الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهُوَ بَاقٍ عَلَى التَّنْجِيسِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْخِلَافُ فِي الْبَوْلِ نَفْسِهِ إذَا زَالَتْ رَائِحَتُهُ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْخِلَافُ فِي بَوْلِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ الْمَاءُ فِي مَعِدَتِهِ وَيَبُولُهُ بِصِفَتِهِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ نَجَاسَتُهُ وَلَوْ زَالَتْ رَائِحَتُهُ وَبِهِ الْفَتْوَى وَالْخِلَافُ فِي الْبَوْلِ الْمُتَقَطِّعِ الرَّائِحَةِ وَبَوْلِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ الْمَاءُ فِي جَوْفِهِ غَرِيبٌ فَاعْلَمْهُ انْتَهَى. وَالْقَوْلُ بِطَهَارَةِ الْبَوْلِ بَعِيدٌ جِدًّا وَفِي كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ السَّابِقِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.
ص (وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ إنْ بَيَّنَ وَجْهًا)
ش: يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ تَثْبُتُ بِخَبَرِ وَاحِدٍ إذَا بَيَّنَ وَجْهَهَا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ مَذْهَبُ السَّائِلِ وَالْمُخَبِّرِ أَوْ اتَّفَقَ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ الْمُخَبِّرُ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً قَالَهُ الْمَازِرِيُّ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ.
ص (أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا)
ش: يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَثْبُتُ النَّجَاسَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا اتَّفَقَ مَذْهَبُ السَّائِلِ وَالْمُخَبِّرِ وَلَوْ لَمْ يُبَيَّنْ وَجْهَهَا يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا كَانَ الْمُخَبِّرُ عَالِمًا بِمَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ وَمَا لَا يُنَجِّسُهُ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمَاءِ مَا يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ أَوْ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ عَنْهُ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ.
ص (وَإِلَّا فَقَالَ يُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ)
ش: يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُخَبِّرُ وَجْهَ النَّجَاسَةِ وَلَا وَافَقَ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ السَّائِلِ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ الْأَحْسَنُ تَرْكُهُ.
ص (وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ كَعَكْسِهِ)
ش: يَعْنِي إذَا وَرَدَ الْمَاءُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ وَرَدَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمَاءِ فَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِالنَّجَاسَةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا صَارَ نَجِسًا وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَهُورٌ لَكِنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَرَضَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ تَحِلُّهُ النَّجَاسَةُ وَأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ إذَا انْفَصَلَ عَلَى حَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قُلْتُ) : وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُمْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَازِرِيُّ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَلَى غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
[فَرْعٌ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء قَبْل التَّطَهُّر]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي سَمَاعِ زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ حَوْضِ: الْحَمَّامِ وَهُوَ نَجِسٌ فَيَتَطَهَّرُ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ وَيُدْخِلُ يَدَيْهِ فِيهِ وَيُدَلِّكُ جَسَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ مِمَّا يَصِلُ إلَيْهِمَا مِنْ جَسَدِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ مَاءَ الْحَوْضِ لَيْسَتْ نَجَاسَتُهُ مُحَقَّقَةً كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وَالدَّمِ وَإِنَّمَا هُوَ نَجِسٌ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ حُصُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لِكَثْرَةِ الْمُسْتَعْمَلِينَ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ الْبَوْلِ فِي قَدْرِ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ الرَّجُلُ لَمَا تَنَجَّسَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَكَيْفَ بِرَدِّ يَدَيْهِ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْمَحْكُومِ بِنَجَاسَتِهِ هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَالِيَ بِهِ وَأَنْ يَتَسَاهَلَ فِيهِ وَلَوْ نَجَّسَ طَهُورَهُ بِرَدِّ يَدَيْهِ لَوَجَبَ أَنْ يَنْجُسَ الْمَاءُ الَّذِي نَقَلَهُ إلَى جِسْمِهِ لِمُلَاقَاتِهِ إيَّاهُ انْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ إذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ يَسِيرَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ وَعَلَى أَنَّ الْحَوْضَ مِنْ الْيَسِيرِ وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْكَلَامِ إنَّمَا هُوَ بَيَانُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا إذَا أَصَابَ يَدَ الْمُغْتَسِلِ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمَا انْتَضَحَ فِي إنَاءِ الْجُنُبِ مِنْ غُسْلِهِ وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْدَهُ: وَمِثْلُهُ يَقَعُ فِيمَنْ يَكُونُ بِجَسَدِهِ نَجَاسَةٌ فَيَصُبُّ عَلَيْهَا مِنْ إنَاءٍ طَاهِرٍ وَيُدَلِّكُ يَدَيْهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُرُودَ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرٌ.
