الْخَامِسُ) اُخْتُلِفَ فِي سَلَامِ الْمَسْبُوقِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقِيلَ: كَسَلَامِ الْفَذِّ، وَقِيلَ: كَسَلَامِ الْمَأْمُومِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ حَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ انْصَرَفَ أَمْ لَا، انْتَهَى.
قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: عَلَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ثُبُوتَ سَلَامِ الرَّدِّ بِأَنَّ حُكْمَ الْإِمَامِ بَاقٍ عَلَيْهِ فِي فَضَائِلِهِ وَعَلَّلَ بَقِيَّةٌ بِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الرَّدِّ الِاتِّصَالَ بِسَلَامِ الِابْتِدَاءِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الِاتِّصَالُ لَمْ يَثْبُتْ الرَّدُّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي وُجُودَ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ حَاضِرًا، وَأَشَارَ بَعْضُ أَشْيَاخِي إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ حُضُورِ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مَعَ غَيْبَتِهِ، انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ.
(قُلْت) وَبَعْضُ أَشْيَاخِهِ هُوَ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا فَاتَ الْمَأْمُومَ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَضَى مَا فَاتَهُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَلَا مَنْ عَلَى يَسَارِ الْمَأْمُومِ رَدَّ عَلَيْهِمَا، وَاخْتُلِفَ إذَا انْصَرَفَا فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ: مَرَّةً لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمَا، وَمَرَّةً قَالَ: يَرُدُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ يَتَضَمَّنُ دُعَاءً وَهُوَ تَحِيَّةٌ تَقَدَّمَتْ مِنْهُمْ يَجِبُ رَدُّهَا، انْتَهَى. وَهَكَذَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: إنَّهُ إذَا قَضَى صَلَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفُوا فَلَا إشْكَالَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسْبُوقِ إذَا قَامَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ هَلْ يُسَلِّمُ سَلَامَ الْفَذِّ أَوْ سَلَامَ الْمَأْمُومِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَإِنْ قَضَى مَا بَقِيَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ يُسَلِّمُ سَلَامَ الْمَأْمُومِ قَوْلًا وَاحِدًا، انْتَهَى.
(قُلْت) وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي اخْتَارَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا مَالِكٌ فَيَحْصُلُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُسَلِّمُ سَلَامَ الْمَأْمُومِ إنْ لَمْ يَنْصَرِفْ الْإِمَامُ، وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِاتِّفَاقٍ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ بَعْضِ الشُّيُوخِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا إذَا انْصَرَفُوا عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: وَالْمَسْبُوقُ كَغَيْرِهِ،
وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْإِمَامُ، وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ لَمْ يَذْهَبَا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ (فَإِنْ قِيلَ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ أَحَدٌ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ.
(قُلْت) لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا مَالِكٌ لِرُجُوعِ مَالِكٍ عَنْهَا فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَلِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَنْ عَلَى الْيَسَارِ، وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ عَامَّةٌ فِي الْإِمَامِ وَمَنْ عَلَى الْيَسَارِ؛ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَبِهِ أَحَدٌ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَبِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ الَّذِينَ أَدْرَكَ مَعَهُمْ الْمَأْمُومُ جُزْءًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي أَدْرَكَهُ مَعَهُمْ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ ذَهَبَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهُ عَلَى يَسَارِهِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي أَدْرَكَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فِي الْجُزْءِ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَلَسَ فِيهِ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك كَثْرَةُ فَوَائِدِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَبِهِ أَحَدٌ، مَعَ شِدَّةِ اخْتِصَارِهِ.
(السَّادِسُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ سَحْنُونٌ: وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا التَّشَهُّدَ فَلَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ. وَقَالَ سَنَدٌ: لَمَّا ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي رَدِّ الْمَسْبُوقِ عَلَى الْإِمَامِ وَهَذَا فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَصَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ التَّشَهُّدِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: هَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهَذَا بَيِّنٌ، فَإِنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِرَدِّ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ فِي صَلَاتِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِإِمَامٍ لَهُ فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا فَذًّا وَلِهَذَا لَا يَسْجُدُ مَعَهُ فِي سَهْوِهِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَرُدَّ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ. وَتَوَقَّفَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي فِي ذَلِكَ فَقَالَ: قَالَ سَحْنُونٌ: وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا التَّشَهُّدَ فَلَا يَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ.