[فَصْلٌ الطَّاهِرُ أَنْوَاعٌ]
ص (فَصْلٌ الطَّاهِرُ مَيِّتُ مَا لَا دَمَ لَهُ)
ش: لَا خَفَاءَ فِي مُنَاسَبَةِ هَذَا الْفَصْلِ لِلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ
فِيهِ أَنَّ مَا تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ طَاهِرٌ، وَمَا تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ نَجِسٌ احْتَاجَ إلَى بَيَانِ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ، وَقَدَّمَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الطَّهَارَةُ فَقَالَ الطَّاهِرُ مَيِّتُ مَا لَا دَمَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الطَّاهِرَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَيْتَةُ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الَّذِي لَا دَمَ فِيهِ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ رُطُوبَةٌ كَالْعَنْكَبُوتِ وَالْجُدَاجُدُ وَالْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورِ وَالصِّرْصَارِ وَالْخَنَافِسِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْجَرَادِ وَالنَّحْلِ وَالدُّودِ وَالسُّوسِ وَفِي مَيْتَةِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً طَرِيقَتَانِ فِي الْمَذْهَبِ: الْأُولَى أَنَّهَا طَاهِرَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَأَمَّا الْبَرِّيُّ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَقَلَ سَنَدٌ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهَا نَجِسَةٌ لَكِنَّهَا لَا تُنَجِّسُ غَيْرَهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَيْتَةُ بَرِّيٍّ ذِي نَفْسٍ سَائِلَةٍ غَيْرِ إنْسَانٍ كَالْوَزَغِ نَجِسٌ وَنَقِيضُهَا طَاهِرٌ وَفِي الْآدَمِيِّ قَوْلَانِ لِابْنِ شَعْبَانَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ مَعَ سَحْنُونٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ مَيْتَةُ غَيْرِ ذِي النَّفْسِ السَّائِلَةِ نَجِسَةٌ وَسَمِعَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا مَاتَ فِيهِ خَشَاشٌ وَيُبَيِّنُهُ إنْ بَاعَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ شَرْطِ ذَكَاتِهِ كَقَوْلِ الْقَاضِي خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ: الْمُفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ شَرْطِ ذَكَاتِهِ أَكْلُهُ لَا أَكْلُ مَا حَلَّ فِيهِ لِثُبُوتِهِ عَلَى شَرْطِ ذَكَاتِهِ إنْ بُيِّنَ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى.
فَصَدَّرَ بِالْحُكْمِ بِطَهَارَةِ مَيْتَةِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ نَجَاسَتَهُمَا وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ مَا مَاتَ فِيهِ الْخَشَاشُ وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَفَرَّقْ وَيَتَقَطَّعْ فِي الْمَاءِ وَالطَّعَامِ وَلَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ فَلَا إشْكَالَ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ وَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا تَفَرَّقَ فِيهِ وَتَغَيَّرَ مِنْهُ الْمَاءُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَاءِ الْمُضَافِ وَهَلْ هُوَ نَجِسٌ أَمْ لَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ تَنْجِيسُ مَا خَالَطَهُ بِطَبْخٍ أَوْ شِبْهِهِ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ قَالَ: وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُنَجِّسَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً كَيْفَ كَانَ، وَأَمَّا أَكْلُ الطَّعَامِ إذَا تَحَلَّلَ فِيهِ أَوْ طُبِخَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ إذَا كَانَ مُخْتَلِطًا بِهِ وَغَالِبًا عَلَيْهِ، وَإِنْ تَمَيَّزَ الطَّعَامُ مِنْهُ أُكِلَ دُونَهُ إذْ لَا يُؤْكَلُ الْخَشَاشُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَّا بِذَكَاةٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ خَرَّجَ أَكْلَهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَرَادِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَبِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ انْتَهَى. فَانْظُرْ كَيْفَ صَرَّحَ بِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَشَاشَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا عَزَاهُ لِابْنِ حَبِيبٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ مَيْتَةَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً نَجِسَةٌ وَأَنَّهَا تُنَجِّسُ مَا لَاقَتْهُ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ: إنَّ مَيْتَةَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً نَجِسَةٌ وَعَزَاهُ لِسَحْنُونٍ وَلَيْسَ مِنْهُ الْوَزَغُ وَالسَّحَالِي وَلَا شَحْمَةُ الْأَرْضِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْوَزَغُ مِنْ الْخَشَاشِ وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ لَحْمٍ وَدَمٍ، وَمِنْ جِنْسِ الْحَنَشِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ الثَّانِي لَا يُؤْكَلُ الْوَزَغُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْخَشَاشُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَيُقَالُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَحَكَى أَبُو عَلِيٍّ فِيهَا الضَّمَّ أَيْضًا هُوَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ انْتَهَى.
وَالْجَدَاجِدُ جَمْعُ جُدْجُدٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ الْجِيمِ مِنْ بَابِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: وَالْجُدْجُدُ كَهُدْهُدٍ مِثْلُ الْجَرَادِ، وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الْجِيمِ مِنْ بَابِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: وَالْجُدْجُدُ بِالضَّمِّ صَرَّارُ اللَّيْلِ وَهُوَ قُفَّازٌ وَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الْجَرَادِ وَالْجَمْعُ الْجَدَاجِدُ وَالْجَدْجَدُ بِالْفَتْحِ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ انْتَهَى.
وَالصَّرَّارُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْأُولَى هُوَ الْجُدْجُدُ سُمِّيَ بِصَوْتِهِ، يُقَالُ صَرَّ وَصَرْصَرَ إذَا صَاحَ، وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ وَصَرَّارُ اللَّيْلِ الْجُدْجُدُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْجُنْدُبِ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّيهِ الصَّرَى انْتَهَى.
وَالزُّنْبُورُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِضَمِّ الزَّايِ مَعْلُومٌ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ الزُّنْبُورُ الدَّبْرُ وَهُوَ يُؤَنَّثُ وَالزِّنْبَارُ لُغَةٌ فِيهِ وَالْجَمْعُ الزَّنَابِيرُ
وَأَرْضٌ مُزْبِرَةٌ كَثِيرَةُ الزَّنَابِيرِ كَمَا أَنَّهُمْ رَدُّوهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ وَحَذَفُوا الزِّيَادَاتِ كَمَا قَالُوا أَرْضٌ مُعْقِرَةٌ وَمُثْعِلَةٌ أَيْ كَثِيرَةُ الْعَقَارِبِ وَالثَّعَالِبِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ الزُّنْبُورُ أَمِيرُ النَّحْلِ وَالزُّنْبُورُ الْخَفِيفُ الظَّرِيفُ انْتَهَى.
وَالْخَنَافِسُ جَمْعُ خُنْفَسٍ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْمَدُّ مَعْلُومٌ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ وَيُقَالُ لِهَذِهِ الدُّوَيْبَّةِ خَنْفِسَاءُ بِفَتْحِ الْخَاءِ مَمْدُودَةً وَالْأُنْثَى خُنْفَسَاءَةٌ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْخُنْفَسَةُ دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ أَصْغَرُ مِنْ الْجُعْلِ مُنْتِنَةُ الرِّيحِ وَالْأُنْثَى خُنْفَسَةٌ وَخُنْفَسَاءُ وَخُنْفَسَاءَةٌ وَضَمُّ الْفَاءِ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ انْتَهَى. فَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ فَتْحَ الْفَاءِ أَشْهُرُ وَاقْتَضَى أَيْضًا أَنَّ خَنْفِسَاءَ لَا يُقَالُ إلَّا لِلْمُؤَنَّثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْبَحْرِيِّ)
ش: بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَحِلِّ مَا أَيْ وَمَيْتَةُ الْبَحْرِيِّ يَعْنِي أَنَّ مَيْتَةَ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ طَاهِرَةٌ وَسَوَاءٌ مَاتَ بِنَفْسِهِ وَوُجِدَ طَافِيًا أَوْ بِالِاصْطِيَادِ أَوْ أُخْرِجَ حَيًّا أَوْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ أَوْ دُسَّ فِي طِينٍ أَوْ وُجِدَ فِي بَطْنِ حُوتٍ أَوْ فِي بَطْنِ طَيْرٍ مَيِّتًا لَكِنَّ هَذَا يُغْسَلُ كَمَا سَيَأْتِي وَسَوَاءٌ صَادَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ.