(قُلْت) وَانْظُرْ هَلْ يَرُدُّ عَلَى يَسَارِهِ؟ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَتُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ. عَنْ الْجُزُولِيِّ وَالشَّيْخِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَالشَّيْخِ زَرُّوق أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَسَلَامُهُ كَسَلَامِ الْمَأْمُومِ، وَأَنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ فَسَلَامُهُ كَسَلَامِ الْفَذِّ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَالرَّدُّ عَلَى الْإِمَامِ فَرْضٌ خَارِجٌ عَنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي صَلَاةِ الْجَنَائِزِ انْتَهَى.
(قُلْت) لَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ لَا فِي النُّكَتِ وَلَا فِي التَّهْذِيبِ وَاَلَّذِي فِي اللَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَرُدُّ تَسْلِيمَةً ثَانِيَةً عَلَى الْإِمَامِ قَالَ: وَهُوَ أَحْسَنُ أَنْ يُجْرِيَ السَّلَامَ فِي الْعَدَدِ يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى مَا يَجْرِي فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَيَرُدُّ الْمَأْمُومُ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى شِمَالِهِ بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا؛ لِأَنَّ رَدَّ التَّحِيَّةِ فَرْضٌ وَالْإِمَامُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ فَيَرُدُّوا عَلَيْهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِاَلَّتِي خَرَجَ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ، انْتَهَى. فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَرَى تَسْلِيمَةَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِ الْمُصَلِّي فَرِيضَةً خَارِجَةً عَنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنْ يَخْتَارَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا يُسَلِّمُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْبُوقِ، وَنَحْوُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ والتِّلِمْسَانِيِّ فِي تَوْجِيهِ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ السَّلَامِ عَلَى الْيَسَارِ عَلَى السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ تَشْبِيهُ رَدِّ الْمُصَلِّي بِرَدِّ السَّلَامِ خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَنَّ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَقَعُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ بِالتَّبَعِ فَلِذَلِكَ كَانَ الرَّدُّ سُنَّةً بِخِلَافِ الرَّدِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ انْتَهَى.
(قُلْت) وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ يُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَيْضًا فِي التَّنْبِيهِ التَّاسِعِ وَقَدْ ذَكَرَ التِّلِمْسَانِيُّ وَالْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ تَرَكَ الرَّدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ قَدْ رَدُّوا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَّفَقٍ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ سُنَّةٌ وَلَا فِيهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ، وَإِنَّمَا هُوَ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فَكَانَ أَمْرُهُ أَخَفَّ بِخِلَافِ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، انْتَهَى بِاخْتِصَارِ الْقَرَافِيُّ فَإِذَا أَطْلَقَ الْوُجُوبَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْمُسَامَحَةِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ لِأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ يَجِبُ اتِّصَالُهُ بِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّتُهَا كَمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْمَسَالِكِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُلَبِّيَ وَالْمُؤَذِّنَ يَرُدَّانِ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمَنْ جَهِلَ تَرْكَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَسَلَّمَ الْأُولَى أَوْ جَهِلَ فَتَرَكَ الثَّانِيَةَ فَلَمْ يُسَلِّمْهَا أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
(الثَّامِنُ) قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَيَرُدُّ أُخْرَى عَلَى الْإِمَامِ قُبَالَتَهُ يُشِيرُ إلَيْهِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا: قَالَ ابْنُ سَعْدُونٍ: لَوْ صَلَّى الْمَأْمُومُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى الْإِمَامِ عَلَى حَالِهِ وَيَنْوِي الْإِمَامَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق وَيَكُونُ سَلَامُهُ عَلَى إمَامِهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُشِيرَ إلَى نَاحِيَةِ الْإِمَامِ كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُشِيرَ إلَى الْمَأْمُومِينَ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ وَجْهَهُ وَالنِّيَّةُ تُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: قَوْلُهُ: قُبَالَةَ وَجْهِهِ أَيْ قُبَالَةَ الْمَأْمُومِ وَقَوْلُهُ يُشِيرُ إلَيْهِ، قِيلَ: بِقَلْبِهِ، وَقِيلَ: بِرَأْسِهِ إذَا كَانَ أَمَامَهُ وَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ أَوْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ تَرَكَ الْإِشَارَةَ بِرَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: قَوْلُهُ: يُشِيرُ إلَيْهِ، يُرِيدُ إذَا كَانَ أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ خَلْفَهُ فَيُشِيرُ إلَيْهِ بِالنِّيَّةِ، وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ هُنَا بِالْقَصْدِ إلَى الْإِمَامِ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ الشَّيْخُ انْتَهَى. كَأَنَّهُ يَعْنِي بِالشَّيْخِ نَفْسَهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الْقَصْدُ لَا الْإِشَارَةُ بِالرَّأْسِ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُرَادَ الْإِشَارَةُ بِالرَّأْسِ فَإِنْ كَانَ خَلْفَهُ لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّاسِعُ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَيَقْصِدُ الْإِمَامُ بِهَا أَيْ بِالتَّسْلِيمَةِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُقْتَدِينَ، وَيَقْصِدُ الْفَذُّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسَلِّمُ أَوَّلًا تَسْلِيمَةً يُشِيرُ بِهَا إلَى يَمِينِهِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَبْتَدِئُ بَعْدَهَا بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ بِالسَّلَامِ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُصَلِّينَ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَبْتَدِئُ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ فَلَا يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى النَّقْلِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَالْمَأْمُومُ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ، يَنْوِي بِالْأُولَى التَّحْلِيلَ وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ نَوَى الرَّدَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَعِنْدَنَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَاَلَّذِي فِي الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالْأُولَى التَّحْلِيلَ وَالْحَفَظَةَ وَالْإِمَامَ إنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِ وَمَنْ عَلَى يَمِينِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ.
وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ سَلَامٌ يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ تَحِيَّةَ مَخْلُوقٍ وَلَا مُخَاطِبَهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ عَابِرِي السَّبِيلِ أَوْ التَّحِيَّةَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُصَلِّينَ، انْتَهَى.
(الْعَاشِرُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا إلَّا تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلَ، وَلَفْظُهُ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاحِدَةً كَذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: وَكَمَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ فِي الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا حَدَثَ التَّسْلِيمَتَانِ مُنْذُ كَانَ بَنُو هَاشِمٍ، انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَأَصْلُهُ فِي آخِرِ رَسْمِ شَكٍّ فِي طَوَافِهِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ. قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِالْأَمْرِ الَّذِي أَدْرَكَ عَلَيْهِ النَّاسَ وَهُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْرُوعَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكَافَّةِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا مَطْلُوبٌ إلَّا بِأَمْرٍ
مُسْتَفِيضٍ، وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَمَلِ الْمُتَّصِلِ سِيَّمَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَبِهَا اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ وَقُبِضَ الرَّسُولُ، وَأَقَامَتْ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ الصَّلَوَاتِ فِي الْجُمَعِ عَلَى مَا كَانَتْ تُقَامُ يَوْمَ وَفَاتِهِ وَاتَّصَلَ بِذَلِكَ عَمَلُ الْخَلَفِ عَنْ السَّلَفِ، انْتَهَى. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ قَبْلَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَرَوَى مُطَرِّفٌ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفَذَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ وَتَسْلِيمَةً عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكٌ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ تَخْرِيجًا عَلَى ذَلِكَ: إنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ رِوَايَتَيْنِ كَالْفَذِّ فَقَالَ الْإِمَامُ: وَالْفَذُّ يُسَلِّمَانِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَرَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ وَلَا يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْهُمَا، انْتَهَى. وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: الْأُولَى أَنَّهُ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً. الثَّانِيَةُ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ. قَالَ: وَلَا يُسَلِّمُ مَنْ خَلْفَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُمَا. الثَّالِثَةُ ذَكَرَهَا أَبُو الْفَرَجِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ رَدَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَةً ثَانِيَةً. قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ سَلَّمَ أُخْرَى عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَالْإِمَامُ وَالْفَذُّ تَسْلِيمَةً اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَتْ ثَانِيَةٌ عَنْ الْيَسَارِ. أَبُو الْفَرَجِ إنْ كَانَ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ أَحَدٌ وَرَوَى الْمَازِرِيُّ يُخْفِي سَلَامَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ؛ لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ فِيهِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: فَفِي الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ عِيَاضٌ الْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ، وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ ابْنِ زَرْقُونٍ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ: الْإِمَامُ وَاحِدَةً، انْتَهَى.
(قُلْت) لَيْسَ بِعَجِيبٍ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْبَاجِيِّ فِي جَعْلِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ تَخْرِيجًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَصَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ بِتَشْهِيرِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْفَذَّ يُسَلِّمَانِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْحَادِيَ عَشَرَ) كُلُّ مَنْ أَثْبَتَ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ إلَّا أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَالْحَسَنَ بْنَ الصَّلَاحِ
قَالَ فِي الطِّرَازِ: لَوْ أَحْدَثَ الْمُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وِفَاقًا بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ، وَلَا يَشْتَرِطُ أَحَدٌ التَّسْلِيمَتَيْنِ إلَّا ابْنَ حَنْبَلٍ وَالْحَسَنَ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُمَا، وَمَنْ تَأَخَّرَ، انْتَهَى.
(الثَّانِي عَشَرَ) قَالَ فِي رَسْمِ نَذْرِ سُنَّةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ مَعَ الْإِمَامِ مَتَى يَقُومُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدَةً أَوْ يَنْتَظِرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ انْتَظَرَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ سَلَامِهِ ثُمَّ يَقُومُ، وَقَالَ فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ: إنْ قَامَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَاحِدَةً فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ السَّلَامَ الْأَوَّلَ هُوَ الْفَرْضُ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَ سُنَّةٌ، فَإِذَا قَامَ بَعْدَ سَلَامِهِ الْأَوَّلِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ انْتَهَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُومَ لِقَضَاءِ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَالَ فِي الطِّرَازِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُومُ لِلْقَضَاءِ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ تَسْلِيمِهِ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَإِنْ قَامَ بَعْدَ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: فَعَلَى هَذَا لَا يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ الْأُولَى أَجْزَأَهُ، انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالْقَرَافِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي سَلَامِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ نَصٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ لَمَّا ذَكَرَ الرِّوَايَةَ عَنْ مَالِكٍ بِأَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَجَعَلَاهُ مِنْ تَمَامِ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ إلَّا بَعْدَ الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَا ذَكَرَهُ عَنْهُ
فِي النَّوَادِرِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ)
ش: اعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْزِمَ تَحْرِيمَهُ وَتَسْلِيمَهُ وَلَا يُمَطِّطَهُمَا؛ لِئَلَّا يَسْبِقَهُ بِهِمَا مَنْ وَرَاءَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّوَادِرِ وَمَعْنَى الْجَزْمِ الِاخْتِصَارُ وَأَمَّا الْجَهْرُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْهَرَ بِجَمِيعِ التَّكْبِيرِ وَبِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ لِيَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُ قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَسَلَامُ الْإِمَامِ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ فِي الْجَهْرِ بِهِ كَسَلَامِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَحَسَنٌ، انْتَهَى. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَالْمَطْلُوبُ فِي حَقِّهِ الْجَهْرُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَدْعِي الرَّدَّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَيْرُ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى فَالْأَحَبُّ فِيهِ السِّرُّ. نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْفَذِّ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ الْآنَ مَنْقُولًا، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْقُرْطُبِيَّةِ: وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ)
ش: يُرِيدُ إذَا سَلَّمَ قَاصِدًا بِذَلِكَ التَّحْلِيلَ فَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ الْفَضِيلَةَ فَتَبْطُلُ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَانْظُرْ الشَّبِيبِيَّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ)
ش: عَطَفَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا مِنْ السُّنَنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَدَّرَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالسُّتْرَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَقِيلَ: سُنَّةٌ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسُتْرَةُ الْمُصَلِّي غَيْرَ مَأْمُومٍ حَيْثُ تَوَقَّعَ مَارًّا، قَالَ عِيَاضٌ: مُسْتَحَبَّةٌ. الْبَاجِيُّ: مَنْدُوبَةٌ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مُتَأَكِّدَةٌ. الْكَافِي: حَسَنَةٌ. وَقِيلَ: سُنَّةٌ. انْتَهَى وَنَحْوُهُ لِلْأَبِيِّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ السُّتْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ قَالَهُ عِيَاضٌ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْبَاجِيِّ: مَنْدُوبَةٌ. الثَّانِي سُنَّةٌ قَالَهُ فِي الْكَافِي. الثَّالِثُ وَاجِبَةٌ خَرَّجَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ تَأْثِيمِ الْمَارِّ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى تَعَلُّقِ التَّأْثِيمِ بِالْمُرُورِ نَصٌّ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا لَزِمَ دُونَ مُرُورٍ وَفِي التَّوْضِيحِ الْأَمْرُ أَمْرُ نَدْبٍ كَذَا قَالَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ التُّونُسِيُّ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مَوْعِظَةِ الَّذِي يُصَلِّي إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ قَالَ: لَا أَدْرِي وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ. وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْوَى عَلَى أَنْ يَعِظَ النَّاسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ مَسْلَمَةَ، وَمَنْ تَرَكَ السُّتْرَةَ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: السُّنَّةُ الصَّلَاةُ إلَى السُّتْرَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ التُّونُسِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ: مِنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ، وَمِنْ سُنَنِهَا وَافْهَمْ ذَلِكَ وَرَتِّبْهُ عَلَى الْحُكْمِ فِي تَارِكِ السُّنَنِ، انْتَهَى.
وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الْأَمْرِ بِالسُّتْرَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الْكَلَامُ هُنَا فِي السُّتْرَةِ وَهِيَ مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ: مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ الدُّنُوُّ مِنْ السُّتْرَةِ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ. قَالَ الْقَبَّابُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ السُّتْرَةُ قَالَ فِي الْإِكْمَالِ وَالسُّتْرَةُ عِنْدَنَا مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ وَمُسْتَحَبَّاتهَا انْتَهَى.
ص (إنْ خَشِيَا مُرُورًا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّي فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يُؤْمَرُ بِهَا مُطْلَقًا. وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ.
ص (بِطَاهِرٍ ثَابِتٍ غَيْرِ مُشْغِلٍ فِي غِلَظِ رُمْحٍ وَطُولِ ذِرَاعٍ)
ش قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَأَقَلُّهَا قَدْرُ عَظْمِ
الذِّرَاعِ فِي جِلَّةِ الرُّمْحِ ابْنُ حَبِيبٍ أَوْ فِي جِلَّةِ الْحَرْبَةِ وَفِيهَا بِسُتْرَةِ قَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَهُوَ نَحْوٌ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ فِي جِلَّةِ الرُّمْحِ وَإِنَّمَا كُرِهَ مَا دَقَّ جِدًّا انْتَهَى وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْخَطُّ بَاطِلٌ وَلَا يُصَلِّي فِي الْحَضَرِ إلَّا إلَى السُّتْرَةِ وَيَدْنُو مِنْهَا وَبِسُتْرَةِ قَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ هُوَ نَحْوٌ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ فِي جِلَّةِ الرُّمْحِ وَالْحَرْبَةِ، وَلَيْسَ السَّوْطُ بِسُتْرَةٍ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ دُونَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَدُونَ جِلَّةِ الرُّمْحِ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ. قَالَ ابْنُ هَارُونَ: وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ: يَجُوزُ ارْتِفَاعُ شِبْرٍ لَيْسَ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ نَحْوٌ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَاتٍ عَنْ مَالِكٍ قَدْرُ الذِّرَاعِ لَعَلَّهُ يُرِيدُ عَظْمَ الذِّرَاعِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ ذَلِكَ. قُلْت: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ فِي الْجَلَّابِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِيهِ لِمَالِكٍ حَتَّى يَعْزُوهُ لِغَيْرِهِ وَلَفْظُهُ وَأَقَلُّ ذَلِكَ مَا عُلُوُّهُ ذِرَاعٌ فِي غِلَظِ الرُّمْحِ انْتَهَى. وَجِلَّةُ الرُّمْحِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ غِلَظُهُ قَالَهُ عِيَاضٌ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَمَا اسْتَلْزَمَهُ مِنْ طَاهِرٍ ثَابِتٍ غَيْرِ مُشَوِّشٍ مِثْلُهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ الْقَلَنْسُوَةُ وَالْوِسَادَةُ ذَوَاتَا ارْتِفَاعِ سُتْرَةٍ، وَرَوَاهُ عَلِيٌّ بِقَيْدِ إنْ لَمْ يَجِدْ، انْتَهَى.
ص (لَا دَابَّةٌ وَحَجَرٌ وَاحِدٌ وَخَطٌّ وَأَجْنَبِيَّةٌ وَفِي الْمُحْرِمِ قَوْلَانِ)
ش قَالَ فِي الزَّاهِي: وَمَنْ صَلَّى إلَى نَائِمٍ لَمْ يُعِدْ، وَمَنْ اسْتَتَرَ بِجَنْبِ رَجُلٍ فَلَا بَأْسَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرَّجُلُ بِقَلَنْسُوَتِهِ إذَا كَانَ بِهَا ارْتِفَاعٌ وَكَذَلِكَ الْوِسَادَةُ وَالْمِرْفَقَةُ وَلَيْسَتْ النَّارُ وَلَا الْمَاءُ وَلَا الْوَادِي سُتْرَةً وَلَا يَسْتَتِرُ الْمُصَلِّي بِرِدَائِهِ وَلَا يَسْتَتِرُ بِمُخَنَّثٍ وَلَا مَأْبُونٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ إلَى مَنْ يُوَاجِهُهُ، وَلَا يَسْتَتِرُ بِشَيْءٍ يُخَافُ زَوَالُهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ وَجَاوَزَهُ فَلَا يَرُدُّهُ وَلَوْ لَمْ يُجَاوِزْهُ لَرَدَّهُ فَإِنْ جَذَبَهُ فَخَرَّ مَيِّتًا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَسْتَتِرُ بِالْمُصْحَفِ وَلَا بَأْسَ بِالسُّتْرَةِ بِالصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