ص (وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الْبَحْرِيَّ إذَا كَانَ لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ وَلَا تَطُولُ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ فَلَا إشْكَالَ فِي طَهَارَةِ مَيْتَتِهِ، وَإِنْ طَالَتْ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ مَيْتَتَهُ طَاهِرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ دِينَارٍ مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ فِي الْمَاءِ فَيَكُونَ طَاهِرًا، أَوْ فِي الْبَرِّ فَيَكُونَ نَجِسًا وَعَزَاهُ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ كَالضِّفْدَعِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَكَالسُّلَحْفَاةِ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَضَمِّ الْحَاءِ وَحُكِيَ فِي الْقَامُوسِ فَتْحُ اللَّامِ وَسُكُونُ الْحَاءِ وَكَالسَّرَطَانِ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَاتِ، قِيلَ: وَهُوَ تُرْسُ الْمَاءِ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ السُّلَحْفَاةُ هِيَ تُرْسُ الْمَاءِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مَا نَصَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ مَيْتَةُ الضَّفَادِعِ الْبَرِّيَّةِ نَجِسَةٌ لَا تُؤْكَلُ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَا ذَكَّى)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِّيَ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ مِنْ ذَبْحٍ، أَوْ نَحْرٍ، أَوْ عَقْرٍ فِيمَا يُذَكَّى بِالْعَقْرِ فَهُوَ طَاهِرٌ.
ص (وَجُزْؤُهُ إلَّا مُحَرَّمَ الْأَكْلِ)
ش: أَشَارَ بِهِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ السِّبَاعَ إذَا ذُكِّيَتْ لِأَخْذِ جُلُودِهَا فَإِنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا تَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ لَحْمَهَا مَكْرُوهٌ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُؤَثِّرُ إلَّا فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ وَمُبَاحِهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهَا تَعْمَلُ فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ أَيْضًا فَتَطْهُرُ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ بِالذَّكَاةِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يُؤْكَلُ، كَذَا أَطْلَقَ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ مِنْ الْجَوَاهِرِ اسْتَثْنَى الْخِنْزِيرَ وَأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَوْ ذُكِّيَ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِغِلَظِ تَحْرِيمِهِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ:" وَجُزْؤُهُ " الْجَنِينَ يُوجَدُ مَيِّتًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ مَحْكُومًا بِحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَيْتَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْإِمَامِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنِينُ فِي الْمُذَكَّى؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ حَكَمَ بِأَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ، وَأَمَّا الْمَشِيمَةُ بِمِيمَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَيُقَالُ لَهَا السَّلَى بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَالْقَصْرِ وَهِيَ وِقَاءُ الْمَوْلُودِ فَقَدْ حَكَمَ ابْنُ رُشْدٍ بِطَهَارَتِهَا وَأَنَّهَا كَلَحْمِ النَّاقَةِ الْمُذَكَّاةِ ذَكَرَهُ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ رَادًّا عَلَى مَنْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ طَرْحِ السَّلَى عَلَى ظَهْرِهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى أَنَّ سُقُوطَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُصَلِّي لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْإِمَامِ وَفَهِمَ مِنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ أَكْلِهِ فَعَزَاهُ لِلسَّمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ عَنْ الصَّائِغِ أَنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ بَائِنٌ مِنْ النَّعْجَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِنَجَاسَتِهِ ثُمَّ حَكَى ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَابْنُ جَمَاعَةَ إنَّهُ تَابِعٌ لِلْوَلَدِ إنْ أَكَلَ الْوَلَدُ أُكِلَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَخَصَّ بَعْضُهُمْ الْمَشِيمَةَ بِالْآدَمِيِّينَ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ حَتَّى الْأَمْعَاءُ الَّتِي فِيهَا الْفَرْثُ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ مِمَّا لَا يَأْكُلُ النَّجَاسَةَ فَلَا
يُؤْكَلُ مَا اتَّصَلَ بِرَوْثِهِ حَتَّى يُغْسَلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ لِنَجَاسَةِ رَوْثِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
ص (وَصُوفٌ وَوَبَرٌ وَزَغَبُ رِيشٍ وَشَعْرٌ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ)
ش: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الشَّعَرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا يُطْلَقُ عَلَى شَعْرِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَهُوَ عَامٌّ وَالصُّوفُ لِلشَّاةِ فَهُوَ أَخُصُّ مِنْهُ وَالْوَبَرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ صُوفُ الْإِبِلِ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْقَامُوسِ الشَّعْرُ مَا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ وَالرِّيشُ لِلطَّائِرِ وَالزَّغَبُ مَا اكْتَنَفَ الْقَصَبَةَ.
ص (إنْ جُزَّتْ)
ش: هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ إذَا أُخِذَتْ مِنْ غَيْرِ الْمُذَكَّى قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَنْفَصِلَ مَجْزُوزَةً بَلْ لَوْ نُتِفَتْ وَقُطِعَ مُبَاشِرُ اللَّحْمِ طَهُرَ.
(تَنْبِيهٌ) اُنْظُرْ هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهَا فِي حَالِ اتِّصَالِهَا بِالْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُجَزَّ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ بِالطَّهَارَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ شَعْرُ الْمَيْتَةِ طَوِيلًا وَصَلَّى عَلَيْهِ مُصَلٍّ، أَوْ كَانَ الْمُصَلِّي يُبَاشِرُ رِيشَ الْقَصَبَةِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَا اتَّصَلَ بِهَا فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَأَنْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ إذَا كَانَ الشَّعْرُ وَالرِّيشُ مَبْسُوطًا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي الْمُصَلِّي، أَوْ مُمْسِكًا لَهُ بِيَدِهِ لَمْ تَصِحَّ كَمَا قَالَ سَنَدٌ فِيمَنْ رَبَطَ حَبْلًا فِي مَيْتَةٍ إنَّهُ إنْ كَانَ طَرَفُهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبِسَاطِ، وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي وَسَطِهِ، أَوْ مَمْسُوكًا بِيَدِهِ لَمْ تَجُزْ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) إذَا جُزَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ مَيْتَةٍ فَاسْتُحِبَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنْ تُغْسَلَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَلَا مَعْنَى لَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ أَذًى وَأَوْجَبَ ابْنُ حَبِيبٍ غَسْلَهَا فَإِنْ تُيُقِّنَتْ نَجَاسَتُهُ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ الصُّوفِ وَمَا مَعَهُ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَيْتَةِ، أَوْ بَيْعَ مَا نُسِجَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ أَبُو حَفْصٍ: لِأَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ صُوفِ الْحَيِّ وَلِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ.
ص (وَالْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ وَمُنْفَصِلٍ عَنْهُ)
ش: الْجَمَادُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ لُغَةً الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ وَالسَّنَةُ الَّتِي لَا مَطَرَ فِيهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِهِ فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ رَاشِدٍ: الْجَمَادُ مَا لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ انْتَهَى. فَيَتَنَاوَلُ النَّبَاتَ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَالَمُ حَيَوَانٌ وَنَبَاتٌ وَجَمَادٌ فَجَعَلَ الْجَمَادَ مُقَابِلًا لِلْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَ وَأَصْلُ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ.
قَالَ وَنَعْنِي بِذَلِكَ مَا لَا تَحِلُّهُ حَيَاةٌ، أَوْ يَنْفَصِلُ عَنْ ذِي حَيَاةٍ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَنَعْنِي بِالْجَمَادِ مَا لَيْسَ بِرُوحٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ رُوحٍ فَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا كَالْإِتْيَانِ بِالْجِنْسِ الْبَعِيدِ لِصِدْقِهَا عَلَى الْعَرَضِ وَالْجَوْهَرِ فَأَبْدَلَهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ إلَى آخِرِهِ فَقَوْلُهُ جِسْمٌ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَالْجَمَادَ وَقَوْلُهُ غَيْرُ حَيٍّ فَصْلٌ يُخْرِجُ الْحَيَوَانَ وَقَوْلُهُ وَمُنْفَصِلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى حَيٍّ أَيْ وَغَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْ حَيٍّ وَخَرَجَ بِهِ جَمِيعُ الْفَضَلَاتِ الْمُنْفَصِلَاتِ عَنْ الْحَيِّ الطَّاهِرِ مِنْهَا وَالنَّجِسِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ حَدِّ الْجَمَادِ كَوْنُهَا نَجِسَةً وَالْأَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ نَجِسًا؛ لِأَنَّا أَخْرَجْنَا مِنْ حَدِّ الْجَمَادِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ أَجْزَاءَ الْحَيَوَانِ الْمُنْفَصِلَةَ عَنْهُ دَاخِلَةٌ فِي الْجَمَادِ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْجَمَادَاتُ مِمَّا لَيْسَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرَةٌ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى الْعِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْجَمَادَاتِ الْمَحْكُومَ لَهَا بِالطَّهَارَةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حَيَوَانٍ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْحَيَوَانِ، أَوْ بَعْضَهَا جَمَادَاتٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْجَمَادَ مَا لَيْسَ بِذِي رُوحٍ انْتَهَى بِالْمَعْنَى.
وَمُرَادُهُ بِالْعِنَايَةِ قَوْلُهُمْ وَنَعْنِي بِكَذَا وَكَذَا وَدَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَمِيعُ الْمَائِعَاتِ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ وَزَيْتٍ وَنَحْوِهَا وَلَا يُقَالُ: الْجَمَادُ مُقَابِلُهُ الْمَائِعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الَّذِي يُقَابِلُ الْمَائِعَ الْجَامِدُ لَا الْجَمَادُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْجَمَادِ مُفْرَدًا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْجَمَادَاتُ بِالْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْجَمَادَ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى